محافظ القليوبية يستعين بخبرات طبية لمتابعة مصاب حريق الشدية ببنها    زيارة وزير التعليم لليابان تفتح آفاقًا جديدة للشراكة في المدارس المصرية اليابانية والتعليم الفني..دعوة رسمية للوزيرة اليابانية لحضور افتتاح المتحف المصري الكبير    تفاصيل الزيارة الهامة للرئيس السيسي للسعودية ولقاء بن سلمان (فيديو)    قاضي قضاة فلسطين: المسجد الأقصى سيبقى إسلاميًا وعلى العالم الإسلامي حمايته    "رغم راحة الفريق".. مصدر ليلا كورة: الشناوي تدرب بشكل منفرد في التتش    دون ذكر اسمه.. صنداونز يصدر بيانا بشأن واقعة ريبيرو    "قضيت وقتًا عصيبًا".. مرموش: جيمس أصعب خصم واجهته في البريميرليج    تجاوز ال100 هدف.. ليفاندوفسكي يصنع التاريخ مع برشلونة    خبر في الجول - الشناوي يتدرب في الأهلي منفردا    13 عرضًا عربيًا في الدورة ال32 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    مواكب المحتفلين تجوب شوارع الأقصر في ختام صوم العذراء (صور)    تنفيذا لقرار نقابة المهن التمثيلية .. درية طلبة تمثل أمام لجنة مجلس تأديب من 5 أعضاء    لم يرحمهم السيسي .. قانون الإيجار القديم يهدد بتشريد سكان المقابر فى الشوارع    تراجع جماعي للبورصة المصرية وخسائر 5 مليارات جنيه    خلافات أسرية تتحول إلى مأساة بالدقهلية: مقتل سيدة وإصابة ابنتها طعنًا    مصدر ب"التعليم" يوضح موقف معلمي المواد الملغاة في الثانوية العامة    السيسي يصدر قانونًا بتعديل بعض أحكام قانون الرياضة    "مافيش مشاكل في التربة".. أول تعليق من الأهلي على أزمة توقف العمل بالاستاد    تصعيد إسرائيلي واسع في غزة.. وضغوط تهجير مضاعفة في الضفة الغربية    خبراء سوق المال: قطاعا الأسمنت والأدوية يعززان النمو في البورصة    القضاء على أخطر بؤرة إجرامية في أسوان ومصرع عناصرها عقب تبادل لإطلاق النيران مع قوات الشرطة    الداخلية تكشف ملابسات محاولة سرقة مواطن بالجيزة    تُطلقها السكة الحديد اليوم.. ما هي خدمة ""Premium"؟    مفاجأة في تحليل المخدرات.. قرار عاجل من النيابة بشأن سائق حادث الشاطبي    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث ملفات العمل والتعاون المشترك    أسعار سيارات ديبال رسميا في مصر    تنسيق الجامعات.. برنامج متميز بكلية التربية جامعة حلوان يؤهلك لسوق العمل الدولي    خالد الجندي: الإسلام لا يقبل التجزئة ويجب فهم شروط "لا إله إلا الله"    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    لأول مرة.. جامعة القناة تنجح في جراحة "دماغ واعٍ" لمريض    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    قمة الإبداع الإعلامي تناقش تحديات صناعة الأخبار في عصر الفوضى المعلوماتية    رحيل الشاعر الكبير مصطفى السعدني صاحب «ياست الناس يامنصوره»    الإسماعيلي يتلقى ضربة جديدة قبل مواجهة الطلائع في الدوري    محافظ شمال سيناء يبحث مع نائب وزير الصحة تعزيز تنفيذ خطة السكان والتنمية    القدس للدراسات: الحديث عن احتلال غزة جزء من مشروع «إسرائيل الكبرى»    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    «العربية للعلوم » تفتح أبوابها للطلاب بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي    نجاح أول عملية استئصال ورم بتقنية الجراحة الواعية بجامعة قناة السويس    7 عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    نقيب الأطباء: نرحب بجميع المرشحين ونؤكد على أهمية المشاركة بالانتخابات    195 عضوًا بمجلس الشيوخ يمثلون 12 حزبًا.. و3 مستقلين يخوضون الإعادة على 5 مقاعد في مواجهة 7 حزبيين    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    الرئيس اللبنانى: ملتزمون بتطبيق قرار حصر السلاح بيد الدولة    "جهاز الاتصالات" يصدر تقرير نتائج قياسات جودة خدمة شبكات المحمول للربع الثاني    وكيل مجلس النواب: زيارة الرئيس السيسي للسعودية تعكس عمق العلاقات بين البلدين    أحكام ب8 سنوات حبس.. استمرار التحقيقات مع رجب حميدة بكفر الشيخ    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    وكيل صحة الإسماعيلية تفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيرى وتحيل المقصرين للتحقيق    الجامعة المصرية الصينية تنظم أول مؤتمر دولي متخصص في طب الخيول بمصر    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    الزمالك يناشد رئيس الجمهورية بعد سحب ملكية أرض أكتوبر    غلق الستار الأليم.. تشييع جثمان سفاح الإسماعيلية    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحداث ماسبيرو.. وخيانة المثقفين
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 10 - 2011

