ستكون انتخابات الكنيست المقبلة بمثابة استطلاع شعبى للرأى بشأن موضوع واحد، وهو الحرب ضد إيران. فالنقاش فى هذه الانتخابات لن يكون بشأن السياسة الاجتماعية أو الخدمة العسكرية الإلزامية للحريديم أو ضم المناطق، إذ إن هذه الموضوعات ستبقى هامشية على الرغم من أهميتها، وسيتمحور النقاش بشأن ما إذا كان رئيس الحكومة المقبل سيعطى الأوامر إلى الجيش الإسرائيلى بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وهذا ما أوضحه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فى البرنامج التليفزيونى «عوفداه» «الحقيقة» عندما تعهد بأن المشروع النووى الإيرانى لن يعود له وجود خلال ولايته الجديدة. لقد تعهد نتنياهو علنا بالقضاء على المشروع النووى الإيرانى فى حال أعيد انتخابه، موضحا أن موقفه هذا ليس مناورة، ولن تردعه المعارضة الأميركية ولا تحفظات كبار المسئولين فى الجهاز الأمنى عن ذلك. ويمكن أن نضيف هذا الكلام إلى سلسلة من التصريحات السابقة له فى الأسابيع الماضية، وإلى الخطاب الذى ألقاه فى الأممالمتحدة، حيث وضع خط أحمر هو الصيف أو الربيع المقبلين.
يمكننا وضع هذه المواقف لرئيس الحكومة فى خانة الكلام المتبجح الذى يقال عشية الانتخابات، أو كمناورة هدفها تحويل النقاش نحو الموضوع الإيرانى السهل بالنسبة إلى نتنياهو، بدلا من الموضوعات الاجتماعية السهلة بالنسبة إلى أخصامه. والدليل على ذلك رفع الرقابة عن مسألة النقاش الذى دار سنة 2010، والذى طلب خلاله نتنياهو وباراك من الجيش الاستعداد لشن هجوم على إيران، الأمر الذى لاقى فى ذلك الوقت معارضة من جانب رئيس الأركان ورئيس الموساد. فالمحافظة على السرية فيما يتعلق بهذا الموضوع حتى اليوم، ثم الكشف عنه، هدفهما تأكيد شجاعة نتنياهو وباراك وثقتهما بنفسهما، فى مقابل الانهزامية التى أظهرها غابى أشكينازى «رئيس الأركان آنذاك» ومائير داجان «رئيس الموساد».
لكن السؤال المهم ليس ما جرى فى سنة 2010، وإنما ما سيحدث فى سنة 2013، إذ تدل التجربة عبر التاريخ على أن الكلام على الحرب عشية الانتخابات يتحقق بعدها. وهذا ما جرى فى سنة 1955، فبعد عودة دافيد بن جوريون إلى السلطة شن عملية قادش. وهذا ما حدث أيضا فى سنة 1981 عندما حذر مناحم بيغن الرئيس السورى قائلا: «يا حافظ الأسد انتبه! يانوش ورفول مستعدان»، وفى العام التالى أرسل الجيش إلى لبنان.
يريد نتنياهو أن يكون مثل الذين سبقوه وتحدوا الدول العظمى. فهو يريد أن يكون مثل بن جوريون الذى تحدى العالم بإعلانه قيام دولة إسرائيل، ومثل ليفى أشكول بخوضه حرب الأيام الستة، ومثل مناحم بيغن الذى، وعلى الرغم من معارضة المؤسسة العسكرية، أمر بقصف المفاعل النووى العراقى. ويذكّر حديث نتنياهو عن إسرائيل التى لا تستطيع الاعتماد على أمريكا كى تحارب مكانها، بكلام بن جوريون «ليس المهم ما يقوله الأغيار، وإنما ما يفعله اليهود».
خلال الأعوام الأربعة الماضية عوّد نتنياهو العالم الغربى على فكرة مهاجمة إسرائيل لإيران. وها هو اليوم يطلب من الجمهور الإسرائيلى أن يعطيه تفويضا يسمح له بالتغلب على المترددين، وبتحييد معارضة البيت الأبيض للحرب. من هنا أهمية الانتخابات التى ستجرى فى 22 يناير.