أكدت مصادر بالمحكمة الدستورية العليا أن الحكمين اللذين أصدرتهما المحكمة أمس، بحل مجلس الشورى عقب انعقاد مجلس النواب، وعدم دستورية وضع معايير لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور «لا يمتان للسياسة بصلة، بل يترجمان تماما ما نص عليه الدستور والقانون من أحكام تتعلق بالمنازعتين المعروضتين على المحكمة». وأوضحت المصادر أن المادة 230 من الدستور التى تنص على أن «يتولى مجلس الشورى القائم بتشكيله الحالى سلطة التشريع حتى انعقاد مجلس النواب» هى التى منعت الإسراع فى تنفيذ حكم المحكمة بحل مجلس الشورى، وأجلت إعمال آثاره بحل هذا المجلس، وبالتالى فإن المحكمة لم تبتكر شيئا من عندها، ولم تنفذ إلا صحيح حكم الدستور واحترمت مبادئها السابقة التى تسير جميعا فى طريق عدم دستورية قانون انتخاب الشورى.
وشددت المصادر على أن إعمال المواد الدستورية، سواء كانت مرضية للبعض أو يعترض عليها آخرون، هو أمر ملزم للجميع بما فى ذلك المحكمة، وليس من قبيل المواءمات السياسية أو التهرب كما ردد البعض تعليقا على حكم «الشورى» لأن نص المادة 230 صريح لا يقبل التأويل ولا يمكن التغاضى عنه.
وأضافت المصادر أن المحكمة الدستورية العليا تحملت أقاويل واتهامات مسبقة كثيرة فى سبيل أداء مهمتها السامية فى الحفاظ على مكتسبات الشعب وشرعيته التى أكسبها للدستور بالموافقة عليه فى الاستفتاء الأخير، رغم أن البعض تناسى أنها كانت أول جهة تنفذ أحكام الدستور الجديد بتعديل تشكيلها، رغم أنه انتقص من سلطاتها، ورغم أن الجمعية التأسيسية لم تعتد برؤية المحكمة عند وضع النصوص المنظمة لشئونها فى الدستور الجديد.
وحول حكم عدم دستورية قانون معايير الجمعية التأسيسية، قالت المصادر إن هذا الحكم يعنى بشكل صريح أن الجمعية التأسيسية كانت وستبقى محصنة من تدخل أى سلطة أخرى، سواء التشريعية والقضائية والتنفيذية، كما أن جميع مراحل كتابة الدستور منذ انعقاد هيئة الناخبين الوكيلة عن جموع الناخبين لاختيار أعضاء الجمعية، وحتى وضع الدستور، لا تخضع لأى رقابة، وتبقى محصنة من أى طعن.
وقالت المصادر إن هذا الحكم ليس نتاج الدستور الجديد، بل هو ثمرة القراءة السليمة للمادة 60 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 التى نظمت خطوات تشكيل الجمعية التأسيسية، وخلت من وضع أى شروط أو معايير لاختيار أعضائها، بل جعلت الجمعية باعتبارها السلطة التأسيسية تحتل موقعا أعلى من باقى السلطات، بحيث لا يتصور أن يراقبها أحد آخر.
وردا على ما نشرته بعض وسائل الإعلام عن أن المستشار حاتم بجاتو، وزير الدولة للشئون القانونية والنيابية، واللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع للشئون القانونية، زارا المحكمة قبيل إصدار الحكمين أمس، قال المستشار ماهر سامى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا والمتحدث الرسمى باسمها، إن المستشار ماهر البحيرى، رئيس المحكمة، استقبل بجاتو وشاهين بمكتبه، صباح الاثنين قبل الماضى 27 مايو.
وأوضح أن اللقاء كان بناء على طلب الرجلين إثر صدور قرار المحكمة فى طلب الرقابة السابقة المحال إليها من مجلس الشورى بشأن مشروع قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية.
وأوضح سامى أن الزيارة استهدفت تبادل وجهات النظر القانونية حول وسائل تنفيذ قرار المحكمة، وتلافى وجه العوار فى النص الذى قضى ببطلانه، بما يتفق مع أحكام الدستور، ويضمن سلامة التنفيذ بمراعاة طبيعة عمل هذه الفئات واعتبارات الحفاظ على الأمن القومى، وفى الوقت ذاته تجنبا من أن يجرى التنفيذ بصيغة تغاير ما قصدت إليه المحكمة الدستورية نتيجة اختلاف التفسيرات.