قضت المحكمة الدستورية العليا فى جلستها المنعقدة اليوم برئاسة المستشار ماهر البحيري، بعدم دستورية اعتبار الخطأ فى بيانات المبيعات بمثابة جريمة تهرب ضريبى. حيث حكمت بعدم دستورية نص البند سادسا من المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1996 ، وسقوط نص المادة 43 من القانون فى مجال تطبيقها على البند رقم (6) المشار إليه .
وكانت النيابة العامة قد أحالت أحد المتهمين إلى المحاكمة الجنائية لأنه ذكر عمدا بيانات غير صحيحة عن مبيعاته، فحكمت محكمة أول درجة عليه بغرامة وألزمته بأداء الضريبة الأصلية وتعويض وفوائد التأخير، فطعن على الحكم وأثناء نظر استئنافه دفع بعدم دستورية النصين السالف ذكرهما فأقام دعواه الدستورية.
وتنص المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات على معاقبة المتهرب من الضرائب بالحبس والغرامة أو بإحداهما، فضلا عن الضريبة الأصلية والإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة، كما تنص المادة ( 44) من القانون ذاته على الأفعال التى تعد تهربا من الضريبة يعاقب عليه بالعقوبات المنصوص عليها فى المادة السالفة ومنها فى (البند سادسا) تقديم بيانات خاطئة عن المبيعات إذا ظهرت فيها زيادة تجاوز 10\% عما ورد بالإقرار.
واستندت المحكمة الدستورية في حيثيات حكمها، على أن المشرع بما نص عليه بصدر المادة (44) المطعون فيها من أنه "يعد متهربا من الضريبة" وهى جريمة عمدية نص فى البند السادس من هذه المادة على أن مجرد تقديم بيانات خاطئة عن المبيعات تتجاوز 10% مما ورد بالإقرار، بمثابة قرينة قانونية على جريمة التهرب العمدى من سداد الضريبة، منشئا بذلك واقعة قانونية يكون ثبوت الواقعة البديلة بموجبها دليلا على ثبوت واقعة التهرب الضريبى، التى كان ينبغى على النيابة العامة أن تتولى بنفسها مسئولية إثباتها فى إطار التزامها بإقامة الأدلة المؤيدة لقيام كل ركن يتصل ببيان الجريمة، ويعتبر من عناصرها بما فى ذلك القصد الجنائى العام ممثلا فى إدارة الفعل مع العلم بالوقائع التى تعطيه دلالته الإجرامية.
وأشارت المحكمة إلى أن القرينة القانونية بدت غير مرتكزة بالتالى على أسس موضوعية ومفحمة لإهدار افتراض أصل البراءة، ومجاوزة لضوابط المحاكمة المنصفة التى كفلها الدستور، بما يجعل من عمل المشرع فى إنشاء هذه القرينة القانونية انتحالا لاختصاص كفله الدستور للسلطة القضائية، ومناقضا لأصل البراءة .
وأكدت المحكمة فى ختام حيثيات حكمها أن النص التشريعى المطعون عليه، وعن طريق القرينة القانونية التى افترض بها ثبوت القصد الجنائى، قد أخل بالوسائل الاجرائية التى ألزم الدستور بمراعاتها عند افتراض أصل براءة المتهم بما كفله له من حق الدفاع، وحقه فى مواجهة الأدلة التى قدمتها النيابة العامة إثباتا للجريمة والحق فى دحضها بأدلة النفى التى يقدمها، بما يسقط عملا كل قيمة أسبغها الدستور على هذا الأصل، ويكون النص فضلا عما تقدم جميعه مخلا بضوابط المحاكمة المنصفة بالمخالفة لأحكام المواد 14 و 26 و 33 و 34 و 74 و 76 و 77 و 82 و 102 و 115 و 131 و 168 و 170 من الدستور القائم.
كما يترتب على الحكم بعدم دستورية النص المطعون عليه كذلك وبطريق اللزوم الحتمى سقوط نص المادة ( 43) من القانون فى مجال تطبيقها على البند (6) المشار إليه آنفا.