مجلس الشيوخ يستعرض حصاد الفصل التشريعي الأول بحضور وزير التواصل السياسي    رئيس جهاز العاشر من رمضان يتابع مشروعات الصرف الصناعي لدعم التوسع بالمدينة    المنيا: إزالة 1109 حالات تعدٍ ضمن المرحلة الثانية من الموجة 26 للحفاظ على أراضي الدولة    وول ستريت جورنال: تفوق إسرائيل ومماطلة طهران وراء ضربة ترامب لإيران    «تفاصيل صغيرة» بن رمضان يحدد مفتاح فوز الأهلي على بورتو    أزمة في ليفربول بسبب محمد صلاح    سيارة طائشة تنهي حياة أربعيني وتصيب آخر بطريق دمو في الفيوم    تأجيل محاكمة 35 متهمًا في قضية "شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي" إلى 26 يوليو    طائرتان تابعتان لسلاح الجو الألماني تقلان 190 مواطنًا من إسرائيل    وزير الخارجية الفرنسي يطالب بضرورة وقف الهجمات على إيران منعًا للتصعيد    "حقوق إنسان النواب" تطالب بتعزيز استقلالية المجلس القومي وتنفيذ توصيات المراجعة الدولية    رغم اعتدال الطقس.. شواطئ الإسكندرية تحتفظ بسحرها وتواصل جذب المصطافين    وزير الثقافة يختتم زيارته في سيناء بلقاء موسع مع شيوخ القبائل وأعضاء البرلمان    تامر عاشور يصل المغرب استعدادا لإحياء حفله بمهرجان موازين    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على 5 أشخاص مرتبطين ببشار الأسد    صندوق النقد: مخاطر أوسع على النمو العالمي بعد الضربات الأمريكية لإيران    الخميس 26 يونيو إجازة مدفوعة الأجر للعاملين بالقطاع الخاص    الداخلية: ضبط 5 قضايا مخدرات خلال حملات أمنية في أسوان ودمياط    اعتراضا على رفع رسوم التقاضي.. وقفة احتجاجية لمحامي دمياط    «الظهيران».. طرفان بلا أنياب في الأهلي    فيلم "المشروع X" يواصل التألق 117 مليون جنيه في 5 أسابيع    بعد نشر "أهل مصر".. محافظ المنوفية يوجه بصرف مساعدات مالية لفتاتين يتيمتين من ذوي الهمم    وزيرة البيئة تبحث مع محافظ الوادي الجديد فرص الاستثمار في المخلفات    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم    ليكيب: سان جيرمان يغلق الباب أمام رحيل باركولا رغم عروض بايرن وأرسنال وتشيلسي    رينار: حققنا هدفنا في الكأس الذهبية.. وهذا ما يفتقده المنتخب السعودي    حوار - جوزيه يتحدث عن غضبه من مدير الكرة بالأهلي وعروض الزمالك.. ورأيه في كأس العالم للأندية    سامو زين يستعد لبطولة فيلم رومانسي جديد نهاية العام | خاص    وظائف شاغرة في الهيئة العامة للأبنية التعليمية    نقيب المحامين يشارك في الوقفة الاحتجاجية لرفض زيادة الرسوم القضائية.. ويؤكد: ندافع عن حق دستوري يتعلق بالعدالة    انطلاق مؤتمر الوعي الوطني للشباب تزامنًا مع ذكرى 30 يونيو الإثنين المقبل    انتهاء رفع أنقاض "عقار شبرا المنهار".. ولا ضحايا حتى الآن | فيديو وصور    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    رئيس الاستخبارات الروسية: واشنطن لم تخطر موسكو بشأن الهجوم على إيران    السيسي يُعلن تدشين مقر جديد للمكاتب الأممية الإقليمية بالعاصمة الجديدة    وزير الثقافة يفتتح قصر ثقافة نخل بشمال سيناء لتعزيز الدور التنويرى    سامو زين يستعد لطرح ميني ألبوم جديد    مجمع البحوث الإسلامية في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهن واجب ديني لا يحتمل التأجيل    ما هي سبب بداية العام الهجري بشهر المحرم؟.. المفتي السابق يجيب    محافظ الدقهلية يفاجئ مستشفى السنبلاوين ويبدي رضاه عن الأداء    عبدالغفار: مصر حريصة على ترسيخ شراكات أفريقية مستدامة في المجال الصحي    تناول هذه الأطعمة- تخلصك من الألم والالتهابات    في ذكرى رحيله.. عاطف الطيب مخرج الواقعية الذي وثق هموم البسطاء وصراع الإنسان مع السلطة    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    دعاء الحفظ وعدم النسيان لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحان    محافظ أسيوط يؤكد أهمية متابعة المحاصيل الزراعية وتقديم الدعم الفني للمزارعين    وفاه شخص وإصابة آخرين إثر انفجار فى وحدة تكرير صينى بمصنع بنى قره للزيوت بالقوصية فى أسيوط    صباح الكورة.. ديانج يعلق على مواجهة الأهلي وبورتو و4 أندية تبحث عن مدربين جدد لموسم 2025    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز أورام الفيوم    المجموعة الخليجية بالأمم المتحدة تحذر من تداعيات استمرار التصعيد بالشرق الأوسط    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    علاج 1632 مواطنا بقافلة طبية بقرية بالشرقية.. مجانا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    الحبس والحرمان، عقوبة استخدام الطلبة اشتراك المترو بعد انتهاء العام الدراسي    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    احتفاء رياضى باليوم الأوليمبى فى حضور وزير الرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كى تنتصر ثورة لم تنهزم بعد
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 07 - 2013

