تسبب إضراب الموظفين الإداريين بمجلس الدولة، الذي دخل يومه الثاني على التوالي، اليوم الثلاثاء، في إغلاق محاكم المجلس أبوابها أمام المحامين والمواطنين المتقاضين، لأول مرة في تاريخ المجلس الذي تأسس عام 1946، حيث استطاع الموظفون تنفيذ مخططهم بمنع انعقاد معظم دوائر المجلس في المحاكم الإدارية والقضاء الإداري، وتم إغلاق جميع قاعات المجلس، وغلق الخزينة وقلم الكتاب ومكاتب إيداع الطعون والدعاوى. وانعقدت اليوم، الدائرة الثامنة بمحكمة القضاء الإداري المختصة بقضايا العقود، فقط، وحاولت الدائرة الثالثة، برئاسة المستشار حسن عبد العزيز، البدء في إجراءات الجلسة، لكن دخول الموظفين بكثافة قاعة المحكمة حال دون استكمالها، فرُفعت، بينما انعقدت الدائرة الأولى المختصة بقضايا الحقوق والحريات، برئاسة المستشار فريد نزيه تناغو، نائب رئيس مجلس الدولة، في مكتبه بالطابق السابع من المجلس، لدقائق معدودة، ثم تسبب احتشاد الموظفين في تأجيل معظم القضايا إدارياً.
رفع الموظفون الذين بلغ عددهم نحو 600 لافتات تندد بإدارة المجلس ورئيسه المستشار غبريال عبد الملاك، ورددوا هتافات تدعو زملائهم بأقسام المجلس المختلفة للنزول ومشاركتهم الإضراب، مطالبين بصرف مستحقاتهم المالية التي يقولون إنها متأخرة مثل بدل العلاج وزيادة الحوافز والمكافآت، وصرف بدل للجلسات الصيفية أسوة بالقضاة الذين حصلوا على حكم من المحكمة الإدارية العليا بصرف بدلات خاصة للجلسات التي تعقد في شهري العطلة الصيفية القضائية.
وسادت حالة من الاستياء بين المحامين والمتقاضين الذين تواجدوا منذ الصباح الباكر، خاصة وأن إغلاق خزينة المجلس وقلم إيداع الدعاوى والطعون يومين متتاليين أدى إلى استنفاذ بعض فترات الطعن وإقامة الدعاوى المحددة في قانون المرافعات، خاصة وأن غدًا الأربعاء عطلة رسمية.
وعلمت «الشروق» أن الموظفين المضربين رفضوا تشكيل لجنة منهم لمقابلة رئيس المجلس، والأمين العام، ورئيس نادي قضاة المجلس، مما ينبئ باستمرار حالة الغضب وتعطيل العمل بالمجلس لأجل غير مسمى.
ومن جهته، قال المستشار محمد زكي موسى، أمين عام مجلس الدولة، في تصريح خاص ل«الشروق»، اليوم، إن الموظفين المضربين أصيبوا بحالة من الهيستيريا دفعتهم لمحاولة تعطيل العمل بالمجلس، بناء على شائعات مغرضة حركها البعض، مفادها أن المجلس لن يصرف لهم المكافأة التي صدر بها قرار من وزير العدل، وقدرها 5 شهور سنوياً من الراتب الأساسي للموظف على كل سنة قضاها في الخدمة، وأن المجلس سيصرفها شهرين سنوياً فقط.
وأضاف موسى، أنه أمر بتعليق بيان في جميع أدوار مجلس الدولة لبيان كذب هذه الشائعة، وأنه قام بنفسه بالتأشير على صرف هذه المبالغ استجابة لكتاب وزير العدل، وأنه تم أيضاً صرف جميع المستحقات المالية الخاصة ببدل العلاج كما جاء من وزارة العدل، مؤكداً أن هذا البدل تحديداً لا تملك إدارة المجلس التصرف فيه بالخفض أو الزيادة لأنه يأتيها من وزارة العدل مباشرة.
وحول مطالبة العمال بصرف بدل لجلسات الصيف، أكد موسى، أن عدم صرف هذا البدل للموظفين وصرفه للقضاة نتيجة أن القانون الذي يعامل على أساسه الموظفون الإداريون بالمحاكم هو قانون العاملين المدنيين بالدولة، وليس لهم كادر خاص مثل القضاة، وبالتالي فلا سند قانوني لصرف هذا البدل، واصفاً هذا الأمر بأنه يعود إلى خلل في القانون، وليس تحاملاً من إدارة المجلس على الموظفين، مشدداً على أنه تم بالفعل وبشكل استثنائي صرف بدلات للصيف العام الماضي للموظفين تبلغ شهرين من الراتب الإجمالي وشهراً من الراتب الأساسي.
وعن الآثار القانونية لتعطيل أحد مرافق العدالة بإغلاق المحاكم، نفى موسى إمكانية فض إضراب الموظفين أو محاولة إجهاضه بالقوة، مستطرداً: «مش ممكن نستخدم أي عنف ضد موظفينّا.. ولكن عليهم أن يتفهموا حقيقة الموقف وأن المعلومات التي اتخذوا موقفهم على أساسها لا تعدو كونها شائعات كاذبة».