غدًا.. انطلاق العام الدراسي الجديد في 12 محافظة بينها القاهرة والأقصر    أسعار التمر السيوي الجمعة 19 سبتمبر 2025    وزير النقل يعلن فتحا جزئيا للطريق الدائري الإقليمي غدًا السبت    ماكرون: إسرائيل تدمر مصداقيتها أمام العالم.. والاعتراف بدولة فلسطين هو الحل    رسالة بخط يده.. ماذا كتب ملك أسبانيا عن رحلته فى الأقصر .. صورة    بيطرى المنيا يضبط أكثر من طن ونصف لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمى بمركز مغاغة    انتحل صفة طبيب وفتح عيادة بالتجمع الخامس.. سقوط مسجل جنائى بقبضة الداخلية    الداخلية: ضبط 98665 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    الداخلية تكشف كذب ادعاء اختطاف طفل بالقاهرة وتوضح ملابسات الحادث    مصدر أمني ينفي صلة "الداخلية" بجمعية عقارية في دمياط    مهرجان بورسعيد السينمائى يفتتح فعالياته بتكريم الراحل محمود ياسين.. صور    صالون نفرتيتي يطلق فعالية ميراث النهر والبحر في دمياط ضمن مبادرة البشر حراس الأثر    بعد تماثلها للشفاء.. أول ظهور للفنانة الشابة رنا رئيس    العريش والشيخ زويد يحققان إنجازا صحيا غير مسبوق: 1000 عملية في 6 أسابيع    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفيات كفر الشيخ ويوجه بإصلاحات عاجلة    مع اقتراب الخريف.. ما هو الاضطراب العاطفي الموسمي وأعراضه وطرق العلاج؟    ربيع الغفير خطيبًا.. نقل شعائر صلاة الجمعة بعد قليل من الجامع الأزهر    "ليكن نور".. المؤتمر الأول لذوي الهمم بإيبارشية حلوان والمعصرة    أميرة أديب تطلق أغنية "أحمد" من ألبومها الجديد    فيديو - أمين الفتوى يكشف عن دعاء فك الكرب وكيف تجعله مستجاباً    أستاذ بالأزهر يوضح حكم استخدام السبحة: إظهارها حرام شرعًا في هذه الحالة    ما مهام مجلس النواب في دور الانعقاد السادس المنتقص؟    مصادرة 1100 علبة سجائر أجنبية مجهولة المصدر في حملة ل «تموين العامرية» (صورة)    بدر عبد العاطي: نُحضر لمشروع سعودي تنموي عقاري سياحي للاستثمار في منطقة البحر الأحمر    وزير الخارجية: نسعى لتعزيز التعاون المصري-السعودي لمواجهة التحديات الإقليمية    رسالة من منفذ عملية معبر الكرامة.. ماذا قال فيها؟    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 19- 9- 2025 والقنوات الناقلة    نجم الزمالك السابق يكشف سر تصدر الفريق للدوري    دونجا: عبدالقادر مناسب للزمالك.. وإمام عاشور يمثل نصف قوة الأهلي    افتتاح الملتقى الدولي التاسع لفنون ذوي القدرات الخاصة بحضور 3 وزراء    صحة غزة: 800 ألف مواطن في القطاع يواجهون ظروفا كارثية    ملك وملكة إسبانيا يفتتحان إضاءة معبد حتشبسوت فى الأقصر.. صور    %56 منهم طالبات.. وزير التعليم العالي: المنظومة تضم حاليًا ما يقرب من 4 ملايين طالب    أسعار المستلزمات المدرسية في قنا 2025: الكراسات واللانش بوكس تتصدر قائمة احتياجات الطلاب    "نور بين الجمعتين" كيف تستثمر يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف والأدعية المباركة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة فى سوهاج    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    رسمياً.. مكتب التنسيق يعلن نتائج تقليل الاغتراب لطلاب الشهادات الفنية    وحدات التضامن الاجتماعي بالجامعات تراجع الاستعدادات النهائية لاستقبال العام الدراسي الجديد 2025- 2026    ضياء السيد: «الإسماعيلي يعيش على الماضي.. ولابد من تدخل سريع لإنهاء أزماته»    للمرأة العاملة، ممنوع وضع المعجنات يوميا فى لانش بوكس المدرسة بدلا من الساندويتشات    أفكار تسالي للمدرسة.. اعملي الباتون ساليه بمكونات على قد الإيد    عمرو يوسف: مؤلف «درويش» عرض عليّ الفكرة ليعطيها لممثل آخر فتمسكت بها    التعليم: حملة موجهة من مراكز الدروس الخصوصية لإبعاد الطلاب عن اختيار البكالوريا    ميرتس: ألمانيا ستحدد موقفها من عقوبات الاتحاد الأوروبي على إسرائيل بحلول أكتوبر    إجلاء الآلاف في برلين بعد العثور على قنبلة من الحرب العالمية الثانية    زلزال بقوة 7.8 درجة يهز منطقة كامتشاتكا الروسية    أصل الحكاية| سرقة الأسورة الملكية من المتحف المصري جريمة تهز الذاكرة الأثرية    أسعار الذهب اليوم الجمعة 19 سبتمبر في بداية التعاملات    أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري اليوم    واشنطن تجهز مقبرة «حل الدولتين»| أمريكا تبيع الدم الفلسطيني في سوق السلاح!    نجم الأهلي: لن أخوض الانتخابات أمام الخطيب    أمينة عرفي تتأهل إلى نهائي بطولة مصر الدولية للإسكواش    سعر الموز والتفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    حي علي الصلاة..موعد صلاة الجمعة اليوم 19-9-2025 في المنيا    بعد رباعية مالية كفر الزيات.. الترسانة يقيل عطية السيد ويعين مؤمن عبد الغفار مدربا    رحيل أحمد سامى وخصم 10%من عقود اللاعبين وإيقاف المستحقات فى الاتحاد السكندري    الدفعة «1» إناث طب القوات المسلحة.. ميلاد الأمل وتعزيز القدرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلنعتذر إلى مينا ونبيل
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 10 - 2012

