القاهرة الإخبارية: القنصلية المصرية في أثينا تستقبل أبناء الجالية للتصويت حتى 9 مساءً    محافظ الغربية: استعدادات قصوى وتأمين شامل ل642 لجنة انتخابية    رئيس جامعة بنها: الأنشطة الطلابية ركيزة أساسية في بناء شخصية الطلاب وتنمية مهاراتهم    الخبراء يؤكدون: قطاع التعدين واعد.. و«السكري» من أهم 10 مناجم عالميًا    التنمية المحلية: حملات لقطاع التفتيش على حي المقطم بالقاهرة وكفر شكر بالقليوبية    جمعية رجال أعمال الإسكندرية: تقديم تمويلات ب 12.8 مليار جنيه خلال 2025    سُّلطان عُمان يمنح وسامًا من الدرجة الأولى للأمين العام للأمم المتحدة    ألمانيا وأوكرانيا تقترحان خطة من 10 نقاط لتعزيز التعاون في مجال التسلح    المبعوث الأمريكي لسوريا بعد لقاء نتنياهو: اجتماع بناء من أجل السلام والاستقرار في المنطقة    توروب يفاضل بين هذا الثنائي لقيادة هجوم الأهلي أمام سيراميكا كليوباترا    مساعي المغرب تنجح.. العيناوي يغيب عن مباراة روما أمام كومو    بقيمة 90 مليون جنيه.. ضبط تشكيل عصابى شديد الخطورة بحوزته طن ونصف مواد مخدرة بالسويس    الأرصاد تحذر: منخفض جوي في طبقات الجو العليا.. وأمطار متفاوتة الشدة مستمرة حتى الثلاثاء على عدة محافظات    ضبط المتهم بإطلاق أعيرة نارية بالبحيرة احتفالا بقريبة المرشح بانتخابات النواب    تأجيل محاكمة 56 متهما بالهيكل الإداري للإخوان لجلسة 11 فبراير    تأجيل محاكمة مدرس تعدى على 10 طالبات داخل مدرسة بالإسكندرية لفبراير المقبل    إعلان روايات القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية    أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة: الفتوى اليوم مسافرة بلا تأشيرة وتحتاج لضبط ميزانها    وزير الثقافة: متحف القراء إضافة ثقافية تعرف الأجيال بمدارس التلاوة المختلفة    رضوى الشربيني تهاجم أحمد العوضي بعد تصريحه الأخير: "كل واحد وتربيته"    الدليل الكامل لامتحان اللغة العربية نصف العام 2025–2026 للمرحلة الابتدائية    انفراجة في مفاوضات الأهلي مع أليو ديانج    عاجل- رؤساء المجالس التصديرية خلال اجتماع مع رئيس الوزراء: توطين الصناعة وخفض الواردات لتعزيز الصادرات المصرية    ولي العهد السعودي والبرهان يناقشان جهود تحقيق الاستقرار بالسودان    ضبط تجار عملة خارج السوق المصرفية.. الداخلية تُشدد قبضتها على المضاربين    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد جاهزية مستشفى طب الأسنان للحصول على الاعتماد    «الصحة» تتفق مع «إيني» على إدارة وتشغيل مستشفيتين في مصر    شيخ الأزهر ينعَى الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    رئيس جامعة المنوفية يجتمع بمجلس العمداء «أون لاين» ويتابع منظومة التطوير    وزير التعليم: إطلاق أول بنية وطنية موحدة لبيانات التعليم قبل الجامعي    نجوم الصف الأول والبطولة الشبابية يشعلون منافسة دراما رمضان 2026    في ذكرى رحيل نبيل الحلفاوي.. مسيرة فنان جسد التاريخ والوجدان    حبس لص الحقائب والهواتف المحمولة من المواطنين فى المطرية 4 أيام    "صحة الشيوخ" تُسرّع دراسة إنشاء مستشفى جديد بحلوان بعد توقف القرار 3 سنوات    الإسكان تناقش تحديث المعايير التصميمية للمستشفيات    عصام الحضري يحيي الذكرى الأولى لوفاة والدته    «المشاط»: منفتحون على تبادل الخبرات ونقل التجربة المصرية في مجال التخطيط والتنمية الاقتصادية    تصدير 37 ألف طن بضائع عامة من ميناء دمياط    آخر موعد للتقديم الكترونياً لوظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 2024    جامعة القاهرة الأهلية تواصل تنفيذ برامجها التدريبية والعملية بمعامل الكيمياء والفيزياء ب"هندسة الشيخ زايد"    الزمالك ينتظر انتظام عدي الدباغ في التدريبات الجماعية اليوم    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات بتعيين وتجديد تعيين 14 رئيسًا لمجالس الأقسام العلمية بطب قصر العيني    فيتش تشيد بجهود الحكومة المصرية في دعم الرعاية الصحية وتعزيز الحماية للفئات الأكثر احتياجًا    جوجل توقع اتفاقاً للطاقة الشمسية فى ماليزيا ضمن خطتها لتأمين كهرباء نظيفة    أخبار مصر.. استبدال ضريبة الأرباح الرأسمالية بضريبة دمغة نسبية على تعاملات البورصة    جامعة بنها تطلق مبادرة لدعم الأطفال والتوعية بحقوقهم    تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه بمنتصف تعاملات اليوم    انطلاق اجتماعات الاتحاد الأفريقي لكرة السلة في مصر    مخالفة للقانون الدولي الإنساني ..قرار عسكري إسرائيلي بهدم 25 مبنى في مخيم نور شمس شرق طولكرم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    غدًا انطلاق اختبارات اختيار كوادر مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر للفتوى يوضح    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    مرشح اليمين المتطرف يفوز بالانتخابات الرئاسية في تشيلي    التموين تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 67% والمنافذ تعمل حتى 8 مساء    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطط فارسية
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 12 - 2012

