بحد أدنى 235 درجة.. محافظ البحيرة تعتمد تنسيق القبول بالثانوي العام    جامعة MSA تُعين الدكتور نادر البكل قائمًا بأعمال رئيس الجامعة    استدعاء الممثل القانوني لقناة "المحور" بسبب مخالفات برنامج "90 دقيقة"    لمدة 10 ساعات.. قطع مياه الشرب عن 4 مناطق في الإسكندرية    حدث في 8 ساعات| البرلمان يوافق على قانون الإيجار القديم.. ورسوم العمرة 2026    رغم الحرب.. كيف تحرك المؤشر الرئيسي للبورصة خلال يونيو؟    أكسيوس: أمريكا ترسل رسالة إلى إسرائيل وحماس بشأن وقف الحرب "تفاصيل"    ما أكثر الفئات تأثرًا بمشروع قانون ترامب "الكبير والجميل"؟    الرئيس الصيني يتغيب عن قمة بريكس للمرة الأولى    البحرين تستعد لإعادة فتح سفارتها في بيروت    أول رد من أحمد عفيفي بعد تعليق تركي آل الشيخ بخصوص مباراة الهلال ومان سيتي    مصدر يكشف لمصراوي تفاصيل تعاقد الأهلي مع محمد شريف    مصر تتوج بذهبية كأس العالم للشطرنج تحت 12 عاما في جورجيا    بعد أقل من شهرين.. مدرب الزمالك يعلن رحيله عن الفريق    أحمد مرتضى منصور يكشف كواليس مثيرة من داخل الزمالك: "ممنوع شكر مرتضى عشان ممدوح عباس"    السيطرة على حريق في مبني تجاري برمسيس    120 جنيه تنهي عشرة "نقاش العمرانية" وزوجته ..ما قرار المحكمة؟    الأم الشيطانة قتلتهما بدم بارد.. جثتا طفلين شقيقين مكبلتان وآثار تعذيب تكشف عن جريمة بالعمرانية    أحمد وأحمد ودرويش والجواهرجي.. تعرف على أبرز الأفلام المصرية في شهر يوليو    نورهان تقدم حفل ختام أنشطة المهرجان القومي للمسرح بالإسكندرية    فيديو.. محمد رمضان يطرح أغنية من ضهر راجل عبر يوتيوب بعد أيام من «الجو حلو»    سيد درويش شاعرًا.. الأحد في أمسية أدبية بقصر ثقافة روض الفرج    أمين الفتوى يوضح حكم معاملة "دروب شيبنج".. هل تجوز شرعًا؟    وزير الصحة: تأمين المنافذ الجوية بمنظومة متكاملة جزء من استراتيجية الدولة    جمال شعبان يعلق على الموت المفاجئ للمطرب أحمد عامر    مناقشة آليات تشغيل مسرح الغردقة لتقديم عروض فنية وحفلات للسائحين الأجانب    الثالث من يوليو الدلالات والمعانى    هل تعديل قانون الإيجار القديم سيعيد التوازن للسوق العقاري؟ أم يفتح أزمات جديدة؟    مايكروسوفت تنفذ أكبر جولة من تسريح العمال منذ عام 2023    "الأرصاد": رياح نشطة وأتربة مثارة على عددٍ من محافظات مكة المكرمة    غدًا.. استمرار امتحانات الثانوية الأزهرية 2025 بشمال سيناء    ترامب يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع فيتنام    أستاذ علوم سياسية يوضح إمكانية إغلاق إيران مضيق هرمز    خبر في الجول - بتروجت يحدد مطالبه لبيع حامد حمدان ل الزمالك    إنزال الكابل البحري العالمي SMW6 بمدينة رأس غارب ضمن مشروعات البنية التحتية الرقمية    تحولات مهمة ونفقات غير متوقعة.. اعرف حظ برج الجوزاء في يوليو 2025    وزيرة البيئة تكرّم أبطال المناخ من المزارعين.. وتؤكد دعم الدولة ل شهادات الكربون    «الإفتاء» توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا    التعليم العالي: فتح باب التقدم لبرامج التعاون العلمي بين مصر واليابان (التفاصيل )    استمرار الكشف الطبي على المتقدمين للترشح ب انتخابات مجلس الشيوخ في الشرقية    منظومة التأمين الصحى الشامل تدخل يومها الثاني في أسوان.. و13 منفذًا لخدمة المستفيدين    تحتوي على مواد خطرة وقابلة للاشتعال.. إزالة وإخلاء مخازن مخالفة في الطالبية ب الجيزة    كمادات باردة على الرأس والعنق.. 7 نصائح فعالة لعلاج الدوخة والصداع الناتج عن حرارة الجو    غلق 4 محلات بدمنهور فى البحيرة لمخالفة تعليمات ترشيد الكهرباء    وزير الأوقاف يجتمع بقيادات وزارة شئون المسلمين بالفلبين لبحث مذكرات التفاهم    مانشستر سيتى يبدأ فترة الإعداد للموسم الجديد 28 يوليو    محافظ الفيوم يعتمد درجات تنسيق القبول بالمدارس الثانوية والدبلومات للعام الدراسي 2026/2025    كشف لغز مقتل فتاه على يد والدتها بمركز أخميم بسوهاج    بمشاركة وزارة الرياضة.. انطلاق حملة «مانحي الأمل» في مصر    "إعلام المنوفية" تفوز في مسابقة الإبداع الاعلامي وتناقش مشاريع تخرج الدفعة 2025/2024    وزير الإسكان يعقد اجتماعاً لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروع حدائق تلال الفسطاط    3 مصابين في حادث تصادم على طريق الإسماعيلية بالسويس    فيديو- أمين الفتوى يوضح أحكام القصر والجمع في الصلاة: متى يجوز ومتى لا يجوز    آخر ما كتبه المطرب أحمد عامر قبل وفاته بساعتين    وزارة البترول: تفعيل خطة الطوارئ فور انقلاب بارج بحري بخليج السويس    التشكيل الرسمي لمباراة بوروسيا دورتموند ومونتيري في مونديال الأندية    من دعاء النبي.. الدعاء المستحب بعد الوضوء    أمين «البحوث الإسلامية»: الهجرة النبويَّة تأسيسٌ لمجتمع قيمي ينهض على الوعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاتر الدبلوماسى القديم!
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 06 - 2013