فى الصف الثانى الابتدائى أخبرتنا مدرسة الدين أن الإسلام هو الدين الصحيح، وأنه لا وجود للمسيحيين فى مصر، وما أكد على كلامها أننى كنت فى مدرسة إسلامية لا تقبل المسيحيين. لكن عندما عدت للبيت صدمنى أنها تكذب، إذ قال لى أبى ومن بعده جدتى إن هناك ديانة أخرى فى مصر وأن حاتم ابن جارتها الذى كنت أحب اللعب معه هو مسيحى الديانة. ثم ذهبت ومعى أمى فى اليوم التالى إلى المدرسة وأصررت على تصحيح المعلومة.

تكرر ذلك مرة أخرى فى الصف الأول الإعدادى عندما أخبرنا مدرس التاريخ أن المسيحيين سيدخلون النار، وتكرر ذهاب أمى إلى المدرسة لتصحيح المعلومة.

تذكرت هذه الأحداث وأنا أتابع أخبار الطفلين المتهمين بازدراء الأديان فى بنى سويف وإيداعهما مؤسسة للأحداث، ثم الإفراج عنهما وتسليمهما إلى والديهما.

طفلان لم يتجاوزا العاشرة من عمرهما، غير مسئولين تماما عن أفعالهما، والجريمة الأكبر ارتكبها من حاكمهما وأدخلهما مؤسسة الأحداث لعدة أيام.

فى الحقيقة عند سماع الخبر تزاحمت المشاهد فى عقلى واستولت على ذهنى تماما. المشهد الأول فى 2005 عندما كنت أقوم ببحث داخل إحدى دور رعاية الأحداث بالجيزة، طفل يجلس على ركبتيه فى استسلام شديد وثابت تماما، بينما يقوم المشرف بضربه على وجهه ضربات متتالية بعنف شديد دون أن يتحرك، وإلا وسيتضاعف العقاب.

المشهد الثانى فى 2006 بإحدى دور رعاية الأحداث بالعجوزة، وتحديدا فى غرفة الطعام على إثر شجار مجموعة من البنات المقيمات بالمكان، تبادلن وابلا من الشتائم وقاموا بإلقاء السكاكين فى وجه بعضهن، ما أصابنى بحالة من الذعر الشديد.

