أطباء مصر بين التنمر والاستهداف    وزيرة التنمية المحلية: انتهاء استعدادات محافظات المرحلة الثانية لانتخابات النواب 2025    وزارة الري: السد الإثيوبي يحبس المياه ثم يصرفها فجأة بكميات كبيرة ويهدد مجرى النيل الأزرق    أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم.. الطماطم ب 10 جنيه    أسعار الذهب في مصر اليوم الأحد 23 نوفمبر 2025    أسعار الخضروات اليوم الاحد 23-11-2025 في قنا    سعر طن الحديد بسوق مواد البناء اليوم الأحد 23 نوفمبر 2025 فى المنيا    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 23 نوفمبر 2025    وزير الخارجية ونظيره التركي يبحثان سبل تنفيذ مخرجات اجتماع مجموعة التخطيط المشتركة    روبيو يرد على انتقاد خطة السلام الأمريكية فى أوكرانيا.. اعرف قال إيه؟    10 غارات إسرائيلية على خان يونس.. وتوسع عمليات النسف داخل الخط الأصفر    الاحتلال الإسرائيلى يغلق بوابة عطارة وينصب حاجزا شمال رام الله    كير ستارمر يعلق على قضية أندرو وجيفرى أبستين.. ماذا قال؟    الليلة.. الزمالك يستعد لبداية مشواره فى مجموعات الكونفدرالية أمام زيسكو    مواعيد مباريات اليوم الأحد 23 نوفمبر والقنوات الناقلة    المصري في مهمة صعبة أمام كايزر شيفز في الكونفدرالية    غلق طريق الإسكندرية الصحراوي بسبب الشبورة المائية والأرصاد تحذر    اليوم أولى جلسات محاكمة المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية    انطلاق امتحان شهر نوفمبر اليوم فى بعض المدارس.. اعرف التفاصيل    بسبب الشبورة الكثيفة .. اطلاق مبادرة فتح منازل الاهالي للمسافرين العالقين بالطرق السريعة بمطروح    بعد قليل.. نظر محاكمة 10 متهمين بخلية لجان العمل النوعي    افتتاح الدورة ال26 لمهرجان أيام قرطاج المسرحية بعرض «الملك لير» وتكريم يحيى الفخراني    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاحد 23112025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    علامات مبكرة لسرطان الكبد قد ترافق فقدان الوزن المفاجئ.. تحذيرات طبية تكشف 3 تغيّرات خطيرة في الجسم    حفيدة جون كينيدي تكشف إصابتها بالسرطان وتنتقد ابن عمها روبرت كينيدي    استطلاع: تراجع رضا الألمان عن أداء حكومتهم إلى أدنى مستوى    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    وزارة الصحة: لا توجد فيروسات مجهولة أو عالية الخطورة في مصر.. والإنفلونزا الأعلى ب 66%    كمال أبو رية: لو عاد بي الزمن لقرأت سيناريو «عزمي وأشجان» بشكل مختلف    وزارة الداخلية المصرية.. حضور رقمي يفرض نفسه ونجاحات ميدانية تتصدر المشهد    بصورة من الأقمار الصناعية، خبير يكشف كيف ردت مصر على إثيوبيا بقرار يعلن لأول مرة؟    قد تشعل المنطقة بالكامل، إسرائيل تستعد لهجوم واسع النطاق على إيران ولبنان وغزة    استشهاد 24 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة    طقس اليوم.. توقعات بسقوط أمطار فى هذه المناطق وتحذير عاجل للأرصاد    موعد مباراة الأهلى مع الإسماعيلى فى دورى نايل    برواتب مجزية وتأمينات.. «العمل» تعلن 520 وظيفة متنوعة للشباب    نقيب الموسيقيين يفوض «طارق مرتضى» متحدثاً إعلامياً نيابة ًعنه    تامر عبد المنعم يفاجئ رمضان 2025 بمسلسل جديد يجمعه مع فيفي عبده ويعود للواجهة بثنائية التأليف والبطولة    السيسي يعد بإنجازات جديدة (مدينة إعلام).. ومراقبون: قرار يستدعي الحجر على إهدار الذوق العام    وكيل صحة دمياط: إحالة مسئول غرف الملفات والمتغيبين للتحقيق    الصحة: علاج مريضة ب"15 مايو التخصصي" تعاني من متلازمة نادرة تصيب شخصًا واحدًا من بين كل 36 ألفًا    صوتك أمانة.. انزل وشارك فى انتخابات مجلس النواب تحت إشراف قضائى كامل    : ميريام "2"    صفحة الداخلية منصة عالمية.. كيف حققت ثاني أعلى أداء حكومي بعد البيت الأبيض؟    