صعود جديد في أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    البيت الأبيض: لقاء ترامب وبوتين قد يحدث قريباً    أول بابا أمريكي للفاتيكان.. دعا للسلام وبناء الجسور    الصومال يواجه شبح المجاعة مجددًا| 55 ألف طفل مهددون بالمرض والوفاة لتوقف المساعدات وإغلاق مراكز التغذية    أمانة العمل الأهلي بالمنوفية تعقد إجتماعاً تنظيمياً لمناقشة خطة عملها    أبو شقة: لدينا قوانين سقيمة لا تناسب ما يؤسس له الرئيس السيسي من دولة حديثة    عقد ب800 مليون دولار أول ثمار سوريا منذ سقوط الأسد.. ما علاقة الإمارات؟    بيت لاهيا تحت القصف وحشد عسكري إسرائيلي .. ماذا يحدث في شمال غزة الآن؟    توقفوا فورا.. طلب عاجل من السعودية إلى إسرائيل (تفاصيل)    لاعب الأهلي يحتفل بخطوبته (شاهد)    4 مواجهات نارية في صراع الهبوط من الدوري .. ثنائي شعبي ينتفض    أول قرار من دفاع نجل الفنان محمد رمضان بعد الحكم بإيداعه في دار رعاية    جداول امتحانات الترم الثاني 2025 في بورسعيد لجميع الصفوف    صاحبة "الغزالة رايقة"، منة عدلي القيعي تحتفل بعقد قرانها على الفنان يوسف حشيش (صور)    د. محروس بريك يكتب: منازل الصبر    اليوم.. الأوقاف تفتتح 11 مسجدًا جديداً بالمحافظات    خروج أخر مستشفى لعلاج السرطان في غزة عن الخدمة    خسارة مصر وتتويج برشلونة باللقب.. نتائج مباريات أمس الخميس    الدوري الإسباني.. أوساسونا يهزم أتلتيكو مدريد بثنائية    هل الصلاة على النبي تحقق المعجزات..دار الإفتاء توضح    نشرة التوك شو| حجم خسائر قناة السويس خلال عام ونصف وتحذير من موجة شديدة الحرارة    بحضور وزير العمل الليبي.. تفعيل مذكرة التفاهم بين مجمع عمال مصر ووزارة العمل الليبية    القوى العاملة بالنواب: علاوة العاملين بالقطاع الخاص لن تقل عن 3% من الأجر التأميني    طقس المحافظات.. الأرصاد تطلق تحذيرا من بلوغ درجات الحرارة ذروتها «السبت»    وكيل أول الشيوخ: مشروع قانون الإيجار القديم لن يخرج إلا في هذه الحالة    مسابقة معلمين بالحصة 2025.. قرار جديد من وزير التربية والتعليم وإعلان الموعد رسميًا    لاعب جنوب إفريقيا السابق: صن داونز سيفوز بسهولة على بيراميدز في نهائي دوري الأبطال    أسوان ضيفًا على طنطا في الجولة ال 36 بدوري المحترفين    طريقة عمل الأرز باللبن، حلوى لذيذة قدميها في الطقس الحار    الحوثيون يعلنون حظر الملاحة الجوية على مطار اللد-بن جوريون    البنك المركزي يطرح أذون خزانة محلية بقيمة 75 مليار جنيه الأحد المقبل    بيان مهم من العمل بشأن فرص عمل الإمارات.. تفاصيل    مصرع صغير وإصابة 21 آخرين في انقلاب سيارة عمالة زراعية في البحيرة    كمين شرطة مزيف.. السجن 10 سنوات ل 13 متهمًا سرقوا 790 هاتف محمول بالإكراه في الإسكندرية    دون وقوع إصابات.. السيطرة على حريق شب فى زراعات الهيش بمدينة إدفو    دون إصابات.. سقوط سيارة في ترعة بالغربية    ندوة علمية تناقش المنازعات والمطالبات في عقود التشييد -(تفاصيل)    25 صورة من عقد قران منة عدلي القيعي ويوسف حشيش    رامي جمال يعلن عن موعد طرح ألبومه الجديد ويطلب مساعدة الجمهور في اختيار اسمه    الكاتب صنع الله إبراهيم (سلامتك).. الوسط الثقافي ينتفض من أجل مؤلف «ذات».. بين الأدب وغرفة العمليات.. «صنع الله» يحظى باهتمام رئاسي ورعاية طبية    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 16 مايو 2025    هل يمكن للذكاء الاصطناعي إلغاء دور الأب والأم والمدرسة؟    