التقديم أونلاين.. تعرف على الكليات المتاحة في جامعة المنوفية الأهلية - صور    ضبط 276 عاملا أجنبيا بدون ترخيص في منشآت بمحافظة البحر الأحمر    استشهاد 12 فلسطينيا جراء استمرار القصف الإسرائيلي على غزة    الدفاع الروسية: إسقاط 32 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    شاهد أهداف مباراة مباراة مانشستر يونايتد وبورنموث الودية    ريبيرو يمنح لاعبي الأهلي راحة سلبية اليوم    تعليم الشرقية توفر 967 وظيفة بالإدارات    القاهرة تسجل 34 درجة.. انكسار الموجة شديدة الحرارة على هذه المناطق    سامسونج تخسر نصف أرباحها الفصلية بسبب القيود الأمريكية    تكليف وندب عدد من القيادات الأكاديمية والإدارية بجامعة أسيوط    حسين الجسمي يطرح "الحنين" و"في وقت قياسي"    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    اليوم.. توقف الدعاية وبدء الصمت الانتخابى لمرشحى مجلس الشيوخ    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 31 يوليو 2025    ميتا تعتزم زيادة استثماراتها في الذكاء الاصطناعي بعدما فاقت نتائج الربع الثاني التوقعات    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    تويوتا توسع تعليق أعمالها ليشمل 11 مصنعا بعد التحذيرات بوقوع تسونامي    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    أستراليا وبريطانيا تدعوان لوقف إطلاق النار في غزة وتشددان على حل الدولتين    هاريس ستدلي بشهادتها في الكونجرس بشأن الحالة العقلية لبايدن والعفو عن 2500 شخص    وزير خارجية ألمانيا في زيارة للضغط لوقف النار في غزة.    20 شاحنة مساعدات إماراتية تستعد للدخول إلى قطاع غزة    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بشمال سيناء    "ابن العبري".. راهب عبر العصور وخلّد اسمه في اللاهوت والفلسفة والطب    قناة السويس حكاية وطنl القناة الجديدة.. 10 سنوات من التحدى والإنجاز    دعمًا لمرشح «الجبهة الوطنية».. مؤتمر حاشد للسيدات بالقليوبية    قناة السويس حكاية وطن l حُفرت بأيادٍ مصرية وسُرقت ب«امتياز فرنسى»    معتقل من ذوي الهمم يقود "الإخوان".. داخلية السيسي تقتل فريد شلبي المعلم بالأزهر بمقر أمني بكفر الشيخ    الطب الشرعى يحل لغز وفاة أب وابنائه الستة فى المنيا.. تفاصيل    بدأ في الزمالك وصديق مصطفى محمد.. 20 صورة ترصد مسيرة إبراهيم شيكا قبل المرض والوفاة    مواعيد مباريات اليوم الخميس 31 يوليو 2025 والقنوات الناقلة    نحن ضحايا «عك»    «النفط ولع».. ارتفاع هائل في أسعار الذهب الأسود اليوم الخميس 31 يوليو 2025 (تفاصيل)    سلاح النفط العربي    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    بدء تقديم كلية الشرطة 2025 اليوم «أون لاين» (تفاصيل)    طريقة عمل سلطة الفتوش على الطريقة الأصلية    رامي رضوان ودنيا سمير غانم وابنتهما كايلا يتألقون بالعرض الخاص ل «روكي الغلابة»    الحقيقة متعددة الروايات    اتحاد الدواجن يكشف سبب انخفاض الأسعار خلال الساعات الأخيرة    بمحيط مديرية التربية والتعليم.. مدير أمن سوهاج يقود حملة مرورية    بينهم طفل.. إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق فايد بالإسماعيلية (أسماء)    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    أول تصريحات ل اللواء محمد حامد هشام مدير أمن قنا الجديد    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 31 يوليو 2025    «الصفقات مبتعملش كشف طبي».. طبيب الزمالك السابق يكشف أسرارًا نارية بعد رحيله    المهرجان القومي للمسرح المصري يعلن إلغاء ندوة الفنان محيي إسماعيل لعدم التزامه بالموعد المحدد    لحماية الكلى من الإرهاق.. أهم المشروبات المنعشة للمرضى في الصيف    التوأم يشترط وديات من العيار الثقيل لمنتخب مصر قبل مواجهتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    ختام منافسات اليوم الأول بالبطولة الأفريقية للبوتشيا المؤهلة لكأس العالم 2026    إغلاق جزئى لمزرعة سمكية مخالفة بقرية أم مشاق بالقصاصين فى الإسماعيلية    في حفل زفاف بقنا.. طلق ناري يصيب طالبة    شادى سرور ل"ستوديو إكسترا": بدأت الإخراج بالصدفة فى "حقوق عين شمس"    حياة كريمة.. الكشف على 817 مواطنا بقافلة طبية بالتل الكبير بالإسماعيلية    أسباب عين السمكة وأعراضها وطرق التخلص منها    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهضة وتعدى
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 06 - 2013

