مجلس الشيوخ يوافق من حيث المبدأ على نقابة المهن الرياضية    مجلس الشيوخ يوافق مبدئيا على تعديل قانون نقابة المهن الرياضية خلال جلسته العامة    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    ننشر مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول بمحافظة القاهرة    رئيس جامعة طنطا يعلن إطلاق تطبيق رقمي جديد لتطوير منظومة عمل الإدارة الطبية    ارتفاع سعر الجنيه الذهب اليوم الاثنين 22 ديسمبر بالتعاملات الصباحية    نائب محافظ الفيوم ومساعد وزير البيئة يفتتحان المركز البيئى بقرية شكشوك    إيران: برنامجنا الصاروخي غير قابل للتفاوض ونرفض الاتهامات بشأن أوكرانيا    من هو قائد الجيش الباكستاني عاصم منير الذي مٌنح وسام الملك عبدالعزيز الرفيع؟    إيزاك يصدم ليفربول بفترة غيابه بعد الإصابة أمام توتنهام    اقتربت من نهايتها .. مفاوضات الأهلي مع يوسف بلعمري مستمرة وهناك اتفاق على الخطوط العريضة مع إدارة الرجاء    الداخلية تكشف تفاصيل مخطط غسل قرابة نصف مليار جنيه    تحرير 867 مخالفة مرورية لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    بعد قليل.. أمين «البحوث الإسلامية» يشهد مراسم صلح في خصومة ثأريَّة بالأقصر    الست لما.. يكتبه رامي قشوع!    محافظ الدقهلية: القوافل الطبية قدمت أكثر من 94 ألف خدمة علاجية خلال 11 شهرا    مد غزة ب130 ألف سلة غذائية و22 ألف قطعة ملابس ضمن قافلة زاد العزة ال99    جيفرى إبستين.. العدل الأمريكية تدافع عن النشر الجزئى وعودة صورة ترامب المحذوفة    البيت الأبيض يكشف عن الأموال التي حصلتها أمريكا من الرسوم الجمركية    شعبة القصابين : ارتفاع أسعار اللحوم فى شهر رمضان بسبب زيادة الطلب    كامل الوزير يلتقى وزير التجارة والصناعة فى عمان    مواعيد مباريات اليوم.. مصر مع زيمبابوى في أمم أفريقيا ونهائى كأس السوبر الإيطالي    الهلال يخشى صحوة الشارقة في دوري أبطال آسيا النخبة    موعد مباراة بيراميدز ومسار في كأس مصر.. والقنوات الناقلة    الحضري: مجموعة مصر صعبة.. والشناوي الأنسب لحراسة مرمى المنتخب    وزير المالية: نستهدف تحويل مصر إلى مركز إقليمي للتصنيع والتصدير    البورصة المصرية تترتفع بمستهل تعاملات جلسة اليوم الإثنين    وزير الزراعة يبحث مع وزير الاقتصاد الأرميني آفاق التعاون الزراعي المشترك وزيادة فرص الاستثمار    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي الجيزة القاهرة    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    شعبة الملابس الجاهزة تكشف ارتفاع الصادرات بأكثر من 21% منذ بداية 2025    المتحف القومي للحضارة يحتفي باليوم العالمي للغة العربية    روائح رمضان تقترب    نقابة الأطباء البيطريين: نقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين    نائب وزير الصحة والسكان يعقد اجتماعاً مع وفد رفيع المستوى من دولة ليبيا    مجلس قصر العينى يناقش سياسات تحديد ضوابط حجز الحالات ونطاق تقديم الخدمات    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 22ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى المريوطية    الحكومة النيجيرية تعلن تحرير 130 تلميذا مختطفا    جريمة 7 الصبح.. قاتل صديقه بالإسكندرية: نفذت صباحا حتى لا يشعر أحد بالواقعة    تفاصيل المشروعات المزمع افتتاحها بالتزامن مع احتفالات العيد القومي لبورسعيد    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    شديد البرودة.. «الأرصاد» تكشف تفاصيل طقس اليوم    مصر تواصل جهودها المكثفة لاستجلاء موقف المواطنين المصريين المفقودين في ليبيا    ألمانيا تعلن تسجيل أكثر من 1000 حالة تحليق مشبوهة للمسيرات فى 2025 .. وتصاعد المخاوف الأمنية    كأس الأمم الإفريقية| اليوم.. جنوب إفريقيا تفتتح مشوارها أمام أنجولا ضمن مجموعة مصر    اليوم .. الإدارية العليا تفصل فى 48 طعنا على نتيجة 30 دائرة ملغاة بانتخابات النواب    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد اليوم 22 ديسمبر 2025    بحضور أبطاله.. انطلاق العرض الخاص لفيلم «خريطة رأس السنة» في أجواء احتفالية    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    «المهن التمثيلية» تكشف تطورات الحالة الصحية للفنان إدوارد    لجنة تحكيم أيام قرطاج السينمائية توضح سبب غيابها عن حفل توزيع الجوائز    مصرع طفلة متأثرة بإصابتها، ارتفاع عدد مصابي حادث تصادم طريق المنصورة بالدقهلية    أستاذ بالأزهر يوضح فضائل شهر رجب ومكانته في ميزان الشرع    تامر النحاس: سعر حامد حمدان لن يقل عن 50 مليونا وصعب ديانج يروح بيراميدز    بدون تدخل جراحى.. استخراج 34 مسمارا من معدة مريضة بمستشفى كفر الشيخ العام    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا؟
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 02 - 2012

