جامعة الإسكندرية تتقدم 44 ترتيبًا عالميًا في تصنيف ويبومتريكس    «المشاط»: التوسع في برامج الحماية الاجتماعية أصبح ضرورةً لتحقيق النمو المستدام    برلمانية: التاريخ والواقع أكدا للعالم أن مصر كانت ولا تزال الداعم الحقيقي للقضية الفلسطينية    انتهاء محادثات الرسوم الجمركية بين كوريا الجنوبية وأمريكا دون اتفاق    إيدي هاو: هناك أشياء تحدث خلف الكواليس بشأن إيزاك.. ومحادثتنا ستظل سرية    صورة في القطار أنهت معاناته.. والد ناشئ البنك الأهلي يروي عبر في الجول قصة نجله    خبر في الجول - محمد إسماعيل يغادر معسكر زد لإتمام انتقاله ل الزمالك    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    30 يوليو.. انطلاق الملتقى العلمي الأول لمعهد بحوث الصناعات الغذائية    الاستقالة الطوعية تطيح ب3870 موظفًا في ناسا ضمن خطة لتقليص العاملين الفيدراليين    المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يحذر من خطر وفاة 100 ألف طفل خلال أيام    كمبوديا تغلق المجال الجوي فوق مناطق الاشتباك مع تايلاند    لوموند: قمة بكين تكشف ضعف أوروبا الكبير في مواجهة الصين    جيش الظلم يعلن مسئوليته عن هجوم المحكمة في إيران.. و5 قتلى كحصيلة أولية    سعر الخضار والفواكه اليوم السبت 26-7-2025 بالمنوفية.. البصل يبدأ من 10 جنيهات    مصلحة الضرائب تصدر قرار مرحلة جديدة من منظومة الإيصال الإلكتروني    مصر تشارك في صياغة وإطلاق الإعلان الوزاري لمجموعة عمل التنمية بمجموعة العشرين    معسكر دولي لمنتخب الطائرة في سلوفينيا استعدادًا لبطولة العالم    سيراميكا يواجه دكرنس غداً فى رابع ودياته استعداداً للموسم الجديد    إنتر ميامي يتعاقد مع صديق ميسي    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 4 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    طبيب سموم يكشف سبب وفاة الأطفال ال6 ووالدهم بالمنيا.. فيديو    سعر الخضراوات اليوم في سوق العبور 26 يوليو 2025    رئيس لبنان: زياد الرحباني كان حالة فكرية وثقافية متكاملة    يوم الخالات والعمات.. أبراج تقدم الدعم والحب غير المشروط لأبناء أشقائها    إعلام فلسطينى: الاحتلال يستهدف منزلا غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة    ماذا قال أحمد هنو عن اطلاق مبادرة "أنت تسأل ووزير الثقافة يجب"؟    سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح اليوم.. وتوقيع كتاب يوثق رحلتها المسرحية    الصحة: مصر تستعرض تجربتها في مبادرة «العناية بصحة الأم والجنين» خلال مؤتمر إفريقيا للقضاء على الإيدز والتهاب الكبد B والزهري    الصحة: دعم المنظومة الصحية في محافظة البحيرة بجهازي قسطرة قلبية بقيمة 46 مليون جنيه    تحتوي على مكونات مفيدة تحفز الطاقة والمناعة.. تعرف على أفضل المشروبات الصحية الصيفية    غينيا تتجاوز 300 إصابة مؤكدة بجدري القرود وسط حالة طوارئ صحية عامة    "تأقلمت سريعًا".. صفقة الأهلي الجديدة يتحدث عن فوائد معسكر تونس    "قصص متفوتكش".. محمد صلاح يتسوق في هونج كونج.. نداء عاجل لأفشة.. ورسالة إمام عاشور لزوجته    تنسيق الجامعات 2025.. تسجيل الرغبات بموقع التنسيق الإلكتروني مجانا    ليلة أسطورية..عمرو دياب يشعل حفل الرياض بأغاني ألبومه الجديد (صور)    من رصاصة فى القلب ل"أهل الكهف".. توفيق الحكيم يُثرى السينما المصرية بكتاباته    أسامة قابيل: من يُحلل الحشيش يُخادع الناس.. فهل يرضى أن يشربه أولاده وأحفاده؟    وزير الري يتابع مشروع مكافحة الحشائش المائية في البحيرات العظمى    أعرف التفاصيل .. فرص عمل بالأردن بمرتبات تصل إلى 35 ألف جنيه    القضاء الأمريكى يوقف قيود ترامب على منح الجنسية بالولادة    بالأرقام.. الحكومة تضخ 742.5 مليار جنيه لدعم المواطن في موازنة 25/26    تشغيل قطارات جديدة على خط مطروح    بعد ظهور نتيجة الثانوية 2025.. وزارة التعليم: لا يوجد تحسين مجموع للناجحين    «موعد أذان المغرب».. مواقيت الصلاة اليوم السبت 26 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    الدفاع الألمانية تستعين بأسراب «صراصير» للتجسس والإستطلاع    أجندة البورصة بنهاية يوليو.. عمومية ل"دايس" لسداد 135 مليون جنيه لناجى توما    إصابة شاب في مشاجرة وتسمم مزارع بحوادث متفرقة في سوهاج    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    بالأسماء.. مصرع طفلة وإصابة 23 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق "قفط – القصير"    وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    موعد إجازة المولد النبوي 2025 الرسمية في مصر.. كم يومًا إجازة للموظفين؟    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    «لو شوكة السمك وقفت في حلقك».. جرب الحيلة رقم 3 للتخلص منها فورًا    إحباط تهريب دقيق مدعم ومواد غذائية منتهية الصلاحية وسجائر مجهولة المصدر فى حملات تموينية ب الإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر على قضبان العصر الذهبى للقطارات