مش بس اكتشفنا إن مافيش حاجة اسمها مشروع نهضة له خطة وميزانية وآلية تنفيذ، لكن كمان توقف الإتيان على ذكرها فى أحاديث كل اللى كانوا مبشرين بيها.

فى عصور القلاقل التى تمر بها الدول عادة، (وإذا كنت مواطنا مصريا صميما فأنت حاسس بالتأكيد أد إيه إحنا بنتقلقل ولسه هنتقلقل كتير).. العصور دى فى الغالب بيتبعها تغيرات كبيرة، طبقات كانت فوق تبقى تحت، ومجموعات كانت فى الضل فجأة تطلع للنور، شخصيات كانت جديرة بالاحترام تتحول لشخصيات مهزأة يسخر منها الجميع، وأخرى ما كانش حد يسمع عنها حاجة تصحى الصبح تلاقيها ملء السمع والبصر، لكن كمان دايما بيبقى فيه كلام جديد. كان معادنا بعد 25 يناير مع عدد من المصطلحات الجديدة اللى عمرنا ما استعملناها قبل كده، بداية ب«حزب الكنبة»، مرورا بال «فلول»، وانتهاء بال«نهضة».. بكل معانيها.

«معلش كان عندنا نهضة».. «النهضة زارتكم كام مرة النهارده؟».. «يييييييه، هى نهضت؟!»، كم مرة سمعت عزيزى المواطن الجمل دى أو جمل شبيهة وفهمت بالتأكيد قائلها كان يقصد إيه؟. كام مرة كان صاحب العبارة يقصد المعنى الحقيقى لكملة «نهضة» وكام مرة كان يقصد المتعارف عليه؟، إنت عارف أصلا معنى كلمة نهضة إيه؟

بيقولك يا سيدى إن معنى كلمة «نهضة» فى القواميس هى كالتالى: نهضة: أى قيام، نهض: بارح موضعه وقام مبتعدا عن مكانه، نهضة: الطاقة والقوة، نهضة: حركة، وثبة، ده غير طبعا المعانى الإصطلاحية اللى اتفق عليها اللى هى بتعنى نهوض الأمم بعد انحدارها أو تقدمها بعد فترة من الركود واللى هى المعانى اللى ارتبطت بكلمة نهضة بعد عصور النهضة فى القرون من الرابع عشر وحتى السابع عشر فى أوروبا، لكن بينما النهضة فى أوروبا كانت مهتمة بالأساس بتحرير العقل الأوروبى من الحواجز، وتشجيع الكل على إطلاق عقولهم فى سبيل الابتكار والإبداع والاستمتاع بالحياة، كانت النهضة المصرية تهدف للعكس تماما، فى النهضتين كانت الدعوة لتغيير الفكر، لكن بينما كانت النهضة الأوروبية تدعو المجتمع صراحة لأن يكون أكثر انفتاحا، كانت النهضة المصرية بيتم الدعوة والتبشير ليها على 4 مراحل:

