"القومي لحقوق الإنسان" ومكتبة الإسكندرية ينظمان ندوة حول نشر وتعزيز الثقافة الحقوقية    البطريرك يوحنا العاشر يستقبل المبعوث الأممي بيدرسون في دمشق    محافظ كفر الشيخ يُسلم 22 عقد تقنين جديد للمواطنين    شتلة صغيرة استدامة طويلة.. شعار جامعة حلوان في اليوم البيئي    ترامب: إيران وإسرائيل رغبتا معا في وقف الحرب    هولندا تقدم حزوة مساعدات لصناعة المسيرات في أوكرانيا    الوضع في طرابلس والعملية السياسية.. ماذا جاء في إحاطة البعثة الأممية لليبيا أمام مجلس الأمن؟    تقرير: مبابي خارج حسابات ريال مدريد في مباراة سالزبورج    نوتنجهام يفتح محادثات مع يوفنتوس لضم وياه ومبانجولا    الأهلي يجهز تقريرا طبيا عن إمام عاشور لإرساله إلى المنتخب    مطروح: حملات رقابية تضبط وتعدم 37 كجم أغذية فاسدة وتغلق منشأة مخالفة    القبض على سيدة القروض الوهمية بالمحلة بعد استيلائها على 3 ملايين جنيه من 40 ضحية    أوقاف شمال سيناء تطلق مبادرة توعوية بعنوان "احمى نفسك"    زينة تبدأ تصوير ورد وشيكولاتة.. وتتعاون مجددا مع ماندو العدل في عمل مستوحى من قصة حقيقية    "رحلة إلى الحياة الأخرى".. برنامج تعليمي صيفي للأطفال بمتحف شرم الشيخ    جائزة لرجل الصناديق السوداء    الأزهر يعرب عن تضامنه مع قطر بعد هجوم إيران.. ويطالب بضرورة احترام سيادة الدول على كامل أراضيها    مصر وموريتانيا تبحثان توسيع الشراكة الصحية: تعاون في الدواء والتحول الرقمي ومكافحة الملاريا    عملية نادرة تنقذ مريضة من كيس مائي بالمخ بمستشفى 15 مايو التخصصى    العرض الأفريقي الأول لعائشة لا تستطيع الطيران بمهرجان ديربان السينمائي الدولي    وقف مؤقت للغوص بجزر الأخوين لتنفيذ برنامج تتبّع لأسماك القرش    حكومة الانقلاب فشلت في مواجهتها..الكلاب الضالة تهدد حياة المواطنين فى الشوارع    «الداخلية» تمد فعاليات المرحلة ال27 من مبادرة «كلنا واحد» لمدة شهر    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لعملية القيد التاريخية لشركة ڤاليو في البورصة المصرية    «القومي للمرأة» يهنئ إيمان أنيس لتنصيبها نائباً للأمين العام للاتحاد الأفروآسيوي    محمد مطيع يناقش خطة اتحاد الجودو مع المجلس العلمي لوزارة الرياضة    بالعلم الفلسطيني وصوت العروبة.. صابر الرباعي يبعث برسالة فنية من تونس    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية في شبين الكوم| صور    مجلس جامعة الإسكندرية يعتمد الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد    الرئيس الفرنسي يشدد أهمية التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة    تنفيذ 7234 عملية عيون للمرضى غير القادرين بالأقصر    «متى سنتخطى التمثيل المشرف؟».. خالد بيومي يفتح النار على إدارة الأهلي    تقارير: برشلونة يحسم صفقة روني باردجي    «بحبكم برشا».. أول تعليق من مي عمر على تكريمها من مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    جنايات دمنهور تؤجل محاكمة عامل بكفر الدوار لاتهامه بخطف أطفال والتعدى عليهم    الصين: عرض عسكري لإحياء الذكرى ال80 للانتصار فى الحرب العالمية ضد الفاشية 3 سبتمبر    سانتوس يقترب من تجديد عقد نيمار    «صحافة القاهرة» تناقش مستقبل التعليم الإعلامي في العصر الرقمي    خلال فعاليات قمة مصر للأفضل.. «طلعت مصطفى» تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    يوسف داوود.. "مهندس الضحك" الذي ألقى خطبة الجمعة وودّعنا في هدوء    الإدارة العامة للمرور: ضبط (56) ألف مخالفة خلال 24 ساعة    تحرير (153) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    تبدأ 26 يوليو.. محافظ الدقهلية يعتمد جدول امتحانات الدور الثاني للنقل والشهادة الإعدادية    محافظ القاهرة يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجرى الجديد غدا نائبا عن الرئيس    وزيرة البيئة: مشروع تطوير قرية الغرقانة نموذج متكامل للتنمية المستدامة الشاملة    6 مشاريع بحثية متميزة لطلاب الامتياز ب"صيدلة قناة السويس"    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بقيمة 8 ملايين جنيه    إزالة 1883 حالة تعدٍ بالبناء المخالف على أملاك الدولة ببني سويف    متحدث عسكري عراقي: مسيرات استهدفت عدة مواقع وقواعد نتج عنها أضرار للرادارات    قافلة طبية مجانية بحى الصفا فى العريش تشمل تخصصات متعددة وخدمات تثقيفية    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    تداول 10 آلاف طن بضائع و532 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع «المكياج»؟.. الإفتاء تُجيب    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    شاهد وصول لاعبى الأهلى إلى استاد ميتلايف لمواجهة بورتو البرتغالى    سعد خلف يكتب: من دونيتسك إلى بوشهر.. بوتين يعيد رسم خرائط النفوذ من قلب سانت بطرسبرج    رسائل قوية من بوجبا عن أزمة المنشطات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقليتنا وأقلياتهم والرئيس الجديد
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 04 - 2012

