من خلال فيلم وثائقى بعنوان «عشوائية لا يا بيه دى مجهودات ذاتية»، انطلقت مبادرة جديدة تدعو لحق المواطن فى السكن وهى مباردة «الحق فى السكن.. مجتمعات عمرانية عادلة ومستدامة». وقد نشأت الفكرة على مدونة «وزارة إسكان الظل»، عندما تمكن صاحبها يحيى شوكت من تدوين وكتابة وعرض معظم الانتهاكات الخاصة بالحق فى السكن بواسطة سلسلة من الأفلام القصيرة والبيانات التى ترصد هذه الانتهاكات. يقول الناشط يحيى شوكت: «الفيلم الوثائقى القصير يمثل أول حلقة من سلسلة ترصد المشاكل والتحديات العمرانية التى يعيشها غالبية المواطنين فى المدن والقرى، إذ يواجهون أخطار انهيارات المبانى والتلوث والفيضانات والحرمان من أساسيات المعيشة مثل المياه وأسطوانات البوتاجاز والكهرباء والمواصلات... ونرى من خلال الأفلام كيف أدت سياسات الدولة بطريقة مباشرة لهذا القصور». الغرض من سلسلة الأفلام هو تحديد عدة مطالب، يتم بعدها الضغط السياسى.
جهات مختلفة حملت على عاتقها المناداة بحق الإنسان فى السكن، وتعكف على إعداد دراسات متخصصة بهذا الصدد ورصد الانتهاكات وتوثيقها وتعديل القوانين، فضلا عن السعى للتأثير فى اتجاهات السلطة التشريعية وتلقى شكاوى المواطنين. بعض الجهات مثلا كالمركز «المصرى للحق فى السكن»، يحقق أهدافه من خلال وقف عمليات الإخلاء القسرى والمطالبة بتعويض أو تقديم بدائل مناسبة للمتضررين أو الاثنين معا، وتكوين شبكة من المنظمات المهتمة بهذا الحق، وتنمية وعى المواطنين بحقهم فى السكن المناسب، وتقديم المساعدة القانونية للمهجرين. يعدد المستشار القانونى للمركز المصرى للحق فى السكن محمد عبدالعال أبرز القضايا التى تبناها المركز منذ إنشائه فى 1998: «جزيرة الدهب، وتهجير النوبيين من أسوان والأقصر، ومنشية ناصر، وصخرة الدويقة»، فضلا عن تبنى المركز قضايا أخرى خاصة ب«تخفيض أسعار نسبة ال25% من الوحدات السكنية للحالات الخاصة، وقوانين الإيجار». ويضيف عبدالعال: «الحكومة تتعمد أن يكون مفهومها عن الحق فى السكن مرتبطا بالانحياز الطبقى والمرجعية الرأسمالية»، مما ينعكس على التشريعات وعلى الأداء الحكومى فى النمط السكنى الذى اعتمد على التكلفة العالية لتلبية احتياجات الطبقة العليا فى المجتمع. لذا اقترن اسم المركز بأكبر قضايا بيع الأراضى للمستثمرين بامتيازات تفوق الامتيازات العائدة على الحكومة من بيع هذه الأراضى، مثل قضايا توشكى والمستثمر السعودى الوليد بن طلال وبالم هيلز ومدينتى. ويقول المحامى بالمركز المتابع لعدد من القضايا الخاصة بقضية الحق فى السكن، محمد عادل: «نتبنى قضية الحق فى السكن من خلال محورين: الأول يرتبط بعمليات التهجير القسرى التى تتم فى عدد من المناطق العشوائية، وفى هذه الحالة يعمل المركز على المطالبة بصرف تعويضات ملائمة للمهجرين، أما المحور الثانى فهو خاص بأوضاع المستثمرين وعقود استثماراتهم التى تمنحهم امتيازات بدون وجه حق». المركز يتابع خطة تطوير العشوائيات المعروفة بخطة «القاهرة 2020 -2050» وخاصة منطقتى مثلث ماسبيرو ورملة بولاق.
وفى منتصف أغسطس الماضى، لحقت حملة «أحياء بالاسم فقط» بفريق الحركات والجهات المطالبة بمسكن ملائم لجميع فئات الشعب، بعدما دشنت مجموعة من طلاب حزب التحالف الشعبى الاشتراكى حملة لخلق وعى عام بمشكلات المناطق العشوائية. يقول فادى محمد، أحد أعضاء الحملة: «ظروف قيام الثورة لا تزال قائمة من فقر وغياب للعدالة واستمرار مسلسل الخصخصة». بدأت الحملة تجربتها الأولى فى منطقة رملة بولاق، بعد أحداث «النيل سيتى»، على أن تستأنف نشاطها فى مناطق (عزبة الهجانة، وأرض الإمام الغزالى، والنهضة)، فضلا عن التغلغل فى عدد من المحافظات.
من ناحية أخرى تم تأسيس اللجنة الشعبية لأهالى ماسبيرو، ضمن أهالى المنطقة بالتعاون مع مجموعة من المحامين والحقوقيين، الذين تبنوا لمنطق «أهل مكة أدرى بشعابها». فاللجنة تعمل من خلال اقتراحات الأهالى أنفسهم وليس بمجرد الاعتماد على الحلول الحكومية وحدها. وذلك بخلاف المركز المصرى للإصلاح التشريعى الذى يعتمد فى نشاطه إجراء الدراسات والأوراق البحثية، وهو يهتم بشكل عام بالفئات الأكثر ضعفا فى المجتمع، ويساهم فى حمايتها من خلال النصوص القانونية والدستورية.