••نجحت دورة لندن الأوليمبية كما نجحت قبلها دورات أثيناوبكين وسيدنى والدورات الأخرى، ودفع نجاح دورة لندن الذى أعاد الثقة إلى البريطانيين فى أنفسهم، رئيس الوزراء كاميرون إلى إقرار ادخال الرياضة إلى المدارس كمادة اجبارية وتنظيم منافسات وبطولات بين المدارس، ونحن فى أشد الحاجة هنا فى مصر لأن نعرف كيف تتفوق أمريكا والصين وكيف حققت بريطانيا أفضل نتائجها فى الأوليمبياد منذ عام 1980 بدون رياضة إجبارية فى المدارس؟ ••نجحت دورة لندن كما نجحت قبلها دورات، والحقيقة أن العالم ينسى خلال السنوات الأربع التى تفصل بين دورتين، ما تحقق فى الدورة السابقة. وأذكر أن الصحف وصفت أوليمبياد طوكيو 1964 بأنه ألعاب القرن العشرين وذلك قبل أن ينتهى القرن بستة وثلاثين عاما. وهذا النجاح المتواصل لكل مدينة تستضيف الأوليمبياد يتحقق بالبحث والدراسة والإعداد والابتكار والتفكير والخيال، واستغلال شخصية المدينة التى تستضيف الألعاب. وقد شاهدنا لندن تنجح بالفن والأدب والثقافة والموسيقى حتى أن الكرة التى لعبت بها منافسات كرة القدم فى الدورة أطلق عليها اسم «ألبرت» فى إشارة إلى قاعة ألبرت هول، أشهر قاعات الموسيقى فى العالم.
••لماذا ينجحون؟ لأنهم ناس جد، ففى أثينا شاهدت وفدين للصين. الأول البعثة الرياضية، والثانى كان وفدا من خبراء الرياضة لمراقبة الدورة والتعلم منها قبل بكين. وفى لندن قام وفد من 152 شخصية برازيلية بزيارة المدينة استعدادا لدورة ريو دى جانيرو عام 2016.. ذهبوا كى يتعلموا من نجاح لندن ومن أخطاء لندن. بينما حسبما أعلم لم نرسل شخصا واحدا إلى أى دورة أوليمبية ولا إلى بطولة كى نتعلم وندرس. ولو أرسلنا شخصا ما فإنه سوف ينفق أيام الرحلة فى «الشوبينج» مع خمسة سياحة.
••الذين يتحدثون عن ثورة فى الرياضة يظنون أن الثورات هى تغيير أشخاص، ولكنها أولا وأخيرا تغيير سياسات وأفكار وعقول، ويكفى أن تطالع وسائل الإعلام، فسوف ترى أن قضايانا ليست رياضية، ولا تهتم بالأرقام والإنجازات البشرية، والتكنولوجيا الرياضية ولا لماذا يتفوق اللون الأسمر فى الجرى واللون الأبيض فى السباحة. وفى كل دورة أوليمبية يجلس الناس أمام الشاشات ويتمتمون بكلمات الإعجاب ويكررون السؤال الذى يطرح منذ 60 عاما.. متى نكون مثل هؤلاء؟ متى نصل إلى هذا المستوى من الإبداع والتدريب والدقة والخيال والجمال؟
••قضايانا الرياضية تافهة وسطحية، ومجرد خناقات منذ عقود، إنها عبارة عن عرض لمعارك وصراعات بين رئيس اتحاد وبين أعضاء. وبين أندية وبين لاعبين، وبين لاعبين وبين مدربين، وبين جهة إدارية وبين مرشحين، وبين ناد وبين ناد. ويحدث هذا الاشتباك ويطول دون أن نصل إلى حلول قاطعة وحاسمة لفضه.. (حتى اليوم الاشتباك بشأن حقوق البث الفضائى ونسب توزيع العائد مازال قائما).. هكذا ماتت عندنا الرياضة الحقيقية، مات عندنا الخيال والرغبة فى الابداع والبحث والتفوق. وعندما يموت الخيال يظل الواقع شديد المرارة ومثيرا للغضب.. حاجة تفلق.