مجلس الشيوخ الأمريكي يصوت لإلغاء رسوم ترامب على البرازيل    خلاف أطفال يتحول إلى كارثة.. سيدتان تشعلان النار في منزل بعزبة الثلثمائة بالفيوم    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 4 مسيرات أوكرانية كانت متجهة نحو موسكو    أغلى الكؤوس، موعد قرعة ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين والقنوات الناقلة    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 29-10-2025 والقنوات الناقلة.. ظهور الأهلي وليفربول    سعر الدولار الآن مقابل الجنيه بالبنك المركزي والبنوك الأخرى قبل بداية تعاملات الأربعاء 29-10-2025    اليوم..جلسة النطق بالحكم على سوزي الأردنية    الإستعلام عن الحالة الصحية لشخصين أصيبا إثر حريق شقة    مصرع وإصابة 17 شخصًا في تصادم 3 سيارات بطريق «الإسماعيلية-السويس» الصحراوي    جواهر تعود بحلم جديد.. تعاون فني لافت مع إيهاب عبد اللطيف في "فارس أحلامي" يكشف ملامح مرحلة مختلفة    في الذكرى الأولى لرحيله.. حسن يوسف: فنان من حي السيدة زينب سكن الذاكرة وخلّد ملامح جيل بأكمله    مسلسل المدينة البعيدة الموسم الثاني.. موعد عرض الحلقة 35 اليوم والقنوات الناقلة    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السعودية بداية تعاملات الأربعاء 29 أكتوبر 2025    أسعار الأسماك والخضراوات والدواجن.. اليوم 29 أكتوبر    72 ساعة تفصلنا عن لحظة التاريخ.. مصر تستعد لافتتاح المتحف المصري الكبير في أضخم حدث حضاري وأمني يشهده العالم| صور    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    ما قصة وراء الصورة.. ترامب ينشر صورة مع أول رئيسة وزراء فى اليابان    ارتفاع أرباح وارتسيلا الفنلندية بنسبة 19% خلال الربع الثالث    كوريا الشمالية تطلق صواريخ كروز قبيل قمة ترامب والرئيس الكوري الجنوبي    أحمد عيد عبدالملك: الزمالك تأثر برحيل مصطفى شلبي    مباراة الأهلي ضد بتروجيت مباشر في الدوري.. الموعد والقنوات والمعلق والتشكيل    مفاحآة مثيرة.. سبب أزمة محمد السيد مع الزمالك    «زي النهارده».. العدوان الثلاثي على مصر 29 أكتوبر 1956    متحدث الشباب والرياضة يكشف كواليس جلسة حسين لبيب مع أشرف صبحي    استشهاد 11 فلسطينيا على الأقل في سلسلة غارات إسرائيلية على قطاع غزة    «زي النهارده».. حل جماعة الإخوان المسلمين 29 أكتوبر 1954    ألمانيا تسجل 31 حالة إصابة بإنفلونزا الطيور في المزارع و131 حالة بين الطيور البرية    رسميًا.. موعد صرف معاشات شهر نوفمبر 2025 وفقًا ل التأمينات الاجتماعية    بين الألم والأمل.. رحلة المذيعات مع السرطان.. ربى حبشى تودّع المشاهدين لتبدأ معركتها مع المرض.. أسماء مصطفى رحلت وبقى الأثر.. لينا شاكر وهدى شديد واجهتا الألم بالصبر.. وشجاعة سارة سيدنر ألهمت الجميع    ضبط أطنان من اللحوم المفرومة مجهولة المصدر بالخانكة    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    تجديد حبس المتهم بقتل أطفال اللبيني ووالدتهم    منتخب الناشئين يهزم المغرب ويواجه إسبانيا في نصف نهائي مونديال اليد    الكشف عن حكام مباريات الجولة ال 11 بدوري المحترفين المصري    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي ضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" بمحافظتي الفيوم والمنيا    التحفظ على كاميرات طوارئ قصر العيني والتقرير الطبي لوالدة أطفال اللبيني بفيصل    جوهرة مكرسة لعرض حضارة واحدة، المتحف المصري الكبير يتصدر عناوين الصحف العالمية    كريستيانو رونالدو يخسر 13 بطولة فى ثلاث سنوات مع النصر    الخارجية الفلسطينية ترحب بالتقرير الأممي لحالة حقوق الإنسان في الأرضى المحتلة    وزير الاستثمار يشارك في النسخة التاسعة ل " منتدى مبادرة الاستثمار" بالمملكة العربية السعودية    رسميًا.. موعد امتحان 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف (الرابط المباشر)    تزيد حدة الألم.. 