فكرت فى أن أغير موضوع هذا المقال، وأن اكتب عن تلك الكارثة التى جرت يوم 9 أكتوبر أمام مبنى التليفزيون فى ماسبيرو وراح ضحيتها 24 قتيلا وأكثر من مائتى جريح. ولكنى وجدت أن أى حديث عن تدهور حال مصر وما يهددها من مخاطر لا ينفصل بأى حال من الأحوال عما كنت بصدد الحديث عنه وهو خيانة المثقفين، وتخليهم عن دورهم الطبيعى فى حراسة القيم الوطنية والأخلاقية، وتحوّل الكثيرين منهم إلى كلاب لحراسة نظام سقط وما زال الكثيرون منهم يتشبثون بدورهم فيه. صحيح أننى على وعى من خلال قراءاتى فى الصحافة الغربية بأن هناك قوى خارجية تعمل ضد الثورة المصرية (من الولايات المتحدة الأمريكية إلى ذراعى سياستها البشعة فى المنطقة: السعودية ودولة الاستيطان الصهيونى، فقد فقدوا جميعهم وليس الصهاينة وحدهم ذخرهم الاستراتيجى بالمنطقة) ولا تريد لمصر أن تنهض من تلك الهاوية التى زجت بها فيها سياسات الانحطاط والتردى على مد العقود الأربعة الماضية. لأن أى نهضة لمصر تشكل خطرا على مصالح تلك القوى، وتنال من مكانتها فى المنطقة وفى العالم والتى لا سبيل لدوامهما إلا ببقاء مصر فى تلك الهاوية السحيقة.

فلو لم تعانِ مصر من خيانة أعداد كبيرة من مثقفيها وتخليهم عن دورهم الثقافى، وتحولهم إلى خدّام للمؤسسة وكلاب حراسة لنظام الاستبداد الذى أسقطته الثورة، لاستطاع هؤلاء المثقفين حماية الثورة وبلورة خطاب ثورى حقيقى يحمى مطالبها، ويرهف وعى الجماهير بها، وينبههم لكل مؤامرات الثورة المضادة فى الداخل والخارج. أقول إنه لو لم تنكب مصر بهؤلاء المثقفين الذين أداروا حقبة مبارك الثقافية، ودخلوا حظيرة نظامه الفاسدة، لما وقع ما وقع يوم 9 أكتوبر فى ماسبيرو. لأن الأمم فى لحظات التحول الكبيرة، كاللحظة التى تمر بها مصر بعد ثورتها المتحضرة النبيلة، تكون عادة فى أمس الحاجة إلى مثقفيها كى يرودوا خطواتها نحو المستقبل. ولكى يلعبوا دورا فى ترقية وعى الشعب الذى كانت ممارساته أثناء أيام الثورة أشد رقيا وأعمق وعيا وبصيرة، وأكثر نبلا وتقدما من كل خطابات مثقفى الحظيرة الملتوية والزائفة. تحتاج مصر إلى مثقفين لا يقلون نبلا ونقاء عن الثورة ذاتها، كى يلعبوا دورهم فى تبصير الشعب بما يحاك له وما تتعرض له ثورته من أخطار.

