الابداع دائما اطول من عمر مبدعيه. رحلت وردة وقبلها محمد عبدالوهاب وحسين السيد ومرسى جميل عزيز وبقيت اغنية فى يوم وليلة ولولا الملامة ورحل السنباطى وعلى مهدى وبيقت اغنيتهما يا لعبة الايام ورحل بليغ ومحمد حمزة وعبدالرحيم منصور وسيد مرسى وعبدالوهاب محمد وبقيت أغانى حكايتى مع الزمان وحلوة بلادى السمرا ووحشتونى وليالينا وحنين. وهذا هو قمة الابداع ان تظل كلمات وألحان ابدعت قبل عشرات السنين ورغم ذلك تظل الجماهير تتغنى بها وتشعر معها بحالة التواصل والتجاوب وكأنها ابدعت فى نفس لحظة الاستماع بها.
مساء الخميس الماضى كانت الذكرى الاولى لرحيل المطربة الكبيرة وردة وكانت دار الاوبرا ذاكرة الوطن والابداع نظمت حفلا للاحتفال بهذه المناسبة، وكانت الجماهير رهن الانتظار وبالتالى امتلأ المسرح عن آخره بمختلف الاعمار صغارا وكبارا، رغم ان الحفل لا يضم نجما سوبر ستار، لكن اصوات ومواهب دار الاوبرا كانوا دائما افضل حالا من أى سوبر ستار. بدأ الحفل بالمطربة سوزان ممدوح التى غنت «لولا الملامة» لمرسى جميل عزيز ومحمد عبدالوهاب.
ثم غنت اجفان أغنيتى «حنين» كلمات عبدالوهاب محمد وألحان بليغ حمدى و«ليالينا «كلمات سيد مرسى وألحان بليغ وكان اداء اجفان يعكس موهبة حقيقية تسكن خلف جدران دار الاوبرا وتنتظر فرصة التحليق فى اماكن اخرى من ربوع مصر.
ثم جاءت رحاب مطاوع والتى تمتلك قدرا من الاحترافية ربما لا تتوافر فى اصوات ممن نراها على الفضائيات، وأدت أغنيتى «اسمعونى» وروحى وروحك والاخيرة من ألحان فريد الاطرش. ثم جاء الفاصل الثانى الذى بدأ بعزف على القانون لماجد سرور وهو آخر الموسيقيين الذين تعاموا مع وردة كمايسترو لفرقتها وصاحبها فى كل حفلاتها الاخيرة داخل وخارج مصر حيث قدم مقطوعة موسيقية «من كل بستان وردة» وكوكتيل من اهم الاغانى كانت وردة قد غنتها فى احد ألبومتها وقدمه امس ماجد سرور برؤيته على القانون.
ثم كان اللقاء مع المطربة مروة ناجى وهى أحد اصوات مشروع نجوم الاوبرا الذى بدأ خلال عهد الدكتور سمير فرج وأشرف عليه الدكتور جمال سلامة وهى الآن احد الاصوات وكانت مروة مستعدة للحدث وغنت كما لو ان هذه الاغانى لحنت لها، بدأت بحكايتى مع الزمن ثم بكره يا حبيبى لكمال الطويل ثم حلوة بلادى السمرا التى اهدتها لرئيس الاوبرا دكتورة ايناس عبدالدايم، والتى استقبلها الجمهور بعاصفة من التصفيق، ثم انهت حفلها باغنية «فى يوم وليلة».
الجميل فى الحفل هو ثقة الجماهير التى تقدر بنحو 1200 شخص فى الاصوات التى ظهرت رغم انهم ليسوا من المشاهير لذلك فالحفل هو احتفال بوردة وبهذه الاصوات ايضا التى تحرص على تقدم التراث، وجود هذه الاصوات الشابة يعكس ان النجم هو الصوت وليس اى شىء آخر. كما ان هذه الاصوات إلى جانب الاسماء اصحاب الخبرة مثل محسن فاروق وامجد العطافى يجعل هذا الكيان يتمتع بالاكتفاء الذاتى من المطربين خاصة ان هناك عشرات من الاصوات الموهوبة داخل الفرق مثل رحاب عمر وآيات فاروق واميرة احمد وابراهيم رشاد وغيرهم.
الاهم فى الامر هو اقتناع مسئولى الاوبرا بأهمية الاصوات الموجودة والدليل انهم نجوم الحفلات بلا منافس. كما ان الاوبرا تحاول ان تخلق لهم احداثا مثل الحفلات الشهرية لكوكب الشرق والتى تسند بشكل دورى لمى فاروق وريهام عبدالحكيم. وهناك ايضا حفلات وهابيات لموسيقار الاجيال عبدالوهاب. حتى يكونوا دائما فى دائرة الضوء.