فى بحث استقصائى انتهينا منه فى مارس، شمل ألفا و300 من البالغين، قرر 6 فى المائة فحسب من الأمريكيين أن «الثروة» تأتى فى المقام الأول أو الثانى عند تعريف الحلم الأمريكى. بينما حدد 45 فى المائة الحلم فى «حياة طيبة لعائلتى»، بينما وضع 34 فى المائة «الأمان المالى»على قمة التعريفات فالراحة المادية ليست مرادفا بالضرورة للأثرياء أمثال بيل جيتس.
وفى حين أن المال قد يكون بالتأكيد جزءًا من حياة كريمة، لا يتعلق الحلم الأمريكى بالدولارات والسنتات فحسب. وأشار 32 فى المائة ممن استطلعنا آراءهم إلى «الحرية» باعتبارها حلمهم، وأشار 29 فى المائة إلى «الفرصة»، وقال 21 فى المائة: «السعى لتحقيق السعادة». وقد يكون وجود حساب مصرفى كبير وسيلة لتحقيق هذه الغاية، إلا أن قلة قليلة فقط تعتبر أن المال غاية فى حد ذاته.
الحلم الأمريكى هو امتلاك بيت
فى يونيو، أظهر استطلاع رأى أجرته نيويورك تايمز مع وكالة أنباء سى بى إس، أن 90 فى المائة من الأمريكيين يعتقدون أن امتلاك منزل جزءًا مهما من الحلم الأمريكى. ولكن سبعة فى المائة فقط من الأمريكيين المشاركين فى استطلاع الرأى اعتبروا امتلاك منزل فى المركز الأول أو الثانى لتعريف الحلم الأمريكى. فمن أين جاء هذا التناقض؟ لا شك أن امتلاك عقار أمر مهم لبعض الأمريكيين، لكنه ليس مهما كما أنه ليس مجزيا من الناحية المالية بالدرجة التى صورت لنا. كما أن الدعم الفيدرالى لتملك المساكن يفوق كثيرا معناه فى الحياة الأمريكية. حيث كانت ذروة دعم الحكومة لتملك المنازل من خلال الإعفاءات الضريبية والضمانات فى عام 2004، عندما وصل عدد ملاك المنازل إلى69 فى المائة من الأسر الأمريكية. وعام 2009 بلغت الإعانات المقدمة لتملك المنازل، بما فى ذلك خصم الفائدة على الرهن العقارى 230 مليار دولار، وفقا لبيانات مكتب الميزانية فى الكونجرس. وفى الوقت نفسه، بلغت التخفيضات الضريبية وبرامح الإنفاق 60 مليار دولار لمساعدة المستأجرين.
فماذا كانت نتيجة هذه الطفرة فى الإنفاق العقارى؟ وفقا للبنك الاحتياطى الفيدرالى العقارات الأمريكية خسرت أكثر من 6 تريليونات دولار من قيمتها، أو ما يقرب من 30 فى المائة، بين عامى 2006 و2010. وكان واحد من كل خمسة من أصحاب المنازل الأمريكية مدينا للرهن العقارى بأكثر من قيمة المنزل.
وإلى حد بعيد، يعتبر أكثر المستفيدين من تملك المنازل الآن، أكبر مصدر للتبرعات للحملات السياسية. ففى عام 2011 منحت شركات التأمين والأوراق المالية وشركات الاستثمار، والمصالح العقارية، والمصارف التجارية أكثر من 100 مليون دولار للمرشحين والأحزاب على المستوى الفيدرالى، وفقا لبيانات مركز السياسات المستجيبة. وبلغت تبرعات الرابطة القومية للوسطاء العقاريين وحدها أكثر من 950 ألف دولار أكثر مما تبرعت به مورجان ستانلى، وسيتى جروب أو آرنست آند يونج. ويعتبر امتلاك المنازل أكثر أهمية للشركات الخاصة منه بالنسبة لمعظم الأمريكيين، الذين أثبت بحثنا أنهم يهتمون أكثر «بالحصول على وظيفة جيدة» و«تحقيق السعادة» و»الحرية».
الحلم الأمريكى أمريكى
فى عام 1931 استحدث جيمس تروسلو مصطلح «الحلم الأمريكى» فى كتابه «ملحمة أمريكا». ففى وسط الكساد الكبير، اكتشف آدامز تفاؤل الحدس الذى نلحظه فى الركود الكبير الحالى، وأطلق عليه «الحلم الأمريكى» ذلك الحلم بأرض ينبغى أن تكون الحياة عليها أفضل وأكثر ثراء واكتمالا حيث يحصل كل إنسان على فرصة تتفق مع قدرته أو إنجازه».
