الإسكندرية ترفع حالة الاستعداد القصوى استعدادًا لانتخابات مجلس النواب 2025    البنوك توجه رسائل توعية للعملاء قبل الإعلان عن بدء التوقيت الشتوي    أخبار كفر الشيخ اليوم.. كشف لغز العثور على جثمان مقاول    ما وراء سقوط "الفاشر"؟    ولى العهد السعودى يستقبل رئيس الفيفا لبحث تطوير التعاون الرياضى    إعصار ميليسا يضرب اليابسة في جامايكا كعاصفة من الفئة الخامسة    أبوريدة يفتتح دبلومة التدريب الإفريقية للرخصة (A8)    لميس الحديدي: الخطيب أثبت أن الأهلي يدار بالخبرة والحوكمة    إخلاء 220 راكبا بينهم سائحين قبل تفاقم حريق فندق عائم بنيل إسنا في الأقصر    إحالة البلوجر أروى قاسم بتهمة سب وقذف طليقة المطرب مسلم للمحكمة الاقتصادية    الإعلامي محمد فودة: المتحف المصري الكبير تجسيد لعبقرية فاروق حسني وعشقه الخالد لحضارة مصر    زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب بحر باندا بإندونيسيا    بحضور وزير والرياضة، عمر هشام يعلن انطلاق بطولة مصر المفتوحة للجولف 2025 بملاعب مدينتي    الصين وأمريكا تتوصلان لتوافق مبدئي بشأن تمديد الهدنة التجارية    "مطروح للنقاش" يناقش إعلان ترامب رغبته لقاء زعيم كوريا الشمالية    اسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم الثلاثاء    الذكاء العربى الجماعى.. من أجل ميلاد جديد للعمل العربى المشترك    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة    مرور مكثف على وحدات الرعاية الأساسية بالمنوفية ومتابعة جاهزية وحدة شوشاي للاعتماد    بعد قرار «الأهلي» برفع حدود الإيداع.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وال ATM    كورييري ديلو سبورت: إصابة دي بروين تبعده لمدة قد تصل إلى 4 أشهر    هل تواجه مصر فقاعة عقارية؟.. رجل أعمال يجيب    عنف التلامذة!    رئيس المؤسسة العلاجية في جوله تفقديه بمستشفي هليوبوليس    «صحح مفاهيمك».. أوقاف كفر الشيخ تنظّم فاعليات توعوية بالمدارس    متحدث الوزراء: 40 رئيسا وملكا ورئيس حكومة يشاركون بافتتاح المتحف الكبير    فيديو.. سفير طوكيو لدى القاهرة: مساهمات اليابان في المتحف المصري الكبير تقوم على 3 ركائز    اتخاذ إجراءات ضد استخدام الهاتف المحمول.. وكيل تعليمية قنا يتفقد مدارس نقادة بقنا    ما هو سيد الأحاديث؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أعظم حديث يعرّف العبد بربه    خالد الجندي: «الله يدبر الكون بالعدل المطلق.. لا ظلم عنده أبداً»    "فتح": الإجماع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ خطوة استراتيجية    التحالف الوطني يستمر فى تدفق شاحنات الدعم الإغاثى إلى قطاع غزة.. صور    جوارديولا يُشيد ب عمر مرموش قبل مباراة مانشستر سيتي القادمة.. ماذا قال؟    غدًا.. انطلاق ملتقى التوظيف الأول لأسر الصحفيين بالتعاون مع «شغلني» بمشاركة 16 شركة    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    طرح أغنية كلكوا فلة ل بوسى والعسيلى من فيلم السادة الأفاضل    شوبير ينفي تلقي داري عرضا من ليبيا ويكشف موقف الأهلي من مستقبله    السياحة: استعدادات مكثفة داخل المتحف المصرى الكبير تمهيدا للافتتاح المرتقب    قبل الشتاء.. 7 عادات بسيطة تقوّي مناعتك وتحميك من نزلات البرد والإنفلونزا    وجبة الإفطار مرآة جسمك.. ما لا يخبرك به فقدان الشهية الصباحية عن حالتك الهرمونية والنفسية    رسميًا مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 2026 بالخطوط الثلاثة    محمد عمر: الأهلي والزمالك لن يعترضا علي تأجيل مباريات بيراميدز    عون يؤكد ضرورة وقف الخروقات الإسرائيلية المستمرة على لبنان    افتتاح المبنى الإداري الجديد لكلية الهندسة جامعة الأزهر في قنا    فوزي إبراهيم بعد حلقة الحاجة نبيلة مع عمرو أديب: «المؤلفون والملحنون شاربين المر ومحدش بيذكر أسماءهم»    قوافل جامعة قناة السويس تتوجه إلى قرية أم عزام لتقديم خدمات طبية    نجم اتحاد جدة السابق يضع روشتة حسم الكلاسيكو أمام النصر    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    الرئيس السيسى يثنى على الخدمات المُقدمة من جانب صندوق تكريم الشهداء    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    اعترافات صادمة لقاتل مقاول كفر الشيخ.. أمه غسلت هدومه من دم الضحية    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    ضبط 3 أطنان دقيق «مدعم وحر» في حملات تموينية على الأسواق بالمحافظات    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    بعد خسائر 130 دولارًا| ننشر أسعار الذهب في بداية تعاملات الثلاثاء 28 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورات وحراكات الربيع العربى وشعار المواطنة
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 02 - 2013

