ضبط شخصين لقيامهما بتجميع بطاقات الناخبين وشراء الأصوات بالفيوم وسوهاج    أسعار الدواجن والبيض مساء السبت 27 ديسمبر 2025    النائب أحمد سيد: السياحة قضية أمن قومي وصناعة استراتيجية تقود الاقتصاد الوطني    وزارء خارجية 21 دولة: اعتراف إسرائيل بأرض الصومال خرق سافر لقواعد القانون الدولي    الدفاعات الجوية الروسية تسقط 111 مسيرة أوكرانية خلال 3 ساعات    الجيش السوداني يعلن استعادة السيطرة على منطقة الداكنوج بكردفان    شوط سلبي أول بين تنزانيا وأوغندا في كأس أمم إفريقيا 2025    اتحاد جدة يتقدم على الشباب في الشوط الأول    أمطار خفيفة على المدن الساحلية بالبحيرة    موجة جوية غير مستقرة بشمال سيناء تتسبب بإغلاق ميناء العريش    أجواء مبهجة في كواليس «فن الحرب» بطولة يوسف الشريف | صور    لبلبة: نيللي كريم موهوبة والعمل معها تجربة إنسانية وفنية مميزة    عبدالغفار يكرم «مدير صحة البحيرة» ضمن أفضل القيادات أداءً و تميزًا بالجمهورية    أندية برازيلية تتحرك لخطف جناح النصر في يناير    التعادل 1-1 يحسم قمة السنغال ضد الكونغو الديمقراطية فى أمم أفريقيا    وزير الشباب ومحافظ القاهرة يشهدان ختام نهائي دوري القهاوي للطاولة والدومينو    اليابان ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين كمبوديا وتايلاند    جهود لإنقاذ طفل سقط في بئر مياه شمالي غزة    تأجيل قضية فتى الدارك ويب المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة لجلسة 24 يناير    تعليم العاصمة تعلن انطلاق البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية    عبدالحليم قنديل: الملك فاروق كان "ملك كوتشينة" وسلّم سيادة مصر ل6 دبابات إنجليزية    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    إبراهيم عيسى يصل العرض الخاص لفيلمه الجديد الملحد    باحثة فلكية: 2026 سنة الحصان النارى وحظوظ للجميع بدرجات متفاوتة    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    تجربة رائدة لدمج التعليم بالإنتاج فى كفرالشيخ |أرباح مليونية بالمدارس الزراعية    وزير الإسكان يتفقد مشروع "حدائق تلال الفسطاط" بمحافظة القاهرة    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    ألمانيا تغلق مطار هانوفر بعد رصد مسيرات في مجاله الجوي    إقبال كثيف للناخبين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان بقرى مركز سوهاج    ياسين منصور يسلط الضوء على دور العقارات والسياحة المتكاملة فى تعزيز الاقتصاد المصرى    زواج نيللي كريم وشريف سلامة.. شائعة أم حقيقة؟    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    شعبة المستوردين: المشروعات القومية تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح والأرز في مصر    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    منتخب مصر: محمد صلاح لم يتحدث مع هوجو بروس عن ركلة الجزاء    انهيار جزئي لعقار قديم في منطقة رأس التين بالإسكندرية    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    فلافيو: الأهلي بيتي.. وأتمنى التدريب في مصر    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سكان مصر بدون توجيهات السيد الرئيس
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 07 - 2012

«لأ، بنتى مش غلطة. فريدة جت بإرادتنا وبموافقة الطبيب».يتذكر مقرر المجلس القومى للسكان الدكتور عاطف الشيتانى، كيف كرر هذه الجملة، منذ قدوم فريدة قبل 8 سنوات، لكل من سأله: أكيد بنتك الثالثة جت غلطة، لأنك من بتوع تنظيم الأسرة اللى بيقولوا طفلين لكل أسرة؟».

عاطف الذى قضى ثلاثة عقود فى العمل ببرامج وزارة الصحة لتوفير وسائل تنظيم الأسرة ونشر استخدامها، لم يؤمن قط بالشعار الذى رفعته الدولة «طفلين لكل أسرة»، لأنه تعلم من خبرته كطبيب للنساء والتوليد فى الصعيد، ثم كخبير لجهات دولية وحكومية فى التنمية، أن الإنجاب تحدده ظروف كل أسرة، وأن تخفيض الانجاب يحدث تلقائيا عندما يقترب المسئولون من حياة الناس.

يرتب عاطف بعض الاوراق على مكتبه، قائلا: «كنت باكره الشعار ده، لكن ماقدرتش أواجه بيه المسئولين عن البرامج السكانية وتنظيم الأسرة لأنهم مش متخصصين».

ورغم قناعات عاطف تلك، وجد صعوبة فى تطبيقها بعد أن أصبح المسئول الأول عن وضع السياسة السكانية فى مصر منذ شهور قليلة، اكتشف فيها أن «الحكاية أصعب من كده بكتير»، وأن النمو السكانى يتأثر أيضا بالسياسة، وبتاريخ من الكذب المتبادل بين كل الأطراف، من الحاكم الذى يحدد سياسات المواليد، إلى المحكوم الذى لا يرى سوى مصلحته.