هذا النوع من الحيوانات الأليفة لا يحب المغامرة ولكن كسائر القطط يتحمل المواقف الصعبة ويقاوم.. ويتحول إلى صياد ماهر يجول فى الشوارع إذا لزم الأمر وإن كان يفضل البقاء داخل البيوت.. تترقرق دموعه، تاركة أحيانا بقعا صغيرة على فروته، وذلك لانسداد شائع فى القنوات الدمعية.. هذه القطط الجميلة الباكية قد تصحبنا فى أزقة طهران، المدينة التى تتأرجح بين حب الحياة والقمع، تشبه قططها الفارسية الحزينة رغما عنها ومواطنيها الذين ينتمى معظمهم للشباب، فسبعون فى المائة تقريبا من سكان إيران هم من الشباب.

على الرغم من أننى لا أعرف اللغة الفارسية، فإننى أهتم بكل ما يصدر عن إيران من ثقافة (أفلام و كتب وموسيقى وصحف) تعكس طبيعة الحياة هناك، حيث أوجه التشابه بين أبناء الحضارات القديمة وعلاقتهم بالدين وبالحداثة. ولكن فى ظل ما يمر بمصر من أحداث أصبح لما يكتب عن إيران وقع خاص، فمثلا حين تحكى آذار نفيسى فى روايتها «أن تقرأ لوليتا فى طهران» عن فنانة تشكيلية صديقة لها وكيف تحولت أعمالها إلى بقع لونية متمردة «لأن الواقع بات مؤلما ولا يطاق، ولأنها لم تعد تملك سوى الكشف عن ألوان أحلامها عبر اللوحات»، أشعر بقشعريرة هادئة. آذار نفيسى اضطرت إلى ترك عملها بالجامعة، ولكنها اختارت سبعة من طالباتها حتى تدرسهم فى منزلها لمدة سنتين كاملتين بعض روائع الأدب العالمى.. وسجلت ذلك فى روايتها مع تغيير الأسماء وبعض الوقائع، ثم نشرتها بالإنجليزية فى منتصف التسعينات. اختزلت عالمها فى هذه اللقاءات، فلم يعد من الممكن تدريس الأدب بالجامعة فى ظل نظام يحرص على حذف كلمة «نبيذ» من قصص هيمنجواى ويعتبر أن إميلى برونتى صاحبة «مرتفعات ويذرينج» تحض على الرذيلة، على حد تعبيرها.