تغير شكل القطار فى مصر فبعد أن كانت القاطرة البخارية هى السمة العامة للقطارات، ونظام الدواوين المعبر عن الألفة والصفاء بين الناس، ابتكرت قطارات الإكسبريس، وزاد عدد العربات، ألغيت الدواوين، وأصبحت العربات المكيفة تضم العشرات من الركاب، وفقد القطار إحدى سماته وعصره الذهبى مما جعلنى ألتفت للخلف لأناجى الماضى البعيد، أتلمس بصمات الأمس التى كانت وجودا نابضا وصارت اليوم ذكريات تتراءى لقلبى معها صورة القطار فى رائعة يوسف شاهين «باب الحديد» و«سيدة القطار» و«دلوعة الحب»، أمضى فى دروب الماضى التى لم أسلكها من قبل، اسمع نغمات عبدالوهاب فى أحد أفلامه المهمة.. عندما شدا برائعته «يا وابور قوللى رايح على فين».. وغنت مصر كلها وراء الذين غنوا «ياوابور الساعة 12 يا مقبل ع الصعيد» ولم يكن يدور فى بال مطربى هذا العصر أن القطار سيتحول من بساط سحرى ينقل الأحبة والعشاق والناس من مكان لآخر.. إلى آلة دهس أسرع مما نتخيل للمواطن المصرى بالذات.. آلة تصادق ملك الموت أينما حل ووجد، آلة «فرم» عاجلة لأحلام البسطاء لا تحتمل أى أمل للنجاة منها.. فمن يهرب من الموت المحقق يعش بعاهة مستديمة تؤرقه طوال حياته.
افتح كتاب العصر الذهبى لوزارة المواصلات الذى أصدرته الوزارة عام 1933م بمناسبة عقد الاجتماع الثانى عشر للمؤتمر الدولى للسكك الحديدية بالقاهرة، لنجد كم كانت سكك حديد مصر هى الأعرق والأقدم فى العالم بعد سكك حديد المملكة البريطانية وثانى سكك حديد فى العالم، حين استقبلت المحروسة المهندس الإنجليزى الشهير «روبرت استيفنسن» على نحو ما يقول الكتاب، حيث كان الزائر الإنجليزى مكلفا بتخطيط مشروع بالغ الخطورة عظيم الريادة كان ذلك تحديدا فى 12/7/1851م أما المشروع فهو: إنشاء خط سكة حديد يمتد من القاهرة إلى الإسكندرية، هو أول خط حديدى فى أفريقيا وفى الشرق الأوسط كله ويبدأ العمل سنة 1852م ليفتتح الجزء الأول سنة 1854، وفى سنة 1856م تم إنشاء الخط إلى القاهرة بطول 210 كليومترات، لتتوالى الخطوط الحديدية كخط حلوان ومريوط والوجه القبلى وخط الواحات الغربية ناهيك عن خط السكة الحديد الموصلة لفلسطين.