فى صيف عام ألفين وعشرة، أى قبل الثورة المصرية بحوالى ستة أشهر، التقيت بالصديق إبراهيم الهضيبى فى إحدى مقاهى وسط القاهرة، وسألته عن تقديره لطاقة جماعة الإخوان المسلمين على حشد مائة ألف متظاهر فى ميدان التحرير، وكان تقديرى أنها لو فعلت أطاحت بالنظام، وأنها لو لم تفعل وبقى النظام فسيطيح هو بالجماعة قبل التوريث أو التمديد أو بعده مباشرة. فقد كان ثمة إجماع على كراهية النظام بين كل القوى السياسية والطوائف الدينية فى مصر، وكانت الجماعة أقدر القوى السياسية على الحشد المنظم، وكان طبيعيا أن يرى فيها النظام التهديد الأكبر له، وهو مقبل على لحظة ضعف لا محالة عند موت الرئيس أو قراره بالتوريث أو التمديد، والنظام الضعيف أشرس من النظام القوى، وأقل تسامحا مع من يرى فيهم تهديدا لبقائه، وإن حدث وتم انتقال للسلطة إلى جمال مبارك أو عمر سليمان فإن كلا منهما سيكون ضعيفا لكراهية الناس له وغموض موقف الجيش منه، ولأنه ضعيف فسيكون شرسا وسيوجه شراسته إلى الإخوان قبل غيرهم. لذلك، قلت لصديقى إبراهيم، إن الإخوان المسلمين إن تحركوا فى لحظة ارتباك النظام قادرون على إسقاطه، إما إن تلكأوا فالأرجح أنهم سيواجهون خطرا سياسيا داهما. وسألته هل الجماعة تدرك أنها فى خطر؟ وهل هى قادرة على حشد مائة ألف إنسان فى ميدان التحرير؟ وقلت له أنه لو اجتمع مائة ألف فى الميدان وباتوا ليلة واحدة فإنهم سيبلغون المليون فى اليوم التالى، ولن تقدر الشرطة عليهم، ما سيستدعى نزول الجيش، لكن الجيش المصرى ليس كالجيش التركى أو التشيلى ولن يطلق النار على الناس خاصة إن كانت أعدادهم ضخمة، فإن صدر له الأمر بالقتل ولم ينفذ فقد عصى الجيش، وإن عجزت الشرطة وعصى الجيش فقد سقط النظام.

