لم تعلن شركات الحديد عن أسعارها لشهر مارس، والتى كان من المقرر الإعلان عنها صباح اليوم الأحد، «قررنا أن نؤجلها للغد لمراقبة تطور سعر الدولار. ومحاولات المركزى لتخفيضه بعض الشىء، بعد أن تعدى ال7.50 فى السوق غير الرسمية، التى نضطر إلى شراء العملة منها بسبب عدم توافرها فى البنوك»، بحسب ما قاله رفيق الضو، العضو المنتدب لشركة السويس للصلب، ل«الشروق».
ويوضح الضو «حددنا أسعار الحديد الشهر الماضى، بناءً على سعر 7 جنيهات للدولار، بينما تم تداول العملة الأمريكية عند حدود أعلى من تقديرنا على مدى الشهر، مما حملنا خسائر كبيرة نتيجة فارق سعر المواد الخام التى نستوردها بالدولار»، مشيرًا إلى أن هذه الزيادة تكلف الشركات خسارة فى الطن تصل إلى 300 جنيه.
وكانت شركات الحديد قد قامت بتثبيت سعر طن الحديد فى شهر مارس، ليتراوح سعر الطن ما بين 4700 و5000 جنيه، بعد أن قامت برفع أسعارها لشهرين متتالين، يناير وفبراير، ب190 جنيهًا، و480 جنيهًا على التوالى.
«نحن لا نريد رفع الأسعار لأننا نسعى لتصريف منتجنا، ولكننا كل مرة نرفع سعر المنتج، لنجارى ارتفاع الدولار، رغم ذلك لا نستطيع تعويض الزيادة فى العملة»، يقول الضو، ولذلك «قررنا الانتظار ودراسة الأمر بصورة أكثر عمقا».
وبرغم توقع كثير من المتعاملين فى السوق زيادة أسعار الحديد مع استمرار ارتفاع الدولار، فإن محمد حنفى، رئيس غرفة الصناعات المعدنية، يرى أن شركات الحديد فى «مأزق»، ما بين رفع الأسعار لتقليل الخسائر، وبين تثبيتها لتصريف المخزون الموجود لديها «بعض الشركات قد يكون لديها مخزون من المواد الخام من الشهر الماضى، وهذا يعنى عدم اضطرارها إلى شراء المزيد فى أول 15 يومًا على سبيل المثال، مما يساعدها على قرار تثبيت الأسعار»، يقول حنفى.
وقد انخفض الاستهلاك المحلى للصلب والحديد فى مصر، نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادى، على خلفية أحداث ثورة 25 يناير، بعد عدة سنوات من النمو القوى للطلب عليه، مما دفع الحكومة إلى فرض رسم إغراق على الواردات من الحديد، لأن «مصر لا ينبغى أن تحتاج للواردات من الحديد المصنع إذا كانت امداداتها المحلية تفوق احتياجاتها»، بحسب تقرير عن الحديد، صادر عن مؤسسة أكسفورد بيزنس فى نهاية الأسبوع الماضى.
وكان استهلاك الصلب قد ارتفع إلى 8.5 مليون طن مقابل 3.4 مليون طن فى الفترة ما بين 2004 و2010، مدفوعا بالنمو الاقتصادى والسكانى فى مصر. ولكن، مع الثورة وانعكاساتها، يقول التقرير، تراجع الاستهلاك إلى 7.3 مليون طن فى عام 2011 و2012، منها 6 ملايين طن من المنتجات «الطويلة»، التى تستخدم عادة فى البناء.
ومنذ صدور القرار، انخفضت واردات مصر من حديد التسليح، ووصلت مثلا إلى 5000 طن من تركيا، فى ديسمبر 2012، متراجعة بأكثر من 50% مقارنة بالشهر السابق، و90% بنفس الشهر من عام 2011. ومنذ صدور القرار تقوم الشركات برفع الأسعار، بحسب التقرير.
سجلت أسعار الحديد والصلب زيادة بنسبة أكثر من 10٪ فى يناير حين وصل سعر الطن إلى 4850 جنيهًا فى يناير 2013، مقابل 4400 جنيه فى فبراير 2012، «إلا أن هذه الزيادة فى الأسعار يقودها انخفاض الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى، نتيجة الرؤية المستقبلية لمصر سياسيا واقتصاديا»، بحسب التقرير، مشيرًا إلى أن 95% من تكاليف إنتاج الصلب مستوردة.
ولذلك «لم يلق هذا القرار ترحيبًا كبيرًا من المتعاملين فى السوق، خاصة مع الارتفاع المستمر للأسعار، منذ تطبيق القرار، فالمستهلك والتاجر يشعران بأنهما يجب أن تكون لديهما الحرية لاستيراد المنتجات الأجنبية الأرخص سعرا»، يقول التقرير. وتقدمت جمعية مواطنين ضد الغلاء ببلاغ إلى النائب العام ضد الوزير لإلغاء القرار. ومنذ إعلان القرار، والشركات ترفع الأسعار الضربة التى تلقتها سوق الحديد فى مصر كانت قوية، ولكن من المتوقع أن تشهد السوق العقارية طفرة فى 2013، ليعاود الطلب على الحديد الارتفاع، يقول التقرير، مشيرا إلى أنه «فى ظل المناخ الاقتصادى والسياسى، ينبغى إعطاء مجال لهذا الطلب المكبوت وتوفير العمل لكل من المنتجين المحليين (وبعضهم لديهم خطط للتوسع) والمستوردين، قبل اتخاذ أى قرار سلبى تجاههم.