لأول مرة| جامعة المنصورة الأهلية ضمن تصنيف التايمز للتعليم العالي 2025    الانتهاء من 80% بمشروع الصرف الصحي بقرية "الورق" في كفر الشيخ    بسبب أعمال المترو: قطع المياه 6 ساعات عن ضواحي شارعي الهرم وفيصل غداً الجمعة    رئيس الوزراء يتابع موقف توفير الأدوية والمُستلزمات الطبية    إسرائيليون يختبئون في الملاجئ بحيفا هربًا من الصواريخ الإيرانية.. صور    تألق عربي لافت في جولة حُرّاس المرمى بمونديال الأندية    إيران تشن موجة جديدة من الهجمات الصاروخية على إسرائيل    انطلاق مباراة الأهلي وبالميراس بكأس العالم للأندية    الاعدام ل 3 أشخاص بالإسكندرية بتهمة القتل ثأرا    ضبط 84 طن مواد خام ومنتجات أسمدة ومخصبات زراعية مجهولة المصدر بالقليوبية| صور    التلفزيون الإيرانى: إسقاط مسيرة إسرائيلية غربي البلاد    بطولة السقا وفهمي.. هيفاء وهبي وبوسي تقدمان أغنية فيلم «أحمد وأحمد» (تفاصيل)    خالد الجندى عن قصة «سقي الكلب»: من رحم المخلوقات بلغ رضا الخالق    أمين الفتوى: الحمل من زوج متوفى لا يجوز شرعًا والتلقيح الصناعي مباح بشروط    قرارات عاجلة من محافظ أسيوط بشأن حريق مخزن الزيوت المستعملة    مدير المركز الفرنسي: موقف باريس من حرب إيران وإسرائيل تحذيري متوازن    أسعار سلندرات الألومنيوم اليوم الخميس 19-6-2025 في الأسواق    الذكاء الاصطناعي يتوقع تأثير موجة الطقس السيئ على لقاء الأهلي وبالميراس.. وكيفية التعامل معه    ليفربول يستهدف صفقة دفاعية في الصيف    فوز شباب اليد على البحرين في بطولة العالم ببولندا    قبل مواجهة بالميراس.. تعرف على انتصارات الأهلي بالمونديال    إزالة 4 مزارع سمكية مخالفة على أملاك الدولة شمال سهل الحسينية ببورسعيد    قيادات تموين الأقصر يقودون حملات للتفتيش على أسطوانات البوتاجاز.. صور    شيخ الأزهر: الأزهر يولي طلاب باكستان عناية خاصة لنشر المنهج الوسطي    بنسبة 96,5%، الوادي الجديد تتصدر المحافظات بمبادرة سحب الأدوية منتهية الصلاحية من الأسواق    غدًا.. «مصر للطيران» تُسير 11 رحلة لإعادة حجاج بيت الله الحرام    «أمي ماتت».. المخرجة سارة وفيق تعلن وفاة والدتها    ملك أحمد زاهر تطمئن الجمهور على حالتها الصحية: "بقيت أحسن"    برنامج "مصر جميلة" لقصور الثقافة يختتم فعالياته بمدينة أبوسمبل.. صور    المبعوث الأمريكي لسوريا يحذر حزب الله من دخول الصراع بين إسرائيل وإيران    نوفاك: ارتفاع حجم التبادل التجاري بين السعودية وروسيا بنحو 62%    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجلس الوطني للسياحة الصحية    فوائد الكركديه البارد، مشروب سحري مدر طبيعي للبول ويخفض الوزن    السجن المشدد 15 عاما لعاطل يروج المخدرات في الإسكندرية: 500 طربة حشيش في حقيبتين    وفاة معلمة بالفيوم أثناء أعمال تصحيح أوراق امتحانات الدبلومات التجارية    محافظ القاهرة: أعلى قيمة لساعة انتظار السيارات 10 جنيهات    الصحة": نستهدف المشاركة في مبادرة الاتحاد الأفريقي لتوفير 60% من احتياجات القارة من اللقاحات البشرية مُصنعة محليًا بحلول عام 2040    هل هناك مؤشرات إشعاعية علي مصر؟.. رئيس الرقابة النووية يجيب    إسرائيل: قصفنا مفاعل آراك ومواقع نووية في بوشهر وأصفهان ونطنز    انطلاق تصوير فيلم "إذما" بطولة أحمد داود وسلمى أبو ضيف (صور)    تعرف على حالة الطقس اليوم الخميس 19-6-2025 فى الإسماعيلية.. فيديو    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    ننشر نتائج الطلبة المصريين بالخارج من مرحلة الابتدائي وحتى تانية ثانوي    مسابقة لتعيين أكثر من 4 آلاف معلم مساعد مادة الدراسات الاجتماعية    الرقابة النووية: نرصد الإشعاع عالميا ومصر على اتصال دائم بالوكالة الذرية    موعد التقديم وسن القبول في رياض الأطفال وأولى ابتدائي بالأزهر 2025    هل يؤثر مرض السكري على الجنين في بطن الأم؟ تفاصيل صادمة    محمد الشناوي: نحلم بالفوز أمام بالميراس وتصدي ميسي لحظة فارقة.. والظروف الآن في صالحنا    إيران تتهم الدولية للطاقة الذرية ب خيانة نظام عدم الانتشار النووي    حمدي فتحي: نسعى لتحقيق نتيجة إيجابية أمام بالميراس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    ضبط 27 قضية «أمن عام» وتنفيذ 243 حكما قضائيا في 24 ساعة    وزير الاستثمار: تأهيل شركة "جسور" كشريك فعال لزيادة الصادرات إلى أفريقيا    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    سماوي: مهرجان جرش في موعده وشعلته لن تنطفئ    تامر حسني وهنا الزاهد يتألقان في دور السينما المصرية ب "ريستارت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورات وحراكات الربيع العربى وشعار المواطنة
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 02 - 2013

