ذكرى نصر أكتوبر.. تعرف على تشكيل واختصاصات المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة السيسي    موعد انتخابات مجلس النواب 2025| الخطة الزمنية والتفاصيل كاملة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    أسعار الخضروات اليوم الاحد 5-10-2025 في قنا    أسعار طبق البيض اليوم الاحد 5-10-2025 في قنا    الإسكان توضح تفاصيل التقديم للحصول على شقة بديلة للإيجار القديم عبر منصة مصر الرقمية    محافظ البحيرة: غمر 61 فدانا من أراضي طرح النهر بكوم حمادة.. وارتفاع المياه لا يتجاوز 60 سم    زعيم حزب تركي: الموصل أهم لدينا من القضية الفلسطينية!    ترامب ينشر صورة لمظاهرات في تل أبيب تدعو نتنياهو لإتمام صفقة غزة    المطرب اللبناني فضل شاكر يسلم نفسه إلى الجيش    المملكة المتحدة: ندعم بقوة جهود ترامب للتوصل لاتفاق سلام في غزة    سموتريتش يحذر نتنياهو: دخول مفاوضات غزة دون قتال خطأ فادح    اليوم| انطلاق انتخابات مجلس الشعب بسوريا بمشاركة 1578 مرشحا على 210 مقاعد    مياه الأمطار تغسل شوارع الإسكندرية في أول نفحة شتوية.. والصرف الصحي تعلن حالة الطوارئ    نظر محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة اليوم    متى يبدأ التشعيب في البكالوريا والثانوية العامة؟ التفاصيل كاملة    إبراهيم سعيد أمام محكمة الأسرة اليوم للطعن على قرار منعه من السفر    بالصور.. تامر حسني يشعل أجواء حفل افتتاح مهرجان نقابة المهن التمثيلية المسرحي    د.حماد عبدالله يكتب: الوطن والأخلاق !!    «أنعي الموسيقى في بلادي».. سلاف فواخرجي تعلق تدمير معهد الموسيقى بسوريا    مواقيت الصلاة اليوم الاحد 5-10-2025 في محافظة الشرقية    136 يومًا تفصلنا عن رمضان 2026.. أول أيام الشهر الكريم فلكيًا الخميس 19 فبراير    الصحة تكثف خدماتها في قرى بالمنوفية تزامناً مع ارتفاع منسوب مياه النيل    صور نادرة للرئيس أنور السادات أثناء افتتاح السد العالى "أمان مصر"    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    بيراميدز يسعى للتأهل لدور 32 بدوري أبطال أفريقيا على حساب الجيش الرواندي، اليوم    بعد خروجه من قسم الشرطة، سامر المدني يحتفل مع جمهوره في الشارع (فيديو)    «اللي جاي نجاح».. عمرو سعد يهنئ زوجته بعيد ميلادها    صبري عبد المنعم يخطف القلوب ويشعل تريند جوجل بعد تكريمه على كرسي متحرك    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. بيراميدز وبرشلونة والسيتي    استقرار نسبي..اسعار الذهب اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويفى    استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا.. حلمي طولان يعلن قائمة منتخب مصر الثاني المشاركة في بطولة كأس العرب    «مش عايزين نفسيات ووجع قلب».. رضا عبدالعال يشن هجومًا لاذعًا على ثنائي الزمالك    شوبير يكشف موعد إعلان الأهلي عن مدربه الجديد    في اليوم العالمي للصيادلة.. نائب محافظ سوهاج ووكيل وزارة الصحة يكرمان قيادات مديرية الصحة والمتفوقين من أبناء الصيادلة    إعلام فلسطينى: طيران الاحتلال يشن عدة غارات على مناطق مختلفة من مدينة غزة    وليد صلاح الدين: ملف المدير الفنى الجديد تحت الدراسة.. ولا توجد ترضيات للاعبين    ملخص وأهداف مباراة الريال ضد فياريال في الدوري الإسباني    لسرقة قرطها الذهبى.. «الداخلية» تكشف حقيقة محاولة اختطاف طفلة بالقليوبية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    مهرجان روتردام للفيلم العربى يقاطع إسرائيل