أثار حوار «الشروق» مع مدير مركز تطوير المناهج صلاح عرفة، الذى كشف فيه عن الاستمرار فى تكليف أشخاص بعينهم لتأليف المناهج الدراسية، ردود أفعال متباينة بين رافض للفكرة، من منطلق، ضرورة فتح الباب للتنافس بين المؤلفين، حتى تستفيد العملية التعليمية، وبين مؤيدين لها، فيما تساءل البعض منهم عن سبب إجراء المسابقة لتأليف كتب المرحلتين الابتدائية والإعدادية، واللجوء إلى طريقة التكليف فى المرحلة الثانوية.
واعتبر عميد تربية عين شمس د. على الجمل، أن العودة الى نظام اللجان العلمية أو التكليف، لتأليف الكتب المدرسية، «ردة وعودة للوراء»، على اعتبار أن العالم كله يسعى إلى التنوع والتعدد والانفتاح على أكثر من كتاب، وقال: «نحن نعود إلى طريقة أن يظل اسم 4 أشخاص على نفس المقرر طوال 20 سنة».
ورجّح الجمل أن يكون المقصود من العودة إلى هذا النظام هو المجاملة لأشخاص بعينهم، موجها حديثه للوزارة قائلا: «إذا كان قد حدث تجاوزات فى طريقة التأليف بالمسابقة بين دور النشر، فوزارة التربية والتعليم هى التى تتحمل مسئوليتها، لأنها سمحت بمجاملة البعض وبالتدخل فى نتيجة المسابقة».
وتابع: إذا كان توجه الوزارة العودة لنظام التكليف، فلماذا لا تطبقه على كل المراحل، ولماذا لم تعط الفرصة لطريقة المسابقة لتطبق على المرحلة الثانوية.
وتساءل الجمل الذى رأس مركز تطوير المناهج لمدة 21 يوما خلال عهد الوزير أحمد زكى بدر: «من قال إن اللجان العلمية ستؤلف مناهج على المستوى المطلوب، التأليف صنعة وله أسس وقواعد علمية ليست موجودة عند كل المتخصصين».
وقال عميد تربية طنطا الأسبق محمد الطيب: لا أثق فى أى قرار يصدر حاليا عن وزارة التربية والتعليم، لأنه فى الغالب قرار فردى، ومن غير المفهوم أن يتم التجريب على المرحلة الثانوية، بالعودة الى طريقة قديمة فى تأليف المناهج المدرسية، فى الوقت الذى لم تعلن فيه الوزارة عن عيوب محددة فى طريقة المسابقة، كما لم تعلن الوزارة على الرأى العام وجهة نظرها فى الأخذ بنظام المسابقة فى تأليف كتب اللغات الاجنبية بالمرحلة الثانوية، دون باقى المواد.
وأكدت أستاذة المناهج بالمركز القومى للبحوث التربوية، عايدة أبو غريب، أن العالم كله يتجه الى طريقة تأليف الكتب المدرسية عن طريق المسابقة، لما تتيحه من فرص أكبر للمؤلفين، بدلا من الاعتماد على طريقة العلاقات الشخصية التى قد لا تراعى المصالح العامة.
وأوضحت أن طريقة المسابقة تتيح لدور النشر التنافس على طريقة إخراج الكتاب بأفضل الإمكانيات التى قد لا تكون متوافرة لدى الوزارة، فضلا عن الإنفاق على الحافز المالى للمؤلفين، وقد يستغرق إعداد الكتاب فى بعض دور النشر فى أوروبا وأمريكا واليابان 3 سنوات، وليس 3 شهور.
على الجانب الآخر قال أستاذ مناهج اللغة العربية بتربية عين شمس، محمود الناقة، أفضل طرق تأليف الكتب المدرسية، لكن لا بد من توفر 7 شروط، هى أن يكلف بها، المتخصصون الأفذاذ، وأن تشكل فرق التأليف تشكيلا شفافا من خبراء الصنعة، وأن يمنحوا الوقت الكافى لإعداد المادة والصور والرسومات وغيرها، بحيث لا يقل عن 6 أشهر، وأن يجرب المنهج خلال فصل دراسى على الأقل، وأن يوفر لفريق التأليف المكان المناسب والمكافآت المالية، والإشادة الاعلامية».
وطالب الناقة، من وزير التربية والتعليم الإعلان عن السبب الحقيقى العلمى والمقنع، فى الإبقاء على نظام المسابقة فى المرحلتين الابتدائية والإعدادية، والعدول عنها فى المرحلة الثانوية، لأنه لا توجد مرحلة دراسية أهم من أخرى فى تكوين الطالب.
واستطرد: «هناك الكثير من الأسباب التى لا تخفى على الكثيرين، مثل المواءمات والمصالح، وتعمد إبعاد بعض الأسماء عن التأليف».
واتفق مع رأى الناقة، العميد الأسبق لتربية عين شمس، محمد المفتى، معتبرا أن شرط نجاح طريقة التكليف عن طريق اللجان العلمية، هو أن يكون اختيار الأعضاء طبقا للأسس العلمية ولأهل الخبرة، وليس أهل الثقة».
من جانبه كشف الدكتور حسين بشير، مقرر لجان إعداد معايير المناهج الدراسية بالهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، أن وزارة التربية والتعليم لم تطلب من الهيئة، اختبار ما إذا كانت المناهج التى تم تأليفها خلال السنوات الماضية بطريقة المسابقة، مطابقة لمعايير تأليف المناهج التى عكف عليها 925 خبيرا وأستاذا طوال 3 سنوات، وصدرت عن الهيئة أم لا، وكان عليها أن تطلب ذلك من الهيئة لتقييم التجربة.
وقال الدكتور عيد أبو المعاطى، أستاذ مناهج الأحياء بالمركز القومى للبحوث التربوية، وزير التربية والتعليم، أقر نظام التكليف فى تأليف كتب المرحلة الثانوية، وتتكون اللجنة من أستاذ أكاديمى من كلية العلوم فى قسم النبات والحيوان والبيئة، وأستاذ تربوى فى المناهج وطرق التدريس، وعضو من مكتب مستشار الأحياء بالوزارة.
وأوضح أبوالمعاطى أن اللجنة المكلفة بالتأليف اتفقت على أن تبتعد طريقة التأليف عن السرد، وتعتمد على الاستقصاء والتفكير العلمى، لكى يصل الطالب للمعلومة من خلال التعلم، مؤكدا أن الكتاب سيكون فى المطابع فى نهاية فبراير المقبل، واقترحت اللجنة تجريبه على بعض التلميذ خلال السنة الدراسية الحالية، قبل أن يقرر العام المقبل، وأشار أبو المعاطى إلى أن اللجنة ستشترط شروطا جديدة لطباعة الكتاب، ليكون على أعلى مستوى من الإخراج والرسوم والصور والألوان، «سيشهد الكتاب تطويرا كاملا بما يسمح للبيئة المدرسية أن تتحمله».