في حى "الموسكى" وتحديداً فى شارع " درب البرابرة " حيث الصناعات المصرية، التى لا تنقرض، ولا تتوقف، حتى وإن توقف المصريون عن شرائها.. فى ذلك الشارع المزدحم بالمحلات والورش والصناعات مصرية الأصل، تجد مجتمعاً صغيراً، أفراده ينتظرون قدوم "المولد النبى الشريف" بشغف، حددوا موعده من العام السابق، تجهيزاً لهذا اليوم، بينما آخرون لا يعلمون بموعده سوى قبله بأيام عندما تنتشر "حلاوة المولد" فى المحلات. "رغم الأحداث ومشاغل الحياة، لن أتوقف عن هذه الحرفة التى أعمل بها منذ عشرات السنوات، وإن اجتاحت الصناعة الصينى كل البضائع، فهذه الحرفة لن تستطيع تقليدها.. فجمالها بروحها المصرية فقط " .. أمام ورشته الصغيرة بدرب البرابرة، جلس "مصطفى الجزار" يحكى عن حرفته التى "لا بديل له سواها"، وإن نساها الشعب المصري.
الحاج مصطفى الجزار، يأتيه أصحاب المحلات من أنحاء الجمهوية قبل "المولد النبوى" بشهور لتحديد طلبياتهم هذا العام من "عروسة المولد"، التى لن تجد الكثير من أصحاب الورش مستمرين فى صناعتها بحجة أنها "لم تعد تباع ولا يشتريها المصريون"، بينما كان للحاج مصطفى الجزار وجهة نظر أخرى، فهو يرى أن عروسة المولد لازال لها بهجتها فى هذه الأيام، "ومن منا لا يشترى لأطفاله عروسة المولد، أو يشتريها لخطيبته".
قبل المولد النبوى بحوالى 5 أشهر، يبدأ فى التجهيز وتحضير معداته والعمل هو وفريقه لإنتاج أكبر كم من العرائس، حتى يحقق متطلبات الزبائن التى تبدأ فى العرض قبل المولد بأيام، ويقول الجزار "نقوم بحساب يوم المولد النبوى من السنة للسنة، حتى نحدد متى سنبدأ عملنا، فنشترى العرائس البلاستيك (الصينى) ونقوم بابتكار أشكال جديدة كل عام".
يسرد عم مصطفى الجزار، خطوات "تقفيل العروسة"، فبعد تحديد ورسم الأشكال لعرائس العام، "نبدأ فى تقطيع ولحام القواعد النحاسية على الأشكال التى حددناها ثم تقطيع الأقمشة و(التول) بألوان وأشكال مختلفة لصنع فستان العروسة"، ورداً على انتشار البضائع الصينى فى أى حرفة أو صناعة، يقول الجزار" إذا اجتاحت البضائع الصينى كل الحرف والصناعات فهناك أشياء لا يمكن أن تقلدها أو تنجح فيها، من بينها عروسة المولد، التى تعتبر صناعة مصرية بروح مصرية فقط ".
لا يخشى "الجزار" على هذه الحرفة أن تنقرض، مثل ما حدث مع "العروسة الحلاوة"، فيقول "العروسة الحلاوة مبقتش تتباع أو تتصنع من زمان، وسبب ذلك أن السكر يتلوث أو ينشر الحشرات، ولكن لن يأتى على العروسة البلاستيك يوماً وتنقرض، وإن قل من يشتريها، فالمناطق الشعبية لازالت تحافظ على التراث وعادات هذا اليوم من العام".
"بجنية واحد مكسب، على تكلفة 10 جنيهات، أبيع العروسة الواحدة، ولكن التاجر يضيف عليها تكلفة النقل والربح الذى يريده "، وهكذا تصبح سعر العروسة الواحد فى السوق عشرات الجنيهات.. بجسم بلاستيك صينى، وقطعة قماش وقاعدة نحاسية.
مع انقضاء يوم المولد الذى احتاج إلى 5 أشهر من الإعداد والتحضير، تعود ورشة "الحاج مصطفى الجزار" إلى عملها الطبيعى، فى صناعة تجهيزات "السبوع" و"الاحتفالات"، فيقول الجزار " إن توقف الناس عن شراء عروسة المولد فلن يتوقفوا عن الخلفة".