قال إبراهيم إنه غير متأكد أن بعض النافذين فى مكتب الإرشاد الحالى للجماعة يرى الوضع كما أراه، وأنهم لا يخططون لتحدى النظام بثورة جماهيرية فى الشارع، وأن كثيرا من قياداتهم يطمحون إلى بقاء الجماعة لا أكثر، سواء بقى مبارك أو تولى بعده جمال أو سليمان.

●●●

لم أسرد الحكاية السابقة، وطرفها الثانى حاضر شاهد، إلا لأقول أن الشباب المبادرين بالثورة، قد أنقذوا مكتب الإرشاد فى تقديرى من هول عظيم لو كان مبارك بقى فى الحكم. فمنهج مكتب الإرشاد فى التغيير التدريجى والمهادنة والمفاوضة مع السلطة كاد يودى به. واليوم يبدو أن المكتب عاد لنفس المنهج، معرضا نفسه والبقية للخطر. لقد كان الشباب، من الجماعة وخارجها، أكثر إدراكا للواقع السياسى من قيادتهم، وبدلا من مكافأتهم، وتبنى منهجهم فى أن الدنيا تؤخذ غلابا وفى الشوارع والميادين، تم فصلهم واستبعادهم إن كانوا فى الجماعة، وتم اتهامهم ومخاصمتهم إن كانوا خارجها.

والمشكلة أن الخلاف بين المنهجين، منهج المهادنة والتدرج الذى يتبناه البعض فى مكتب الإرشاد، ومنهج الشوارع الذى يتبناه بقية الناس، أدى لأن يراق دم النازلين إلى الشوارع فلا ينجدهم المهادنون. والأنكى أن النازلين إلى الشوارع ربما نزلوا إليها لأن المهادنين دعوهم إلى النزول، فلا خلاف جذريا بين الطرفين، كلاهما يسير فى نفس الاتجاه، لكن واحدا من الطرفين يقف فى نصف الطريق ويترك الثانى للموت.

مثلا، عندما طرح المجلس العسكرى وثيقة على السلمى فى نوفمبر الماضى، رفضتها الجماعة وحشدت مليونية ضدها، وكانت هذه فرصة كبيرة للوحدة الوطنية، فكل الجماعات السياسية من غير الإخوان المسلمين كانت تنادى برحيل المجلس العسكرى، وها هى الجماعة الآن تنادى بتسليم السلطة للمدنيين، فلما احتشد الناس، واستمروا فى الميدان معتصمين، وقتلتهم الداخلية، كان موقف الجماعة منهم محايدا إن لم يكن سلبيا. أعنى أن الناس عندما ساروا فى الاتجاه الذى حشدتهم الجماعة للسير فيه تخلى عنهم مكتب الإرشاد. وربما تفهم البعض موقف الجماعة من باب الحفاظ على الانتخابات. وجرت الإنتخابات، وفاز حزب الجماعة وحلفاؤه بأغلبية المقاعد، ثم وقعت مذبحة بور سعيد، وتكررت أحداث انتفاضة نوفمبر، وناب شارع منصور عن شارع محمد محمود. وقد ناقش البرلمان المذبحة فى جلستين، أما الجلسة الأولى فهاجم فيها النواب وزير الداخلية بشدة، بل اتهمه أحد نوابها اتهاما رسميا بالمسؤولية عن المذبحة، وعليه فقد انتفض الشعب ضد وزارة الداخلية سائرا فى نفس الاتجاه الذى اقترحه عليه نوابه. فإذا بالناس يفاجأون فى الجلسة التالية لمجلس الشعب بنوابهم يصفونهم بالبلطجية، ويدينون الداخلية لا لأنها قتلتهم، بل لأنها لم تقتلهم بما يكفى، وتوالى النواب يلومون الشرطة على «يدها المرتعشة» والتى لم تفقأ إلا تسعة وأربعين عينا فقط. ففى نوفمبر حشدوا الناس ضد المجلس العسكرى فلما انتفض الناس ضد المجلس العسكري تركوهم، وفى فبراير هاجموا وزارة الداخلية فى مجلس الشعب فلما هاجمها الناس فى الشارع فوضوا الداخلية أن تقتلهم وتفقأ عيونهم.

