لدى هاجس لا تسنده معلومات مؤكدة أن هناك قوى منظمة جدا أكبر من الفلول تريد إشعال حريق لا ينطفى فى البلد حتى يعم الخراب فتصعد هذه القوى لتجلس على أطلال وأنقاض هذا الوطن. هل يملك أحدكم تفسيرا لسر ولغز إصرار بعض الشباب الذين حاولوا هدم الجدار الخرسانى فى قصر العينى طوال يوم الخميس الماضى.
شخصيا أنا مع هدم الجدار لأنه غير إنسانى أولا، ويكبدنى شخصيا «البهدلة والشحططة» كل يوم، لكننى لست مع استخدام القوة فى إزالته.
سألت أكثر من شخص يوم الخميس عن تفسيرهم لإصرار بعض الشباب على الاصطدام بالشرطة وفشلت فى العثور على إجابة.
لا أستطيع أن أتصور أن هناك ثائرا بحق يستخدم المولوتوف أو السنجة وسيلة لنضاله وكفاحه وثورته.
أى أدوات عنف هى نقيض للثورة المصرية التى أزاحت حسنى مبارك فى ثمانية عشر يوما من دون أن تطلق حجرا واحدا إلا عندما دافعت عن نفسها يوم موقعة الجمل.
وفى هذا الصدد فقد أعجبتنى تغريدة للقيادى الكبير حمدين صباحى مساء الخميس الماضى قال فيها إن «سلمية الثورة ليست فقط التزاما أخلاقيا ووطنيا، بل شرطا لانتصار الثورة وسلاحا فى يد الثوار لا يجوز التفريط فيه تحت وطأة المرارة أو الاستفزاز».
حاولوا أن تتأملوا المشهد طوال العامين الماضيين وسوف تكتشفون أن الذى بقى من أحداث مجلس الوزراء هو أن الثوار أو الذين قالوا إنهم ثوار هم الذين حرقوا المجمع العلمى.
سوف تكتشفون أيضا أنه فى كل مظاهرة أو اعتصام سلمى كانت هناك مجموعة غامضة تورط الثوار الحقيقيين فى اشتباكات عبثية، أو تجرهم إلى مصيدة يقعون فيها شهداء أو مصابين أو يتم تصويرهم باعتبارهم الذين يريدون تعطيل مصالح العباد ووقف الإنتاج وإحراق البلد.
مساء الخميس الماضى كانت هناك محاولة جديدة لجر البلد إلى دوامة جديدة من العنف المجانى الذى لا يفيد أحدا إلا أعداء الثورة الحقيقيين فى الداخل والخارج. وحاول البعض إحراق المجمع العلمى من جديد.
سنسأل السؤال المتكرر من هو صاحب المصلحة الكبرى فى جر البلد إلى مستنقع الصراع الذى لا يتوقف؟ والأهم أين هى أجهزة الأمن العادية والجنائية والسياسية لكى تخبرنا من هم الذين يحاولون إغراقنا فى العنف أو من يدفع لهم ويمولهم؟
هناك أطراف سياسية كثيرة ليست كلها فلول من مصلحتها أن يشتعل الصراع العبثى على أى شىء من أول الدين والهوية إلى الحوار الوطنى وقانون الانتخاب والهدف ألا يفيق الناس ويركزوا على مناقشة القضايا الرئيسية والجوهرية للمجتمع.
أخشى ما أخشاه أن تكون هناك قوى كبرى تجر شباب الألتراس الأبرياء إلى محرقة جديدة تفوق ما حدث فى بورسعيد قبل حوالى عام.
لا أحد يجادل فى ضرورة القصاص العادل للشهداء، ولا فى حق الألتراس فى اتباع جميع الوسائل السلمية والقانونية لاستعادة حقوق زملائهم ومعاقبة القتلة، لكن فى المقابل فلا أحد يقبل أن يتحولوا إلى دولة داخل الدولة، وإلا فإننا نؤسس لمبدأ وشريعة ومنهج سيقلده الجميع، ووقتها سوف يندم الجميع.
على شباب الألتراس أن يتصفوا بالحكمة ولا يسمحوا لأنفسهم أن يتحولوا إلى كروت فى يد هذا الحزب أو ذاك التنظيم، إلا وجدوا أنفسهم مجرد يد باطشة وأداة ترويع لمصلحة شخص أو حزب كبير يحرقهم فى النهاية.
أكتب هذه الكلمات مساء الخميس، أى قبل مظاهرات الجمعة.. نسأل الله أن تمر احتفالات 25 يناير على خير، والأهم أن يتحلى شباب الألتراس بأكبر قدر من ضبط النفس، وألا ييأسوا فيتحولون إلى مشاريع انتحارية فى بلد لا ينقصه الانتحاريون ويحتاج إلى كل طاقات أبنائه من أجل البناء.