اليوم.. «محامين المنيا» تعلن الإضراب عن محاكم الاستئناف رفضًا لرسوم التقاضي    الجرام يتجاوز 5540 جنيهًا.. ارتفاع كبير في أسعار الذهب والسبائك اليوم الخميس بالصاغة    بحضور نواب البرلمان.. «الاتحاد» ينظم حلقة نقاشية موسعة حول الإيجار القديم| صور    الصين: لا جدال في سيادة مصر على قناة السويس واحتفاظها بحق إدارة القناة    إعلام إسرائيلي: تل أبيب وواشنطن تسعيان لإقناع الأمم المتحدة بالمشاركة في خطة إسرائيل لغزة    تفاصيل إطلاق كوريا الشمالية عدة صواريخ اتجاه بحر الشرق    مستعد لأي شيء، حكم مباراة إنتر ميلان وبرشلونة يرد على الانتقادات    ميدو يكشف موقف الزمالك حال عدم تطبيق عقوبة الأهلي كاملة    إكرامي: عصام الحضري جامد على نفسه.. ومكنش يقدر يقعدني    شوبير يوجه رسالة بشأن قرارات لجنة التظلمات المنتظرة الخاصة بمباراة الأهلي والزمالك    تفاصيل خطة التعليم الجديدة لعام 2025/2026.. مواعيد الدراسة وتطوير المناهج وتوسيع التعليم الفني    «التعليم» تحسم مصير الطلاب المتغيبين عن امتحانات أولى وثانية ثانوي.. امتحان تكميلي رسمي خلال الثانوية العامة    خبى عليا وعرض نفسه للخطر، المخرج خالد يوسف يكشف عن مشهد لا ينسي ل خالد صالح (فيديو)    قنوات ومواعيد عرض مسلسل محمد الفاتح الحلقة 45 (ملخص وتفاصيل الحلقة)    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    قاض أمريكي يمنع ترحيل مهاجرين إلى ليبيا دون منحهم فرصة للطعن القضائي    ارتفاع الأسهم الأمريكية في يوم متقلب بعد تحذيرات مجلس الاحتياط من التضخم والبطالة    "اغتيال معنوي لأبناء النادي".. كيف تعامل نجوم الزمالك مع اختيار أيمن الرمادي؟    هدنة روسيا أحادية الجانب تدخل حيز التنفيذ    محمد ياسين يكتب: وعمل إيه فينا الترند!    إطلاق موقع «بوصلة» مشروع تخرج طلاب قسم الإعلام الإلكتروني ب «إعلام جنوب الوادي»    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالمنيا    الدولار ب50.59 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 8-5-2025    الشرع يكشف عن إجراء مفاوضات غير مباشرة بين سوريا والاحتلال    قبل ضياع مستقبله، تطور يغير مجرى قضية واقعة اعتداء معلم على طفلة داخل مدرسة بالدقهلية    معتدل والعظمى في القاهرة 34.. حالة الطقس اليوم    نشرة حوادث القليوبية| شاب يشرع في قتل شقيقته بسبب السحر.. ونفوق 12 رأس ماشية في حريق    بنك التنمية الجديد يدرس تمويل مشروعات في مصر    وزارة التموين تكشف موعد التحول للدعم النقدي    السفارة المصرية بالتشيك تقيم حفل استقبال رسمي للبابا تواضروس    مستشار الرئيس الفلسطيني يرد على الخلاف بين محمود عباس وشيخ الأزهر    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    إعلام حكومة غزة: نرفض مخططات الاحتلال إنشاء مخيمات عزل قسري    نقيب المحامين: زيادة رسوم التقاضي مخالفة للدستور ومجلس النواب صاحب القرار    بوسي شلبي ردًا على ورثة محمود عبدالعزيز: المرحوم لم يخالف الشريعة الإسلامية أو القانون    أسفر عن إصابة 17 شخصاً.. التفاصيل الكاملة لحادث الطريق الدائري بالسلام    لا حاجة للتخدير.. باحثة توضح استخدامات الليزر في علاجات الأسنان المختلفة    مدير مستشفى بأسوان يكشف تفاصيل محاولة التعدي على الأطباء والتمريض - صور    واقعة تلميذ حدائق القبة.. 7 علامات شائعة قد تشير لإصابة طفلك بمرض السكري    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    تحرك جديد من المحامين بشأن أزمة الرسوم القضائية - تفاصيل    رسميًا خلال أيام.. موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 بعد قرار وزارة المالية (احسب قبضك)    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    «لعبة الحبّار».. يقترب من النهاية    أحد أبطال منتخب الجودو: الحفاظ على لقب بطولة إفريقيا أصعب من تحقيقه    حدث بالفن| عزاء حماة محمد السبكي وأزمة بين أسرة محمود عبدالعزيز وطليقته    تفاصيل اعتداء معلم على تلميذه في مدرسة نبروه وتعليم الدقهلية يتخذ قرارات عاجلة    بلاغ للنائب العام يتهم الفنانة جوري بكر بازدراء الأديان    سحب 116 عينة من 42 محطة وقود للتأكد من عدم «غش البنزين»    بيولي ل في الجول: الإقصاء الآسيوي كان مؤلما.. وأتحمل مسؤولية ما حدث أمام الاتحاد    "الرعاية الصحية": تقديم الخدمة ل 6 مليون مواطن عن منظومة التأمين الصحي الشامل    أخبار × 24 ساعة.. التموين: شوادر لتوفير الخراف الحية واللحوم بدءا من 20 مايو    صحة الشرقية تحتفل باليوم العالمي لنظافة الأيدي بالمستشفيات    عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية لتوسعة الخُلق والتخلص من العصبية    المحامين": النقاش لا يزال مفتوحًا مع الدولة بشأن رسوم التقاضي    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسقط شرعية «الحرامى» وشريعة «العبيط»
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 06 - 2013