أليس فى تفكيك آلة القمع المتمثلة فى وزارة الداخلية حماية لهؤلاء النواب، وحماية لجماعة الإخوان المسلمين، كما كان فى قيام الثورة نفسها إنقاذ لها من شر يبيته النظام؟ هل أمن السادة النواب وعلموا علم اليقين أن هذه الأجهزة لن تؤذيهم بعد اليوم؟ فإن ضمنوا ألا تؤذيهم أذية مباشرة باعتقالهم كما كانت تفعل، أفيضمنون أن لا تورطهم فترتكب مذابح يتحملون هم المسؤولية السياسية عنها بوصفهم أصبحوا جزءا من السلطة؟ لقد كثرت المبادرات الشعبية فى الصيف الماضى المطالبة بتفكيك آلة القمع وحل أجهزة الأمن المركزى والأمن الوطنى، وقلنا وكتبنا آنذاك أن الحية ستلتدغ من يتبناها، وأن بقاء الداخلية على حالها لن ينتج عنه إلا المصائب، وها هى الحية اليوم تلدغ ما حلا لها أن تلدغ، ويتبناها البعض فى البرلمان المنتخب، ويضمها إلى صدره ولا أفهم كيف يأمن شرها.

●●●

إن كل الجماعات السياسية الليبرالية واليسارية الشبابية لا تشكل خطرا على جماعة الأخوان المسلمين، لأنها تنظيمات عزلاء لا سلاح لها، بل وأظهرت الانتخابات، أنها لا أغلبية انتخابية لها كذلك، بينما تشكل أجهزة الأمن الوطنى والأمن المركزى والشرطة العسكرية، بل والمجلس العسكرى نفسه ثم الولايات المتحدة الأمريكية التى تزود جميع هؤلاء بالسلاح وقنابل الغاز وأجهزة التعذيب والتنصت، خطرا داهما على جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة والبرلمان والشعب المصرى ومن ورائه العرب كلهم. فلماذا ثم لماذا ينحاز نواب الجماعة إلى من يهددهم ضد من لا يهددهم؟ ولماذا يصدقون وعد من طالما كذب عليهم وعلينا؟

إننى أكتب من موقع المحب لا المبغض، ومن موقع من يعرف أن إسلامية مصر أمر طبيعى وأن الدولة التى أنشأها اللورد كرومر هى الاستثناء، ولكن أصبحنا نرى نواب الجماعة وحلفاءهم من السلفيين فى صدارة من يدافعون عن دولة كرومر، فمؤسسات الأمن من تراث الاستعمار، ومن شاء فليراجع تاريخها فى بلادنا، والجدران التى تملأ وسط البلد تحمى مقرات الحكم اليوم لا تختلف كثيرا عن حواجز قلنديا وحوارة فى فلسطين.

أكرر هنا أننى لم أكتب هذا إلا محبة وخوفا على جماعة كنا وما زلنا نرى فيها وجوه أهلنا وأخوتنا وأصدقائنا، وما زال الكثير منا ينادى بنقل السلطة إلى المجلس المنتخب الذى تشكل هى أغلبية أعضائه، بل وكنا نفكر فى أن الثورة يمكن أن تبدأ من جهتها، وكنا نظن أن نزول الناس إلى الشارع وفلاحهم فى قلب نظام الحكم قد حسم التردد بين منهج المهادنة ومنهج المواجهة لصالح الأخير، وكنا نعول عليها أن تكون كبنات عمها من حركات المقاومة الإسلامية فى فلسطين ولبنان، تواجه ذراع الأمن التى حكمت مصر نيابة عن أمريكا ثلاثين سنة فتحرر مصر ومن ورائها العرب من النفوذ الأمريكى، فإذا ببعض قادته يتجهون اتجاها سعوديا مبالغا فى سعوديته، فيأمنون أعداءهم ويخيفون حلفاءهم خوفا عظيما، يا أصدقاءنا وحلفاءنا القدامى، سأكون ممتنا لو أجبتمونى.. لماذا ثم لماذا ثم لماذا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.