صفقات بمئات المليارات وتحولات سياسية مفاجئة.. حصاد زيارة ترامب إلى دول الخليج    "بعد الهزيمة من المغرب".. موعد مباراة منتخب مصر للشباب المقبلة في أمم أفريقيا    لقب الدوري السعودي يزين المسيرة الأسطورية لكريم بنزيما    إعلان أسماء الفائزين بجوائز معرض الدوحة الدولي للكتاب.. اعرفهم    بعد زيارة ترامب له.. ماذا تعرف عن جامع الشيخ زايد في الإمارات؟    النائب إيهاب منصور يطالب بوقف إخلاء المؤسسات الثقافية وتحويلها لأغراض أخرى    دعمًا للمبادرة الرئاسية.. «حماة الوطن» بالمنيا يشارك في حملة التبرع بالدم| صور    حيازة أسلحة بيضاء.. حبس متهم باليلطجة في باب الشعرية    أخبار × 24 ساعة.. الحكومة: جهود متواصلة لتأمين المخزون الاستراتيجى للقمح    بسنت شوقي: نجاح دوري في «وتقابل حبيب» فرق معي جماهيريًا وفنيًا    أمين الفتوى: التجرؤ على إصدار الفتوى بغير علم كبيرة من الكبائر    البحيرة: الكشف على 637 مواطنا من مرضى العيون وتوفير 275 نظارة طبية بقرية واقد بكوم حمادة    استعدادا للامتحانات، أطعمة ومشروبات تساعد الطلاب على التركيز    طريقة عمل القرع العسلي، تحلية لذيذة ومن صنع يديك    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وحش يمينى
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 07 - 2011

انتشر لعدة سنوات على المواقع المحافظة فى شبكة الإنترنت اختبارا بعنوان: «آل جور، أم أونابومبر». وكان الاختبار يورد فقرات من بيان نائب رئيس الجمهورية السابق حول البيئة «الأرض فى الميزان» إلى جانب مقتطفات من انتقادات ثيودور كازينسكى (المعروف باسم أونابومبر) للحضارة الصناعية، ويطلب من القارئ تحديد أى من الرجلين صاحب الفقرة.
فهل تلك العبارة قالها الناسك الملتحى الذى أثنى على «جيوب منعزلة من مقاتلى المقاومة» لنضالها ضد «اعتداء المجتمع الحديث على الأرض؟» لا، إنها لنائب الرئيس السابق. وهل هذه لكازينسكى، الحائز على الدكتوراه فى الرياضيات، وتحول إلى مفجر مجنون، كان يشكو من التأثير «المدمر» لجلب طفل إلى «أسلوب الحياة الاستهلاكى الفاحش السائد فى العالم الصناعى؟» لا، إنه آل جور مرة أخرى.
●●●
وكان المدونون اليساريون المغامرون، قد بدأوا بالفعل يلعبون لعبة مماثلة مع أندرز بيرنج بريفيك، النرويجى، الذى يبدو أنه برر حادث القتل الجماعى لأفراد مخيم شبابى فى وثيقة من 1500 صفحة، تدعو إلى ثورة يمينية ضد الطبقة الحاكمة فى أوروبا. ويتضح من محتويات الوثيقة، أن بريفيك تربطه باليمين الثقافى نفس العلاقة، التى كانت تربط كازينسكى بأفكار حماة البيئة. وتنتمى أحلك جوانب أيديولوجيته حصرا إلى مجموعة هامشية من الفاشيين الجدد. ولكن الكثير من معتقداته وآرائه ترديد لخطاب المحافظين الثقافى فى أمريكا وأوروبا على حد سواء.
وعلى الرغم مما أشارت إليه السلطات النرويجية خلال عطلة نهاية الأسبوع، قد لا تكون هذه المعتقدات شكلا من أشكال الأصولية المسيحية، فلا تحوى كتابات بريفيك أى تشابه مع الأفكار اللاهوتية لجيرى فالويل أو أورال روبرتس، ويبدو أن مسيحيته الاسمية (كتب فى إحدى المراحل «أعتقد أننى لست رجلا متدينا للغاية») تعبير عن هويته السياسية الأوروبية وشوفينيته المعادية للإسلام أكثر من أى حماس دينى حقيقى.
