"قدم الآن".. وزارة العمل: وظائف بتخصصات مدرسين وممرضات في 13 محافظة    وفد «اليونسكو» يُشيد بالتجربة المصرية الرائدة ل «بنك المعرفة المصري»    تداول أسئلة امتحان مادة العربي للشهادة الإعدادية على صفحات الغش.. والتعليم تحقق    لتدريب الطلاب بأحدث الأساليب.. وصول أحدث أجهزة الرفع المساحي بجامعة قناة السويس (تفاصيل)    وزير الري: 97.69 ٪ نسبة تنفيذ الشكاوى من يناير 2021 حتى أبريل 2024 -تفاصيل    هبوط الريال السعودي مقابل الجنيه بالبنك الأهلي اليوم الأربعاء    محطات المترو الجديدة تستقبل ركاب الخط الأخضر بعد التشغيل التجريبي (صور)    16 صورة للتاكسي الكهربائي في العاصمة الإدارية الجديدة بعد تشغيله    محافظ الفيوم ووفد مجلس الوزراء يتابعان معدلات تنفيذ مشروعات «حياة كريمة» بإطسا ويوسف الصديق    تداول 10 آلاف طن و675 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    22 مليون جنيه لتجميل وتطوير شبكة طرق أبورديس في جنوب سيناء    مندوب فلسطين بالجامعة العربية يرحب بمبادرة البحرين بعقد مؤتمر لحل القضية الفلسطينية    قيادى ب«مستقبل وطن»: إسرائيل تزعم غلق معبر رفح من الجانب المصرى للتهرب من المسؤولية    البرلمان العربي: شعوب العالم الحر أصبحت أكثر إدراكًا للطبيعة الإجرامية للاحتلال    السفير الروسي: بوتين يزور فيتنام قريبا    الغضب الساطع فى الجامعات الأمريكية    عاجل| شكري: إنهاء الحرب في غزة يتصدر أولويات القادة العرب بقمة المنامة    "وعد وفريق كبير ورأي التاريخ".. ماذا قال لاعبو الأهلي قبل مواجهة الترجي في نهائي أفريقيا (فيديو)    "آخر مسمار في نعشه".. ميدو يكشف ما فعله حسام حسن ويوجه رسالة نارية    فاركو يستضيف بلدية المحلة لمواصلة الانتصارات بالدوري    بيان مهم من التعليم بشأن استعدادات امتحانات الشهادة الإعدادية    محاكمة المتهمين بواقعة حريق استديو الأهرام.. اليوم    الداخلية: ضبط 25 كيلو مخدرات و 132 قطعة سلاح بالدقهلية    رفع 47 سيارة ودراجة نارية متهالكة خلال 24 ساعة    «الداخلية» تواصل الحملات على المخابز للتصدي لمحاولات التلاعب في أسعار الخبز    يسرا بصحبة ريا أبي راشد في حفل افتتاح كان السينمائي: "بتدلعني دلع مفيش بعد كده"    لمواليد برج الجوزاء.. تعرف على أفضل أيامك في شهر مايو وحافظ على طاقتك    واحة الغروب    مسلسل دواعي السفر الحلقة 1.. أمير عيد يعاني من الاكتئاب    قبل تامر ضيائي وسمسم شهاب.. فنانون كتبوا وصيتهم على قيد الحياة    «الصحة» تٌشارك في اليوم التثقيفي ل«أنيميا البحر المتوسط»    بعد إعاقتها الدائمة.. أمريكية ترفع دعوى قضائية ضد أسترازينيكا    اليوم.. «زراعة النواب» تناقش موازنة وزارة الري للعام المالي 2024-2025    اليوم.. «محلية النواب» تناقش موازنة هيئتي النقل العام بمحافظتي القاهرة والإسكندرية لعام المالي 2024-2025    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    عيد الأضحى المبارك 2024: سنن التقسيم والذبح وآدابه    طرح أهل الكهف ضمن موسم عيد الأضحى 2024    بعد تصدرها التريند.. من هي إيميلي شاه خطيبة الفنان العالمي مينا مسعود؟    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن عن مقتل جندي خلال معارك غزة    إعلام فلسطيني: شهيدة وعدد من الجرحى في غارة للاحتلال الإسرائيلي بمخيم البريج    وزارة المالية تعلن تبكير صرف مرتبات يونيو 2024 وإجازة عيد الأضحى تصل إلى 8 أيام    حكم طواف بطفل يرتدي «حفاضة»    بسبب الدولار.. شعبة الأدوية: نطالب بزيادة أسعار 1500 صنف 50%    مرصد الأزهر يستقبل وزير الشؤون السياسية لجمهورية سيراليون للتعرف على جهود مكافحة التطرف    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    أفشة: سأحقق البطولة الرابعة إفريقيا في تاريخي مع الأهلي.. واللعب للأحمر نعمة كبيرة    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة "فتاة التجمع"    مباشر thanwya.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 في محافظة القاهرة    وليد الحديدي: تصريحات حسام حسن الأخيرة غير موفقة    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد فوز السيتي على توتنهام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجتمع المدنى فى مصر.. الفرص والتحديات
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 10 - 2012