المجتمعات العربية، عبر الوطن العربى كلٍّه، هى من أكثر مجتمعات العالم اتصافا بالتعدُّدية الكبيرة التى حفرها التاريخ والجغرافيا وتطورات السياسة. وتمتدُّ تلك التعددية عبر الأديان والمذاهب والأعراق والثقافات واللُّغات والتجاذبات المنهكة بين الماضى والحاضر وبين الأصالة والمعاصرة. ولا ينطبق هذا الأمر على الوطن العربى ككل فقط وإنّما ينطبق أيضا على الكثير من أقطاره.

من هنا، فإن ثورات وحراكات الربيع العربى تحتاج أن تعطى جوانب التعدُّدية تلك أهمية خاصة وتوليها أولوية فى برامجها وشعاراتها. ذلك أن الأقليات العربية المنتمية لواحدة أو أكثر من تلك التعدديات تحتاج إلى أن تطمئن إلى أن أنظمة ما بعد الثورات والحراكات لن تنشغل بمصالح الأكثرية على حساب مصالح الأقليات. وفى اعتقادى إن شعار الديمقراطية لن يكون وحده كافيا لطمأنة جماعات التعددية بكل أشكالها وأحجامها ومدى تجذّرها فى الواقع العربى. والسبب هو أن شعار الديمقراطية شعار عام وهو فى ذهن الكثيرين من عامة الشعب لا يزيد عن إجراء انتخابات نزيهة، وقيام برلمانات كاملة الصلاحيات، واستقلالية السلطات الثلاث، وتبادل للسلطة. إنه فهم محدود للديمقراطية كأداة تنظيمية.

●●●

واقع التعددية فى بلاد العرب، بسبب مآسى التاريخ وممارسات قرون من الاستبداد وتخلف مفجع فى الفكر السياسى، يستدعى طرح شعارات أخرى بنفس القوة والانتشار التى يطرح بها شعار الديمقراطية. فى قلب تلك الشعارات وعلى رأس قائمتها شعار المواطنة.

أقليات التعددية لن يرتاح لها بال ولن تشعر بالأمان إلا إذا رأت وضوحا تاما وانحيازا كاملا عند قادة الثورات والحراكات لكل مبادئ ومكونات وأدق تفاصيل شعار المواطنة. ولن يكفى أن يقال بأن المواطنة هى تحصيل حاصل فى الديمقراطية، إذ من الممكن أن توجد كل المظاهر التنظيمية للديمقراطية التى ذكرنا سابقا ومع ذلك تغيب ممارسات المواطنة.