فى الأول كان مشروع النهضة يتم الإعلان عنه كحاجة تدعو للحرية والانفتاح، لافتات ملونة مليانة بالبالونات ودعاية تليفزيونية تؤدى على خلفية أغانٍ ملحنة (حاجة تقول إحنا مالناش فى تحريم الموسيقى) وبكومبارس رجال ونساء، محجبات وسافرات (حاجة تقول مش هنحجبكم بالعافية ما تخافوش). ثم انتقلنا لمرحلة الأساطير التى تداعب جينات ألف ليلة وليلة التى زرعتها فى خريطتنا الجينية ليالى الفرجة على التليفزيون فى رمضان «مشروع النهضة طائر له جناحان ومؤخرة ومنقار، ومنقاره (خليها منقاره المرة دى) وقت اللزوم بيطلع نار». ثم وصلنا لمرحلة آدى المشروع وآدى اللى كتبه وآدى اللى هينفذه وآدى اللى هيقول هات حتة هات حتة، لما كان كل مواطن بيتوزع عليه كتيب «مشروع النهضة» فى إيده بكل البنود العامة اللى فيه اللى بتشبه دروس التربية الوطنية اللى ماكانش حد بيقراها، لكن أهو كان مشروعا مكتوبا وفى إيدينا، مالناش حجة بقى! أما المرحلة الرابعة والأخيرة اللى انتهى لها مشروع النهضة فكان أنه انتهى وحيدا كما بدأ وحيدا، فين مشروع النهضة بقى؟، مش بس اكتشفنا كشعب من معارضين وعاصرى الليمون (المؤيدين لا يعتبرون أنفسهم من الشعب بل حاجة أرقى بكتير) مش بس اكتشفنا إن مافيش حاجة اسمها مشروع نهضة له خطة وميزانية وآلية تنفيذ، لكن كمان توقف الاتيان على ذكرها فى أحاديث كل اللى كانوا مبشرين بيها، امتى آخر مرة سمعت حد بيجيب سيرة مشروع النهضة؟، استبدلوا الحديث عن النهضة بالحديث عن الشرعية والدولة العميقة والفلول والقضاء والإعلام الفاسد ومؤخرا.. الباليه. أما النهضة فأصبحت يتيمة الآباء والأمهات، وكعادة الشعب المصرى اللى دايما يهتز قلبه حزنا لألم اليتيم فقد قررنا أن نتبناه، وناخده معانا نفسحه فى كل حتة نروحها وتفكرنا بالمبشرين بيه، فأصبحت أزمة الأنابيب نهضة، وأصبح قطع المياه نهضة، وأصبح نقص السولار نهضة، وأصبح غياب الأمن نهضة.

إحنا كشعب ما هانش علينا ما نضيفش لتعريف كلمة «نهضة» فى القواميس معنى جديدا، ماهانش علينا نسيب الصفحة فاضية فماليناها بمعانى كتير، زى الضعف، وقلة الحيلة، واهتزاز الرؤية، وسذاجة المواقف، والألم، والتعب واليأس والتوهان. وكل يوم بنضيف معنى جديد وموقف جديد يسجل بإيدينا فى تعريف «النهضة المصرية» وعصرها الذهبى، وبكده نبقى أضفنا كتب المعرفة البشرية وسجلنا أسامينا فى سجل التاريخ الإنسانى، كمطورين لمعانى كلمة نهضة، بشكل لم يخطر على ذهن أحد من قبل. وفى النهاية مين عارف، يمكن ربنا يتوب علينا من نهضات كل يوم.. يمكن ربنا يسهلها ونقطع صفحة نهضتنا من التاريخ ومن القواميس.. يمكن ربنا يكون على عكس اعتقادنا بيحبنا.. وتكون نهضة وتعدى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.