6 أطعمة ممنوعة لمرضى التهاب المفاصل    انتشال جثث 18 مهاجرًا وإنقاذ أكثر من 90 شخصًا قبالة السواحل الليبية    افحص الأمان واستخدم «مفتاح مرور».. 5 خطوات لحماية حساب Gmail الخاص بك    اتحاد الغرف التجارية يكشف خطته لمواجهة التخفيضات الوهمية في موسم البلاك فرايداي    تدريب طلاب إعلام المنصورة داخل مبنى ماسبيرو لمدة شهر كامل    الحظ المالي والمهني في صفك.. حظ برج القوس اليوم 29 أكتوبر    بمكونات منزلية.. طرق فعالة للتخلص من الروائح الكريهة في الحمام    قنديل: الصراع في غزة يعكس تعقيدات المشهد الدولي وتراجع النفوذ الأمريكي    لمسة كلب أعادت لها الحياة.. معجزة إيقاظ امرأة من غيبوبة بعد 3 سكتات قلبية    دعاية مبكرة.. جولات على دواوين القبائل والعائلات لكسب التأييد    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة    اتخاذ إجراءات ضد استخدام الهاتف المحمول.. وكيل تعليمية قنا يتفقد مدارس نقادة بقنا    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    استعدادات مكثفة لمتابعة جاهزية المراكز الانتخابية قبل انطلاق انتخابات النواب بقنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسنى مبارك.. بطلًا

هل يمكن أن تتحول مشاعر المصريين تجاه الرجل الذى ما زال يدعى حسنى مبارك؟ بعد كل ما فعله بنا طوال الثلاثين عاما الماضية، هل يمكن أن يظفر هو وعائلته بنظرة متعاطفة؟ الأمر غاية فى الصعوبة، خاصة بعد أن رأينا تغير قلوب الذين كانوا يعشقونه إلى كارهين له، فحتى المتظاهرون المصابون بمرض عشق الاضطهاد الذين خرجوا إلى ميدان مصطفى محمود وهم يهتفون له: «سامحنا يا والدنا»، تحولوا جميعا ضده بعد أن اكتشفوا حجم المبالغ التى سرقها وأخذوا يصرخون: «هات فلوسنا يا حرامى»، رغم ذلك كله فما زال من الممكن أن يفعل مبارك شيئا يبيض به وجهه كما يقول المثل، ويغير من مشاعرنا تجاهه.
ليس بالمظاهرات المضادة، ولا بمؤامرات رجال الحزب الوطنى الذين يخططون للعودة، ولا بفلول مباحث أمن الدولة الذين لا يكفون عن التحرش والوقيعة بين الثوار ورجال الجيش، ولكن أن يفعل الرئيس السابق شيئا يؤكد به الكلمات التى يتشدق بها كثيرا عن شرفه العسكرى، وعن شخصه كمقاتل لا يتخلى عن موقعه، ولا عن الأمانة التى يحملها، إضافة لكلماته الباكية عن رغبته فى أن يدفن فى ثرى مصر، كل هذا الهراء الذى كان يقوله فى أيامه الأخيرة، بينما كان فى الواقع مشغولا مع نجليه العزيزين بتحويل الأموال الكثيفة التى حصدها من قوت الشعب المصرى، إلى أماكن لا يمكن تعقبها، وتقول الرواية المتداولة إن مبارك اتصل بملك السعودية، ورئيس دولة الإمارات فى منتصف الليل ليقول لهم باكيا إن هناك مؤامرة على حياته، وإن الجيش يهدده حتى يترك السلطة، وكأنه كان لا يسمع جموع الشعب التى تطالب بخلعة، وطلب منهما أن يسمحا له بتخبئة نقوده فى خزائن بنوكهم بديلا عن البنوك الأوروبية التى تخضع للرقابة ولا تسمح القوانين لها بإبقاء أموال الطغاة دون تجميدها، وقد استجاب الحاكمان لهذا الرجاء، وسمحا بأن تفتح البنوك أبوابها فى منتصف الليل لتستقبل هذه الأموال التى تم تحويلها فى نفس الليلة، ووضعت تحت أسماء خفية بضمانة هذين الحاكمين، ربما لم تكن هذه الرواية دقيقة فى تفاصيلها ولكنها مؤكدة فى مضمونها، ولابد أنه حدثت فى العديد من الدول التى لا تخضع بنوكها للرقابة.
