دعا عبد الله جاب الله القيادي الإسلامى المتشدّد بالجزائر، إلى مراجعة شاملة للدستور، بما يصلح لإقامة دولة بيان أول نوفمبر 1954، "بيان اندلاع الثورة الجزائرية 1954-1962"، على أسس ديمقراطية واجتماعية ذات سيادة وضمن إطار المبادئ الإسلامية. وقال جاب الله رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية، فى مؤتمر صحفى عقده اليوم السبت، لعرض مشروع الدستور الذى يدعو إليه حزبه، والمعنون ب"مشروع دستور جزائر أول نوفمبر"، إن "الدستور الحالى يحتاج إلى مراجعة شاملة ودقيقة بدءًا بالديباجة إلى الأحكام الختامية بمرجعية نوفمبر 1954".
وأضاف أن مشروع دستور جبهة العدالة والتنمية جاء فى خمسة أبواب و16 فصلًا، 297 مادة موزّعة على الأبواب والفصول تتضمن عديدًا من المقترحات، منها "تعزيز المواطنة بالولاء للدولة والمساواة فى الحقوق والواجبات بين المواطنين بغض النظر عن مراكزهم وأوضاعهم الاجتماعية".
وأوضح أن المشروع يقر نظام حكم شبه برلمانى قائم على مبدأ التوازن فى توزيع الصلاحيات على السلطات المختلفة، مع "صلاحية تشكيل السلطة التنفيذية من طرف رئيس الجمهورية، وبموافقة البرلمان، وليس بالضرورى أن يكون الجهاز التنفيذى من الحزب الفائز بالأغلبية".
كما اقترح المشروع الإبقاء على مجلس الأمة مع إجراء تعديلات عليه، حفاظًا على كفاءات الأمة وقياداتها الذين همّشتهم الانتخابات مع الإبقاء على حق التشريع للمجلس الشعبى الوطنى "مجلس النواب".
كما أعطى المشروع "حق سحب الثقة من رئيس الحكومة أو نائبه أو أحد الوزراء بناء على اقتراح (عشر) أعضاء المجلس الشعبى وتصويت (ثلثى) الأعضاء"، وحدّد المشروع شروط حل المجلس الشعبى من طرف رئيس الجمهورية باستشارة رئيسى الغرفتين ورئيس الحكومة وموافقة ثلثى أعضاء مجلس الأمة.
وفى ما يخص مسألة رقابة السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية، أعطى المشروع الحق فى الاستجوابات لكل 10 نواب من المجلس الشعبى وخمسة من مجلس الأمة طلب مناقشة موضوع عام، كما اقترح جاب الله فى مشروعه لمنع سياسة التزوير وتشديد العقوبة عليها "إنشاء مجلس وطنى مستقل يتولّى الإشراف الكلى على ملف الانتخابات والاستفتاءات بدءًا بمراجعة القائمة الانتخابية إلى غاية الإعلان عن النتائج".
وكان الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة، قد أعلن أوائل أبريل الماضى عن تعيين لجنة من الخبراء القانونيين لإعداد مشروع دستور جديد للبلاد.
ويرأس اللجنة أستاذ القانون فى جامعة قسنطينة عزوز كردون، أما الأعضاء فهم وزير العدل السابق الغوتي مكامشة، وبوزيد لزهارى عضو لجنة حقوق الإنسان فى الأممالمتحدة، وسبق له المشاركة فى صياغة دستور 1996، وفوزية بن باديس عضو مجلس الأمة وعبد الرزاق زوينة العضو السابق فى مجلس الأمة.
وقد أعلن بوتفليقة، خلال خطاب له فى أبريل 2011، عن حزمة إصلاحات شملت قوانين الانتخابات، والأحزاب، والجمعيات والإعلام، لمواجهة موجة الثورات بدول المنطقة التى عرفت إعلاميًّا باسم "الربيع العربى" الذى قال إن الجزائر استثناء فيه.
كما شكّل الرئيس الجزائرى حينها لجنة للمشاورات السياسية مع الأحزاب حول قوانين الإصلاح، وتعهّد بتعديل دستور البلاد وإشراك كل الفاعلين السياسيين فى إعداده.
وكلّف الرئيس الجزائرى خلال الأسابيع الأخيرة الوزير الأول عبد المالك سلال، بعقد جلسات مع الأحزاب الممثلة فى البرلمان لاستقبال اقتراحاتها بشأن التعديل الدستورى الجديد.
تجدر الإشارة إلى أن بوتفليقة الذى وصل إلى الحكم عام 1999، كان قد عدّل الدستور جزئيًّا مرّتين، الأولى عام 2001، إذ قام خلالها بترسيم الأمازيغية كلغة وطنية، وعام 2008 حين أجرى تعديلًا سمح له بالترشح لولاية ثالثة، بحكم أن الدستور القديم يحدد الولاية الرئاسية بفترة واحدة من خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، فعدّلها لتصبح مفتوحة.
وتنتهى ولاية بوتفليقة الثالثة فى أبريل 2014، غير أنه لم يعلن بعد إن كان سيترشح لفترة رابعة وسط جدل فى الساحة السياسية بين دعوات بالرحيل وأخرى تدعوه للتمديد.