بعد نحو عقد من النجاح الاقتصادي والتنموي، الذي ساعد حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في الهيمنة علي الحياة السياسية، يواجه الحزب الإسلامي النزعة تحديات الاحتجاجات الشعبية على استمرار رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، زعيم الحزب، في السلطة لفترة طويلة وسلوكه الاستبدادي برأي معارضيه.
وصول العدالة والتنمية إلى الحكم:-
وصل حزب العدالة والتنمية للحكم، من خلال انتخابات مبكرة عقدت في 2002، في أعقاب أزمة مالية طاحنة ضربت الاقتصاد التركي في 2001، وأسفرت الانتخابات عن حصول الحزب الإسلامي النزعة على 34.3% من إجمالي الأصوات.
واستند الحزب، إلى قاعدة جماهيرية واسعة تضم طبقات شتي بوصفه حزبًا ليمين الوسط بمعناه الواسع، بحسب ما ذكره كتاب الخبير الاقتصادي عمرو عادلي عن الأصول السياسية للتنمية، للمقارنة بين تجربتي التنمية في تركيا ومصر.
ويوضح «عادلي»، أن تحالف العدالة والتنمية الانتخابي لم يكن مقتصرًا على الفئات المحافظة دينيًا في الريف والمدن، كحال الأحزاب الإسلامية عامة في تركيا، التي لم يكن نصيبها من الأصوات يتجاوز 15% إلي 20%، ولكنه تمتع بقواعد تأييد اتسعت لتشمل كبار رجال الأعمال وبعض قطاعات من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.
إصلاحات اقتصادية:-
وتماشت الإصلاحات المؤسسية التي فرضتها الإصلاحات الأوروبية مع مصالح العديد من دوائر الأعمال المهمة ذات الصلات العضوية بحزب العدالة والتنمية، خصوصًا فئة واسعة من الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم العاملة في الصادرات الصناعية .
وتميزت إدارة «العدالة والتنمية» بحسب كتاب الخبير الاقتصادي، بكثير من الضبط على مستوي السياسات الاقتصادية الكلية الخاصة بالإنفاق، إلا إن سياساته حظت بتأييد شعبي نسبيا، نظرًا إلى إن هذا الانضباط المالي ساهم في خفض معدلات التضخم إلى 8.8% في عام 2007 ، بعد أن وصولها إلى 85% في 1997، علاوة علي انخفاض عجز الموازنة كنسبة من الناتج الإجمالي من 33% عام 2001 إلى 1.2% عام 2007 .
وأسهم خفض معدلات التضخم في تعافي الاقتصاد التركي علي نحو سريع وتسجيل معدلات نمو مرتفعة بشكل غير مسبوق تجاوزت 9% سنويًا في 2004، مع نمو الصادرات من 30 مليار دولار في 2001 إلى ما يزيد عن 100 مليار دولار في 2007 .
القرن ال21 والتجربة التركية:-
بحلول بداية القرن الواحد والعشرين، كان الاقتصاد التركي قد مر بتغييرات جذرية جعلته أكثر اندماجًا في الاقتصاد العالمي بعد مرور عقدين من التحرير الاقتصادي، إذ ارتفعت نسب الصادرات والتجارة الخارجية إلى الناتج الإجمالي من 3% في الفترة من 1970 إلى 1979 إلى 33% في 2001، بحسب الخبير الاقتصادي.
وذهب البعض إلى تفسير نمو الصادرات غير المسبوق في مطلع القرن الجديد إلى زيادة الإنتاجية وارتفاع سعر الصرف الحقيقي لليرة التركية.
وأرجعه البعض الآخر من دارسي الحالة التركية، إلى الاستقرار الذي غلب على البيئة الاستثمارية عامة، نتيجة لثبات مؤشرات الاقتصاد الكلي كانخفاض العجز في الموازنة والدين العام، واستقرار معدلات التضخم، وهو ما أتاح الفرصة لتدفق الاستثمار الأجنبي المباشر من أقل من مليار دولار سنويًا في 2003 إلى أكثر من 20 مليار في 2006، وفقًا للبيانات المعروضة في كتاب «عادلي» .