للأسف الشديد نجح القس المتطرف تيرى جونز والمعتوه موريس صادق والصهاينة وكل كارهى الإسلام والمسلمين فى مخططهم. النتيجة النهائية لاقتحام المتظاهرين للسفارة الأمريكية بالقاهرة ومقتل الدبلوماسيين الأمريكيين باقتحام القنصلية الأمريكية فى بنغازى مساء الثلاثاء الماضى، هى ان الصورة المشوهة للإسلام والمسلمين لدى قطاعات كثيرة فى العالم الخارجى ازدادت ترسخا.
عندما يكون خبر اقتحام السفارة بالقاهرة هو فى مقدمة نشرات كبريات المحطات الفضائية العالمية، والصورة لمتظاهرين غاضبين يمزقون العلم ويرفعون علم «القاعدة» وصور أسامة بن لادن وشعاراته فإن البعض سوف يستخلص نتيجة واحدة وهى ان تنظيم القاعدة صار يحكم مصر.
بالطبع ليست هذه هى الحقيقة وربما كان أنصار القاعدة فى مصر لا يتجاوزون بضع مئات من بين تسعين مليون مصرى، لكن فى السياسة الانطباعات هى التى تدوم.
أدرك تماما ان غالبية الذين تظاهروا أمام السفارة الأمريكية أبرياء وأنقياء وفعلوا ذلك بمشاعر عفوية حبا فى رسول الله عليه الصلاة والسلام، بسبب الفيلم «الأهبل والعبيط» فى الولاياتالمتحدة. المشكلة كلها تتلخص فى شىء بسيط اننا لم نتعود ولم نتعلم كيف نغضب وكيف نثور لكى نحصل على حق من حقوقنا.
لا نلوم البسطاء الذين تظاهروا، ولا نلوم اندفاع بعضهم لاقتحام السفارة فهم يعتقدون ان ذلك هو الصواب.
نلوم بشدة الجهات المنظمة للمظاهرة وعدم قدرتها على السيطرة على الحشود وتوجيهها ومراقبة الشعارات المرفوعة.
ونلوم ايضا أجهزة الأمن التى تعاملت مع الأمر بشىء يفتقر للاستعداد والتوقع.
ومثلما أدنت بشدة اقتحام الألتراس لاتحاد الكرة وتكسيره، نلوم بشدة اقتحام السفارة، رغم اعتراضى الشديد على السياسة الأمريكية تجاه منطقتنا، أؤمن بختام إحدى قصائد الراحل العظيم محمود درويش: «أمريكا هى الطاعون والطاعون أمريكا»، لكن فى مجال السياسة وليس الدين.
أمريكا لا تعادينا لأنها أكثر غيرة على المسيحية، مثلما نحن لسنا أكثر غيرة على الإسلام للأسف. ثم إن أمريكا لن تغير سياستها لأننا اقتحمنا سفارتها، وتذكروا ان أنصار الثورة الإيرانية احتلوا السفارة الأمريكية فى طهران لشهور طويلة ولم يغير ذلك من الامر شيئا.
كان يمكن للمتظاهرين ان يحتشدوا بصورة منظمة وحضارية أمام السفارة الأمريكية بالقاهرة، كان يمكن لهم رفع شعاراتهم والاعتصام، وممارسة كل الاساليب الاحتجاجية بشكل سلمى حتى يوصلوا رسالتهم إلى من يهمه الأمر. إذا حدث ذلك سوف يحترمنا الجميع. وما حدث كان هو العكس تماما.
صرنا فى نظر العالم مجموعة من الهمج البرابرة الذين ينفردون بسفارة عزلاء على أرضنا،ولم نفكر ان الأمريكيين يمكنهم أيضا ان يقتحموا سفارتنا فى واشنطن وأن يمزقوا علمنا بحجة ان بعضنا يضطهد الأقباط مثلا ويقوم بتهجيرهم أحيانا من بيوتهم.
نصرة الرسول الكريم تكون بأساليب مختلفة تماما عما حدث مساء الثلاثاء. النصرة تكون باتباع رسالته السمحاء، وبأن نعود لجوهر الإسلام لا طقوسه فقط.
النصرة تتحقق عمليا عندما نصبح أمة قوية تأخذ بالعلم لا بالدجل، بالأسباب لا بالخرافات.
البسطاء والسذج والأبرياء الذين هاجموا سفارة أمريكا مساء لم يلاحظوا ان الرئيس المصرى الإخوانى وإدارته كانوا يتفاوضون صباحا مع وفد أمريكى كبير و«يترجوهم» ان يستثمروا أموالهم فى مشاريع اقتصادية من أجل توفير فرص عمل للمصريين، وان يسقطوا مليار دولار من الديون. عندما نكون أقوياء اقتصاديا لن نحتاج لاستثمارات أمريكا المسيحية أو الصين البوذية أو حتى الأشقاء فى السعودية الوهابية ووقتها سوف يحترمنا الجميع.
وحتى عندما نكون أقوياء وأغنى دولة فى العالم فإن ذلك لا يعطينا الحق فى اقتحام السفارات وقتل الدبلوماسيين، لأن الإسلام الحق ينهانا عن ذلك.