فى الوقت الذى خلت فيه قائمة مرشحى الرئاسة المصرية ذات الثلاثة عشر رجلا من أى مرشح مسيحى، تستعد الولايات المتحدة لاختيار رئيسها للسنوات الأربع القادمة من بين مرشحين أحدهما ديمقراطى من أبناء الأقلية العرقية السوداء، ومرشح جمهورى من أبناء أقلية المورمون الدينية.

سيخوض الرئيس الحالى باراك أوبانا الانتخابات ممثلا للحزب الديمقراطى، وهو ابن الأفارقة السود، وهم أقلية نسبتهم اليوم 13% من سكان الولايات المتحدة أو ما يقرب من 40 مليون شخص. وتاريخيا ارتبطت كلمة أسود بكلمة عبودية فى أمريكا، وجاءت نشأة المجتمع والدولة هنا على عدة أسس، من أهمها ضرورة جلب عبيد بأعداد كبيرة من القارة الأفريقية للعمل فى الأراضى الشاسعة، ولم يمنع ويتوقف استيراد العبيد من أفريقيا إلا عام 1806. وكان صوت الأمريكى الأسود الحر يبلغ ثلاثة أخماس صوت المواطن الأبيض، وتطلب الأمر حربا أهلية ضروسا للتغلب على تراث العبودية فى الولايات المتحدة.

أما منافسه الجمهورى ميت رومنى، فهم أحد أبناء طائفة المورمون وهى الديانة التى أسس لها السيد جوزيف سميث، ويعتبره أتباعها نبيا من الأنبياء. وفى عام 1830 قام جوزيف سميث بالدعوة لدينه الجديد، وقد استجاب العديد من المسيحيين الأمريكيين لدعوة جوزيف. ويخالف المورمون المذاهب المسيحية الأخرى بالسماح بتعدد الزوجات. واعتبرت المذاهب المسيحية الأخرى المورمون مرتدون، وقد نشب عدد من الاضطرابات بينهم وباقى المذاهب المسيحية، وقد كان أشدها فى عام 1844 والتى هاجم فيها الأهالى جوزيف فسجنوه وشقيقه ثم قتلوهما دون محاكمة. وتبع ذلك مهاجمة وإحراق كنائس المورمون، وقتل العديد من أتباعها. ويصل نسبة المورمون اليوم 1.7% من أجمالى الشعب الأمريكى أو ما يزيد قليلا.

وتظهر منافسة أبناء الأقليات على منصب الرئاسة، أن أمريكا لم تعد بلدا للبيض فقط، وليست بلدا للمسيحيين البروتستانت فقط، على الرغم من أغلبيتهما.

لم يكن اللون والعرق فى حالة أوباما هى العوامل الحاسمة فى نصره منذ أربع سنوات، ولن تكون كذلك إذا ما تم إعادة انتخابه. ولم يكن الدين أو المذهب العقائدى فى حالة رومنى هو العامل الحاسم لاختياره لتمثل الجمهوريين. تقاس درجات تقدم وتطور المجتمعات بدرجة تحييد الدين واللون والعرق والخلفيات الأخرى، مقابل الاهتمام بالكفاءة والأمانة.

