اليوم يمر عام علي رحيل وردة الغناء العربي وهو اليوم الذي لا يقل أهمية كثيرا عن 3 فبراير 1975 و30 مارس 1977 و26 ديسمبر 1974 و21 سبتمبر 1983 و4 مايو 1991 وهي ذكري رحيل العمالقة أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش وفايزة أحمد ومحمد عبدالوهاب. يوم رحيلها يمثل علامة فارقة لرحيل مطربة من العيار الثقيل باعتبارها أبدعت علي مدي أكثر من 50 عاما، في تقديم روائع غنائية علي أعلي مستوي، صوتها الساحر كان يجمع بين القوة والجمال حتي الفرحة والشجن. جاءت الي مصر من بلد المليون شهيد، الجزائر في الستينات عبر بيروت وكانت مصر في هذا الوقت مليئة بالعمالقة وجاءت بدعوة من المخرج الراحل حلمي رفلة وقدمت في بداية الرحلة أغنيات: «بحبك فوق ما تتصور» و«لعبة الأيام» و»اسأل دموع عينيه» و«يا نخلتين في العلالي» وقامت ببطولة فيلم «ألمظ وعبده الحامولي» وشاركت في الأوبريت الشهير «وطني حبيبي» ألحان محمد عبدالوهاب وقامت أيضا ببطولة فيلم «أميرة العرب» مع رشدي أباظة ولكنها تعرضت لأزمة حادة في منتصف الستينات بسبب شائعة علاقتها بالمشير الراحل عبدالحكيم عامر، وتقرر ترحيلها من القاهرة الي الجزائر وتعود لمصر في بداية السبعينات لتبدأ رحلتها الحقيقية وترتبط عاطفيا وفنيا مع الموسيقار الراحل الكبير بليغ حمدي، كانت أول أغنية غنتها عقب عودتها لمصر «والله زمان يا مصر» لتدغدغ مشاعر المصريين بعشقها لهذا البلد، ثم تقوم ببطولة فيلم «صوت الحب» مع حسن يوسف الذي تضمن أغنيات رائعت حققت نجاحا كبيرا وهي «العيون السود - وأنا مالي - ومستحيل - اشتروني» وكانت جميعها من ألحان بليغ، وفي حرب أكتوبر 73 كانت وردة في طليعة من غنوا لهذا النصر العظيم بأغنية «علي الربابة». وقامت في نفس العام ببطولة فيلم «حكايتي مع الزمان» مع رشدي أباظة وغنت فيه «وحشتوني - لولا الملامة - حكايتي مع الزمان - بكرة يا حبيبي» وحقق نجاحا كبيرا ثم بدأت في تقديم مجموعة من الروائع الكلاسيكية وأبدعت في أغنيات «بلاش تفارق - اسمعوني - لو سألوك - ولاد الحلال - مدرتوش - مالو - لو انك يا حبيبي بعيد» وقامت عام 1977 ببطولة فيلم «آه يا ليل يا زمن» وغنت فيه أروع الأغنيات «حنين - ليالينا - مسا النور والهنا - عيني يا ليالي» وكان عام 1978 بداية جديدة في حياة وردة حيث قامت ببطولة أول مسلسل تليفزيوني «أوراق الورد» مع عمر الحريري، وغنت من خلاله مجموعة من الأغاني القصيرة من ألحان بليغ وأغاني للأطفال منها «بوسة علي الخد - كل سنة وانتي طيبة يا مامتي - آله لو قابلتك من زمانى». وفي يوم 11 نوفمبر 1978 كان الموعد مع أغنيتها الرائعة «في يوم وليلة» كلمات حسين السيد ألحان محمد عبدالوهاب وتعتبر من أشهر أغانيها ومع نهاية السبعينات حدث الانفصال مع رفيق العمر بليغ حمدي لكنهما لم يفترقا كأصدقاء وقدمت في عام 1979 «أوقاتي بتحلو» ألحان سيد مكاوي، وأغنيات «قال إيه بيسألوني - قلبي سعيد - شعوري نحيتك». وفي أبريل 1980 غنت من ألحان العملاق رياض السنباطي: «يا حبيبي لا تقل لي» تأليف الشاعر إبراهيم عيسي، ولم تنقطع عن الأغاني الوطنية حيث غنت من ألحان محمد عبدالوهاب «احنا الشعب» و«أنشودة مصر» عام 1980 و«أحبها» ألحان كمال الطويل. وفي أبريل 1982 قدمت رائعة «أنده عليك» ألحان محمد عبدالوهاب وفي مارس 1983 كان الموعد مع إحدي أشهر أغانيها «أكدب عليك» تأليف مرسي جميل عزيز ألحان محمد الموجي، وقدمت في نفس الحفل أغنية «لبنان الحب» ألحان محمد عبدالوهاب وكلمات حسين السيد وقدمت في عام 1985 آخر أعمالها مع محمد عبدالوهاب «بعمري كله حبيتك». قل إنتاج وردة نسبيا بعد ذلك ومن أشهر أغانيها في النصف الثاني من الثمانينات «أصلك تتحب» و«قبل النهاردة» وشاركت في أكثر من مناسبة وطنية. وفي سبتمبر 1993 تلقت صدمة العمر برحيل بليغ حمدي وكان آخر أغنية من ألحانه «بودعك» وهي أغنية غاية في الشجن والتأثر بفراق الحبيب، وفي منتصف التسعينات ظهرت وردة بشكل جديد وألحان مختلفة في الشكل والمضمون واستطاعت تصدر المشهد الغنائي بهذه النوعية في أغنية «بتونس بيك - جرب نار الغيرة - حرمت أحبك، ألحان صلاح الشرنوبي - يا ليل يا آخر المشوار« ولكن هذه النوعية حققت نجاحا وقتيا وبقيت ألحان العمالقة عبدالوهاب وبليغ والموجي. وفي أعوامها الأخيرة قل إنتاجها بسب الظروف الصحية وقبل وفاتها بسنوات قليلة قامت ببطولة مسلسل «آن الأوان» وقبل رحيلها بثلاثة أسابيع قدمت دويتو فنيا مع عبادي الجوهر. وردة الجزائرية ستظل علامة بارزة في تاريخ الأغنية العربية، تغلبت علي صعاب كثيرة في رحلتها الفنية الطويلة وأزمات حادة واجهتها بشجاعة في الفن والسياسة خسر الغناء العربي لرحيلها قيمة فنية كبيرة وقد رحلت يوم الخميس 17 مايو 2012 وودعتها مصر والجزائر في مشهد مهيب.