تفاصيل استقالة كرم جبر وعمرو الشناوي من حزب الوعي    رئيس اتحاد المهن الطبية: نقف على مسافة واحدة من جميع النقابات    يوم طار باقي 9 أيام، إجازات الموظفين في شهر يوليو 2025    الإيجار القديم.. هل يحق للمستأجر الحصول على شقة من الدولة؟    بسبب الإضراب، مصر للطيران تلغي رحلاتها المتجهة إلى فرنسا اليوم وتوجه نداء إلى عملائها    ترامب: المحادثة مع بوتين لم تحرز تقدما.. وأريد الآمان لغزة    ترامب: نفذنا هجمات كبيرة على إيران ومحونا منشآتها النووية بالكامل    رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: الوحدة العربية حول فلسطين اليوم لم أشهدها منذ 45 عاما    وزير الأوقاف: اغتيال الدكتور مروان السلطان وأسرته جريمة حرب مكتملة الأركان    طبيب ديوجو جوتا ينفي الشائعات المتداولة حول سبب وفاته    مصدر من الأهلي يوضح ل في الجول حقيقة التفاوض لضم مصطفى محمد    صافرة ظابط شرطة تحسم حلم التأهل لنصف نهائى المونديال بين الهلال وفلومينينسي    عمر جابر ل شيكابالا: أنت سلسلة تاريخية فخور إني حضرت كل أجزائها    "لم يكن يحتفل قبل الحادث ولهذا ذهب شقيقه معه".. معالج جوتا يروي الساعات الأخيرة في حياته    «رونالدو موصلش للرقم ده».. تعليق مثير من نجم الزمالك السابق بعد اعتزال شيكابالا    ماتوا وإيدهم في إيد بعض، قصة مهاجم طلائع الجيش وصديقه الذي لم يفرقهما الموت (فيديو)    حالة الطقس اليوم الجمعة، شديد الحرارة ورياح على هذه المناطق    ملاكي طائش دهسه.. التصريح بدفن جثة الطفل "عبدالله" بشبين القناطر    القطار حوله إلى أشلاء، لحظة مصرع يوسف الشيمي مهاجم الطلائع أثناء عبوره مزلقان السكة الحديد (فيديو)    فردوس عبد الحميد: سعيدة برد فعل الولاد الصغيرين على "حرب الجبالي" وحاولت أصاحبهم علشان يعرفوا شكلي واسمي    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة 4 يوليو 2025.. اللهم أجرنا من النار، واصرف عنا كل مكروه، وأرض عنا يا أرحم الراحمين    أضرار النوم الكثير، أمراض القلب والاكتئاب وضعف المناعة    أخبار مصر اليوم: شروط الحصول على معاش ربات المنزل 2025.. الأرصاد تعلن تلاشي فرص سقوط الأمطار.. تحقيق عاجل في فضيحة اختلاس التعاون    بعد وفاة أحمد عامر .. حمو بيكا يشكف حقيقة اعتزاله الغناء    استشهاد اللاعب الفلسطيني مصطفى أبو عميرة جراء القصف على قطاع غزة    أول تعليق لرئيس حزب الوعي بعد استقالة كرم جبر وعمرو الشناوي    تعرف علي آخر تطورات سعر الذهب اليوم الجمعة 4 يوليو 2025 فى مصر    رئيس هيئة الاستثمار: المستثمر لن يضطر للتعامل مع 70 جهة.. والمنصة الرقمية تنهي الإجراءات ب 20 يوما    مجدي البدوي: نرفض افتتاح سد النهضة دون اتفاق ملزم يحفظ حقوق مصر المائية    الدكتور حاتم سلامة.. بصيرة تتحدى الظلام ورؤية تصنع الأمل    بالعصا والأسلحة البيضاء..إصابة شخصين فى مشاجرة بكوم أمبو    وظائف حقيقية في انتظارك.. أكثر من 2900 فرصة عمل في كبرى الشركات الخاصة ب الشرقية والمحافظات    الفاصوليا البيضاء ب 80 جنيها.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية الجمعة 4 يوليو 2025    اكتشفها خالد يوسف .. من هي ملكة جمال العرب سارة التونسي    سعر الخوخ والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 4 يوليو 2025    لماذا الإسلام دين السلام؟| عالم بالأوقاف يُجيب    «ظهور تلفزيوني»..شيكابالا يبدأ مهمته الجديدة بعد اعتزال كرة القدم    ترامب: أريد أن أرى أهل غزة آمنين بعد أن مروا بالجحيم    الشاي ب لبن| أخصائي تغذية يكشف حقيقة أضراره    وزير الإسكان يستعرض خطة السكن البديل للإيجار القديم: 238 ألف وحدة جاهزة و14500 فدان أراض جديدة    ماكرون يهدد طهران بإجراءات انتقامية بسبب اتهام فرنسيين بالتجسس لصالح إسرائيل    شاهد لحظة غرق حفار البترول العملاق فى البحر الأحمر.. فيديو    مهرجان عمّان السينمائى .. خارج النص    "معكم" يعرض مجموعة من الصور النادرة لأم كلثوم ترصد مسيرة كوكب الشرق    روبيو يؤكد إبقاء العقوبات الأمريكية على الأسد.. ويبحث مع نظيره السوري ملفات الإرهاب والعلاقات الإقليمية    تصل للحبس والغرامة.. عقوبة تسلق الأثار دون ترخيص (تفاصيل)    في عيد ميلاد علاء مرسي.. رحلة ممتدة من النجاحات ويبوح ل "الفجر الفني" بأمنية لا تشبه أحدًا    "سنة الحياة".. رسالة خالد الغندور لشيكابالا عقب اعتزاله    خالد الجندي: "عاشوراء" سنة نبوية قديمة ليست مقتصرة على الإسلام    خالد الجندي: شرع من قبلنا شرعٌ لنا ما لم يخالف شرعنا    كارولين عزمي على البحر ومي عمر جريئة.. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    أسعار البنزين والسولار اليوم الجمعة في مصر وموعد اجتماع لجنة تسعير المواد البترولية    مراجعة ليلة الامتحان في الرياضيات فرع (الإستاتيكا) للثانوية العامة 2025 (pdf)    لعلاج تقرحات الفم- خبيرة تغذية توصي باستخدام هذا الزيت    تفاصيل القبض على أصحاب فيديو السباق في مدينة 6 أكتوبر.. فيديو    لميس جابر: الإخوان وضعوني على قوائم الإرهاب وفضلت البقاء في مصر رغم صعوبة فترتهم    مستشفى 15 مايو ينجح فى إنقاذ مريضين في عمليات حرجة تنتهي بلا مضاعفات    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خمر السلطة!
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 06 - 2013