غير أن الحلم الأمريكى بدأ قبل 1931. فبداية من القرن السادس عشر، جاء المستوطنون من أوروبا الغربية إلى هذه الأرض وواجهوا مخاطر عظيمة من أجل بناء حياة أفضل. واليوم، يواصل هذا الحلم المهاجرون الذين يواصلون المجىء إلى هنا من أنحاء مختلفة من العالم، سعيا وراء نفس الهدف. وغلبا ما تكون التصورات أكثر إيجابية للحلم اليوم بين أولئك القادمين الجدد إلى أمريكا.. وردا عن سؤال حول تقييم حالة الحلم الأمريكى على مقياس من عشر درجات، حيث تعنى الدرجة العاشرة أفضل الظروف الممكنة وتعنى الدرجة الأولى أسوأها، أجاب 42 فى المائة من المهاجرين أن الحال يتراوح بين ست درجات وعشر درجات. ولم يقدم نفس الإجابة سوى 31 فى المائة من السكان بشكل عام.
الصين تهدد الحلم الأمريكى
كشفت استبياناتنا أن 57 فى المائة من الأمريكيين يعتقدون أن «العالم اليوم يتطلع إلى العديد من البلدان المختلفة»، وليس بلدنا فحسب، من أجل «تمثيل المستقبل». وعندما سألنا المشاركين عن المنطقة أو البلد التى ترسم ذلك المستقبل، اختار أكثر من نصفهم الصين. ويعتقد ما يقرب من ثلثى من شملهم الاستطلاع خطأ أن الاقتصاد الصينى أكبر بالفعل من اقتصاد الولاياتالمتحدة بينما هو فى الواقع ثلث حجم الاقتصاد الأمريكى، بينما يزيد عدد سكان الصين أربع مرات عن سكان الولاياتالمتحدة. وتمتلك الصين أكثر من 1.1 تريليون دولار من ديون الولاياتالمتحدة، ومع ذلك، هى أكبر دائنينا.
ولكن المشكلة لا تتعلق بأمة واحدة فقط. فاليابان تملك ما يقرب من تريليون دولار من ديون الولاياتالمتحدة. وتمتلك بريطانيا أكثر من 400 مليار دولار. وفى عام 1970، كان غير المواطنين يمتلكون أقل من 5 فى المائة من ديون الولاياتالمتحدة. أما اليوم، فيمتلك الأجانب نصف ديون أمريكا تقريبا. ولا يمكن توجيه اللوم الى الصين ولا هذه البلدان الأخرى لخيارات الولاياتالمتحدة التى جعلت مستقبلنا المالى خارج سيطرتنا بصورة متزايدة.
غير أنه بصرف النظر عن حجم ديوننا، مازالت الولاياتالمتحدة أرض الفرص فى العالم. كما أن أكبر مجموعة دولية قادمة إلى أمريكا للدراسة هى من الصين 157 ألف طالب وطالبة فى العام الدراسى 2010 2011. وكما ذكرت صحيفة واشنطن بوست مؤخرا، زاد عدد الطلاب الجامعيين الصينيين فى الجامعات الأمريكية 43 فى المائة مقارنة بالعام السابق.
أظهر بحثنا نقصًا مذهلا من الثقة فى المؤسسات الأمريكية. حيث يعتقد خمسة وستون فى المائة من الذين شملهم الاستطلاع أن أمريكا تشهد تدهورًا، وقال 83 فى المائة إنهم أقل ثقة فى «السياسة بشكل عام» عما كانوا عليه قبل 10 أو 15 سنة. وذكر 79 ٪ أنهم اقل ثقة فى الأعمال التجارية الكبيرة والشركات الكبرى؛ وقال 78 فى المائة أن ثقتهم تراجعت فى الحكومة، وأفاد 72 فى المائة تراجع الثقة فى وسائل الإعلام. وتبدو الأرقام الأخيرة مذهلة بصورة أكبر عندما تتناقض مع اقتراع مؤسسة جالوب فى السبعينيات، عند كان لدى نحو 70 فى المائة من الأمريكيين ثقة فى قدرة الحكومة على معالجة المشكلات الداخلية. ومع ذلك، أعرب 63 فى المائة من الأمريكيين عن ثقتهم فى أنهم سيحققون الحلم الأمريكى، بصرف النظر عن موقف مؤسسات الدولة. وحلمهم اليوم يتحدى الصعاب، بينما يشعرون بالقلق إزاء الأجيال القادمة.