الداخلية تكشف ملابسات اعتداء قائد سيارة نقل ذكي على سيدة بالقليوبية    مانيج إنجن: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أمن المعلومات في مصر    جامعة القناة تتألق في بارالمبياد الجامعات المصرية وتحصد 9 ميداليات متنوعة    السعودية.. أمير الشرقية يدشن عددا من مشاريع الطرق الحيوية بالمنطقة    د.حماد عبدالله يكتب: مشكلة "كتاب الرأى" !!    دولة التلاوة.. هنا في مصر يُقرأ القرآن الكريم    محافظة الجيزة تكشف تفاصيل إحلال المركبة الجديدة بديل التوك توك.. فيديو    حمزة عبد الكريم: سعيد بالمشاركة مع الأهلي في بطولة إفريقيا    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    بث مباشر الآن.. مباراة ليفربول ونوتنغهام فورست في الجولة 12 من الدوري الإنجليزي 2026    شاهد الآن.. بث مباشر لمباراة الهلال والفتح في الدوري السعودي روشن 2025-2026    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثمن الوهم
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 05 - 2011

لدى العقيد القذافى، كغيره من الديناصورات العربية، الشعر المصبوغ ولمسات مصمم ازيائه، وأبناؤه المدللون، ومحيطه الملىء بالمنافقين. وهو لا يريد أن يجره أحد ذات يوم من حفرة فئران كصدام حسين، أو يستخرج من مخبأ مثل لوران جباجبو رئيس ساحل العاج.
فما هى حساباته؟ وهل لديه أية حسابات على الإطلاق؟ وهنا، فى الشرق المحرر من ليبيا حيث يمتد العلم ثلاثى الألوان على مئات الكيلومترات على ساحل البحر المتوسط، تناولت العشاء مع مسئول التقى العقيد عدة مرات وهو يصفه بأنه متماسك وقادر على التعبير. القذافى ليس مجنونا.
ولكن، علينا ألا نقلل من قدرة الإنسان على التوهم. فهنا طاغية نجح مرات عديدة فى حصر أمريكا وأوروبا فى محادثات عن الحاجة لبقائه فى الحكم مفادها «أنا وبعدى الطوفان»، ورشوة عدة دول أفريقية صغيرة، وأحاط نفسه لأكثر من أربعة عقود بحاشية متملقة، وأنجب أبناء تخلى عنهم، وجمع ثروات تتجاوز جميع الحدود، وكأى طاغية معاصر يحترم نفسه منح شركات التليفون المحمول لأولاده. وحافظ على بقائه من خلال كل هذا.
قدم القذافى نفسه فى دور المشرف، ووهب السلطة لولده سيف الإسلام القذافى، الصبى المتعلم، الذى خسرها عندما أدرك أنه ويا للرعب ربما كان عليه أن يتخلى عن ملذاته.
وكانت هناك مشكلة: سنوات من الحديث عن إصلاحات دستورية مستلهمة من الغرب كانت فى مواجهة الإدمان. فكما يقول الإيطاليون السلطة أقوى من الجنس. ولم يستطع الطاغية مواجهة السموم. فقد أدت المنافسة بين الأشقاء إلى الفوضى. وأراد جميع الأولاد أن يصبحوا مثل الوالد، وألا يملكوا الكثير، وإنما كل شىء. والآن فات الأوان.
واختار القذافى وسيف الخيار البشع، وقتلا شعبهما على طول ساحل البحر المتوسط. وتعتبر مصراتة عارهما. فقد صارت تخيلاتهما عن البقاء ممارسات للغطرسة.
وهناك بلد آخر يتشكل تدريجيا فى الشرق. فلقد حيانى، على الحدود المصرية الليبية مسئول قائلا مع تقييم مقتضب: «القذافى حمار». وتتولى السلطة المؤقتة الآن ختم جوازات السفر. وينتشر العلم ذو الألوان الثلاثة فى كل مكان. وانتشرت على الجدران شعارات تدعو إلى ليبيا موحدة عاصمتها طرابلس.