يمثل المجتمع المدنى إحدى الأدوات التى تحفظ الاتزان فى العلاقة بين السلطة والمواطنين، وكذلك هو حلقة مهمة للغاية بين السلطة التشريعية المنتخبة والمجتمعات المحلية التى اختارت ممثليها فى المجالس التشريعية.

فى المجتمعات المتقدمة ديمقراطيا تعبر مؤسسات المجتمع المدنى عن رغبات وأحلام وهموم المواطنين وتقود حملات مدافعة مدنية من اجل حل مشاكلهم وتحسين ظروف حياتهم للأفضل.

العمل المدنى بطبيعته يشمل مجالات مختلفة، تبدأ من العمل الخيرى الإغاثى وتمتد لمجال حقوق الانسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومجالات اخرى متنوعة يجمع بينها قيمة تمكين الانسان وتنمية المجتمع.

قوة تأثير المجتمع المدنى تفرض على صناع القرار التفاعل مع أطروحاته وأولوياته التى تعبر عن مصالح الناس، ولا تمتلك مؤسسات المجتمع المدنى قوة التأثير الا اذا عبرت بحق عن أولويات المواطنين وحملت لواء الدفاع عن حقوقهم وحل مشاكلهم.

مؤسسات المجتمع المدنى يجب الا تتدخل فى العمل السياسى المباشر لأن هذا يضر بمصداقيتها ويجعلها إحدى ادوات الصراع السياسى والحزبى، والمفترض انها تعبر عن مصالح المواطنين كافة بغض النظر عن انتمائهم الحزبى وتفضيلاتهم السياسية.

ولذلك يجب التمييز بين دور جماعات الضغط ودور مؤسسات المجتمع المدنى، فالأولى تقوم بالحشد والتعبئة المباشرة فى قضايا سياسية وكذلك حملات دعم مرشحين وأحزاب بعينها، بينما الثانية يجب ان يكون عملها بلا صبغة سياسية معينة وان كان هذا لا يتعارض مع دورها فى غرس الوعى العام ونشر الثقافة والفكر، وهذا بلا شك وبعيدا عن المثالية المجردة لا يمكن فصله عن الانحيازات الفكرية للقائمين على هذه المؤسسات ولكنه يجب ان يحافظ على مسافة واضحة بينه وبين الاشتباك المباشر مع تفاصيل العملية السياسية والانتخابية.



نظرة الى حال المجتمع المدنى فى مصر فى ضوء هذه المحددات تجعلنا ندرك كم هو الفارق الكبير بين الواقع والمأمول.

عدد الجمعيات والمؤسسات الاهلية فى مصر يتجاوز سبعة وعشرين الف جمعية ومؤسسة مشهرة، وارتفع الرقم بعد الثورة ليقترب من الثلاثين ألفا ولكن للاسف لا يتناسب هذا العدد مع درجة التأثير والفاعلية والنشاط لهذه الجمعيات التى يعتبر غالبيتها لافتات على مقرات دون نشاط وعمل حقيقى.

يعانى المجتمع المدنى فى مصر من مشاكل عدة اهمها:

اولا: عدم وضوح الرؤية وعدم وجود خارطة للأولويات التنموية تتحرك طبقها تلك الجمعيات مع تغليب فكرة جمع التبرعات وإنفاقها فى شكل هبات وعطايا لا تغير من واقع الفقراء بل تكون سببا احيانا فى احترافهم للتسول والعزوف عن العمل.