ثم يستعرض الكتاب الوثائق والصور التى تؤرخ لنشأة السكك الحديدية على نحو لا تنجح الكلمة المكتوبة فى إبرازه فنجد (صورا باللغتين العربية والإنجليزية للاتفاق الأصلى بين ممثلى الخديو عباس الأول وروبرت استيفنسن عن إنشاء خط السكة الحديد بين القاهرة والإسكندرية) وصور الكبارى الحديدية التى وثقت بعضها السينما المصرية مثل كوبرى السكة الحديدية بإمبابة، وكوبرى السكة الحديدية بأدفينا وغيرها الكثير من الصور التوثيقية لمراحل التشييد والبناء وأخرى لأقدم وأحدث القاطرات، وعرضا لصور عربات الدرجة الثالثة بالطراز القديم والحديث، وكذلك عربات ركاب الدرجة الأولى، وعربات نقل القطن المصرى فى أوج ازدهاره، ونجد صورا نادرة ترصد عما كانت عليه محطات القطارات الرئيسية فى المدن كالقاهرة والإسكندرية من بهاء وتنظيم ومن خلال هذه اللقطات المصورة تمكنا من استعادة أحداث وشخصيات من ذلك الزمن البعيد لتذكرنا عما آل إليه حال أغلب المرافق المصرية من استضعاف واستلاب وإهمال وفساد يستدعى الذكريات ويقلّب المواجع ويحّرك الأشجان.

يطالعنا القسم الثانى من الكتاب بحديث طويل عن سياسة إدارة السكك الحديدية وصيانتها ومعايير الجودة والسلامة إذ كان من الطبيعى أن تحافظ على مكانها ومكانتها باعتبارها الوسيلة الأكثر أمانا، والأكثر انضباطا فيقول: «تعتبر الإشارات بحق أهم فروع هندسة السكة وعليها تعتمد إدارة الحركة وهندسة الوابورات فى ضمان سير القطارات وسلامة أرواح الركاب والجمهور وكيفية ضمان هذه السلامة يأتى بتركيب الملاوينات المرتبطة بكشك البلوك، حيث يتمكن عامل الكشك من تحريك المفاتيح والسيمافورات وإبر المواصلة وبوابات الشادوف وبوابات الدلف للمزلقانات العمومية وأجهزة وآلات أخرى مما يؤدى لمنع حصول أية عرقلة للخطوط التى تسير عليها القطارات فضلا على أن سائق القطار يرى بوضوح تام ما إذا كان واجبا عليه السير بقاطرته أم الوقوف».

ثم يستعرض الكتاب طرق تشغيل وتركيبات الإشارات الميكانيكية إذ يوجد بمحطة مصر (القاهرة) آلة للقوة الكهربائية، حيث تدار السيمافورات والإبر بواسطة الهواء المضغوط قوة 65 رطلا للبوصة المربعة، والمحركات (الموتورات) التى تتحكم فى السيمافورات والإبر تدار بالقوة الكهربائية من الأكشاك، ويشير الكتاب إلى ضرورة التجديد المستمر لهذه المنظومة خاصة وقد استعملت هذه التركيبات فى سنة 1915م ورؤى أنه من الضرورى تجديدها كل بضعة سنوات اغتناما لفرصة إدخال أحدث الطرق المعروفة على هذا النمط الخاص حتى أصبح الجزء الجنوبى للمحطة يضارع آخر طراز لتركيبات الإشارات فى الجهات الأخرى من العالم!