ثقافيا تضامنا مع فلسطين    تشييع جثامين 4 ضحايا من شباب بهبشين ببنى سويف فى حادث الأوسطي (صور)    9 أيام إجازة في شهر أكتوبر 2025 للطلاب والقطاعين العام والخاص.. موعد اَخر عطلة رسمية في العام    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    ألونسو يكشف حالة مبابي وماستانتونو    لعلاج نزلات البرد.. حلول طبيعية من مكونات متوفرة في مطبخك    أعراض متحور كورونا «نيمبوس» بعد تحذير وزارة الصحة: انتشاره سريع ويسبب آلامًا في الحلق أشبه ب«موس الحلاقة»    بمكونين بس.. مشروب واحد قبل النوم يزيد حرق الدهون ويحسن جودة النوم    اندلاع حريق في «معرض» بعقار سكني في شبرا الخيمة بالقليوبية    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    كيف نصل إلى الخشوع في الصلاة؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    بشير التابعى: مجلس الزمالك ليس صاحب قرار تعيين إدوارد ..و10 لاعبين لا يصلحون للفريق    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    «الأوقاف» تُطلق البرنامج التثقيفى للطفل    «قادرون باختلاف»: منظومة «حماية ورعاية وتنمية» متكاملة لذوي الإعاقة    بداية فصل جديد.. كيف تساعدك البنوك في إدارة حياتك بعد الستين؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثمن الوهم
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 05 - 2011

لدى العقيد القذافى، كغيره من الديناصورات العربية، الشعر المصبوغ ولمسات مصمم ازيائه، وأبناؤه المدللون، ومحيطه الملىء بالمنافقين. وهو لا يريد أن يجره أحد ذات يوم من حفرة فئران كصدام حسين، أو يستخرج من مخبأ مثل لوران جباجبو رئيس ساحل العاج.
فما هى حساباته؟ وهل لديه أية حسابات على الإطلاق؟ وهنا، فى الشرق المحرر من ليبيا حيث يمتد العلم ثلاثى الألوان على مئات الكيلومترات على ساحل البحر المتوسط، تناولت العشاء مع مسئول التقى العقيد عدة مرات وهو يصفه بأنه متماسك وقادر على التعبير. القذافى ليس مجنونا.
ولكن، علينا ألا نقلل من قدرة الإنسان على التوهم. فهنا طاغية نجح مرات عديدة فى حصر أمريكا وأوروبا فى محادثات عن الحاجة لبقائه فى الحكم مفادها «أنا وبعدى الطوفان»، ورشوة عدة دول أفريقية صغيرة، وأحاط نفسه لأكثر من أربعة عقود بحاشية متملقة، وأنجب أبناء تخلى عنهم، وجمع ثروات تتجاوز جميع الحدود، وكأى طاغية معاصر يحترم نفسه منح شركات التليفون المحمول لأولاده. وحافظ على بقائه من خلال كل هذا.
قدم القذافى نفسه فى دور المشرف، ووهب السلطة لولده سيف الإسلام القذافى، الصبى المتعلم، الذى خسرها عندما أدرك أنه ويا للرعب ربما كان عليه أن يتخلى عن ملذاته.
وكانت هناك مشكلة: سنوات من الحديث عن إصلاحات دستورية مستلهمة من الغرب كانت فى مواجهة الإدمان. فكما يقول الإيطاليون السلطة أقوى من الجنس. ولم يستطع الطاغية مواجهة السموم. فقد أدت المنافسة بين الأشقاء إلى الفوضى. وأراد جميع الأولاد أن يصبحوا مثل الوالد، وألا يملكوا الكثير، وإنما كل شىء. والآن فات الأوان.
واختار القذافى وسيف الخيار البشع، وقتلا شعبهما على طول ساحل البحر المتوسط. وتعتبر مصراتة عارهما. فقد صارت تخيلاتهما عن البقاء ممارسات للغطرسة.
وهناك بلد آخر يتشكل تدريجيا فى الشرق. فلقد حيانى، على الحدود المصرية الليبية مسئول قائلا مع تقييم مقتضب: «القذافى حمار». وتتولى السلطة المؤقتة الآن ختم جوازات السفر. وينتشر العلم ذو الألوان الثلاثة فى كل مكان. وانتشرت على الجدران شعارات تدعو إلى ليبيا موحدة عاصمتها طرابلس.
