حذر صندوق النقد الدولي من ان مسيرة نمو الاقتصاد العالمي تواجه عدة تحديات رئيسية تتمثل في ارتفاع اسعار الفائدة والديون الاستهلاكية وانفلونزا الطيور واستمرار صعود اسعار البترول الخام. وقال الصندوق في اطار التقرير الذي اعده قبل الاجتماع السنوي له وللبنك الدولي في الحادي والعشرين والثاني والعشرين من ابريل ان هناك مجموعة من التهديدات الدورية التي تشوب التوقعات المالية المستقبلية ليس في 2006 فقط ولكن في الاوعوام المقبلة ايضا. واشار الي ان اشارته في سبتمبر الي ان النظام المالي العالمي يقوم علي اساس متين لها تبريرها في ظل التطورات التي شهدتها الساحة العالمية مؤخرا. لكنه اكد علي ان ارتفاع تكاليف الاقراض والتغيرات التي طرأت علي الدورة الائتمانية علي المستويين الاستهلاكي والرأسمالي يتصدران مخاوف اعضاء مجلس ادارة الصندوق. الدين واوضح الصندوق في تقريره ان ارتفاع اسعار الفائدة يزيد اعباء الدين علي المستهلكين في الوقت الذي تسجل فيه بالفعل معدلات مرتفعة مما يضعف طلبات الرهن العقاري ويسبب خسائر طائلة للبنوك. وردا علي تلك النقطة قال الصندوق ان هذا التهديد تم احتواؤه الي درجة ان معظم الرهونات تمت علي اساس معدلات فائدة ثابتة وطويلة الاجل. وكان العديد من اعضاء الصندوق قد حذروا من زيادة التهديدات التي تمثلها الفائدة المتوسطة الاجل علي الاستقرار المالي خلال الستة اشهر الماضية نتيجة التوازنات العالمية خاصة في الميزانين التجاري والجاري و ارتفاع رسوم الدين الاستهلاكي وسوء تقدير حجم المخاطر التي تنطوي عليها بعض الاستثمارات. ونوه الصندوق الي بعض الاحداث التي يمكن ان تسهم في الاخلال بتوزيع الاصول وتزكية التوازنات العالمية مثل الحروب والهجمات الارهابية واضطراب امدادات البترول والغاز الطبيعي وتفشي فيروس انفلونزا الطيور او زيادة النزعة نحو تبني اجراءات حمائية. لكنه قال انه من الصعب ان لم يكن من المستحيل تقدير حجم الخسائر التي يمكن ان تنجم عن هذه الاحداث في حالة وقوعها حاليا. الأسواق الناشئة وعلي صعيد الاسواق الناشئة قال الصندوق ان الزيادة السريعة في الديون المتاحة للمستهلكين في العديد من دول جنوب شرق آسيا خاصة تلك المرتبطة بالرهونات العقارية من جهة ونمو مبيعات الادوات المالية المعقدة الي المواطنين من جهة اخري هما مبعث قلق للصندوق. ومن الامور المقلقة ايضا اعباء الديون المعدومة في ميزانيات البنوك الصينية وغياب الشفافية بشأن الاسلوب الذي يتم به تمرير القروض الي الشركات في الصين والهند. اما في الاسواق الناشئة في اوروبا فيتركز الخطر الاكبر من السرعة الهائلة التي تنمو بها الائتمانات خاصة في المناطق الشرقية من القارة في ظل توسع البنوك الاجنبية وتنافسها للاستحواذ علي حصة اكبر من السوق. ولمواجهة هذه المشكلة قامت السلطات المصرفية باتخاذ عدة اجراءات منها زيادة المخزون الاجباري للبنوك لدي البنك المركزي وزيادة قواعد الاحتراس الوقائي بهدف تقليص معدل الائتمان الا ان هذه الاجراءات اثمرت عن نتائج متواضعة للغاية. اما عن الاسواق الناشئة في مناطق الشرق الاوسط ووسط آسيا وافريقيا فواجهت تحديا مختلفا تمثل في ارتفاع اسعار المواد الخام. فصعود اسعار البترول بصفة خاصة نتج عن نشاط اقتصادي قوي وتضخم في اسعار الاصول في الدول المنتجة للخام