يتفق التحالف السياسى الذى يحكم مصر حاليا، بين الإخوان المسلمين و فلول جهاز الدولة التابع للنظام القديم وبعض رجال أعماله، مع فلول الوطنى المحلول المنافسين لهذا التحالف على شيء أساسي: 30 يونيو ثورة جديدة مضادة لثورة يناير.

الطرف الأول يقدمها كانقلاب على ثورة يناير على أساس أن معارضة حكمه من معارضتها. أما الطرف الثانى، فهو يرغب فى تسييد فكرة أن فورة الغضب الشعبية أمس هى تصحيح جذرى لثورة يناير التى كانت سببا فى وصول الإخوان للحكم، وأن الثورة نفسها خطأ.

لكن مسببات هذا الزخم الشعبى المتراكم الذى فاجأ بيئة السياسة المحتقنة المختنقة بتفاعل هائل مع مبادرة شبابية، رأينا مئات مثلها توقفت قبل أن تبدأ، تؤكد لنا حقيقة أنها ثورة تحاول إكمال برنامجها فى إسقاط النظام القديم، وهو البرنامج الموءود على ما يقرب من سنتين ونصف.

فبمعنى ما لم تحقق ثورة يناير انتصارا نهائيا سوى فى إسقاط مبارك وبعض رجاله وحل حزبه الحاكم، بينما حرص المجلس العسكرى ومن بعده الإخوان على إعادة إنتاج النظام القديم سياسيا وأمنيا واقتصاديا بما لم يسمح بترجمة تعديلات ميزان القوى الاجتماعى والسياسى المترتب على اقتحام ملايين العاديين عالم السياسة إلى مستوى توزيع السلطة. لم تتحقق حتى الإصلاحات الأولية فى الأجور وإعادة توزيع الثروة ومحاصرة الفساد، ولا فى إصلاح الشرطة وتخفيف قبضة الأمن على المجتمع.

واستمر الفقراء قبل غيرهم يتحملون تدهور الأوضاع الاقتصادية نتيجة إصرار الحكام الجدد على المواءمة مع المصالح الاحتكارية القديمة المسيطرة عليه.

تخبرنا رئاسة الجمهورية فى حسابها ل «عام على الرئاسة المصرية.. خطوات وتحديات»، فيما تعده من تحديات حكمها، أن حكم مرسى شهد 7709 وقفة احتجاجية وفئوية و5821 مظاهرة ومصادمة.

لم تخبرنا الرئاسة بمطالب هذه التحركات الجماهيرية غير المسبوقة فى التاريخ الحديث، إذ أنها لو فعلت لك لبان كيف أنها خصم مباشر للثورة التى تدعى تمثيلها. فالاحتجاج ضد الفساد أو سوء توزيع الخدمات أو موظفى النظام القديم أو ممارسات الشرطة غير القانونية كانت لتكون سندا لأى سلطة تتخذ من الثورة بوصلتها.

●●●

يحكى إريك هوبزباوم المؤرخ البريطانى الكبير الراحل، المولود فى الإسكندرية، عن العقد الخامس من القرن التاسع عشر فى أوروبا، بعد أن انتصرت الثورة الفرنسية أخيرا، فيقول إنه كان من المحتوم «زوال نظامى الرق والسخرة قانونيا، عاجلا أم آجلا، وأنه كان «من المحتم أيضا لا محالة أن الأرستقراطية المالكة للأرض، والملكيات المطلقة، ستندحر فى جميع البلدان التى كانت تتنامى فيها برجوازية قوية مهما كان نوع التسويات والمعادلات السياسية».

أما القانون الثورى الذى فرض ذلك كما يقول المؤرخ فى كتابه الكلاسيكى «عصر الثورة»، فهو أنه «كان من المحتم أن تُشحن الجماهير بالوعى السياسى وبالنشاط السياسى الدائم، وهذا هو الإرث الذى خلفته الثورة الفرنسية، مما يعنى أن هذه الجماهير ستسهم بدور رسمى فى الأنشطة السياسية إن عاجلا أو آجلا.. من المستحيل إرجاء هذه التغيرات، مهما كانت طبيعتها المؤسسية».