ولكن من الإنصاف أن ندعو بريفيك يمينيا. وكما يوضح جون بوذوريتس محرر مجلة «كومنترى ماجازين»، فإن القاتل النرويجى «يمثل بالضبط نوعا نمن أنواع المنظِّرين اليمينين العصابيين، وكثيرون فى هذا البلد من هذا النوع، ويفترض أن يكون جيرد لافنر المصاب بالفصام الذى أطلق الرصاص على النائب جيفوردز من هذا النوع أيضا». وعلى نحو متكرر، تقتبس وثيقته مقتطفات من كتابات الكتاب المحافظين على جانبى الأطلنطى، كما تحفل بالهجوم على أهداف يمينية مألوفة: العلمانية، والاستقامة السياسية، والاتحاد الأوروبى، والثورة الجنسية، والإسلام الراديكالى، واليسار الأكاديمى.
بيد أن بعض انتقاداته للتعددية الثقافية والهجرة، تشبه إذا جردت من سياقها آراء لم تطرحها الأحزاب اليمينية الأوروبية المتطرفة فحسب، وإنما زعماء محافظين معتدلين مثل ديفيد كاميرون فى بريطانيا، وأنجيلا ميركل فى ألمانيا ونيكولا ساركوزى فى فرنسا.
وهو ما يعنى أن مأساة الأسبوع الماضى، تعتبر أيضا فرصة سياسية لساسة أوروبا من اليسار إلى الوسط، للرد على هياج بريفيك، على النحو الذى رد به الرئيس بيل كلينتون على التفجير الذى وقع فى مدينة أوكلاهوما فى 1995.
حيث كانت صلات تيموثى ماكفى بسياسة الجمهوريين غير قوية، لكن كلينتون نجح فى ربط معقل الإرهابى ببرامج الحوار الإذاعية، والإيحاء بأن جريمة ماكفى كانت جزءا من مخطط أوسع نطاقا لحركة محافظة مناهضة للحكومة تعيث فسادا.
ووفقا لبيان بريفيك، لن تضطر الأحزاب اليسارية فى القارة الأوروبية لبذل مثل هذا الجهد الشاق لربط العمل الإرهابى النرويجى باليمين الأوروبى على نطاق واسع.
●●●
فكيف ينبغى أن يتصرف المحافظون الأوروبيون؟ عليهم ألا يتظاهروا بعدم وجود علاقة من أى نوع بين تطرف بريفيك وتيار اليمين الأوسع نطاقا فى القارة. وفى حين ينبغى استنكار جرائمه ونبذها، يتعين عليهم الإقرار بعقيدتهم الأيديولوجية.
غير أن هذا لا يعنى ضرورة أن يتخلى المحافظون عن قناعاتهم. فالرعب فى النرويج لم يؤثر على آراء ميركل بشأن استيعاب المسلمين، مثلما لم تؤثر قنابل كازانسكى على آراء آل جور بشأن الجانب المظلم من انتشار الصناعة. وفى الصورة الأكبر، يعتبر المحافظون ثقافيا فى أوروبا محقين: فقد أسفرت الهجرة الضخمة بالفعل عن زيادة تقسيم القارة بدلا من أن تثريها، ولم يثبت للآن أن الإسلام والديمقراطية الليبرالية يمكنهما التعايش معا، كما أن الحلم باتحاد أوروبى يتجاوز القومية والوطنية، وتحكمه نخبة من الأخيار، يبدو أشبه بحماقة يوميا.
فعلى مدى عقود، ظلت الطبقات الحاكمة فى أوروبا تصر على أن العنصريين وحدهم من يتخوفون من الهجرة، والمتعصبين فقط من يتخوفون من التعددية الثقافية، والفاشيون وحدهم ينشغلون بالهوية القومية. والآن، بعدما ارتكب متطرف يمينى راديكالى حقيقى مجزرة رهيبة، سيكون من السهل العودة إلى تلك الأوهام المريحة.
غير أن المتطرفين لا يزدادون قوة إلا عندما يتظاهر نظام سياسى بعدم وجود تلك المشكلات. ويجب على المحافظين فى كل من جانبى الأطلنطى الاعتراف بأن أندرز بيرنج بريفيك وحش يمينى من نوع خاص. غير أن عليهم أيضا التزاما إزاء الحقائق، التى تهدد جريمة هذا الوحش الفظيعة بطمسها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.