نعم، يعكس الانقسام الحالى فى البلاد التقسيم القبلى القديم، الطرابلسيون فى الغرب وأهل برقة فى الشرق. ولكن لا يمكن تخيل حدوث تفكك، فشبكة العلاقات والولاءات والروابط العائلية الشرقية الغربية شبكة متينة. فليبيا ليست يوغوسلافيا. حيث يعتقد القادة المحامون لانتفاضة اندلعت بسبب الغضب من اعتقال محام، وتتخذ مقر المحكمة رمزا لها، تعتقد أن حكم القانون يمكن تطبيقه على عموم ليبيا، وأن ثروة البلاد لن يقتصر توزيعها على زمرة مفضلة.
والمسافة طويلة من الحدود إلى بنغازى، حيث تفسح الصحراء الطريق فجأة إلى الخضرة على الساحل. ومن طريق آخر تأتى الأسلحة عبر مطار بنغازى، وهى أسلحة مضادة للدبابات تأتى من قطر أساسا. ويحتاج المتمردون الليبيون الذين يعانون نقصا فى التسليح إلى الأسلحة. وهم يحتاجون أيضا إلى التنظيم.
والآن، يتنافس ثلاثة جنرالات على السيطرة. ويحاول البريطانيون الذين اجتمعوا فى مجمع فنادق بنغازى مع أحد الجنرالات إيجاد حل لذلك. وتقدم الولايات المتحدة، مواد غير قاتلة تبلغ قيمتها ملايين الدولارات: دروعا، ومقاصف، وزيا رسميا، وأقفاصا من السلك لأكياس الرمل التى يمكن استخدامها لإقامة سواتر.
وتجرى الحرب على ثلاث جبهات: على طول الساحل بين أجدابيا وسرت معقل قبيلة القذافى؛ وفى مصراته المحاصرة، وفى الجبال الغربية بالقرب من الحدود التونسية.
ولدى جيش بنغازى، المنخرط فى الجبهة الأولى من هذه الجبهات نحو ألف و500 شخص فى زى موحد، ونحو ألف آخرين فى زى تدريب، وبضعة آلاف من الرجال؛ بعصابات رأس وبنادق وسيارات «بيك اب تويوتا» الذين يطلقون على أنفسهم لواء 17 فبراير؛ نسبة إلى تاريخ ثورة بنغازى. ولدى هذه القوات غير النظامية وفرة فى الحماس، ولكن من دون تنظيم عسكرى من أى نوع.
ولن تستطيع هذه القوات الجنينية هزيمة القذافى فى المستقبل المنظور. كما أنها لا تستطيع وحدها فرض ما يكفى من الضغط عليه كى ترى حاشيته الكتابة على الجدران وتتصرف طبقا لها. وتقع هذه المهمة على عاتق قوات الناتو. لكن الناتو تردد بعدما تراجع الرئيس أوباما وأمريكا. ولكنه يحاول الآن تصحيح هذا الخطأ، بتصعيد العمليات لتعطيل الإمدادات وخطوط الاتصالات. وبينما يقتل الملايين يوميا فى مصراتة، يتركز الضغط الآن على تطبيق أوسع تفسير ممكن لقرار مجلس الأمن الدولى الذى يسمح «بجميع الوسائل الضرورية» لحماية الشعب الليبى، وبتعبير أحد المعنيين «انهاء ذلك بأسرع ما يمكن». والحديث هنا عن اسابيع وليس شهورا.
لا أستطيع أن ارى مخرجا للقذافى بصرف النظر عن الجمود الحالى. أى «نصر» يمكنه تخيله الآن، وهو محتقر من شعبه ومعزول فى العالم العربى الذى يشهد صحوة؟ سوف يتعاظم الضغط. ويستعيد أولئك الذين قمعهم فى طرابلس الجرأة مرة أخرى.
ولن تزيد حساباته فى هذه المرحلة عن اليأس، بارتكاب آخر حركات الغطرسة. ولعل زيمبابوى أفضل من حفرة فئران صدام أو مخبأ جباجبو وهى أفضل خيار يمكن أن ينقذه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.