خدعوك فقالوا.. انتخب محمد مرسى حتى نأتى برئيس نستطيع معارضته، وقال إن أخطأت فقومونى، لكنك اكتشفت بعد أن تمكن المتمكن أو ظن ذلك، إنك لا تستطيع مقاضاته، وأنه سلب منك حق التقاضى، فأى معارضة تبقى، وهو لم يترك لك غير «البعبعة الكلامية إلى حين». خدعوك فقالوا.. إن الاستبداد حتى لو قيل إنه مؤقت، يمكن أن يصنع حرية أو ديمقراطية أو دولة وطنية دستورية حديثة، إن الإجراءات الاستثنائية التى اكتوى بنارها الحكام الجدد يمكن أن تصنع وطن العدل المرجو، إلا إذا كان وطن العدل الذى فى ذهنهم هو الوطن الذى يعدل معهم ويستبد بالآخرين.
خدعوك فقالوا.. إن كل من يعارضون هذا الانقلاب فلول ومن أعداء الثورة، وبالتالى صار الجميع فلولا إلا هم، وصارت الثورة هى الجماعة والجماعة هى الثورة، وصار طارق البشرى وعبدالمنعم أبوالفتوح ووائل غنيم وحمدين صباحى وخالد على وكمال خليل وجورج إسحاق وكمال أبوعيطة ومحمد غنيم ومحمد أبوالغار وحمدى قنديل وغيرهم، فلولا هم وأحمد الزند وتوفيق عكاشة وأحمد شفيق سواء بسواء.
خدعوك فقالوا إن للرئيس فريقا رئاسيا مستشارين ومساعدين كل منهم دبج آلاف المقالات والأحاديث حول الديمقراطية وسيادة القانون وقيم المحاسبة والمساءلة، بعضهم تعلمنا منهم كيف ندافع عن المستقبل بالدفاع عن الديمقراطية، واجهنا معهم من أرادوا الانقلاب على الديمقراطية والتربص بها لأنها جاءت بنتائج لا تعجبهم، لكن هؤلاء صمتوا واختفوا، ولم يخرج منهم أحد ليدافع عن انقلاب فيما كتبه ومقالاته تفضح تحوله.
خدعوك فقالوا إن للرئيس مساعد لشئون التحول الديمقراطى، فيما الرئيس يصنع التحول الديكتاتورى، خدعوك فقالوا إن حول الرئيس قضاة استقلال، فيما هم راضون عن وضعه فوق سلطة القانون، ومؤيدون لمصادرته حق التقاضى وتدخله فى سير أعمال المحاكم.
خدعوك فقالوا إن مؤسسة الرئاسة صاحبة القرار، فيما كان مكتب الإرشاد يحشد أتباعه لتأييد قرارات لم تصدر، يهتفون تأييدا لقرارات لم يعلن عنها، فيما كان واضحا أنه أعلن عنها لمن هم أهم وأعلى من الشعب، ولمن هم أكثر قربا وثقة من المساعدين والمستشارين فى قصر الرئاسة. خدعوك فقالوا إن الرئيس المنتخب من حقه لأنه منتخب أن ينصب نفسه ديكتاتورا، وأن يهدم كل الإطار القانونى والدستورى والديمقراطى الذى صعد من خلاله إلى موقعه، وأقسم على احترامه 3 مرات فى 3 مواقع مختلفة.
خدعوك فقالوا.. لا نريد دستورا تحت حكم العسكر حتى لا يتدخلوا فى مساره، فصار لدينا دستور يكتب تحت حكم ديكتاتورى، ورئيس يختار صلاحياته بنفسه، ويحصن كل ما يصدر عنه من المحاسبة والمساءلة والطعن.
خدعوك فقالوا فألغيت عقلك، فرحت بإقالة نائب عام فاسد، لتشارك فى تأسيس نظام حكم أكثر استبدادا من كل سابقيه.
دسوا لك السم فى العسل لتمرير ديكتاتور ادعى دراويشه أنه امتداد لخلفاء سابقين، ونسوا أنه ما من خليفة معتبر فى التاريخ حرم الناس من حقهم فى مقاضاته.
هل تجد فارقا بين «خليهم يتسلوا» التى ازدرى بها مبارك معارضيه وفى قلبهم الإخوان، وبين «موتوا بغيظكم» التى تزدرى بها الجماعة معارضيها، حتى لو كانوا رفاق ميدان لا يمكن إنكارهم.. ألم أقل لك خدعوك فقالوا؟.. والحقيقة أن الاستبداد ملة واحدة.