لكن مصر نكبت بخيانة مثقفيها مرتين: كانت المرة الأولى حينما دخل هؤلاء المثقفون حظيرة النظام الفاسد، وتحولوا بوعى أو بدون وعى إلى أدوات تجميل وجهه القبيح، وصناع خطابه الذى يسيطر به على مصر، ويموه به على عقل بنيها، كى يزج بها أكثر فى مهاوى التردى والتبعية والهوان، ويحولها إلى الذخر الاستراتيجى لعدوها الصهيونى من ناحية، ولاعب ثانوى فى الحقبة السعودية الكئيبة من ناحية أخرى. فلا يمكن أن نتصور استمرار حقبة الانحطاط الذى عاشته مصر طوال العقود الأربعة، ومنذ انفتاح السادات «السداح مداح» وزيارته المشئومة للقدس وما تبعها من انتصار الهزيمة ورفع العلم الصهيونى فى سماء القاهرة، وحتى ثورة 25 يناير، دون تبرير المثقفين الزائف لهذا التردى، وتسويقهم الدءوب له. بدءا من عراب التطبيع الأول فى عهد السادات أنيس منصور فى ذلك الزمن البعيد، ووصولا إلى آخر من أراد أن يدخل غثاء العدو الصهيونى إلى الحياة الثقافية، ويعوّدها على متابعة أخباره، بفرض صفحة لثقافته العنصرية على المطبوعة الأدبية الأسبوعية الوحيدة فى مصر(أخبار الأدب)، وليس انتهاء بجابر عصفور عراب إدخال المثقفين، لا المصريين وحدهم وإنما العرب أيضا، لحظيرة نظام مبارك المخلوع، ووزيره الفنان. وكلهم وكثيرون من أضرابهم لا يزالون أعضاء فى المجلس الأعلى للثقافة وبعد تسعة أشهر من هذه الثورة المجيدة لم يقدم واحد منهم استقالته، ولم يعلن أى منهم الندم على خيانته.

وبدلا من أن يثوب هؤلاء المثقفون الذين خانوا أمانة الثقافة وشرف الكلمة إلى رشدهم، ويتواروا بخجلهم عن الأنظار بعد الثورة، ويفسحوا المكان لمن همشوهم طوال عقود، ولمن عانوا من عسف نظام مبارك المنحط، إذا بهم ينقضون على ثورة مصر النبيلة الناصعة، ويشبعونها نفاقا وتدليسا. وهذه هى نكبة مصر الثانية بهم. لأن محاولة هؤلاء المثقفين الخونة للتلون وتبديل جلودهم، بعدما انفقوا جل مسيرتهم فى خدمة نظام مبارك الساقط، واستمتعوا بخيراته وعطاياه، والزعم بأنهم قد بشروا بالثورة، وأنهم حريصون عليها ويرومون حماية مستقبلها، وتصدر وجوههم الكالحة لجلسات البحث وبرامج الجدل التليفزيونية هى أكثر ما يضر هذه الثورة ويشوش بوصلتها.

أقول إن نفاق هؤلاء المثقفين للثورة لا يعبر بأى حال من الأحوال عن أى نوع من التوبة عن خيانتهم لأمانة الثقافة من قبل، وإنما يؤكد استمرارهم فى مسيرة الخيانة والعمل ضد أى خلاص من أوحال الماضى الذين كانوا أعلامه. فاستمرارهم فى التشبث بمواقعهم، وتغيير خطاباتهم الفاسدة من تبرير الاستبداد والتوريث، إلى التشدق الآن بخطاب زائف يزعم أنه مع الثورة، هو من الأمور التى تشوش على الثورة وتحول دون بلورتها لخطابها الناصع البرىء من لغط كلاب الحراسة ونفاقهم. لأنهم بذلك يحولون الثورة إلى ثرثرة فارغة تطرد به العملة الرديئة العملة الجيدة من السوق، وتحول دون تبلور خطاب نظيف يعبر عن الثورة النبيلة ويبلور رؤاها ويحدد خطوات مسيرتها. فماذا يقول جوليان بيندا فى كتابه (خيانة المثقفين) عنهم؟ هذا ما سأفصل الحديث عنه فى الأسبوع القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.