إن ثروة الرئيس مبارك وأسرته، حسب ما تقوله مصادر غربية، تتجاوز 70 مليار دولار، وهو مبلغ يفوق طاقة أى بشر، وهى أكبر من الأموال سلبتها أسرة محمد على بأكملها وعلى طول تاريخها، وهى أضعاف الغطاء الذهبى الذى سرقته بريطانيا من بنوك مصر أثناء الحرب العالمية الثانية، وأكبر مما استنزفته طوال سنوات احتلالها، من المستحيل أن تقدر أسرة مبارك على إنفاق حتى ولو عاشوا طويلا، يكفى أقل من عشر من هذا المبلغ ليعيشوا فى رغد، ولكننا حتى الآن لم نسمع ردا من هذه الأسرة ولا الذين يحيطون بها، لم ينفوا أنهم أخذوا، ولم يعترفوا أنهم يملكون، الرد الوحيد جاء هزليا من طرفين، من طرف مبارك عندما قدم عن طريق محاميه إقرار الذمة المالية الخاصة بالرئيس الذى يتضمن مبالغ مضحكة عن مرتبه الذى لا يتجاوز ال24 ألف جنيه، كأنه ما زال يعتقد أن هناك من يمكن أن يصدق هذا الهراء، ومن طرف الحكومة المصرية ومدعيها العام عندما أعلن عن تجميد أموال أسرة مبارك دون أن يتبع هذا القرار الصورى بأمر يمنع الأسرة الكريمة من السفر أو إلقاء القبض عليها، تصرف هزلى مضاد هدفه إلهاء الناس وليس السعى لتحقيق العدل واقتناص الحق الضائع.
أيا إن كان المبلغ المقدر لثروة الرئيس، فإن الجزء الأكبر منها مهدد بالضياع، سيضيع علينا كوطن وعليهم كأسرة، فضياع السلطة يستتبعه بالضرورة ضياع جزء كبير من هذه الأموال، ولعلنا نذكر ما حدث مع الملك السابق فاروق، ففى اليوم الذى تنازل فيه عن العرش، كانت ثروته فى بنوك أوروبا تقدر ب20 مليون جنيه، وعندما وصل إلى إيطاليا بعد ليلة واحدة كانت 10 ملايين من الجنيهات قد طارت من هذه الثروة، رغم أنها كانت متواضعة، ولا يمكن مقارنتها بالهرم الأكبر من الدولارات التى أخذتها أسرة مبارك من مصر.
فعملية تحويل مثل هذه المبالغ الضخمة فى الخفاء وبعيدا عن طائلة القانون تهددها دائما بالتسرب بعيدا عن مسارها وعن أيدى أصحابها، وعلى سبيل المثال فهناك مبالغ ضخمة من الأموال كانت الأسرة توظفها فى مشروعات تحت أسماء أناس يعملون تحت إمرتهم، وضمانهم الوحيد لاسترداد هذه الثروة هو بقاؤهم فى سدة السلطة، وكذلك الأمر مع السماسرة الذين كانوا يضاربون بأموال الأسرة فى البورصات العالمية، والعديد من الودائع الموجودة فى خزائن البنوك تحت أسماء أفراد أو شركات أو مؤسسات مالية، كل هذه الاستثمارات مهددة بالضياع بعد أن فقدت أسرة مبارك أنيابها، ماذا يمكنها أن تفعل عندما يستأسد عليها شركاؤها السابقون، ماذا تملك للدفاع عن أموالها وهى مطاردة بجرائم الفساد السياسى وقتل العزل ونهب الشعب، وكلها جرائم ضد الإنسانية وسوف تطال أفرادها إن عاجلا أو آجلا، فجرائم ثلاثين عاما من الإذلال للشعب المصرى لن تنقضى بهذا الأمر من السهولة، وخطورة الصمت والإنكار اللذين تعتصم خلفهما أسرة مبارك سيتسبب فى ضياع كمية ضخمة من الأموال التى سيتلقفها النصابون، ولن يطولهم أحد، وستسمح الأسرة بذلك بسرقة مصر مرتين، مرة حين قاموا هم بسرقتها، ومرة أخرى حين سمحوا لحفنة من السماسرة والوسطاء أن يسرقوها مرة أخرى.