بدون شك يحمل فيلم «الحرامى والعبيط» أبعادا سياسية رغم محاولات صناعة التأكيد على انه مجرد فيلم يرصد علاقات انسانية فى مجتمع أشبه بالعشوائيات.

فالعمل يحاكى واقعا أليما بصورة سينمائية شفافة، يطغى فيه الحرامى او الانتهازى على كل حقوق المواطن الذى هو يحمل صفه «العبيط» نتيجة فقدانه الوعى، وعيشة داخل إطار حياة المجازيب، بعدما قست عليه الدنيا، وتم اغتصاب عقله وجسده واحلامه بفعل فاعل.

رغم أن الحوار كان يعكس لغة مألوفة لواقع فقير تقليدى بشخوصه وانماطه ومفردات طبيعية افرزها هذا المناخ خلال السنوات الاخيرة، الا ان المؤلف احمد عبدالله كان يلقى من حين لآخر على لسان بطله الاول الحرامى البلطجى فتحى روسى، بعض العبارات التى لا يمكن ان تمر مرور الكرام، وربما يكمن بداخلها رسالة العمل السينمائى، مثل عبارة «العبط فى البلد دى بقوا اكثر الفراخ» وذلك تمهيدا لسهولة استغلال فتحى العبيط، فى بيع اعضائه البشرية لأحد الاطباء تارة، ولأحد المتاجرين الجدد فى الاتجار بالأعضاء تارة اخرى، وفى جملة اخرى قال فيها الحرامى للطبيب «اعتبر فتحى سوبر ماركت قطع فيه زى ما انت عايز».

ولان الجملة لم تفارق مخيلتى عبر سير الاحداث دراميا، لأتيقن انه طول ما فى عبيط، سيكون هناك حرامى، وان العبيط الحقيقى هو الشخص الذى يسمح للحرامى بسرقة آدميته.

اعود لأحداث الفيلم التى تبدأ فى الحارة التى يسكن بها صلاح روسى البلطجى الفتوة، حيث اختار المخرج محمد مصطفى ان يجعله يستعرض امام الكاميرا فى مشهد يقدم فيه نفسه وجيرانه وبأنه وزير داخلية المنطقة، وبأنه لا يستطيع احد ان يقف امامه هو وأسلحته البيضاء وغيرها.

صلاح روسى او خالد الصاوى بدا مغاليا وانفعالينا فى الاداء بعض الاحيان، رغم انه يؤدى دورا جديدا عليه وثريا، ربما تأثر اكثر بمفردات الشخصية الشكلية التى حاول ان يعيشها، لكنه ايضا اجاد عدة مشاهد اخرى، وخاصة فى المواقف الانسانية التى جمعته بفتحى العبيط الذى جسده خالد صالح بنعومة وانسانية شكلا ومضمونا وحتى فى طريقة نطقه المتعثرة وغير المفهومة، وهى شخصية صعبة لتقديمها عشرات المرات فى الاعمال السينمائية والدرامية لكن خالد صالح هنا عاش الشخصية التى ظل ينهشها المجتمع ليفقد ادراكه مستسلما بمصير المجذوب او العبيط الذى ينام تحت الكبارى ويأكل من الزبالة، وهو العالم الذى اجاد تصويره المؤلف صاحب تجارب «كباريه والفرح وساعة ونص».

