الاعتذار الذي طلبه خيرت الشاطر، النائب الأول لجماعة الإخوان المسلمين، من جريدة الحرية والعدالة، لألتراس أهلاوي، بعدما اتهمته "بصناعة الأزمات"، تأخر كثيرا من عدة جوانب، لكنه علي كل حال، نكأ جرحا عميقا في جسم الآلة الإعلامية للإخوان، يكشف عن أهمية علاجه بشكل سريع ضمن إصلاح المنظومة الإعلامية في عموم مصر. والحقيقة التي يتوارى منها القوم في مكتب الإرشاد، أن إعلام الجماعة، (موقعا وجريدة وفضائية)، لم يكن يوما محايدا، بقدر ما كان موجها، يسير خلف المواقف السياسية للإخوان أينما ذهبت، فيتغير ويتلون بقدر ما تحققه حسابات المكسب والخسارة، مما أفقده القدرة على التواصل مع فئات الشعب، واقتصر تعاطيه على كوادر الجماعة وشبابها فقط. فقبل أن تكمل الثورة شهرها الثالث، نزعت الجماعة نحو مكاسب اللحظة، وترجم موقعها " إخوان أون لاين" هذا النزوع بوصف "جمعة الغضب الثانية"، في 27 مايو 2011، ب"مظاهرة الوقيعة بين الجيش والشعب"، لكن عندما استشعرت الجماعة لهفتها نحو جمع الغنائم، ضحّت برئيس تحرير الموقع، الزميل عبد الجليل الشرنوبي، على طريقة "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين"، مش كدا وبس، بل أن الدكتور عصام العريان، عضو مكتب الإرشاد والمتحدث الإعلامي باسم الجماعة آنذاك، واصل الإجهاز على الشرنوبي، وتقدم بسمعته المهنية قربانا، عله ينجح في محاصرة ذهول شركاء الميدان من التغير السريع في موقف الإخوان، فقال: "إن تغطية الموقع كانت سيئة وبعيدة عن المهنية، والجماعة ستبدأ في إعادة هيكلته وترتيبه خلال الفترة المقبلة"، لكن الشرنوبي، الذي آلمه سير الأخ على جثة أخيه، وجه لطمة أشد عبر استقالة مدبجة كشف فيها عن تخبط سياسي في صفوف قيادات الجماعة، ولخصها "بربكة الوصول المفاجئ". تذبذب الآلة الإعلامية للجماعة، لم يتوقف عند "إخوان أون لاين" النافذة الأم، والأشهر عندها، بل وصل إلي فضائية "مصر 25" التي تخلت عن أبسط قواعد المهنية في تغطية الحملة الانتخابية للمرشحين بالانتخابات الرئاسية، بحسب متابعين في مراكز حقوقية قاموا بتحليل مضمون ما قدمته القناة لمشاهديها خلال الانتخابات البرلمانية، والرئاسية، وقالوا إنها تخلت عن الحياد. كما أنها سخرت كل إمكانيتها لدعم مرشحها للرئاسة في مواجهة، ابن الجماعة المفصول، عبد المنعم أبو الفتوح، وبمنطق القناة قناتنا، والتليفزيون بتاعنا، تحولت استوديوهاتها إلي مكلمات للأحباء والمخلصين والمتعاطفين مع الجماعة. وامتدادا لهذا المنهج، دخلت صحيفة حزب الحرية والعدالة، على الخط، وصنعت نوعا من الصحافة، الموالية جدا، تضارع ما كانت تقوم به الصحف الحكومية أيام النظام السابق في الهجوم على الخصوم، وتشويههم، والنيل منهم إذا لزم الأمر. شيء من هذا حدث، بعناوين تصدرت صفحات، الحرية والعدالة، في الذكري الأولي لثورة يناير، خد عندك مثلا مانشيت من نوعية: "مخطط لنشر الفوضى في الذكري الاولي للثورة.. قناع فانديتا للاناركيين يقود فوضي 25 يناير"، وعنوان آخر "الأناركية الفوضويون".. "الطرف الثالث الذي يحرق المؤسسات ويسعي لكسر الجيش"، وهو ما دفع نشطاء في أكثر من حركة ثورية للرد على صحيفة الجماعة، بنشر صور شباب الإخوان يرتدون الأقنعة في عام 2006 بجامعة الازهر، كتب عليها "صامدون" عندما قاموا بعرض عسكري للألعاب القتالية. ولكي لا ننسي، كان إعلام الجماعة سباقا في النيل من الثوار ، خاصة مع اقترب انتخابات مجلس الشعب، الماضية، لدرجة أن ذات الصحيفة، وصفت أحداث محمد محمود، التي كانت سببا في تحديد 30 يونيو 2011موعدا لتسليم السلطة، بأعمال بلطجة، وقالت: "المجلس العسكري يطارد بلطجية وليس ثوارا". لم يكن هذا المانشيت هو الأخير، في سلسلة التشويهات المتعمدة التي ارتكبتها جريدة الإخوان لشركاء الأمس، وتطويعها لصحافتها، على نحو يستوجب اعتذارا شخصيا من الشاطر، بصفته الراعي الرسمي لإعلام الإخوان، فعندما أرادت إغلاق الباب في وجه حكومة الدكتور كمال الجنزوري، بعدما طالبت الجميع بمنحها فرصة، خرجت جريدة الإخوان تقول: "عودة المليونيات.. طوق نجاة للاقتصاد"، دون مراعاة لعجلة الإنتاج إياها، وراحت تستطلع آراء خبراء، حسب الطلب، ليؤكدوا أن أزمات البنزين والبوتاجاز والبطالة التي عجزت حكومة الجنزوري عن حلها دفعت بالشعب للنزول في الشارع والعودة للميدان. وعليه، فإن صحافة الإخوان ليس على رأسها ريشة، كما أنها ليست بدعا بين باقي الصحف، وخطؤها أكبر من "كلمتين" يطيب بهم الشاطر خاطر الألتراس، لتتلقفها اللجان الاعلامية للجماعة بعد ذلك دون وعي، وتصنع منهم، بوسترز ينثر على صفحات التواصل الاجتماعي، فيس بوك، وتويتر، يقول "أنا من شباب الإخوان ومتضامن مع شباب الألتراس".