ويوضح الكتاب أن أعظم فائدة لهذا التركيب الجديد هى ماكينة ضغط الهواء الأوتوماتيكى، والسكك الموصلة للتيار الكهربائى، والدياجرامات ذات الأنوار، بواسطة هذه السكك الموصلة للتيار الكهربائى، والدياجرامات ذات الأنوار، وبواسطة هذه السكك الموصلة للتيار الكهربائى لا يخرج القطار عن السكك المقرر سيره عليها، وكذلك يظهر لعامل البلوك فى كشكه حركة سير القطار بالضبط. ولا يفت الكاتب الإشارة إلى أن كلمة السر فى تطور مصلحة السكك الحديد بقوله: «والمصلحة إنما تتبع فى إشاراتها النظام الإنجليزى».

وبعد أن يستعرض الكتاب خطة زيادة عدد القاطرات المستعملة للركاب وللبضائع وأخرى مخصصة لخطوط الضواحى وصلت مع نهاية 1931م إلى 721 قاطرة و1103 عربات ركاب بطاقة استيعابية 60200 مقعد يوضح آلية اختبارات الجودة والضمان لعربات الصلب المخصصة للركاب وأن التجارب أثبتت أن استخدام عربات الصلب أفضل بكثير من العربات الخشبية بصرف النظر عن تعميرها وطول احتمالها وقلة نفقات صيانتها. ويوضح الكتاب قيام المصلحة بتجربة عملية لمعرفة أى الألوان أبقى وأفضل، فعرضوا عربة تحت مطلق أشعة الشمس فى أسوان وتم قياس درجات الحرارة فى فترات متفاوتة فتبين لهم أن لون الألومنيوم يفضل الألوان جميعا، ولذا اختارته المصلحة لطلاء عرباتها.

واستعرض الكتاب جهود المصلحة فى العناية بالمحطات وتجديدها الدورى والعناية بأدق التفاصيل كنوعية تذاكر المسافرين ومطبوعات المصلحة بما يتوافر فيه الذوق السليم والفن الرفيع بما قيمته 30.000 جنيه مصرى سنويا والحرص على اختيار نوعية ولون البلاط بالمحطات والشكل الجمالى ورونق المحطات واستراحات المسافرين ودورات المياه ونظافتها وإدخال أقصى ما يستطاع من وسائل التحسين عليها، وكيف أن المصلحة استرشدت برأى أحد المواطنين ببث روح المنافسة بين نظار المحطات بإجازة ومكافأة من يتفوق منهم فى تجميل محطته، بغرس الحدائق وتنسيق الزهور وترتيب الأشجار وقد بدأت هذه المسابقة على نطاق محدود بين المحطات الرئيسية الواقعة على خط مصر الإسكندرية، وخط مصر بورسعيد، وخط مصر الأقصر تمهيدا لتعميمها على جميع المحطات.

هذه ومضات من ماضى هيئة السكك الحديد فى عشرينات وثلاثينات القرن العشرين فى عصرها الذهبى غير أنها مثل باقى الأشياء الجميلة فى حياتنا تدهورت ووصلت إلى ما هى عليه الآن، وبعد أن كنا نضبط الساعة على وصول وقيام القطارات، ونتباهى بنظافتها وانضباطها تحولت إلى مولد وصاحبه غائب، فالقيام والوصول حسب الظروف، والقطارات أصبحت عنوانا للفوضى والقذارة، ومرتعا للفئران والباعة الجائلين والمتنطعين دون ضابط أو رابط. وبعد أن كانت الميزة الرئيسية للقطار أنه لا يعرف اللف أو الدوران، يسير فى طريقه المستقيم نحو نقطة محددة، أضحت تصريحات المسئولين عن هيئة سكك حديد مصر غير مفهومة أو معقولة، لأنها تتجه نحو أقصى اليمين ثم (تلف) فجأة نحو اليسار بأقصى سرعة فتتناثر العبارات مع أشلاء الضحايا على قضبان الموت، ويعلو صرير العجلات على صرخات وأحلام الأبرياء من المصريين الذين قاوموا ومازالوا كل عوامل الفناء!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.