المنشاوي يعلن تقدم جامعة أسيوط 12 مركزًا في التصنيف العربي للجامعات 2025    رئيس حزب المصريين: تدخل الرئيس السيسي أجهض محاولات التشكيك ورسّخ نزاهة الصناديق    النائب علاء عابد: توجيهات الرئيس بتعزيز الاستقرار المالي تمثل خارطة طريق لمواجهة التحديات الاقتصادية    وزير السياحة يبحث مع سفير هولندا تعزيز التعاون الثنائي    البرلمان العربي يرحب باتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن    تحرك مفاجئ من ليفربول تجاه محمد صلاح بعد تألقه مع منتخب مصر    المشدد 3 سنوات لمتهم باستدراج قاصر والتعدي عليها بتهديد السلاح بالإسكندرية    لا كوتة للمصريين أو الأجانب.. تفاصيل أول اجتماع لمجلس إدارة المتحف المصري الكبير    مقتل 5 من رجال الشرطة في هجوم شمال غرب باكستان    30 ألف وثيقة تكشف تفاصيل جديدة عن علاقة ترامب بإبستين: كان راكبا في 8 رحلات جوية على الأقل    أحمد رفعت: «الوسط الفني مجاملات وكله محسوبية»    «طلقنى» للجمهور من اليوم !    رئيس الجمارك يوضح آلية التسجيل المسبق للشحنات الجوية «ACI» ويؤكد استمرارية دور المستخلص إلكترونيًا    الأرصاد الجوية ترصد تفاصيل الظواهر الجوية المتوقعة غدا الأربعاء .. اعرف التفاصيل    رسميًا .. بلجيكا تنضم لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية    داعش .. سقط «المشروع» ولم يسقط «التنظيم» !    «كوانتم إنفستمنت بي في» تزيد حصتها في شركة إيديتا للصناعات الغذائية في صفقة تبلغ قيمتها 1.26 مليار جنيه    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة بأكثر من يوم باليوم الواحد؟.. أمين الفتوى يجيب    هل أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    حسام عبدالغفار: التأمين الصحي الشامل يحظى باهتمام كبير من الدولة    المصرية للاتصالات تختار "نايس دير" لإدارة خدمات الرعاية الصحية لموظفيها    أبو الغيط يدعو إلى التفاعل الإيجابي مع مبادرة السلام السودانية المقدمة لمجلس الأمن    غرفة العمليات الحكومية الفلسطينية تحذّر من خطورة الوضع الإنساني بقطاع غزة    نحو منظومة صحية آمنة.. "اعتماد الرقابة الصحية" تُقر معايير وطنية لبنوك الدم    محافظ المنيا يتابع الجاهزية الطبية ويشيد بجودة الخدمات المقدمة    مؤتمر أدباء مصر يُكرم الدكتور أحمد إبراهيم الشريف تقديرا لمسيرته الإبداعية    إحالة للمفتي.. الحكم علي عاطل قام بخطف طفله وهتك عرضها في البحيرة    تعرض محمد منير لوعكة صحية ونقله للمستشفى.. اعرف التفاصيل    كواليس كليب المطربة لطيفة تسلملى.. فيديو وصور    وكيل تعليم القاهرة يتفقد مدارس إدارة منشأة ناصر التعليمية    رئيس "سلامة الغذاء" يستقبل نقيب الزراعيين لتعزيز التعاون المشترك    استعدادا لعرضه رمضان 2026| انطلاق تصوير مسلسل «توابع» ل ريهام حجاج    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    جامعة كفر الشيخ تكرم طلاب «الذكاء الاصطناعي» الفائزين في مسابقة للمطورين    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    وكيل وزارة الشباب والرياضة بالفيوم يستقبل لجنة «المنشآت الشبابية والرياضية» لمتابعة أعمال مراكز الشباب بالمحافظة    حكام مباراة الثلاثاء ضمن منافسات الدوري الممتاز للكرة النسائية    مليار مشاهدة.. برنامج دولة التلاوة فى كاريكاتير اليوم السابع    مودى ناصر يوقع على رغبة الانتقال للزمالك وإنبى يحدد 15 مليون جنيه لبيعه    ميناء دمياط يضخ 73 ألف طن واردات في يوم حيوي    جيش الاحتلال: لن ننسحب من قطاع غزة ولن نتحرك مليمترا واحدا من سوريا    أمم إفريقيا - مؤتمر محرز: لا أعذار.. نريد كتابة تاريخ جديد لمنتخب الجزائر    أمم إفريقيا – مؤتمر مدرب السودان: أحيانا أسمع وفاة أحد أفراد أسرة لاعب في الفريق    محافظ شمال سيناء يفتتح عددا من الوحدات الصحية بمدينة بئر العبد    هذا هو موعد جنازة الماكيير الراحل محمد عبد الحميد    كيان تعليمى وهمى.. حيلة "مستريح مدينة نصر" لاستقطاب ضحاياه    البابا تواضروس الثاني يستقبل الأنبا باخوميوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون    إدارة ترامب ترفع مكافأة الترحيل الطوعي للمهاجرين إلى ثلاثة آلاف دولار    وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا بمحافظة بني سويف    ضبط شخصين بالمنيا لاتهامهما بالنصب على المواطنين    الأهلي في اختبار صعب أمام المحلة بكأس الرابطة    وزارة التعليم: أحقية المعلمين المحالين للمعاش وباقون في الخدمة بحافز التدريس    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    خطوات التصالح في سرقة الكهرباء    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    أمم إفريقيا - ياسر إبراهيم: أحب اللعب بجانب عبد المجيد.. ونعرف جنوب إفريقيا جيدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حينما تصبح المقاطعة ضرورية
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 03 - 2012

