اعتماد نادي اليونسكو للتنمية المستدامة بجامعة القاهرة ضمن الشبكة العالمية    الرئيس يوافق على إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد    التعليم تعلن شروط التقدم والفئات المسموح لها أداء امتحانات الطلاب المصريين بالخارج    البرتقال بكام فى أسواق الخضار والفاكهة اليوم الخميس 13 -11-2025 فى المنوفية    ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 13 نوفمبر    وزيرة التنمية المحلية تتابع جهود تنمية الموارد الذاتية للمحافظات    17 مليار جنيه صافي أرباح المصرية للاتصالات خلال أول 9 شهور من 2025    55 اتفاقية مع شركات عالمية للاسثتمار فى صناعة التعهيد توفر 75 ألف فرصة عمل    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه اليوم 13 نوفمبر 2025    جوتيريش يدعو للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات على بلدتين جنوبي لبنان    موعد مباراة فرنسا وأوكرانيا في تصفيات كأس العالم والقناة الناقلة    صلاح يوزع قميصه في ليفربول على اللاعبين الجدد بمنتخب مصر    اليوم.. استئناف مباريات الجولة ال 12 من دوري المحترفين ب 5 مواجهات    كريستيانو رونالدو يعلق على صافرات الاستهجان المرتقبة ضده من جماهير أيرلندا    علاء نبيل: نعمل على تسهيل احتراف الهواة    الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    رابط التسجيل للتقدم لامتحانات الطلبة المصريين فى الخارج 2026    تشييع جثمان زوجته أُنهي حياتها خنقا علي يد زوجها بالمنوفية    توقف حركة الملاحة والصيد بميناء البرلس لسوء الأحوال الجوية    خبراء: المتحف المصرى الكبير يحقق أرباحًا اقتصادية وسياسية    طريقة عمل البطاطا بالكاسترد بمذاق لا يقاوم    مدبولي: مشروع توسعة شارع النقل والهندسة بمحور المحمودية من أعمال المنفعة العامة    استمرار امتحانات منتصف الفصل الدراسي الأول بهندسة جنوب الوادي الأهلية    رئيس الوزراء يقرر تجديد ندب القاضى حازم عبدالشافى للعمل رئيسًا لمكتب شئون أمن الدولة لمدة عام    الجيش الروسي يسيطر على ثلاث بلدات في زابوريجيا وأوكرانيا تخوض معارك طاحنة لصد الهجوم    من عثرات الملاخ وتمرد عادل إمام إلى عالمية حسين فهمي، قصة مهرجان القاهرة السينمائي    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    مواقيت الصلاة اليوم الخميس في شمال سيناء    أديل تخوض أولى تجاربها التمثيلية في "Cry to Heaven" للمخرج الشهير توم فورد    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    ضبط 2 طن دواجن ولحوم وأسماك فاسدة في القليوبية    احذر طقس الخميس.. الأرصاد تحذر من تقلبات جوية وأمطار رعدية    الصحة: خلو مصر من التراخوما إنجاز عالمي جديد.. ورؤية الدولة هي الاستثمار في الإنسان    صدام وشيك بين الأهلي واتحاد الكرة بسبب عقوبات مباراة السوبر    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    عوض تاج الدين: الاستثمار في الرعاية الصحية أساسي لتطوير الإنسان والاقتصاد المصري    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    استخراج الشهادات بالمحافظات.. تسهيلات «التجنيد والتعبئة» تربط أصحاب الهمم بالوطن    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    بعد 43 يوما عجافا، الكونجرس الأمريكي يقر مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    بدء نوة المكنسة بالإسكندرية.. أمطار متوسطة ورعدية تضرب عدة مناطق    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 الآن في السودان ببداية تعاملات الخميس 13 نوفمبر 2025    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عصابات الثقافة.. وخياناتها
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 10 - 2011

إذا كنا قد تحدثنا فى الأسبوع الماضى عن عصابات الثقافة المصرية، بضم العين، وأمراضها المختلفة التى على أمين المجلس الأعلى للثقافة، بكل دراساته وأبحاثه فى علم النفس تخليص الثقافة المصرية منها، فعلينا الآن أن نتحدث عن عصابات (بكسر العين) الثقافة التى يمتلئ بها المجلس الذى عين أمينا عاما له. ومن البداية لابد من الوعى بأن هناك علاقة عضوية بين الأمراض التى تعانى منها الثقافة المصرية، وعانت منها مصر على مد العقود الأربعة الماضية، وبين عصابة (بكسر العين) من يسمون أنفسهم بالمثقفين زورا، والتى صاغت خطاب تلك العقود المتسمة بالانحطاط والتردى والهوان، ونظّرت بنفاق الحاكم لخطاب تسويغ الاستبداد، واستمرار نظام مبارك المخلوع، بل وتوريثه. فبدون تخلى هؤلاء «المثقفين» بين قوسين عن دورهم الثقافى كضمير للأمة وكتجسيد لعقلها النقدى الحر وتحولهم إلى خدّام للاستبداد والظلام، مهما تذرعوا بنشر التنوير، ما كان باستطاعة هذا النظام أن يستمر فى حكم مصر لثلاثة عقود.