3 ما الذي يحدث للإنسان بعد أن يصبح رئيسا في دولة سلطوية متخلفة؟، ما الذي تفعله فيه وبه السلطة؟، هل تتغير شخصيته من النقيض إلى النقيض أم أن السلطة تقوم فقط بمساعدة السلبيات الكامنة داخل شخصيته على الظهور؟.

لا تقدم يوميات بطرس غالي التي يحكي فيها وقائع عمله مع حسني مبارك إجابات شافية على هذه الأسئلة لكنها تقدم ملاحظات ترصد بعض ملامح التغيير الذي حدث في شخصية مبارك، برغم أنه لم ينشر أبدا يومياته في عام 1982 لأسباب غامضة تشبه غموض شخصية بطرس غالي نفسه خاصة أن ذلك العام تحديدا كان يمكن أن يقدم تفاصيل مهمة لتحولات شخصية مبارك بعد أن ملأ يده من السلطة أكثر.

في يوميات عام 1983 يروي بطرس غالي في 22 فبراير واقعة ظهرت فيها ملامح مبكرة لضيق مبارك بالرأي المعارض له خصوصا إذا كان سيؤثر على علاقات مبارك بالأمريكان الذين ورث مبارك عن سلفه السادات إيمانه بأنهم يمتلكون 99 في المائة من أوراق اللعبة، حيث قرر مبارك ألا يحضر حفل تخرج إبنه البكر علاء من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، لمجرد أن رئيس الحفل سيكون البروفيسور الأمريكي مايكل كير الذي انتقد مبارك بشدة في مقال له، وألمح مبارك لبطرس غالي أنه سيحضر الحفل لو قام بطرس برئاسته، وهو ما نقله بطرس لرئيس الجامعة الأمريكية الذي اعتبر إلماح الرئيس طلبا، وقام بإبعاد البروفيسير الأمريكي عن الحفل الذي رأسه بطرس الذي لم يكن أصلا قد سبق له التدريس بالجامعة الأمريكية.

في العام التالي وبالتحديد في 28 نوفمبر 1984 يروي بطرس غالي أن مبارك كان واسع الصدر بشكل أدهشه خلال تلقيه لأسئلة الطيارين الشبان في قاعدة أنشاص الجوية الذين سألوا مبارك أسئلة كان محظورا على الصحافة أن تسألها له مثل «هل أنت رئيس للأغنياء أم للفقراء، ومتى ستطلق سراح البابا شنودة؟ ومتى تنوي تطبيق الشريعة في مصر»، كتب بطرس «أعجبتني شجاعة هؤلاء الشبان العسكريين والإهتمام الذي أبدوه بالسياسة، من يعرف، فربما سيكون بينهم من يسعى يوما للوصول إلى الحكم»، وهو سؤال ستجد نفسك تعلق عليه بسؤال «من يعرف من بقي منهم أصلا في القوات المسلحة ولم يتم زحلقته من الخدمة».