1قرية أبو مناع

ممنوع على النساء مقابلة الطبيبة والغريب

حين بشر الدكتور عاطف بتعيينه مقررا للمجلس القومى للسكان المسئول عن وضع السياسة السكانية فى مصر قبل 5 شهور، رجع به شريط الذكريات إلى عام 1980 حين احتفل أهله بدسوق بكفر الشيخ بتخرجه فى طب الإسكندرية.

وكيف حمل وقتها أمتعته، حسب تكليف وزارة الصحة، فى ريف دشنا بمحافظة قنا.

تعلم الطبيب الشاب من قرية «أبومناع غرب» أن نساء قبائل الهوارة لا يمكن أن تنكشف على الاغراب، سواء كانوا رجالا أم نساء، وكيف كان يتحمل أن يقطع طريقا طويلا ممتطيا الحمار، ليصل مع زوج سيدة مريضة إلى بيتهم، فيرفض والد الزوج أن تنكشف زوجة ابنه على الطبيب.

ويحترم الطبيب الشاب رغبة كبير العيلة، وينتظر بالمندرة، ليسمع شكوى الزوجة من خلال زوجها، الذى أخذ ينقل شكاوى الزوجة ذهابا وإيابا، حتى استطاع الطبيب أن يشخص الحالة، ويصف العلاج.

تعلم الطبيب أن الناس يأتون للسؤال عن مصل سم العقرب صبيحة انقطاع الكهرباء فى المساء، وأن الشيوخ والأطفال أول من يموتون بالسم، ولهذا تنجب الأسر المزيد من الأطفال.


2قرية الخصوبة

الكثافة السكانية تأتى مع الفقر

فى أول يوم له فى منصبه الجديد، دارت برأسه حوارات فيلمى أم العروسة والحفيد، المأخوذين عن روايتين لعبدالحميد جودة السحار، رغم أن الأول أذيع فى الستينيات والثانى فى السبعينيات.

واصطحب معه أوراق «ساقلتة» المركز صاحب القرى الساخنة بمعدلات المواليد، والملتهبة بالفقر، والأقل فى الخدمات الصحية والتعليمية والمياه والكهرباء، حسب دراسة وزارة الصحة فى 1998.

وقتها اختير الدكتور عاطف الذى انتقل للعمل بديوان الوزارة، ليكون مسئولا عن أول برنامج لجودة الخدمات الصحية، تتبناه وزارة الصحة مع البنك الدولى والصندوق الاجتماعى للتنمية، وجمعيات تنمية المجتمع بالصعيد.

البرنامج ركز على أن مساعدة الاسر لتكوين مصادر دخل ترفع من مستواهم الاقتصادى خاصة للسيدات، وتوفير عيادات بمعايير تحترم خصوصية الناس وسلامتهم، وتوفير الخدمات الاخرى، يدفع الزوجات لطلب وسائل تنظيم الأسرة، بطريقة غير مباشرة.

فى أول أوراق مفكرته على مكتب منصبه الجديد، كتب سيادة المقرر: البداية من القرى وليس من المكتب المكيف.


3أين الرئيس؟

عام ونصف من الفراغ التوجيهى

أمام علم مصر جلس عاطف على مكتبه كمقرر للمجلس القومى للسكان، وأخذ نفسا عميقا وقال «سنة ونص ارتباك لأن الكل كان بيشتغل بناء على التوجيهات اللى جاية من فوق، وهى غالبا من رئيس الجمهورية شخصيا».

ويكمل «وعشان كده اختصروا القضية السكانية فى تنظيم الأسرة لأن الرئيس كان بيتابع معدل المواليد بس، مش إعادة توزيع السكان وتحسين مستوى معيشتهم، حسب العلم السكانى».

وبناء على ذلك يفسر الشيتانى تأرجح تبعية مجلس السكان بين رئيس الجمهورية ورئاسة الوزراء ووزارة الصحة، ليدار برنامج تنظيم الأسرة من أعلى سلطة فى الدولة.

عاطف يرى أنه رغم اختصار عمل المجلس القومى للسكان خلال فترة الرئيس السابق مبارك، فى رسم السياسات، فإنه عجز عن التنسيق بين الوزارت والجهات الأخرى ومتابعة عملها، «لأننا ماتعودناش على العمل الجماعى وأدمنا التوجيهات».

اكتشف عاطف ذلك عقب تأمله لآخر خطة سكانية عقد لها مؤتمر كبير لتدشينها، بحضور الرئيس السابق، لكنها وجدت كالعادة طريقا ممهدا للإدارج.

يخرج عاطف نسخة من الخطة، ليضحك قائلا «اكيد اكتشفوا بعد ماصرفوا عليها الشىء الفلانى، وحددوا إن تنفيذها يتكلف 400 مليون جنيه، إن الخطة لم تحدد مين هايستلم الفلوس دى، ويوزعها على الوزارات المختلفة، وازاى يحاسبها على الصرف وعلى المحاسبة الفنية للتنفيذ، لأن المجلس ماعندوش نظام إدارى متطور يقوم بالمهمة».