ولا بد من الوعى أيضا بأنه لا يمكن إحداث أى تغيير حقيقى فى مجال الثقافة فى مصر دون قطيعة كاملة وجذرية مع تلك العصابة من خدّام الاستبداد وخطابها وممارساتها. فلا أمل فى أى تغيير جذرى يعبر عن مطامح الثورة المصرية المجيدة فى مجال الثقافة أو حتى فى أى مجال آخر، مادامت نفس العصابة الثقافية التى أدارت العملية الثقافية فى عصر التردى والهوان الذى ثارت عليه مصر كلها فى 25 يناير تواصل إدارتها للعملية الثقافية، وتحتفظ بمراكزها فيها. لأن هذه العصابة، وبسبب من استراتيجيات النظام السابق الكريهة فى شراء الذمم وإدخال المثقفين إلى حظيرة «الوزير الفنان» وخدمة نظام الاستبداد الذى ترأسه مبارك المخلوع، تخلت فى واقع الأمر عن كل ما يربطها بالثقافة من قيم مثالية راقية، وعن دور المثقف المطالب بأن يقول كلمة حق فى وجه سلطان جائر، والذى تصبح ممارساته الفكرية والأخلاقية نموذجا يحتذى. وأصبح معظم رموزها نماذج ناصعة على أنماط خيانة المثقفين التى تناولها جوليان بيندا فى كتابه الشهير (خيانة المثقفين La Trahison des Clercs) فى عشرينيات القرن الماضى.

فهذه العصابة التى استقوت بالنظام الفاسد، وظهر أبرز نجومها وقد أحاطوا برأس النظام الفاسد، مبارك المخلوع، فى الصورة الفضيحة التى استهدفت الدفاع عن نظامه المتهاوى، والذين شبههم أحد الكتاب بالأحد عشر كوكبا الذين خروا ساجدين. ومع «نجوم» الصورة الفضيحة من «المثقفين» بين قوسين أيضا أقطاب الاجتماع الأشهر مع ابنه الفسل الذى كان رئيسا للجنة السياسات، والقابع الآن فى سجن طرة. هذه العصابة هى التى قامت بتسويغ سياساته الخرقاء، والتى انتهت بنظامه ذخرا استراتيجيا للعدو الصهيونى. ولا يمكن بأى حال من الأحوال الفصل بين تسويغ هذه العصابة لخطاب الاستبداد وحصولها على تلك المراكز والمناصب الثقافية، ولا بين هذا الرباط العضوى بين «مثقفيها» والنظام الساقط، وبين تدهور مصر وهوانها.

لقد ارتكب كل هؤلاء المثقفين شتى صنوف الخيانة التى عددها جوليان بيندا فى كتابه الشهير ذاك، ولن تفيدهم ذرابة ألسنتهم فى تبرير ما قاموا به، ولا فى التمويه على الشعب المصرى، أو على الجمهور الثقافى العربى، الذى لا تنطلى عليه حيلهم مهما كانت ذرائعهم ومهاراتهم فى تسويقها. فقد كانت خيانة الأمانة الثقافية، والتخلى عن الرأى النقدى العقلى الحر، من شروط دخول حظيرة «الوزير الفنان» مهندس ثقافة الانحطاط فى عهد مبارك المخلوع. وكان خلع كل ما له علاقة بالقيم الثقافية أو بمستقبل مصر على باب المؤسسات الثقافية شرط دخول حظائرها والاستمتاع بعلفها الوفير. فعلى عكس تعريف بيندا للمثقف بأنه ممتلئ بثقافته وقيمه الفكرية والأخلاقية بصورة تجعله قادرا على مقاومة كل إغراء مادى، والزراية بغوايات القوة المسيطرة وسلطانها، كان أفراد تلك العصابة عبيد العطايا المالية التى أجزلها لهم النظام الفاسد، وكانوا يلهثون وراء فتات ما يلقيه لهم «الوزير الفنان» من مناصب وسلطات. فقد كان النظام يدرك شبقهم للمادة والسلطة على السواء، ولذلك أجزل لهم العطاء فى شكل رأسمال فعلى، وصل إلى حد الملايين بالنسبة للبعض، أو رشاوى رمزية من جوائز ومناصب ونفوذ، كان يتحول دوما إلى منافع مادية، لا علاقة لها بالثقافة من قريب أو بعيد.

صحيح أن خيانات المثقفين، وخطاباتهم التبريرية وشقشقاتهم على مد العقود الماضية فى تسويغ الاستبداد وإضفاء هالة كاذبة على نظام تتكشف مع الأيام فصول عمالته البشعة للعدو الصهيونى، لم تنطل على الشعب المصرى، ولم يقتنع شبابه على الخصوص بأى من كتاباتهم فى تبرير الانحطاط وتسويغه. وقام الشعب بثورته العظيمة مناديا بإسقاط النظام الفاسد والمهين لمصر ولتاريخها وثقافتها. فكيف يمكن إسقاط النظام والإبقاء على عصابته الثقافية؟ وهل باستطاعة أى من رموز تلك العصابة أن يساهم فى بناء ثقافة جديدة جديرة بثورة شعبنا العظيمة؟ صحيح أن قدرتهم على التلون عجيبة وذرابة ألسنتهم غريبة. فهل هذا هو السر فى الإبقاء على كل هذه الرموز المنحطة فى مواقعها؟ ألأنهم خدّام طيعون لكل نظام؟ فهل ما يطمح إليه النظام هو الإبقاء عليهم وتمكينهم من إجهاض الثورة والإجهاز عليها من الداخل؟ هل هذا هو ما يطمح الأمين الجديد للمجلس الأعلى للثقافة إلى تحقيقه؟ هذه أسئلة أتركها مفتوحة فقد نعود إليها فى مقالات قادمة لأن مصيبتنا فى الثقافة كبيرة وفادحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.