المقاطعة فى العمل السياسى عموما هى أسوأ الاختيارات لأنها تعنى أن من يقاطع يترك الساحة لغيره وأنه قد حرم نفسه من المشاركة ومن التأثير بينما الفرصة كانت متاحة له. وحينما يكون موضوع المقاطعة هو لجنة كتابة الدستور فإنها تكون قرارا صعبا وخلافيا وذا عواقب وخيمة على المجتمع كله. مع ذلك، وبقدر كراهيتى لفكرة مقاطعة أى ساحة عمل سياسى، إلا أن المقاطعة أحيانا تصبح الخيار الوحيد المقبول والبديل الوحيد الذى يعبر عن رفض المجتمع للاستمرار فى مسار غير سليم. وفى تقديرى أن أسلوب تشكيل لجنة كتابة الدستور قد دفعنا إلى هذه النتيجة الحتمية والمؤسفة، ليس بسبب توزيع المقاعد بين القوى والأحزاب السياسية أو بسبب نسبة تقسيمها بين الدينى والمدنى كما يحلو لكثير من المعلقين أن يتصوروا، بل لأن آلية تشكيلها منذ البداية كان فيها خلل شديد، ثم جاءت النتيجة لتعبر عن هذا الخلل بما يجعل رفض اللجنة بأكملها ومقاطعة الاشتراك فيها الخيار الوحيد المتبقى.

حينما صدر الإعلان الدستورى فى العام الماضى نص على أن ينتخب نواب مجلسى الشعب والشورى أعضاء لجنة الدستور المائة دون تحديد لمعايير أو نسب أو آليات معينة، تاركا لهم الحرية فى ذلك. ولكن البديهى ان هذا الاختيار يجب أن يحقق الغرض المطلوب، وهو أن يكتب دستور مصر ممثلو المجتمع بأفضل ما فيه من خبرات وكفاءات وبتوازن وعدالة، وأن يكون ذلك أيضا بناء على معايير موضوعية واضحة بحيث يفهم الناس ويقدرون كيفية الاختيار.

ولكن ما حدث يوم السبت قبل الماضى أن مجلسى الشعب والشورى بدلا من أن يستغلا الفرصة لوضع معايير عادلة ومناسبة، إذا بالأغلبية البرلمانية تقرر أن تخصص لأعضاء البرلمان وحدهم نصف مقاعد لجنة الدستور وتترك لكل المرشحين من الأفراد والنقابات والشخصيات العامة وأساتذة القانون وعلماء المجتمع ورجال القضاء وممثلى الهيئات الدينية والكتاب والفنانين والفلاحين والعمال والشباب والطلاب وغيرهم النصف الآخر، مع أن الإعلان الدستورى أعطى البرلمان سلطة انتخاب أعضاء لجنة الدستور ولكنه لم ينص على أن يستأثر بنصف مقاعدها.