المشهد الثالث فى 2010، وتحديدا فى شهر رمضان، عندما كنت أقوم بإلقاء محاضرة عن الاحتياجات النفسية لمجموعة من الأطفال لم يتجاوز عمرهم 12 سنة بإحدى دور رعاية الأطفال المسيحية... فى البدء رحبوا بى جدا والبنات أحبتنى وبسرعة حدث تآلف ومشاركات عميقة حول احتياجاتهم، لكن تغير كل ذلك فى دقائق عندما أخبرتهم أننى صائمة واكتشفوا أنى مسلمة، عندئذ حرمت من الدخول بدعوى أننى أدرس منهجا إسلاميا، رغم أننى كنت أقوم بتدريس كتاب عن الاحتياجات النفسية مؤلفه مسيحى... وهو المنهج نفسه الذى كدت أحرم من دخول مدرسة أخرى بسببه تحت دعوى أن الكتاب لمؤلف مسيحى، وعندما اكتشفوا أننى مسلمة وافقوا على المحاضرات.

كنت أفكر أيضا فى الجرائم المتتالية التى ارتكبت فى حق الطفلين، كل جريمة منهم كانت كافية لإثارة غضبى من المجتمع بأسره، أتخيل ما الذى حدث للطفلين فى دور الرعاية ببنى سويف على خلفية اتهامهم بإزدراء الأديان.

أتخيل الذعر الذى شعروا به وسط تواجدهم مع مجموعة من الأطفال المجرمين وكم الإساءات التى تعرضوا لها والكافية ليس لكرههم للإسلام بل وكرههم للمجتمع بأكمله وتحويلهم إلى مجرمين.

من الذى يراقب ما يبث فى عقول أطفالنا ؟ فى الحقيقة لا أحد. بالأمس كنت أسأل أم عن أسماء أصحاب طفلها فى الحضانة، فأجابتنى بأنها لا تعرف أى شىء عن الساعات التى يقضيها هناك. لا يوجد تواصل جيد بين الأطفال والوالدين. ولا يوجد رقابة على المحتوى الذى يبث فى عقول الأطفال.

مدارس الأحد فى الكنائس فكرة فى غاية الأهمية والخطورة فى آن واحد، هى تعمق الإحساس بالانتماء لدى الأطفال، لكن لو تم استغلالها لحشد الأطفال ضد المسلمين وتعميق الهوية المسيحية وطمس الهوية المصرية والعربية لأصبح الأمر كارثة. أيضا أصبح هناك اقبال من الأهالى على ذهاب أبنائهم إلى الجوامع وتحفيظهم القرآن، وهو أمر بدأ يحدث مجددا بعدما انحسر لسنوات، وللأسف لا توجد رقابة على ما يقدم لهؤلاء الأطفال، ففى النهاية الموضوع متروك للاجتهادات الشخصية والانتماءات المختلفة. وفى ظل غياب التواصل بين الأهل والأبناء لن تجد من يقوم بتصحيح هذه الأفكار.

و للرد على الشيخ جمال شمردل، أمير الجماعة الإسلامية ببنى سويف والذى صرح بالنص «أنا أحمل قس القرية المسئولية لأنه لم يقم بواجبه نحو توعية الأسر المسيحية فى الكنيسة»، فأنا أحمله أيضا المسئولية لأنه لم يقم بواجبه لتوعية الأسر المسلمة، لأن المجتمع الذى يحول قضاياه فى هذا الوقت العصيب إلى قضية وحيدة وهى محاكمة طفلين لم يتعدا العاشرة من عمرهما، هو مجتمع طفولى يحتاج إلى إعادة تأهيل.

الأمر فى غاية الخطورة، ويحتاج لوقفه حقيقية ومحاسبة واضحة لمن أصدر الحكم على الطفلين، ويجب أن تتخذ إجراءات لوقف نزيف التعصب الدينى وخاصة لدى الأطفال. كلنا مدينون بالاعتذار للساعات العصيبة التى قضاها مينا ونبيل، طفلا بنى سويف، من جراء اللوث العقلى للكبار، كلنا نتشارك فى المسئولية إزاء ما تم بثه فى عقل هؤلاء الأطفال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.