بعد ثلاثة أعوام وفي 29 سبتمبر 1987 يروي بطرس غالي أن مبارك بعد أن شهد تقديم عدد من السفراء الجدد، كان مزاجه ممتازا فأخذ يتحدث مع بطرس عن السلطة بمرح، فقال له بطرس «إنها تدير الرأس مثل الخمر القوية»، فرد عليه مبارك ردا يظهر استنكاره لما قال لدرجة أنه لم ينتبه إلى المجاز الذي قاله بطرس، رد مبارك «أنا لا أشرب الخمر»، لم يعلق بطرس طبعا، لكنه كان في ذلك اليوم في حالة تأمل لما تحدثه السلطة من تغييرات في نفوس البشر، فسأل رئيس زامبيا كينث كاوندا الذي كان يمر بالقاهرة «ألم تُدِر السلطة رأسك؟»، فانفجر كاوندا ضاحكا وقال له ردا شديد الدلالة «عندما تقتسمها مع الغير لا يمكنها أن تدير رأسك».

وبرغم أن الحذر من وقوع المذكرات في يد أحد دفع غالي للإشادة بعدم تغيير السلطة لمبارك إلا أنه كتب معلقا على ما حدث «احترامي للرئيس كاوندا منعني من التعقيب على ما قاله، فالسلطة الحقيقية غير قابلة للقسمة، كم من رؤساء دول وكم من الوزراء كانوا بسطاء للغاية لكنهم تبدلوا تماما عندما وصلوا للسلطة، فأصبحوا يستمعون لأنفسهم أكثر من استماعهم للغير ويقاطعون محدثيهم... وأصبحوا يتصفحون الجرائد بعصبية باحثين عن أسمائهم وصورهم».

مع مرور اليوميات من عام إلى آخر يبدو مبارك وهو يتلبس يوما بعد يوم شخصية الفرعون الذي لا ينازعه أحد في قراراته ولا يجرؤ أحد على مشاركته أو مراجعته فيها، فنرى بطرس غالي يتوقف بالتعليق عند اليوم الذي يكون فيه مزاج مبارك طيبا ورائقا لكي يمكن له أن يفاتحه في إقتراحات أو مشاريع زيارات خارجية كأن روقان مزاج الرئيس حدث يستحق التسجيل.

ونرى كيف يفضل مبارك الإستماع إلى تقارير أجهزة المخابرات حتى لو كانت مناقضة للمعلومات التي يقدمها المتخصصون في الشئون الخارجية، وكيف يتشبث بآرائه الشخصية حتى لو كانت تقف ضد المصلحة العامة للبلاد فيرفض مثلا في عام 1987 إقامة أي علاقات دبلوماسية مع كوريا الجنوبية لكي لا يغضب كوريا الشمالية التي أعطاها كلمة بألا يقيم علاقة مع خصمها الجنوبي تقديرا لوقوفها إلى جوار مصر في حرب أكتوبر برغم أن بطرس غالي يشرح له أن وجود علاقات مع كوريا الجنوبية سيكون مهما جدا لمصر ولن يجعل كوريا الشمالية تقطع علاقتها بمصر لان العالم كله يقيم علاقات مع كوريا الجنوبية التي كانت في إطار التحول إلى نمر آسيوي.

ونرى أيضا كيف يصدر مبارك قرارا في ابريل 1985 بطرد طيارين عسكريين هنود كانوا يتلقون تدريبات سرية في مصر دون أن يقدم للهند أي تفسير أو إنذار مسبق، وعندما يشكو وزير الخارجية الهندي ما حدث لصديقه بطرس غالي ويطلب منه المساعدة بالتفسير معلنا إستعداده لمعاقبة الطيارين إذا ثبت وجود جواسيس بينهم، يعده بطرس بالتفسير ويجتمع مع كبار ضباط الجيش فلا يجد لديهم أي معلومات، وعندما يفشل في العثور على تفسير يرجح أن يكون ذلك الطرد قد تم بضغوط من المخابرات الأمريكية أو الإسرائيلية لدفع مصر إلى تجميد التعاون العسكري مع الهند، والذي يقول غالي أنه لو كان قد استمر لكانت مصر قد حصلت على القنبلة النووية.
يكتب غالي أنه سيواصل البحث عن أسباب عدم تفعيل اتفاقية التعاون بين مصر والهند والتي تم إبرامها سنة 1956، لكنه لا يعود لذكر الموضوع نهائيا بعد ذلك.

لا زال في اليوميات الكثير مما يجب التوقف عنده بالتأمل والتحليل عن طريقة إدارة الدولة المصرية ومهازل العمل الدبلوماسي فيها، ليس فقط لمعرفة ما كان يحدث في الماضي، بل لكي نذكر أنفسنا بأن كل تلك المهازل لازالت كما هي ولم يتغير منها شيئ، نكمل يوم الخميس بإذن الله فغدا يوم (المعصرة).

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.