●●●
تكتمل صورة الجامعة من خلال كتاب أحدث له طابع الريبورتاج الصحفي، وهو «شرائط وعمائم» للصحفى الفرنسى ذى الأصول الإيرانية، أرمين عارفى، حين يروى شاب فى إحدى السهرات الخاصة كيف تم «أسلمة» كليته بصورة أكبر بعد وصول أحمدى نجاد للحكم، استبعد الأساتذة البارزين و سجن الطلاب الناشطين سياسيا أو حتى موسيقيا.. لم يبق له إلا التمتع قليلا من خلال بعض الحفلات الماجنة التى تقام فى منازل الأصدقاء بالأحياء الراقية شمالى طهران، حيث المشروبات الكحولية والمخدرات وعالم سفلى قد يداهمه فى أى لحظة «الباسيج» أو قوات التعبئة الشعبية التابعة للحرس الثورى، فما يتم منعه فى العلن يقود دوما إلى الممارسة فى الخفاء. كانت كلمة السر للدخول إلى السهرة هى «الإسلام فى خطر»، إذ يؤكد العديد من الشباب الذين جاء ذكرهم فى الكتاب أن الساسة نجحوا فى دفعهم إلى كراهية الدين، دون الوصول إلى عدالة اجتماعية، فالأسعار فى ارتفاع رغم أن نجاد كان قد وعدهم بتوزيع عائد البترول على الفقراء بدلا من أن ينتفع به الأجانب. يتهكم بعضهم على خطابات الرئيس الشعبوية، وخصوصا عندما يتكلم عن محبيه الذين انتظروا ظهوره لمدة 10 أو 12 ساعة، لأنهم يعلمون جيدا أن هؤلاء الأتباع قد تم شحنهم فى حافلات من سائر المحافظات و القرى، فهو حشد بأوامر من أعلى و ليس تجمعا عفويا... والسلطة ليست دوما فى متناول الرئيس، على حد قولهم.

●●●

الكتاب صدر على خلفية الإنتخابات الرئاسية لعام 2009، لذا فعنوانه يشير إلى الشارات الخضراء أو الشرائط التى كان يلفها الثوار الشباب حول رصغهم للدلالة على تأييدهم لحسين موسوى و القوى الإصلاحية. ورغم رفضهم للأوضاع إلا أنهم ينأون بنفسهم عن الثورة، فقد فعلها أهلهم قبل ثلاثين عاما وأتت بحكم العمائم الذى يتمردون عليه اليوم، و لكن بحدود.. لأن المجتمع الإيرانى متدين بطبعه ويؤمن بالغيبيات، كما يقولون، وهناك أجيال كاملة لم تر سوى حكم الملالى وتشبعت به حتى دون أن تعى ذلك. فمن خلال الكتاب أيضا نتعرف على جواد الذى انضم لقوات الباسيج بمرتب يعادل 300 يورو فى الشهر، أعطوه بدلة خضراء رسمية وسلاح، فصارت له هيبة فى الحى، ولن يسمح لكائن من كان أن يسلبه ما وهبته السماء من بركة واحترام، وهو ينتظر أن تزوجه والدته بفتاة بريئة «لا شافت الشمس ولا ضى القمر»، أو أن تأتيه الشهادة.. لكن آخرون فى مثل سنه لا يفكرون بتاتا فى الموت ولا يتمنونه ومع ذلك يباغتهم وسط صفوف الناشطين والرافضين للوضع العام مثل أمير آرشاد تجمير الذى دهسته سيارة الشرطة عمدا خلال المظاهرات، وظل أصدقاؤه يبعثون إليه بالرسائل عبر الفيسبوك، غير مصدقين موته.. هؤلاء هم من يغنون فى الجراجات والأقبية ويستمعون لموسيقى Hichkas و Kiosk من الروك والهيب هوب، والتى استخدمها المخرج بهمان غوبادى فى فيلمه «قطط فارسية» ليتناول الربيع الإيرانى متنقلا بين جنوب طهران الفقير وشمالها المترف، خلال انتخابات 2009، وذلك من واقع موسيقيين يحلمون بالرحيل كحال العديد من الشباب وكحال القطط الفارسية التى تضطر أحيانا إلى الخروج من البيت والمغامرة، فمنذ صعود المتشددين إلى الحكم غادر عشرات الآلاف من الشباب.. وصار المنفى هو الحل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.