هذا كتاب مهم وحزين ومدهش وممتع ويجيئ على الوجيعة رغم أنه يتحدث عن ماض يظن البعض أننا فارقناه، مقدما لنا فرصة مهمة لإدراك وتحليل وتأمل مدى وأسباب التقصير الكارثي الذي ارتكبناه في ملف نهر النيل منذ أكثر من أربعين عاما، لأن سياستنا الخارجية كانت تدعي أنها مشغولة بالحدود الشرقية وبفلسطين وبالقدس أكثر من إنشغالها بأفريقيا والنيل، ثم ها نحن بعد كل هذه السنين لا نحن استعدنا القدس ولا قمنا بتأمين حدودنا الشرقية ولا قمنا بتنمية سيناء، والأدهى والأمر أننا أيضا، لا نحن كسبنا الأفارقة كحلفاء وشركاء مصالح، ولا حفظنا نهر النيل من خطر الضياع.

في أحدث كتبه «بين القدس والنيل» الصادر عن دار الشروق يختار الدبلوماسي المصري «القديم» الدكتور بطرس بطرس غالي أخيرا نشر يومياته خلال عمله كوزير للشئون الخارجية تحت إدارة حسني مبارك وحتى اختياره كأمين عام للأمم المتحدة في عام 1991، تستطيع أن تتخيل طبعا لماذا اختار غالي تأخير نشر يومياته إلى الآن، بعد أن كان قد سبق له خلال حكم مبارك نشر يومياته كأمين عام للأمم المتحدة في كتاب «بانتظار بدر البدور»، لكن ليس عليك أن ترفع سقف توقعاتك وتنتظر وجود آراء صادمة يدونها الرجل عن مبارك على طريقة حواديت مصطفى الفقي الذي شرب البيريل بعد فوات الأوان، فبطرس غالي الذي عاصر تقلبات الدهر عليه وعلى أسرته لن يرتكب أبدا وهو في دوائر الحكم حماقة كتابة ما يسيئ إلى رئيسه، حتى ولو كان ذلك في يومياته التي لا يقرأها أحد غيره هو وربما أيضا زوجته التي يعترف في أكثر من موضع بحبها وبالخوف منها أيضا. غالي نفسه يروي أنه عندما انتقد مبارك في سبتمبر 1990 المذكرات الحكومية التي ينتقد فيها إبن أخيه يوسف بطرس غالي سياسات الحكومة المالية عندما كان يعمل مستشارا لمجلس الوزراء بعد أن ساعده عمه على دخول السلك الحكومي، برر غالي ذلك لمبارك بأنه طبيعي لأن الأجيال الشابة تعتاد قسوة الحكم على الأجيال السابقة لها، ثم اعترف لمبارك أنه يكتب يومياته مضيفا «لكنني أتجنب انتقاد زملائي الوزراء وأتجنب على وجه التحديد انتقاد رئيسي الذي لا يمكن أن يخطئ أبدا»، فانفجر مبارك بالضحك قائلا «أنت انتهازي متملق»، لا يرى بطرس غالي غضاضة في نشر ذلك، ربما لأنه يريد أن يقول للقارئ أن قواعد اللعبة كانت بالنسبة له منذ البداية واضحة لا لبس فيها، فهو رجل يحب بلده ويمتلك رؤية مختلفة لسياستها الخارجية ترى أن مصلحة مصر ليست مع العرب بل مع أفريقيا أولا وثانيا وثالثا، لكنه في نهاية المطاف صنايعي يقوم بتنفيذ رغبات رئيسه الذي لا يخطئ أبدا، ورئيسه يعرف أنه انتهازي متملق ويقول له ذلك بجد مغلف بالهزل، لكنه أيضا يعرف أن هذا «الإنتهازي المتملق» صنايعي شاطر ووجوده مهم كواجهة براقة لنظامه الخالي من الكفاءات، لذلك فهو يحرص على وجوده إلى جواره حتى آخر لحظة، لدرجة أنه عرقل كثيرا من محاولات بطرس غالي للإنعتاق من أسر هذا النظام بالحصول على منصب دولي كبير.