لم يفز أوباما بفضل تصويت الأمريكيين السود فقط لصالحه بل بفضل أصوات البيض بدرجة كبيرة. هذا لا يمنع أن بعض الديمقراطيين البيض قالوا إنه لا يمكنهم التصويت لأوباما لأنه أسود، كما يمكن أن يكون قليل من السود قد صوتوا له فقط لأنه أسود. إلا أن الحقيقة تكمن فى أن غالبية الأمريكيين الذين اختاروا أوبانا لم يأخذوا فى الاعتبار مسألة الجنس أو اللون. إنما قام اختيار هؤلاء الذين صوتوا لصالحه، بعد تفكير عميق، على أساس شخصيته وكفاءته ورسالته.

انتخاب أوباما ليكون الرئيس ال44 للولايات المتحدة أزال آخر حاجز عنصرى فى السياسة الأمريكية. وأكدت أن هذا التحول التاريخى الذى شهدته أمة مثقلة بإرث عنصرى لم يكن متوقعا قبل سنوات قليلة.

فى مصر لم يطرح الإخوة الأقباط الذين يصل عددهم إلى ما يقرب من عشرة ملايين مصرى، طبقا لتقديرات محايدة، مرشحا رئاسيا لأسباب غير معروفة. وفى الوقت ذاته لم تختر أى من الأحزاب الضعيفة والممثلة فى البرلمان، وخاصة تلك التى ليس لها أى حظوظ فى الفوز، مرشحا قبطيا، ولو بصورة رمزية لأسباب غير معروفة، واختارت مرشحين مجهولين لم يسمع بهم الأغلبية الكاسحة من الشعب المصرى.

اختارت أمريكا ومصر السير فى طريقين متناقضين تماما، نرى اليوم 13 مرشحا من المسلمين، ونرى فى الوقت نفسه مرشحين أمريكيين من أبناء الأقليات.

ومن المفهوم أن يكون لدى الأقباط قلق حقيقى من المرشحين ذوى الخلفية الإسلامية، لا سيما أن بعضهم لا يخفى تشدده حيال الأقباط، وبعضهم يرفض مدنية الدولة أو لا يقبلها بوضوح. إلا أن النظام السابق ومرشحيه لم يقدموا خلال الثلاثين عاما الماضية أى حلا لمشاكل الأقباط، أو حتى اعترافا واضحا بها.

كانت لوحة جميلة عرضتها وسائل الإعلام المختلفة لأسمى صور الوطنية المصرية المعاصرة عندما بدأ المتظاهرون المسلمون فى إقامة شعائر صلاة الجمعة فى ميدان التحرير وسط حماية ظاهرة من إخوانهم الأقباط أثناء ثورة 25 يناير.

وجمعت مظاهرات المصريين ضد النظام السابق بين رفعة المصاحف وحملة الصلبان، واتحدا فى الهتاف بضرورة إسقاط النظام الديكتاتورى وإقامة دولة ديمقراطية. ومثل كل ذلك صورة مصرية افتخر بها الجميع، وإن دلت الصورة على شىء، فهو عمق وطنية المصريين وولائهم لبلدهم. ولم تكن صورة الوطنية المصرية المعاصرة استثناء، فقد شهدت مصر مواقف وأفعالا عديدة تؤكد وطنية مواطنيها خلال النصف الأول من القرن العشرين.

أين مكرم عبيد اليوم فى مصر ما بعد الثورة، لقد كان عبيد هو أول من نطق عبارة «مصر ليست وطنا نعيش فيه ولكنها وطن يعيش فينا»، وتمتع مكرم عبيد بشعبية طاغية ومكانة متميزة بصفته المصرية وليس بصفته المسيحية. ومكرم عبيد هو صاحب فكرة النقابات العمالية وتكوينها والواضع الأول لكادر العمال فى مصر، وتوفير التأمين الاجتماعى لهم، وواضع نظام التسليف العقارى الوطنى، كما انه صاحب الأخذ بنظام الضريبة التصاعدية للدخل، ومن أهم مأثوراته «اللهم يا رب المسلمين والنصارى اجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصارا، واجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين». أين مكرم عبيد اليوم فى مصر؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.