نعم، يعكس الانقسام الحالى فى البلاد التقسيم القبلى القديم، الطرابلسيون فى الغرب وأهل برقة فى الشرق. ولكن لا يمكن تخيل حدوث تفكك، فشبكة العلاقات والولاءات والروابط العائلية الشرقية الغربية شبكة متينة. فليبيا ليست يوغوسلافيا. حيث يعتقد القادة المحامون لانتفاضة اندلعت بسبب الغضب من اعتقال محام، وتتخذ مقر المحكمة رمزا لها، تعتقد أن حكم القانون يمكن تطبيقه على عموم ليبيا، وأن ثروة البلاد لن يقتصر توزيعها على زمرة مفضلة.
والمسافة طويلة من الحدود إلى بنغازى، حيث تفسح الصحراء الطريق فجأة إلى الخضرة على الساحل. ومن طريق آخر تأتى الأسلحة عبر مطار بنغازى، وهى أسلحة مضادة للدبابات تأتى من قطر أساسا. ويحتاج المتمردون الليبيون الذين يعانون نقصا فى التسليح إلى الأسلحة. وهم يحتاجون أيضا إلى التنظيم.
والآن، يتنافس ثلاثة جنرالات على السيطرة. ويحاول البريطانيون الذين اجتمعوا فى مجمع فنادق بنغازى مع أحد الجنرالات إيجاد حل لذلك. وتقدم الولايات المتحدة، مواد غير قاتلة تبلغ قيمتها ملايين الدولارات: دروعا، ومقاصف، وزيا رسميا، وأقفاصا من السلك لأكياس الرمل التى يمكن استخدامها لإقامة سواتر.
وتجرى الحرب على ثلاث جبهات: على طول الساحل بين أجدابيا وسرت معقل قبيلة القذافى؛ وفى مصراته المحاصرة، وفى الجبال الغربية بالقرب من الحدود التونسية.
ولدى جيش بنغازى، المنخرط فى الجبهة الأولى من هذه الجبهات نحو ألف و500 شخص فى زى موحد، ونحو ألف آخرين فى زى تدريب، وبضعة آلاف من الرجال؛ بعصابات رأس وبنادق وسيارات «بيك اب تويوتا» الذين يطلقون على أنفسهم لواء 17 فبراير؛ نسبة إلى تاريخ ثورة بنغازى. ولدى هذه القوات غير النظامية وفرة فى الحماس، ولكن من دون تنظيم عسكرى من أى نوع.
ولن تستطيع هذه القوات الجنينية هزيمة القذافى فى المستقبل المنظور. كما أنها لا تستطيع وحدها فرض ما يكفى من الضغط عليه كى ترى حاشيته الكتابة على الجدران وتتصرف طبقا لها. وتقع هذه المهمة على عاتق قوات الناتو. لكن الناتو تردد بعدما تراجع الرئيس أوباما وأمريكا. ولكنه يحاول الآن تصحيح هذا الخطأ، بتصعيد العمليات لتعطيل الإمدادات وخطوط الاتصالات. وبينما يقتل الملايين يوميا فى مصراتة، يتركز الضغط الآن على تطبيق أوسع تفسير ممكن لقرار مجلس الأمن الدولى الذى يسمح «بجميع الوسائل الضرورية» لحماية الشعب الليبى، وبتعبير أحد المعنيين «انهاء ذلك بأسرع ما يمكن». والحديث هنا عن اسابيع وليس شهورا.
لا أستطيع أن ارى مخرجا للقذافى بصرف النظر عن الجمود الحالى. أى «نصر» يمكنه تخيله الآن، وهو محتقر من شعبه ومعزول فى العالم العربى الذى يشهد صحوة؟ سوف يتعاظم الضغط. ويستعيد أولئك الذين قمعهم فى طرابلس الجرأة مرة أخرى.
ولن تزيد حساباته فى هذه المرحلة عن اليأس، بارتكاب آخر حركات الغطرسة. ولعل زيمبابوى أفضل من حفرة فئران صدام أو مخبأ جباجبو وهى أفضل خيار يمكن أن ينقذه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.