ثم زاد الأمر سوءا أنه لم يتم الإفصاح عن أسلوب ومعايير توزيع هذه المقاعد الخمسين المتبقية على كل ممثلى المجتمع من الأفراد والهيئات، فهل تكون بنسبة محددة للهيئات والباقى للأفراد؟ وهل المعيار هو الانتماء الحزبى أم الكفاءة؟ وهل الخبرة القانونية والدستورية لها وزن خاص؟ وهل للمرأة تمثيل مضمون؟ كل هذه المعايير لم يتم مناقشتها وبالتالى لم تكن معروفة إلا لقيادات حزبى الأغلبية فى المجلس، بينما المجتمع من حقه أن يشارك فى النقاش، والأحزاب قدمت بالفعل مقترحات تم تجاهلها. دعونى أؤكد أن للأغلبية البرلمانية حق أن تقرر وأن تحسم الأمور لصالحها، وهذه طبيعة الديمقراطية، ولكن لباقى المجتمع والقوى السياسية حقوق أيضا، وعلى رأسها المشاركة فى النقاش، وفهم المعايير التى يتم على أساسها الاختيار، وستأتى النتيجة فى الحالتين لصالح الأغلبية، ولكن فارق أن تكون بعد استطلاع رأى المجتمع وبين أن تكون نتيجة حوار فى غرفة مغلقة لا يعلم أحد ما يدور فيها. وحينما يتعلق الموضوع بالدستور فإن الأمر يصبح خطيرا وغير مقبول.

ولذلك فقد جاءت النتيجة معبرة عن هذه المشاكل المتراكمة كلها، اذ أسفرت عن لجنة يغيب عنها خير ما فى المجتمع المصرى من كفاءات وخبرات. كيف تخلو اللجنة من عمالقة القانون والدستور فى مصر ومنهم مع حفظ الألقاب إبراهيم درويش، وكمال أبوالمجد، ويحيى الجمل، وفتحى والى، وحسام عيسى، ونور فرحات، ومحمود فهمى، وتهانى الجبالى، ورؤساء ومستشارو محاكم النقض ومجلس الدولة والدستورية السابقون، وبين هؤلاء من استقدمهم العالم العربى كله لكتابة دساتيره وقوانينه وكرمهم وافتخر بهم، بينما يتجاهلهم وطنهم فى لحظة كتابة دستوره؟ وكيف يجد د. حازم الببلاوى والشيخ سيد عسكر أنفسهما على مقاعد الاحتياطى بينما الملعب الأصلى مليىء بلاعبين لا علاقة لهم بموضوع الدستور، مع تقديرى الكامل لهم ولتخصصاتهم فى مختلف المجالات؟ وكيف تتضمن اللجنة ستة من النساء فقط بينما البلد لا تنقصه الخبرة النسوية فى كل المجالات، ولا نجد من بينهن واحدة تمثل أى جمعية أو اتحاد أو نقابة؟ وكيف يقتصر تمثيل النقابات المهنية والعمالية على هذا العدد الضئيل وهم عماد المجتمع المدنى؟ وكيف يكون المسيحيون ممثلين بستة أعضاء فقط؟ وما هى المعايير التى تم الاستناد إليها فى اختيار الشخصيات العامة؟ وأين تمثيل اتحاد الكتاب؟ ومن يعبر عن وجهة نظر المستثمرين من القطاع الخاص وأعضاء غرف التجارة واتحاد الصناعات والقطاع المصرفى والمالى وهؤلاء بالملايين ويمثلون العمود الفقرى للاقتصاد المصرى؟ حتى المصريين الحائزين على جائزة نوبل تم نشر خبر استبعادهما بمنتهى البساطة كما لو كانا مرشحين لمجلس إدارة ناد رياضى. باختصار ومع تقديرى الكامل واحترامى لكل أعضاء اللجنة، إلا أن الغائبين عنها جعلوا الشارع يتساءل وعن حق أين مصر من هذا التشكيل؟

لقد كانت هذه فرصة تاريخية لكى تأتى لجنة كتابة الدستور معبرة عما فى مصر من خبرات وكفاءات يسعى العالم العربى لاجتذابها والتباهى بها، ولكى تكون ممثلة لكل الطوائف والنقابات، ولكى يكون المجتمع المدنى حاضرا بها، ويكون للنساء دور فيها، ولكن للأسف أننا أهدرنا هذه الفرصة لتحقيق حسابات حزبية ضيقة. لهذا فالمقاطعة اليوم ليست انسحابا من المعركة، ولا تركا لقضية كتابة الدستور، بل احتجاجا على هذا الوضع وعلى هذا الأسلوب وعلى هذه النتيجة، أما الدستور فلن نتركه ولو خرجنا من اللجنة، بل سيكتبه كل من تم تجاهلهم واستبعادهم وسيكتبونه لمصر ولن يقدر أحد على اسكاتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.