إن أمام مبارك وأسرته فرصة نادرة لأن يبيضوا وجوههم، ويبيضوا أموالهم أيضا، عليهم أن يكشفوا للشعب المصرى عن مكان هذه الأموال وكيفية استردادها، وإذا كان الرقم المطروح 70 مليار دولار فيمكنهم أن يحصلوا منه على نسبة 20 % كما يقضى القانون أى حوالى 14 مليار دولار على سبيل مكافأة نهاية الخدمة أو عمولة من يدل على شىء، وهو ما زال مبلغا بالغ الضخامة، أقل من المبلغ الأصلى حقا، ولكنها نقود حلال، وبيضاء من غير سوء.
كل الذين قاموا بسرقات كبرى تركوا خلفهم شيئا يكفرون به عن ذنوبهم، المماليك الذين كانوا من أكبر اللصوص الذين حكموا مصر تركوا خلفهم آثارا من المساجد والتكايا والأسبلة والمدارس والمستشفيات، الرئيس حافظ الأسد الذى كان زميلا فى الطيران لحسنى مبارك تكفل بإعادة إعمار المسجد الأموى على نفقته الخاصة، وهو واحد من أعظم وأكبر مساجد العالم، وقد أنفق عليه مبالغ هائلة لدرجة أنه وضع أجهزة تدفئة تحت بلاط الأرضية البارد لتظل دافئة فى عز الشتاء، وزين العابدين بن على، رفيق درب الديكتاتورية، ترك خلفه خزائن ممتلئة بالأموال السائلة ما بين يورو ودولار، فماذا ترك لنا مبارك وأسرته، هل قاموا بمشروع خيرى، هل وهبوا من أموالهم صدقة تزكيهم وتطهرهم، حتى جائزة السيدة سوزان مبارك فى مهرجان القراءة للجميع عرفنا مؤخرا أن السيدة سوزان كانت تأخذها من خزائن الدولة على صورة جنيهات ذهبية، ولا أذكر أن أحدا من الفائزين قد تلقى جنيها واحدا من هذه السيدة الكريمة.
يمكن لمبارك يمكن أن يكون بطلا إذا كشف لنا عن أماكن هذه الأموال وترك لنا أمر استردادها، فهو فى موقف ضعيف لن يمكنه من ذلك، وسيسرقه الجميع عينى عينك لأنه لن يجرؤ على فتح فمه أو ملاحقة من يسرقه، فهذه الثروة أكبر من أن تختبئ وأكثر من أن تؤمَّن، وهو ليس فى حاجة فقط لأن ينقذ هذه الأموال التى ستضيع عليه، ولكن فى حاجة أيضا لأن ينقذ سمعته وشرفه العسكرى، فهو لن يستطيع أن يقيم دعوى قضائية أمام أى محكمة إذا سرقت نقوده لأنها أصلا مسروقة، نحن الشعب المصرى الذين لنا الحق الوحيد فى استردادها من أى كائن ما كان، لأننا نملك قوة الحق والشرعية التى ضاعت منه، يمكن لمبارك أن يسترد هذا الشرف الضائع، ويستطيع أولاده أن يستثمروا نصيبهم من الثرة التى ستبقى لهم بعيدا عن البنوك المشبوهة التى يتعاملون معها حاليا، ومن يدرى ربما يتذكر الشعب لمبارك هذه اللمسة من حب الوطن ويقابله بلمسة من التعاطف تخفف كثيرا من الحنق الذى نشعر بها جميعا تجاهه وتجاه أسرته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.