طالما أشارت أصابع الاتهام لعمال مصر بتسببهم فى تعطيل عجلة الإنتاج، وقطع الشوارع والطرق الرئيسية، والتظاهر والاحتجاج السلمى وغير السلمى، وحتى البلطجة، وأودت هذه الاتهامات بهم مؤخرا إلى ساحات القضاء، لكنهم لايزالون يرفعون شعار «ولنا فى الاضراب حياة»، مستندين إلى أن حركة احتجاجاتهم كانت من أجل مطالب مشروعة تتمثل فى زيادة الأجور، أو فضح فساد، أو للمطالبة بتأمين صحى واجتماعى، أى يمكن تلخيصها فى «عيش حرية عدالة اجتماعية»، وهى مطالب ثورة 25 يناير. وأخيرا أخذت الحركة العمالية منحى جديدا فى تطورها وأساليبها، فلم يبق الخروج للتظاهر لنفس الأهداف والمطالب التى فى الغالب لا تتحقق إلا بالاعتصام والإضراب، ولكن أصبح العمال يخرجون اليوم للتضامن مع زملائهم فى العمل ضد الفصل أو التعسف بكل أشكاله، ولنا فى إضراب عمال شركة ميناء السخنة عبرة.
الإضراب الذى انتهى فى 24 أكتوبر، كان قد بدأ فى 10 أكتوبر، بتوقف 2700 عامل عن تداول الحاويات، مما أدى إلى توقف العمل بالميناء تماما، وذلك للمطالبة بعودة 8 عمال للعمل، كانت إدارة الشركة قد أنهت تعاقدهم، ينتمى بعضهم إلى النقابة المستقلة للعاملين فى الميناء.
تشير الناشطة العمالية، والعضو المؤسس بالاتحاد المصرى للنقابات المستقلة، فاطمة رمضان، إلى أن الحركة العمالية تتطور بشكل دائم ولكنه بطىء، وذلك نظرا للحالة الثورية التى تمر بها مصر فى الوقت الراهن، كما أن الإضرابات والاعتصامات العمالية التى تطالب بتحسين مستوى المعيشة، تساهم فى إعطاء صورة سلبية عن العمال، رغم حقهم فى الإضراب ومشروعية مطالبهم.
وتابعت رمضان «لا بد من النظر لتطور الحركة العمالية فى مصر، فى إطار كلى شامل لتطور الحركة النقابية بشكل عام، لأن هناك نقلة نوعية فى فكر العمال وتمسكهم بحقوقهم بعد الثورة».
استشهدت رمضان بإضراب عمال ميناء السخنة الأخير فى تمسكهم بعودة زملائهم المفصولين ووقوفهم فى وجه وزير القوى العاملة والهجرة، خالد الأزهرى، الذى حاول إقناعهم بقبول التعويضات وفض الإضراب، على حد قولها، إلا أن العمال أصروا على مواصلة الإضراب معلنين «حقنا هنرجعه بقوتنا فى الصمود والتحدى».
الإضراب انتهى بالاتفاق مع الإدارة على عدم فصل العمال، ولكن إحالتهم للتحقيق الداخلى فى الشركة، على يد لجنة من المحققين مشكلة من وزارة القوى العاملة والهجرة، والنقابة المستقلة للعاملين فى الميناء والإدارة.
أما الإضراب الأول لعمال ميناء السخنة كان منذ حوالى عام، للمطالبة ببدل المخاطر، وإعادة هيكلة الرواتب، ولم ينته الإضراب إلا بعد الاتفاق مع العمال على استئناف العمل بالميناء، على أن تستجيب إدارة الشركة لكل مطالب العمال، وأن يواصل العمال القيام بمهامهم وإنهاء الاحتجاج.
وهو ما دللت عليه رمضان بأن العمال لم يعودوا يطالبون بتحسين أحوالهم المعيشية من أجور وحوافز وبدلات فقط، ولكنهم متمسكون «بالكرامة والحرية»، وهى المطالب التى خرجت من أجلها ثورة 25 يناير، قائلة «الإضراب الأول عملوه علشان حوافز وبدلات، ولما العمال لمسوا دور النقابة المستقلة التى ساعدتهم على استعادة حقوقهم المالية المهدرة، وقفوا جنب نقابتهم لما اتفصلوا فى الإضراب الأخير».