أهمية ما يرويه بطرس غالي في يومياته أنه لا يورده على سبيل الفضائحية ولا الرغبة في ادعاء دور البطولة، بل ينشره بشكل تسجيلي جاف، ومع ذلك سترى بوضوح ملامح العقلية الخربة التي تحكمت في السياسة الخارجية المصرية خلال مرحلة مهمة من حكم مبارك استمرت لمدة عشر سنوات، فتدرك كيف وصلنا إلى الوضع المزري الذي نتردى فيه الآن بسرعة صاروخية في عهد الإخوان الذين لا يمتلكون حتى رجال دولة بمهارة بطرس غالي يقولون لهم نصائح مهمة لا يعملون بها. غالي يروي كيف أنه كان منذ البداية واضحا في القول لمبارك أن مصر لا بد من أن تعطي ملف نهر النيل والعلاقات بدول حوضه كل أهميتها لأنها ستواجه أزمة خانقة فيه في المستقبل، مكررا نصحه لمبارك بضرورة اللجوء إلى الطاقة النووية السلمية لحل أزمة الطاقة القادمة من خلال استثمار علاقاتها مع الهند وباكستان، لكن مبارك كان يرفض ذلك دائما وبحسم، دون أن يذكر غالي أسباب ذلك الرفض بالتفصيل. بالطبع أنت لست في حاجة لان تدرك أن بطرس غالي بحكم موقعه وتكوينه الشخصي يعرف أكثر بكثير مما يرويه، لكنه حتما يدخره للوقت المناسب، طيلة الوقت وأنا أقرأ يومياته أسأل نفسي: يا ترى أين يحتفظ هذا الرجل الحويط بمذكراته التي يروي فيها كل ما يعرفه بعيدا عن قالب اليوميات الذي لا يعطي القارئ أكثر من بدايات خيوط تحتاج إلى أن تعمل خيالك في إكمالها ثم تعمل عقلك في تأملها؟.

برغم كل شيئ تمتلئ اليوميات بوقائع مثيرة وغريبة تلخص خواء وتهافت رؤيتنا للعالم الخارجي واعتمادنا عليه بوصفه مصدرا للشحاتة والتسول، وهو ما لا يزال قائما حتى الآن للأسف الشديد، أكثر هذه الوقائع غرابة وإيلاما حدثت في 5 أكتوبر 1990 بعد شهرين من إحتلال صدام حسين للكويت، حيث يروي غالي أنه حمل طلبا مصريا إلى وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت الحالي بأن تودع الكويت مبلغ مليار دولار في البنك المركزي لمساندة إقتصاد مصر المأزوم، وذلك بعد أن ذكّر الشيخ الصباح بما قامت به مصر من دعم لموقف الكويت في المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية، فقال له الشيخ الصباح أنه مستعد لتقديم عينيه لمصر «لكننا لا نملك الآن أية أموال»، فرد بطرس أنه قرأ في النيويورك تايمز أن الأسرة الحاكمة تمتلك 100 مليار دولار خارج الكويت وأن المؤسسة التي أنشأها الامير تمتلك بدورها المبلغ نفسه، وأن ما تطلبه مصر هو إيداع نصف في المائة فقط من هذا المبلغ، فرد الأمير قائلا «أخي بطرس لا تصدق ما تقوله هذه الجرائد»، وبرغم رخص الموقف برمته ورمامته يعلق غالي قائلا ببساطة «ربما نكون قد أخطأنا بطلب معونة مالية من الكويت وهي تحت الإحتلال».

أترك لك التعليق بما تراه مناسبا ونواصل غدا بإذن الله.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.