ثانيا: اغلب قيادات الجمعيات ومسئوليها من شريحة عمرية مرتفعة لا تستطيع كثيرا احتواء الشباب وتوظيف طاقاتهم، كما ان تداول السلطة والمسئولية القيادية يتعثر ولا يتم تجديد الدماء مما يخفض من انتاجية هذه المؤسسات ويصيبها بالجمود.

ثالثا: عدم وجود مأسسة حقيقية داخل مؤسسات المجتمع المدنى التى من المفترض ان تقدم نموذجا لحسن الادارة والتنظيم وضعف جانب التدريب ورفع القدرات لدى العاملين بالمؤسسات.

رابعا: مؤسسات المجتمع المدنى العاملة فى مجالات لها علاقة بالحقوق السياسية والديمقراطية تعانى من تشويه متراكم من قبل النظام السابق، حيث يخشى كثير من المصريين التعامل مع هذه المؤسسات لما يسمعه عنها من أنها عميلة للخارج وتتلقى تمويلا أجنبيا غير مشروع وغير ذلك من الاتهامات التى استمرت بعد الثورة أيضا، ولذلك فدوائر تأثير هذا القطاع من المجتمع المدنى محدود للغاية ولا تستطيع أن تصل لعمق مصر نظرا لهذه الصورة السلبية التى تعمقت داخل أذهان الكثيرين خلال الفترة الماضية.

خامسا: غالبية المؤسسات والجمعيات التى تمتلك تمويلا كبيرا لا تستثمر هذه الأموال فى مشاريع تنموية على مدى متوسط أو طويل، ويوجد للأسف عدد من هذه الجمعيات الكبرى التى لها أرصدة فى البنوك بعشرات الملايين من الجنيهات التى تحصلت عليها من التبرعات والصدقات ولكنها لا توظفها بشكل صحيح.

سادسا: سوء ادارة المتطوعين الذين يقبلون على الانضمام للتطوع فى أنشطة وفعاليات الجمعيات ولكنهم لا يجدون النظام المتكامل الذى يشبع رغباتهم أو يضمن متابعتهم، وبالتالى يتساقطون بعد فترة وقد يعزفون عن العمل التطوعى بشكل كامل.



فى ضوء كل ما سبق نحتاج للتفكير بشكل جديد فى انشاء وزارة خاصة بالمجتمع المدنى والخدمة العامة على ألا يكون دورها هو التدخل فى عمل المجتمع المدنى الذى يقوم بشكل أساسى على فكرة الاستقلال عن السلطة، ولكن تكون داعمة لفكرة التطوع والخدمة العامة وتقوم بدور المنسق بين الحكومة والمجتمع المدنى لوضع خطط الشراكة الحقيقية ولعب الدور المأمول لسد فراغات وفجوات التنمية التى تملأ مصر.

نحتاج لوضع خارطة تنموية بالأولويات وتوزيع الأدوار على الأقل بين المؤسسات والجمعيات الكبرى وما تقوم به مبادرة تروس جهد يستحق الشكر ولكنه غير كاف لما نريد الوصول اليه من تناغم كامل وتنسيق مستمر بين هذه المؤسسات. كذلك لابد فورا من بدء حملة توعية دينية وثقافية وسلوكية تغير مفهوم الهبة والعطايا الى مفهوم التنمية ليتبرع الناس بأموالهم ويجعلوا الأولوية لمشاريع التنمية وعلاج الفقر من الجذور وليس مجرد تسكين آلام الفقراء والمحتاجين قليلا دون تغيير حياتهم.

وبالتوازى مع ذلك ادماج الشباب فى قيادة مؤسسات المجتمع المدنى وتمكينهم من القيادة بما يحملونه من افكار ملهمة ونشاط جم وروح جديدة سيحيى موات المجتمع المدنى فى مصر بعد تكلس دام لعدة عقود.

نحتاج لاعادة تعريف وتقديم المجتمع المدنى وتوضيح أهمية دوره بالنسبة لكل المواطنين حتى نستطيع أن نجعل المجتمع المدنى الرافعة الأساسية للتنمية، وعلينا أن ندرك أنه لا سبيل لتقدم المجتمع ونهضته دون وجود مجتمع مدنى حقيقى وفاعل ومستقل ومشارك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.