إن الزخم الشعبى الذى شهدناه خلال العام هو ضمانة المستقبل إذ أنه يخبرنا قبل أى شيء أن الثورة رغم أنها لم تنتصر فهى لم تنهزم بعد.

استكمال الثورة وهبَّة يونيو

إن القوى التى دعت لهبَّة يونيو ليست متجانسة على الإطلاق. ففيها من يكن عداء مباشرا لثورة يناير يستتر فى العداء للإخوان الذى يهدف لتثبيت النظام القديم لكن بمكانة أعلى لأجنحة مستبعدة حاليا، وهؤلاء يرحبون بعودة حضانة القوى الأمنية القديمة فى صورة تدخل مباشر من الجيش. لكن منها أيضا، وهؤلاء هم أغلبية من خرجوا للشوارع، من يعارض الإخوان للسبب العكسى تماما وهو أنهم يعيدون إنتاج الفقر والاستغلال والاستبداد فى إنعكاساتها جميعا على حياتهم.

والحقيقة أن من صنعوا ثورة يناير، نفسها لم يتمتعوا بأى تجانس سوى فى رحيل مبارك. حتى هذا الهدف لم يقتنع به البعض سوى فى الأمتار الأخيرة. ومن قال إن الثورات الناجحة يجب أن يتجانس صانعوها. يخبرنا التاريخ أن دعاة الثورة الأمريكية وحتى الفرنسية، وهما ثورتان غيرتا التاريخ، كانوا يرغبون فى إعادة نظام قديم، «حتى أدرك هؤلاء إبان حدوثهما أن من المستحيل استعادة القديم وأن ثمة حاجة للإقدام على مشروع جديد بالكامل»، كما تخبرنا الفيلسوفة الألمانية حنة أرندت فى كتابها «فى الثورة».

وفى ثورة 1905فى روسيا كانت دعوة للتظاهر وتقديم التماس للقيصر من نقابة عمالية أسستها الشرطة السرية هى المفجر لانتفاضة جماهيرية نتج عنها سيطرة العمال على مصانعهم عبر مجالس تمثيلية مباشرة ثم فرض برلمان منتخب بعد أن تغير وعى الجماهير العمالية فى المعركة فى اتجاه توسيع المطالب والحركة إلى ما يتجاوز بكثير تقديم عريضة استعطاف للقيصر.. إلى ثورة.

●●●

لقد وضعت هبة يونيو هدفا لها إسقاط الرئيس مرسى سواء من الشارع أو عبر انتخابات رئاسية مبكرة. لكن هل هذا هدف واقعي؟ يتبنى النظام الحاكم بقيادة الإخوان تكتيكا متشددا فى التعامل مع الغضب الشعبى والمعارضة السياسية، لا يسمح بمناورات الاستيعاب أو الحلول الوسط السياسية.

وهكذا يتطلب تنحى مرسى أو قبوله انتخابات رئاسية مبكرة تغييرا كبيرا فى ميزان القوى الذى يمتلك فيه الرئيس الإخوانى تأييدا من أنصار ومؤيدين لم يتمتع به مبارك. وهذا التغيير لن يأتى إلا عبر طريق من اثنين: الأول يدافع عنه من يحاولون وأد الثورة وهو دخول المؤسسة العسكرية طرفا عبر سيناريو المواجهات الدامية أو غيرها لتفرض تنحى مرسى وتركيب غيره عبر إعادة ترتيب تحالف النظام القديم الحاكم، وهو ما يعنى شروطا أسوأ بكثير للقوى الاجتماعية والشعبية التى تطمح لاستكمال الثورة.

أما السيناريو الآخر، وهو من النوع الذى لا يحسب الحكام، ومن يسير على سيرهم فى خوض معارك السياسة عبر جلسات الشاى بالياسمين أو فى بعثات طرق الأبواب فى واشنطن، حسابه عادة: هبة جماهيرية هائلة لا تكتفى بالحشد فى الميادين، وإنما تنازع الحكام فى سلطتهم الاقتصادية عبر الإضراب العام، وهى هبة لا يمكنها غير أن تكون فى مواجهة مفتوحة واضحة ومكشوفة مع تحالفات إعادة إنتاج النظام القديم فى الحكم بمكوناته المتنافسة أحيانا والمتعاونة أحيانا أخرى من الإخوان والعسكر والفلول.

وهى هبة يفتح انتصارها بابا لسياسة جديدة ونظام جديد بحق تتخلق مؤسساته وأحزابه الحاكمة وأشكاله التنظيمية الديمقراطية المهيمنة قاعديا فى فرز المعركة وليس قبلها إذ أنها شرط له وليس العكس. بغير هذا وذاك، تبقى هبة يونيو محطة ضغط أهميتها من أهمية وحجم الحشد الشعبى الواسع، الذى كلما زاد كلما حوصرت سياسات الثورة المضادة بطرفيها. محطة تمهد لمعركة أخرى قادمة لا محالة تحت الراية الوحيدة التى تمثل انتصار ثورتنا: الشعب يريد إسقاط النظام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.