المجتمعات العربية، عبر الوطن العربى كلٍّه، هى من أكثر مجتمعات العالم اتصافا بالتعدُّدية الكبيرة التى حفرها التاريخ والجغرافيا وتطورات السياسة. وتمتدُّ تلك التعددية عبر الأديان والمذاهب والأعراق والثقافات واللُّغات والتجاذبات المنهكة بين الماضى والحاضر وبين الأصالة والمعاصرة. ولا ينطبق هذا الأمر على الوطن العربى ككل فقط وإنّما ينطبق أيضا على الكثير من أقطاره.

من هنا، فإن ثورات وحراكات الربيع العربى تحتاج أن تعطى جوانب التعدُّدية تلك أهمية خاصة وتوليها أولوية فى برامجها وشعاراتها. ذلك أن الأقليات العربية المنتمية لواحدة أو أكثر من تلك التعدديات تحتاج إلى أن تطمئن إلى أن أنظمة ما بعد الثورات والحراكات لن تنشغل بمصالح الأكثرية على حساب مصالح الأقليات. وفى اعتقادى إن شعار الديمقراطية لن يكون وحده كافيا لطمأنة جماعات التعددية بكل أشكالها وأحجامها ومدى تجذّرها فى الواقع العربى. والسبب هو أن شعار الديمقراطية شعار عام وهو فى ذهن الكثيرين من عامة الشعب لا يزيد عن إجراء انتخابات نزيهة، وقيام برلمانات كاملة الصلاحيات، واستقلالية السلطات الثلاث، وتبادل للسلطة. إنه فهم محدود للديمقراطية كأداة تنظيمية.

●●●

واقع التعددية فى بلاد العرب، بسبب مآسى التاريخ وممارسات قرون من الاستبداد وتخلف مفجع فى الفكر السياسى، يستدعى طرح شعارات أخرى بنفس القوة والانتشار التى يطرح بها شعار الديمقراطية. فى قلب تلك الشعارات وعلى رأس قائمتها شعار المواطنة.

أقليات التعددية لن يرتاح لها بال ولن تشعر بالأمان إلا إذا رأت وضوحا تاما وانحيازا كاملا عند قادة الثورات والحراكات لكل مبادئ ومكونات وأدق تفاصيل شعار المواطنة. ولن يكفى أن يقال بأن المواطنة هى تحصيل حاصل فى الديمقراطية، إذ من الممكن أن توجد كل المظاهر التنظيمية للديمقراطية التى ذكرنا سابقا ومع ذلك تغيب ممارسات المواطنة.

