يواجه الاقتصاد التركي عدة تحديات حاليا لعل أبرزها تزايد معدلات البطالة وارتفاع أعباء التضخم وإصلاح الهياكل المالية والمصرفية. ويبدو الاقتصاد التركي معقدا خاصة في القطاع الصناعي الذي يقوم علي الزراعة التقليدية التي تستوعب 30% من قوة العمل في تركيا. ولتركيا تاريخ طويل من النجاح في القطاع الخاص وسرعة نموه ولازالت الدولة تلعب دورا كبيرا في الصناعات الأساسية والجهاز المصرفي والنقل والاتصالات، ومنذ بداية الثمانينيات شهد الاقتصاد التركي تحولا نحو الإصلاح والتحرر الاقتصادي لكن دور الدولة في تحريك الاقتصاد الداخلي وسيطرتها علي عدد رئيسي من القطاعات لازال واضحا وبارزا. وواجهت تركيا أزمة مالية في أعوام 1994 و1999 و2001 وفشلت وقتها في تحقيق الإصلاح الاقتصادي مع تنامي العجز في الموازنة العامة وانتشار معدلات التضخم علي نطاق واسع وضعف في القطاع المصرفي. وبدأت الحكومة في تبني برنامج للإصلاح الاقتصادي بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي عام 2002 يقوم علي إصلاح القطاعات الإنتاجية وتحرير سعر الصرف. وبالفعل نجحت الحكومة في إنجاز برنامجها بنجاح بعد أن حصلت علي قروض من صندوق النقد مرهونة بالإصلاح المالي والاقتصادي. وخلال الفترة من 2002 وحتي 2005 نما الاقتصاد التركي بنسبة 7.5% سنويا وتراجع التضخم وانخفض سعر الصرف عن السعر الإداري المسبق، وأصبح حرا ومستقرا، كما تراجعت ديون الحكومة أو الدين العام لمستويات معقولة وبدأت الصادرات التركية تنافس دولا ذات صادرات عالية مثل الصين، وعادت ثقة المستثمرين والمستهلكين في الاقتصاد والمنتج التركي. ومع ذلك لازال الاقتصاد التركي يواجه عدة تحديات أبرزها ارتفاع معدلات البطالة التي تجاوزت نسبة ال 10.2% من قوة العمل التركية بزيادة سنوية 4% في نهاية 2006. وتشير الاحصاءات إلي ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11% في نهاية 2006 وبلوغ الصادرات مستويات مرتفعة قدرت بنحو 72.49 مليار دولار في 2006 وترغب الحكومة في بلوغها 100 مليار دولار في العام الجاري 2007. وتراجع الدين الخارجي إلي 170.1 مليار دولار بدلا من 200 مليار دولار في عام 2005. وارتفعت الليرة التركية بعد تحريريها وحذف ستة أصفار منها لتصبح 1 ليرة بدلا من مليون ليرة كعملة موحدة وطنية. وقفزت الليرة أمام الدولار ليصبح سعر صرفها في المتوسط 3 ليرة لكل دولار. وفي موازنة 2006 بلغت الإيرادات 93.58 مليار دولار مقابل نفقات بلغت 115.3 مليار دولار ليصل بذلك حجم العجز إلي 22.56 مليار تقريبا وهو التحدي الأكبر أمام الحكومة. وبالرغم من تأجيل مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي وهي التي قررها الاتحاد مؤخرا في نهاية 2006 فإن دول الاتحاد لا تستغني عن التجارة مع تركيا التي تصل إلي 70% من تجارة تركيا مع العالم حتي قبرص اليونانية لا تستغني عن دور تجارتها عبر تركيا أو حتي التعامل التجاري مع بلاد تتنازع معها سياسيا وعسكريا. وبرغم كل تلك التحديات يبقي الحلم التركي بالانضمام للاتحاد الأوروبي حُلما من أجل مزيد من الإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية ومنح مزيد من الحقوق للإنسان.