الاسود النفيس. وزيادة اعتماد النشاط الاقتصادي في تلك البلدان علي هذا العامل فقط يهدد باضطراب حاد لانظمتها المالية اذا اتخذت اسعار البترول اتجاها معاكسا. وعن توقعاته الخاصة بالنمو تنبأ صندوق النقد الدولي بتوسع الاقتصاد العالمي ب 4.8% هذا العام و4.7% العام المقبل مع نمو الاقتصاد الامريكي ب 3.3% في 2006 و3.6% في 2007 والاقتصاد الصيني ب 9.5% و9% علي الترتيب. منظمة التجارة وتزامن مع تقرير صندوق النقد الدولي صدور التقرير السنوي لمنظمة التجارة العالمية الذي اشارت فيه الي بعض تحديات النمو العالمي هذا العام متوقعة توسع الاقتصاد العالمي ب 3.5% خلال العام. واوضحت المنظمة ان عددا من التحديات يلوح في افق هذا النمو مع التزايد الحاد في الاستثمارات والذي لا يجد مقابلا له علي جوانب الاستهلاك والعمالة خاصة في اوروبا. ففي الدول المتقدمة نجد ان التحسن في الاوضاع المالية للقطاع المؤسسي وقوة اداء اسواق الاسهم يعدان مؤشران علي ان التعافي الذي طال انتظاره في القارة الاوروبية بدأ في التبلور مما سيسهم في دوران عجلة النمو بالقارة العجوز. الا ان المقلق هنا ان هذا الانتعاش في الجانب الاستثماري لن يمتد الي الاستهلاك في حالة استمرار ضعف سوق العمل وارتفاع اسعار الطاقة. وتوقعت المنظمة ان يتباطؤ ايقاع النمو الامريكي نسبيا هذا العام الا انه سيظل في نطاق قوي يتراوح بين 3 و3.5% متجاوزا مثيله في اوروبا واليابان. لكنها حذرت من عاملين رئيسيين من شأنهما تغيير هذه التوقعات وهما تراجع الطلب الامريكي نتيجة لرفع اسعار الفائدة وصعود تكاليف الطاقة من ناحية واخفاق الاتحاد الاوروبي في بلورة المؤشرات الايجابية السابقة الي نمو حقيقي من ناحية اخري. كما لم تستبعد المنظمة مواصلة ارتفاع اسعار الطاقة في 2006 خاصة وان البترول بلغ مستويات قياسية في الربع الاول من العام متجاوزا متوسط قيمته في 2005 بنحو 10%. جرينسبان ويبدو ان قضية نمو الاقتصاد العالمي جذبت انظار العديد من الاقتصاديين مع تدفق التقارير بهذا الشأن من المنظمات العالمية. ففي الولاياتالمتحدة قال الاقتصادي المخضرم آلان جرينسبان الذي تولي رئاسة البنك المركزي الامريكي منذ 1987 حتي يناير من العام الحالي في حديث معه عبر الستالايت ان اقتصادات آسيا يمكنها المساعدة في تحسين التوازنات الاقتصادية العالمية اذا سمحت بزيادة اسعار صرف عملاتها. ولم يتطرق جرينسبان الي اسماء تلك الاقتصادات الا ان هذا التعليق جاء ردا علي سؤال حول امتلاك البنوك المركزية في آسيا خاصة الصين واليابان وكوريا الجنوبية لاحتياطات اجنبية ضخمة. وفي حالة استجابة حكومات تلك الدول التي اشار اليها جرينسبان للمطالب العالمية برفع اسعار عملاتها سيسهل علي الولاياتالمتحدة تحسين العجز في ميزانها التجاري والجاري الضخم والذي تعتبره المنظمات العالمية الخلل الاكبر الذي يهدد الميزان المالي العالمي. الا ان الاقتصادي الامريكي استبعد احتمال موافقة اقتصادات آسيا علي التعاون من اجل تحرير عملاتها لتبدأ في الصعود امام الدولار. وتجدر الاشارة الي ان آلان جرينسبان قاد المركزي الامريكي خلال فترة رخاء اقتصادي تميزت بانخفاض في التضخم وهبوط في البطالة واعتبرت اطول فترة من النمو المتواصل في تاريخ الاقتصاد الامريكي امتدت من مارس 1991 حتي مارس 2001.