●●●

إذن، فى هذه اللحظة التى يتكون فيها فكر سياسى عربى عصرى جديد ينعكس فى الواقع اليومى المتفجٍّر فى كل مكان، تحتاج القوى السياسية والمؤسسات المدنية أن تولى اهتماما خاصا بموضوع المواطنة كشرط من شروط قيام الديمقراطية، لا يقل فى أهميته عن شروط من مثل الانتخابات والبرلمانات والحكومات المنتخبة إلخ.. وأولى خطوات الاهتمام هو أن تجعله جزءا من تثقيفها السياسى اليومى لجماهيرها وشعارا تردده فى كل منبر إعلامى وفى حلقات نقاش على كل مستوى من أجل توضيح وترسيخ مفصليَّته فى قائمة المطالب المطروحة فى ساحات النضال العربية.

هنا يجب التذكير بأنه مثلما الديمقراطية السياسية لا تكتمل ولا تستقر إلا بالتحامها مع الديمقراطية الاجتماعية الاقتصادية، فكذلك الحال مع المواطنة الحقوقية القانونية فإنها لا تكتمل إلا باندماجها الكامل مع المواطنة الاجتماعية الاقتصادية التى يحسُّ بها المواطن ويعيشها فى كل نشاط من نشاطاته اليومية وفى كل ركن من المجتمع الذى يعيش فيه.

عندما تعرف الجماعات التعددية أن مفهوم المواطنة لا ينفى التعددية، ولكنه يشجع تواجدها المتفاعل الخلاَّق تحت ماتفرضه المواطنة من انتماء مدنى جامع للكل يقوم على المساواة فى الحقوق والواجبات والفرص والامتيازات، ويخضع لرقابة حكومية ومجتمعية صارمة، ويتحسَّن باستمرار نحو الأكثر عدالة وتعاضدا وأخلاقية.. عندما تعرف أن خطوات عملية تتحقق الآن ولا تنتظر دورها فى المستقبل الحالم البعيد فإنَّها ستندمج فى الثورات والحراكات ولن تشيع أجواء الخوف والتردُّد كما يفعل بعضها الآن فى بعض ساحات أرض العرب.

إن ذلك الخوف والتردد تؤجٍّجه وتغذٍّيه آلة إعلامية خبيثة، عن طريق بعض الإذاعات ومحطات التليفزيون المحلية والفضائية وبعض شبكات التواصل الالكترونى، ويشرف عليها أناس انتهازيون مرتشون باعوا أرواحهم للشيطان ورموزه السياسية والاقتصادية. إنها آلة إعلامية ترسٍّخ الطائفية والقبلية والقطرية المحلية والتهويمات الدينية الغبيّة الجاهلة والتمزيق الإثنى واللغوى. إن الرد المطلوب من زخم الثورات والحراكات هو أن لن يكون هناك محل لتلك التخريفات والسّموم فى ظل مكونات وممارسات المواطنة الديموقراطية العادلة التى تقوم على القيم السماوية والإنسانية وما يفرضه الضمير وتتطلبه الأخلاق.

المواطن العادى يجب أن يعى ذلك جيدا، ويأكل ويشرب منه يوميا ويرفعه فى وجه ثورات الردَة وعبيده.

●●●

المواطنة التى تقوم على أسس الحرية والمساواة والكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى نصّت عليها المواثيق الدولية ونادت بها الدّيانات السماوية، مواطنة المواطن الذى هو مصدر السلطات ومنبع الإرادة المجتمعية، مواطنة التسامح والتفاهم والتعاضد مع الآخرين، مواطنة الرفض التام لأى إقصاء أو تعصُّب أو اعتداء على حقوق الآخرين، مواطنة العقل الأخلاقى المستنير المرن، المواطنة المحكومة تبدأ بحساسية شديدة لمقتضيات العدالة. هذه المواطنة، بكل تلك التفاصيل، يجب أن تصبح شعارا عاليا فى ساحات التجمعات وعلى كل منبر إعلامى شريف وضمن كل برنامج لقوى الثورات والحراكات العربية الماضية فى الطريق الطويل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.