ربما لم يحظَ كتاب عن ثورات الربيع العربي، سواء باللغة العربية أو اللغات الأخرى، بالاهتمام الذي حظي به كتاب "تقاطع نيران" للروائية السورية سمر يزبك، والذي تصدر ترجمته الإنجليزية الشهر الجاري بعد أن ترجم أيضا للفرنسية والألمانية والإيطالية. قد يشكل اجتماع عدة عناصر معا سببا في جذب انتباه القارئ والناشر الغربي إلى كتاب يزبك، كخصوصية الثورة السورية في امتدادها الزمني قياسا بثورات الربيع الأخرى، والقمع العنيف الذي تعرضت له وعدد شهدائها، يضاف إلى ذلك طريقة الكتابة، التي لم تتنازل فيها يزبك عن توجهها الذي يجمع بين اللغة الأدبية القوية وقوة التأثير النفسي من خلال سرد يوميات الانتفاضة السورية.
سمر يزبك، التي غادرت سوريا أثناء الثورة، منذ عام تقريبا لتعيش في باريس تصاحب جولاتها لتوقيع كتبها باللغات الأجنبية، بحضور ملتقيات عدة وإلقاء محاضرات في وسائل الإعلام والمدارس والأكاديميات الغربية، والمؤسسات المدنية والمنظمات الحقوقية، مقدمة شهاداتها الحية عن الثورة. متممة ما لم تقله في كتابها الذي يرصد الأشهر الأربعة الأولى فقط من الثورة.
وأصدر مهرجان برلين للأدب بمناسبة اليوم العالمي للكتاب بيانا للمشاركة في قراءة عالمية لمقتطفات من كتاب سمر يزبك عن الثورة السورية، وقد وقع على البيان كتّاب عالميون كبول أوستر ونعوم تشومسكي وخوان غويتسولو ومن الكتاب العرب زكريا تامر وعلاء الأسواني وصموئيل شمعون وغيرهم.
انتقادات
في كل ما تقوم به يزبك من نشاطات مكمّلة للكتابة، أي الندوات والمحاضرات واللقاءات مع الجمهور الغربي للحديث عن شهاداتها في الثورة، إضافة لكتاباتها، سواء المقالات أو الروايات أو كتاب الشهادات الأخير، فإنها كما لو تضع نفسها في مرمى النيران، دون أن تملك خيارات أخرى. فهي ما إن بدأت بتسجيل يوميات الثورة، حتى تعرضت لهجمات عديدة وانتقادات من الطرفين، من قِبل النظام، ومن قِبل بعض المعارضين. هل كان من الأفضل لها لو أنها كتبت بصمت، دون لفت أنظار النظام إليها، هو ذاته الذي طرحته في كتابها المذكور، لكن يزبك تبدو راضية عما فعلته، وتؤكد أن الكتابة بهذه العلنية والوضوح هي التي تقدم خدمة أكبر للثورة.