من حين لآخر تنفجر مشاعر الماضى لاستعراض جزء من تاريخ شخصية ذلك العبيط، لنشاهد انه كان مواطنا عاديا متزوجا وله طفلة فى المدرسة، وشاهدنا رؤيته لخيانة زوجته فى الفراش مع رجل اخر، ثم مشهد مجموعة من اقاربها ينهالون عليه ضربا، وراح فى حضرة دينية، ثم اوراق يمسكها دائما بيديه ربما يكمن فيها حقيقة ماضيه الطبيعى، ومرة اخرى نجده يمسك بعروس لعبة يحتضنها كأنها ابنته.

تلك المراحل فى السرد عبر عنها سيناريو احمد عبدالله والمخرج محمد مصطفى بصدق وهما ينقلان لنا واقعا يجيدان تصويره، وساعد على ذلك كاميرا سامح سليم التى شعرنا معها كأن الشخصيات تعيش بيننا ليس فقط الحرامى والعبيط، لكن باقى الشخصيات مثل ام الحرامى التى جسدتها باقتداء عايدة عبدالعزيز، وكذلك ناهد التى قدمتها «روبى» وقد جسدت شخصية تضيف اليها كممثلة، وهى الممرضة التى تعيش مع خالها الحرامى سيد رجب التى تنتمى لبيئة شعبية تبدو مكافحة من تأسيس زواجها ولعوب، وانتهازية باتفاقها مع الاطباء فى الاتجار بالأعضاء البشرية وحتى خيانتها لخطيبها صلاح او هكذا هو اوحى لنا.

المباراة فى الاداء بين الصاوى وصالح تتجلى فى قصة صلاح البلطجى الذى يفقد احدى عينيه بطلقة رصاص من اشقياء مثله، ثم يعوضها بعين بديلة من فتحى العبيط، وبالفعل يذهب للطبيب وتنجح عملية نقل القرنية، ليتسع المشهد لنلمس قضية اكبر حينما يتفق الطبيب مع صلاح على نقل اعضاء جسد العبيط كله مقابل مائة الف جنيه ولتكن البداية بفص كبد وشريانيين، ولكن ناهد خطيبة صلاح تقنعه بأن هناك من يدفع بالدولار، وبالفعل يتفق صلاح مع احد مقاولى تجار الاعضاء البشرية على تسليم فتحى مخدرا، وحينما يأتى موعد التسليم كان صلاح الحرامى قد شك فى خيانة خطيبته وسمسرتها من ورائه فيقوم بتخديرها هى ويسلمها للمقاول بدلا من فتحى.. ويأتى مشهد النهاية لنجد صلاح وفتحى فى مكان مرتفع يقول صلاح ومن خلفه بيوت واشجار ستعيش يا عبيط، وهنا تنطلق رصاصة من العبيط عبر مسدس فتحى لتنفذ فى قلب الحرامى، ليقتل العبيط الحرامى دون قصد وهو مسلوب الارادة والعقل وكأن حتى لحظة الخلاص من الحرامى تأتى بالصدفة من المواطن المغيب عن الواقع الذى تم اغتصاب حقوقه.

واقع الامر ان الفيلم الذى شاهدته بمفردى فى قاعة العرض فى حفل الواحدة ظهرا، يعد تيمة مغايرة لما هو سائد فى سينما الصيف، بل يعد مغامرة ايجابية سواء لمنتجه او لبطليه اللذين يمشيان بخطى ثابتة نحو نجومية حقيقية بخوضهما تلك التجربة وغيرها ومما يسكن فى احلامهما المستقبلية. فالتجربة الثرية فى معظمها بصورتها وماكياجها وديكوراتها واضاءتها وموسيقى تصويرية تعكس واقعها حتى وان افتقد السرد السينمائى لبعض الملامح التفصيلية الخاصة بماضى فتحى العبيط، فقد اشارت إلى انه لا بقاء او شرعية لحرامى مهما توغل وسيطر، بعدما تخلص العمل منه فى النهاية، والحقيقة ان حالة الانفجار والثورية التى يعيشها المجتمع توحى انه لا بقاء ايضا للعبيط، لأنه بشريعته الفاقدة للوعى بما يدور حوله سوف يمنح فرصا جديدة لاستغلاله والاتجار بكيانه كله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.