انقسم عدد من القضاة والمتخصصين فى القانون الدستورى، حول إجراء الاستفتاء الشعبى على الدستور، المزمع إجراؤه بعد غد، على مرحلتين، ففيما أكد الفريق الأول أن هذا الاتجاه يعتبر «تحايلا» و«يبطل الاستفتاء» ويسهل عملية التزوير، رد الطرف الآخر بأن من حق الرئيس وفقا للمادة 22 من قانون مباشرة الحقوق السياسية إجراء الاستفتاء على مرحلتين. وقال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 نص على أن يتم الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد تحت إشراف هيئات قضائية، ولأن القضاة فى معظمهم قرروا فى جمعياتهم العمومية كما قررت المحاكم فى جمعيتها العمومية وبنسبة 90% مقاطعة الإشراف، كما قال المستشار أحمد الزند فى مؤتمر صحفى إلى جانب أن الجمعية العمومية لنادى قضاة مجلس الدولة عدم الاشتراك إلا بعد فك الحصار عن المحكمة الدستورية العليا وتأمين القضاة بوثائق تأمين.
وأضاف المستشار محمد حامد الجمل أنه يتضح من ذلك أن هناك مشكلة على عملية الإشراف القضائى وعدم توافر القضاة بشكل كاف للإشراف، وأن ما يتردد بشان محاولة إصدار قرار رئاسى بإجراء الاستفتاء على مرحلتين ما هو إلا محاولة لعلاج هذه المشكلة وهذا يمثل تأكيدا على أن 90% من القضاة لن يشرفوا على الاستفتاء وأن هناك إصرارا من الإخوان والسلفيين على إجراء هذا الاستفتاء بدن إشراف قضائى كامل.
وأكد الجمل أن إجراء الاستفتاء على مرحلتين سيؤدى حتما إلى «بطلانه» لأن ذلك يسمح بوجود تزوير للإرادة الشعبية الخاصة بالناخبين، مشيرا إلى أن اتخاذ قرار بإجراء الاستفتاء على مرحلتين سيجعل الاستفتاء «معيب» من الناحية الدستورية لعدم توافر الإشراف القضائى الكامل بحيث يكون كل صندوق أو لجنة فرعية يشرف عليها قاضٍ.
وأشار إلى أنه على المستوى السياسى فإن اتخاذ مثل ذلك القرار سيمثل إصرارا وعنادا لا يتفق مع روح الدستور الذى ينص على الإشراف الكامل للقضاء، وأن ذلك سيكون أمرا غير مألوف وغير طبيعى دستوريا وسياسيا لأن يجب أن يتم الاستفتاء بأكمله فى يوم واحد لمنع تزوير القوائم، مؤكدا أنه فى حال اتخاذ ذلك القرار فإنه سيأتى مخالفا للشروط الدستورية التى تحتم أن يكون الاستفتاء على مرحلة واحدة.
وأكد الجمل أن قرار رئيس الجمهورية الخاص بالدعوة إلى الاستفتاء على مرحلة واحدة أو مرحلتين وتوزيع القضاة على اللجان هى قرارات تنظيمية وليست قرارات سيادية، لكن هناك اتجاها لدى الرئيس بتحصين كل قرارته، مشيرا إلى أن الرئيس «أسقط دولة القانون وألغى السلطة القضائية، وأصدر قرارات بناء على استناده لحشود الإخوان، وأصبحت مصر خاضعة للشوارع والميادين».
وأكد الجمل أنه فى حال اتخاذ قرار بإجراء الاستفتاء على مرحلتين فإنه يجوز الطعن عليه أمام القضاء الإدارى حتى لو صدر ذلك فى إعلان دستورى فستكون وقتها قرارات إدارية وأفعالا مادية باطلة ومنعدمة الأصل.
وهاجم الدكتور محمد الذهبى، أستاذ القانون الدستورى والمحامى بالنقض، إجراء الاستفتاء على مرحلتين، مؤكدا أنه سيكون بمثابة نوع من أنواع «التحايل» على رفض القضاة الأشراف على الاستفتاء لأننا بصدد جمعية تأسيسية باطلة ومسودة دستور تم إعداداها بشكل لا يرضى جميع القوى السياسية والثورية، وأشار إلى أن قرار مرسى بإلزام كل ناخب بالإدلاء بصوته بالاستفتاء فى دائرته الانتخابية الأصلية الهدف منه منع الناخبين المغتربين من التوجه إلى الاستفتاء ولا سيما المقيمين فى القاهرة من أبناء الصعيد وعددهم لا بأس به.
وأكد الذهبى أن ذلك سيتسبب فى تمكن الإخوان والسلفيين من الحشد مقابل تقاعس الناخبين المغتربين منذ الذهاب إلى مواطنهم الأصلية مما سيفرض على الشعب دستور باطل كتبته جمعية تأسيسية فاقدة شرعيتها.
وشدد الذهبى على أن إجراء الاستفتاء على مرحلتين سيخلق مشاكل قانونية وأمنية، ويسير الشك والريبة فى إمكانيه تزوير النتيجة، مشيرا إلى حتى فى حال الإعلان عن نتيجة المرحلة الأولى فسيكون إجراء باطلا لأنه سيؤثر بالسلب على باقى النتائج، مؤكدا أنه يحمل اللجنة القضائية للإشراف على الاستفتاء المسئولية الكاملة عما سيحدث من أزمات فى حال إجراء الاستفتاء على مرحلتين.
ودافع الفقيه الدستورى محمود العطار، نائب رئيس مجلس الدولة عن إجراء الاستفتاء على مرحلتين، بهدف مواجهة نقص عدد القضاة، وقال: من سلطة رئيس الجمهورية واللجنة المشرفة على الاستفتاء تحديد عدد أيام الاستفتاء وعدد المراحل المطلوبة للإشراف عليه، وفقا لنص المادة 22 من قانون ماشرة الحقوق السياسية، والتى تنص على أنه، يجوز بقرار من رئيس الجمهورية فى حالة الضرورة تأجيل الموعد المحدد للانتخابات العامة أو الاستفتاء أو إحدى مراحله، وأشار العطار إلى أن إجراء الاستفتاء على مرحلتين لا تتيح بشكل كبير تزوير الانتخابات خاصة أن اللجان الفرعية تقوم بإعلان نتائجها، وعند تجميع الاصوات لا توجد فرصة للتزوير.
وانتهى إلى القول العطار الاستفتاء لا يمكن أن يقام فى يومين متتاليين، فضلا على استحالة سفر القاضى المشرف من محافظة لأخرى فى ذات اليوم.