لا نجادل غنيم أو غيره فى قدرة الله سبحانه وتعالى على فعل أى شىء، ولا نجادل فى أن الله يمهل ولا يهمل، لكن نجادل هذا الداعية وأمثاله فى هذا المنطق الذى لا يصمد أمام أى مناقشة عقلية جادة، ورغم ذلك ينتشر كالنار فى الهشيم خصوصا لدى البسطاء. إذا كان الله يعاقب الأمريكان على الفيلم المسىء، فهل عندما وقعت كارثة التسونامى قبل سنوات وأدت إلى مقتل مئات الآلاف من المسلمين فى بنجلاديش وإندونيسيا والهند، كانت عقابا أيضا أم هى من فعل الطبيعة؟!
بالطبع سيرد غنيم وأمثاله ويقول إن الله يسخر الطبيعة كما يشاء للانتقام أو للمكافأة، وهنا سنسأل إذا كان هذا المنطق سليما فلماذا أمريكا والغرب فى أفضل وضع حياتى ممكن فى حين أن بلاد المسلمين التى يحرص أفرادها على أداء كل الطقوس فى أسوأ حال، ولماذا لم يسخر الله الطبيعة لتدمر إسرائيل، وهى تقتل المسلمين كل يوم وتنتهك المسجد الأقصى؟!
وإذا كانت الأمور تجرى بمنطق غنيم وشركائه فلماذا يكافئ الله الصين ويجعلها فى مصاف الدول الكبرى اقتصاديا، رغم أنها تتبع ديانة وضعية هى البوذية؟!
من أفضل ما قرأت فى هذا الصدد قول منسوب لاحد الدعاة الحقيقيين، وهو «إن الله ينجى الكافر من الغرق إذا كان يعرف السباحة ويغرق المؤمن إذا كان لا يجيد السباحة».
نوايا وحساب الإيمان والكفر يعلمها الله وسيحاسب عليها عباده يوم القيامة، أما أن يخرج أشخاص مثل غنيم وغيروه كثيرون فى كل الديانات للادعاء بملكيتهم لصكوك الإيمان فتلك كارثة يبدو للأسف لن تندثر قريبا.
مثل هذا المنطق السطحى ردده الكثيرون على فيس بوك وتويتر تفسيرا لإعصار ساندى فى أمريكا الشمالية.
نختلف مع الولاياتالمتحدة ودول أوروبية كثيرة فى سياستهم المؤيدة لإسرائيل وللطغاة، لكن لا يمكن أن نفرح فى كوارث طبيعية يتعرض لها مواطنون أبرياء عارض بعضهم مثل هذه السياسات الاستعمارية. هل نسينا أن حوالى نصف الشعب الأمريكى والبريطانى عارض غزو العراق، وهل نسينا أن قطاعات كثيرة منهم ضد إسرائيل؟
ثم أليس هناك بعض المسلمين هناك، واحتمال كبير أن يتضرر بعضهم من الإعصار؟!
فى المقابل وإذا كنت قد انتقدت الدكتور عصام العريان مؤخرا فمن الموضوعية الإشادة بما كتبه أمس الأول قائلا: «إن قلبه مع سكان الساحل الشرقى لأمريكا».
علينا أن نتعلم حتى ننتصر على أعدائنا فى مجالات التنافس الطبيعية من علوم واقتصاد وأسلحة ورياضة، وعلينا قبل كل شىء أن نتوقف عن منطق الشماتة فى الكوارث خصوصا أن جوهر الإسلام ينهانا عن ذلك.
وإلى شيخ غنيم ومن يفكر مثله: إذا أهلك الله أمريكا والغرب، فاستعدوا للعودة لعصر ركوب الجمال لأنك تعتمد عليهم فى كل شىء من سجادة الصلاة إلى الصاروخ