قبل أن تغادر حكومة الدكتور عصام شرف، وافقت على وضع حد أقصى للاجور يتراوح بين 35 و36 ضعفا للحد الأدنى الذى حددته ب700 جنيه، ثم جاءت حكومة الدكتور الجنزورى التى حرصت على حسم هذا الملف فقررت أن يكون الحد الأقصى 35 ضعفا وأن يطبق على العاملين بالجهاز الحكومى والهيئات الاقتصادية مع بداية يناير الفائت «أى على الأجر الذى يصرف بداية فبراير».. وقارب الشهر على الانتهاء دون أن يطبق القرار ودون أن تعلن الحكومة السبب ليفاجئنا الدكتور حازم الببلاوى نائب رئيس الوزراء ووزير المالية السابق بذلك مبديا تعجبه واستغرابه من عدم تطبيق القرار الحكومى وقال فى أحد البرامج التليفزيونية أن تطبيق الحد الأقصى قد لا يوفر مبالغ كبيرة للخزانة لكنه يمثل خطوة ضرورية لتحقيق العدالة الاجتماعية. حالة من التضارب الرسمى حول الحد الأقصى للأجور سادت الأجهزة الحكومية خلال الفترة الأخيرة فبينما أعلن رئيس جهاز التنظيم والإدارة قبل أسابيع أن نحو 20 ألف موظف بالحكومة سوف يخضعون للحد الأقصى نجد رئيس الإدارة المركزية للجهاز ذاته يؤكد عدم التطبيق بسبب عدم الانتهاء من إعداد جداول الأجور وحصر الموظفين الذين يتاقضون ما يقارب الحد الأقصى.
الشىء الأغرب من عدم تطبيق الحد الأقصى حتى الآن الذى يمثل علامة استفهام كبيرة لا نجد لها تفسيرا واضحا أو مقنعا... هو استثناءات الحد الأقصى التى تستفيد منها هيئات بعينها وكادرات خاصة وبنوك، فحكاية التخوف من هروب الكفاءات والخبرات من هذه المؤسسات غير مقنعة خاصة أن الحد الأقصى للأجر بها لن يكون مثله فى الحكومة لأن الحد الأدنى للأجور فى البنوك على سبيل المثال لا يقل عن 3 آلاف جنيه وعليه فإن الحد الأقصى بفرض أنه 35 ضعفا وليس أكثر يتجاوز ال100 ألف جنيه شهريا وكذلك الحال فى البورصة وهيئة الرقابة المالية وهيئة الاستثمار والكادرات الخاصة وغيرها، فهل هذا أجر غير مناسب فى بلد تقترب نسبة الفقراء فيها من 40% من السكان، وهل تنعدم الخبرات والكفاءات بهذه الجهات إذا ما ترك الآخرون أماكنهم جريا وراء فرص أفضل!!
لا أصدق أن هناك من لا يدرك حتى الآن طبيعة الظروف التى نعيشها حاليا، ظروف ثورة شعبية كانت العدالة الاجتماعية أحد أهم مطالبها وللأسف لم نلمس بعد عام من الثورة أية خطوات جادة لتحقيق هذه العدالة، فما زال هناك مصريون يحصلون على دخول دون حد الكفاف وآخرون يحصلون على أجور تتجاوز مئات الآلاف من الجنيهات شهريا، هل نحتاج إلى ثورة جياع حتى تقتنع الحكومة ذات الصلاحيات الرئاسية بسرعة تحويل شعار «العدالة الاجتماعية» إلى واقع على الأرض دون أية استثناءات!!