إسراء أحمد فؤاد رحلتى إلى طهران مع الوفد المصرى الذى يزورها حالياً للمشاركة فى مؤتمر دعم الانتفاضة الفلسطينية، رحلة مثيرة ولم تخل من علامات الاستفهام والمغامرات، فبالنسبة لى هى الزيارة الأولى لإيران التى طالما تمنيت أن أراها على أرض الواقع، بعد أن تمعنت فى دراستها جغرافيا وتاريخيا واقتصاديا وسياسيا فى الجامعة وبعدها فى الصحافة، فالرحلة لم تكن تستغرق وقتا طويلا لولا أننا سافرنا إلى إيران بالترانزيت فى مدينة دبى الإماراتية رغم الاتفاقية الموقعة بين مصر وإيران قبل عامين لتسيير الرحلات المباشرة من القاهرةلطهران والعكس، وحين تساءلت عن السبب فى عدم تفعيل هذه الاتفاقية حتى الآن، رد أحد الدبلوماسيين الإيرانيين بقوله "إنها لم تفعّل حتى الآن لأسباب سياسية". فى القاهرة وحتى دبى استغرقت رحلتنا ثلاث ساعات، ومن بعدها ساعة ونصف فى طائرة أخرى أقلتنا لمطار الإمام الخمينى بطهران، وحينما وصلنا إلى طهران قوبلنا بحفاوة بالغة وفتحت لنا صالة كبار الزوار، حيث كان فى استقبالنا علاء الدين بوجردى رئيس لجنة الأمن القومى بالبرلمان الإيرانى، وكانت هناك ترتيبات أمنية مكثفة تضمن تأمين وصول الوفد من المطار إلى الفندق، وبعد انتهاء مراسم الاستقبال خرج بنا بروجردى إلى خارج المطار كى نركب سيارات خاصة أعدت للوفد المصرى، برفقة حراسات خاصة، لتبدأ مغامرة جديدة، حيث تحرك الوفد كله فى موكب كبير فى مشهد كان يلف نظر السائرين حولنا فى الشوارع . خمسون دقيقة قضيناها فى طرق طهران الكبيرة التى لم تكن محددة المعالم وقتها لأننا كنا فى ساعة متأخرة من الليل، إلى أن وصلنا فندق "إيفين" الذى يقع بجوار أشهر سجن فى العاصمة طهران المعروف بسجن إيفين . الترتيبات الأمنية المشددة لم تفارقنا، فعند ذهابنا لحضور جلسات المؤتمر، ذهبنا بالأتوبيسات خاصة بترتيبات أمنية مشددة إلى قاعة المؤتمرات، وطلبوا منا أن نترك كل حقائب اليد والموبايلات وأجهزة الكمبيوتر وحتى الساعات فى الفندق. داخل القاعة التى استضافت جلسات المؤتمر، والتى تشبه قاعة الأممالمتحدة فى حجمها، رأينا المرشد الأعلى أية الله على خامنئى والرئيس أحمدى نجاد وعلى لاريجانى رئيس البرلمان الإيرانى، وهم يدخلون القاعة، ولفت انتباهنا جميعا كوفد مصرى كيف دخل نجاد خلف خامنئى، فيما سار لاريجانى بجوار نجاد، ليظهر خامنئى على رأس الهرم وكانت وقفتهم تدل على الهيكل السياسى للنظام الإيرانى، وهو أن المرشد هو أعلى سلطة فى البلاد وهو على رأس الأمور، ليبدأ النشيد الوطنى وينتهى بالتكبير "الله أكبر" والصلاة على النبى وليس بالتصفيق كما هو معروف فى كثير من المراسم، ويبدأ المرشد فى إلقاء خطبته بعد استماعنا لمقرئ إيرانى وهو يتلو القرآن. بعد انتهاء الجلسة الأولى للمؤتمر أمس الأول السبت، طلبت من ممثل الوفد الإيرانى أن يوصلنى بالرئيس أحمدى نجاد ألقى عليه التحية، كانت القاعة مليئة بما يقرب من 300 شخص أو أكثر، فقد حضرت وفود كثيرة من كل أنحاد العالم، فى هذا المشهد اختفى نجاد وسط ممن التفوا حوله، وبالتأكيد لن تتمكن أى سيدة وسط هذا الكم الهائل من الناس الذين انقضوا على الرئيس أحمدى نجاد يلقون عليه التحية، لم يكن أمر سهل أن أخترق كل هذا العدد من الأشخاص لأصل إلى نجاد، حينها التجأت إلى ممثل الوفد المصرى بإيران وقلت له إن يساعدنى، قال لى "أنت وحظك هو ممكن يكون مشى"، اختفى الرئيس أحمدى نجاد عن الصورة بسبب الكم الكبير من الأشخاص الذبن التفوا حوله، استطاع ممثل الوفد أن يصطحبنى لأكون الوحيدة التى استطاعت أن تنزل إلى وسط القاعة الكبيرة، لأرى بعدها الكل يتساءل من هذه التى ذهبت للرئيس! وبعدها جلست بجوارى امرأة إيرانية فى الأتوبيس الذى كنا نستقله إلى الفندق، تبادلنا أطراف الحديث رأيتها تقول لى أنت التى ذهبت للرئيس نجاد تلقى عليه التحية كلنا شاهدناكى. فى النهاية ألقيت عليه تحية المرأة للرجل فى إيران أى تحية دون مصافحة باليد، تحدثت إليه بالفارسية وقلت له إننى صحفية مصرية ليبتسم ابتسامة عريضة متعجبا أننى أحدثه بالفارسية ورد قائلا: أهلا وسهلا، ويبدو أنه كان متعجلا اتجه بعدها إلى بوابة الخروج من القاعة. لأول مرة أرى الرئيس الإيرانى عن قرب، رأيت فيه البساطة فى كل شىء، زيه، مصافحته لكل أعضاء الوفود التى كانت تفوق الثلاثة آلاف شخص دون أن يحيطه بودى جارد يبعدون الناس عنه كما هو المعمول به فى كثير من الدول.