●●●

إذن، فى هذه اللحظة التى يتكون فيها فكر سياسى عربى عصرى جديد ينعكس فى الواقع اليومى المتفجٍّر فى كل مكان، تحتاج القوى السياسية والمؤسسات المدنية أن تولى اهتماما خاصا بموضوع المواطنة كشرط من شروط قيام الديمقراطية، لا يقل فى أهميته عن شروط من مثل الانتخابات والبرلمانات والحكومات المنتخبة إلخ.. وأولى خطوات الاهتمام هو أن تجعله جزءا من تثقيفها السياسى اليومى لجماهيرها وشعارا تردده فى كل منبر إعلامى وفى حلقات نقاش على كل مستوى من أجل توضيح وترسيخ مفصليَّته فى قائمة المطالب المطروحة فى ساحات النضال العربية.

هنا يجب التذكير بأنه مثلما الديمقراطية السياسية لا تكتمل ولا تستقر إلا بالتحامها مع الديمقراطية الاجتماعية الاقتصادية، فكذلك الحال مع المواطنة الحقوقية القانونية فإنها لا تكتمل إلا باندماجها الكامل مع المواطنة الاجتماعية الاقتصادية التى يحسُّ بها المواطن ويعيشها فى كل نشاط من نشاطاته اليومية وفى كل ركن من المجتمع الذى يعيش فيه.

عندما تعرف الجماعات التعددية أن مفهوم المواطنة لا ينفى التعددية، ولكنه يشجع تواجدها المتفاعل الخلاَّق تحت ماتفرضه المواطنة من انتماء مدنى جامع للكل يقوم على المساواة فى الحقوق والواجبات والفرص والامتيازات، ويخضع لرقابة حكومية ومجتمعية صارمة، ويتحسَّن باستمرار نحو الأكثر عدالة وتعاضدا وأخلاقية.. عندما تعرف أن خطوات عملية تتحقق الآن ولا تنتظر دورها فى المستقبل الحالم البعيد فإنَّها ستندمج فى الثورات والحراكات ولن تشيع أجواء الخوف والتردُّد كما يفعل بعضها الآن فى بعض ساحات أرض العرب.

إن ذلك الخوف والتردد تؤجٍّجه وتغذٍّيه آلة إعلامية خبيثة، عن طريق بعض الإذاعات ومحطات التليفزيون المحلية والفضائية وبعض شبكات التواصل الالكترونى، ويشرف عليها أناس انتهازيون مرتشون باعوا أرواحهم للشيطان ورموزه السياسية والاقتصادية. إنها آلة إعلامية ترسٍّخ الطائفية والقبلية والقطرية المحلية والتهويمات الدينية الغبيّة الجاهلة والتمزيق الإثنى واللغوى. إن الرد المطلوب من زخم الثورات والحراكات هو أن لن يكون هناك محل لتلك التخريفات والسّموم فى ظل مكونات وممارسات المواطنة الديموقراطية العادلة التى تقوم على القيم السماوية والإنسانية وما يفرضه الضمير وتتطلبه الأخلاق.

المواطن العادى يجب أن يعى ذلك جيدا، ويأكل ويشرب منه يوميا ويرفعه فى وجه ثورات الردَة وعبيده.

●●●

المواطنة التى تقوم على أسس الحرية والمساواة والكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى نصّت عليها المواثيق الدولية ونادت بها الدّيانات السماوية، مواطنة المواطن الذى هو مصدر السلطات ومنبع الإرادة المجتمعية، مواطنة التسامح والتفاهم والتعاضد مع الآخرين، مواطنة الرفض التام لأى إقصاء أو تعصُّب أو اعتداء على حقوق الآخرين، مواطنة العقل الأخلاقى المستنير المرن، المواطنة المحكومة تبدأ بحساسية شديدة لمقتضيات العدالة. هذه المواطنة، بكل تلك التفاصيل، يجب أن تصبح شعارا عاليا فى ساحات التجمعات وعلى كل منبر إعلامى شريف وضمن كل برنامج لقوى الثورات والحراكات العربية الماضية فى الطريق الطويل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.