عام ونصف العام منذ ثورة يناير لم يتحرك أحد، فقل الطلب على خدمات تنظيم الأسرة، بحسب الباحثة الرئيسية للمسح الصحى السكانى الدكتورة فاطمة الزناتى «ماحدش قام بدوره لا وزارة الصحة ولا غيرها، الناس كانت ملبوخة فى الثورة».

المسح الصحى السكانى يصدر عن وزارة الصحة كل 3 سنوات منذ 2000، لكنه توقف عام 2008، «لم نبدأ فى الإعداد للمسح السكانى الجديد إلا من أسابيع قليلة، لكن قلنا نأجله لغاية بعد رمضان لما نشوف أولويات رئيس الجمهورية اللى جاى، لأن ممكن القضية السكانية تكون مش أولوياته»، أضافت فاطمة.








4المعونة الأمريكية وقرار الكونجرس

وجد عاطف نفسه محاصرا، بعد أن تزامن مع غياب التوجيهات دعوات للتخلى عن تنظيم الأسرة مع تنامى التيار الإسلامى عقب الثورة، مما سبب انخفاضا فى معدلات تنظيم الأسرة.

وقبل ذلك، تضررت عيادات تنظيم الأسرة، بانقطاع المعونة الامريكية عنها فى 2005.

تلاها مباشرة، قرار الكونجرس الأمريكى، بعدم منح حوافز مادية للأطباء نظير عملهم فى برامج تنظيم الأسرة.

وبرر الكونجرس قراره بأن هذه الحوافز يمكن أن تدفع الأطباء إلى «إجبار الأسرة على استخدام الوسيلة طمعا فى المال».

وكما انصرف الأطباء، هجرت البرنامج الجمعيات الاهلية وشركات الادوية والصيدليات.

يتفق عاطف مع قرار الكونجرس «أنا شفت بعينى واحدة ست بتخلع اللولب، عشان تركب غيره لما شافت القافلة الطبية بتدى فرخة لكل ست تركب لولب، وعلى فكرة الممول الاجنبى عمره مابيجبرنى إنى أتعامل بلا انسانية مع أهلى وناسى».

يأخذ نفسا عميقا ثم يكمل «عشان كده مش هاربط حوافز الاطباء بالانجاز، لكن كمان مش هاوقف الحوافز زى ماحصل».

وكأنه تذكر شيئا.. يخرج عاطف قلما من جيب سترته ليكتب، وهو يقول «ولا كمان هاوافق على حوافز للاسر عشان تستخدم وسائل تنظيم الأسرة، لأن ده استغلال للفقر».




5الجدل الدينى يُصعِّب تنظيم الأسرة

يرن هاتف الدكتور عاطف، فيرد: لأ..لأ مش دلوقت..الموضوع ده محتاج لدراسة أكبر.

يغلق عاطف هاتفه وقد بدا عليه الضيق، «الملايين اللى أنفقت على تدريب رجال الدين الاسلامى والمسيحى، كانت بلا جدوى، لأن الدين لم يكن سببا قويا فى التوجه نحو استخدام تنظيم الأسرة أو العكس».

يشعل عاطف سيجارة ثم يكمل. «بعض رجال الدين بيرفضوا تنظيم الأسرة، وزادت الدعوات دى بعد الثورة، ومع ذلك 60% من السيدات مستمرات فى استخدام وسائل تنظيم الأسرة لغاية دلوقت».

آخر مسح سكانى صحى صدر عن وزارة الصحة عام 2008، كان قد كشف عن أن من بين أسباب عدم استخدام وسائل تنظيم الأسرة، سوء الخدمة والرغبة فى الانجاب ومعارضة الدين.

وكان اللافت أن السبب الدينى لم يشكل سوى 1.5% فقط من الأسباب.

فى المقابل، وقبل أيام من ثورة يناير (ديسمبر 2010) صدرت دراسة عن مركز معلومات مجلس الوزراء وصندوق الأمم المتحدة للسكان، حول حالة السكان فى مصر، (عينة بالتليفون)، أظهرت أنه لا يوجد فارق كبير بين نسب استخدام وسائل تنظيم الأسرة بين من يرون تعارضها مع الدين، ومن يرون أنها غير متعارضة مع الدين.

لكن الدكتورة فاطمة الزناتى الباحثة الرئيسية للمسح ترى أن تأثير الدين على قرار تنظيم الأسرة لا يمكن أن يقاس «بمجرد سؤال فى استمارة أو مكالمة تليفون».

بينما يرى الخبير فى الصحة الانجابية مجدى حلمى «أنه لولا ندوات التوعية التى وجهت للدعاة عن أهمية تنظيم الأسرة، لارتفعت نسبة تأثير الدين على قرار تنظيم الأسرة».

«نعم للدين دور فى القضية السكانية لكنه ليس الدور الرئيسى الحاكم، لأن قضية تنظيم الأسرة قضية اقتصادية وإجتماعية، لكن المسئولين اختاروا الطريق الأسهل والأقل تكلفة من التنمية الحقيقية» هكذا ترى فيفيان فؤاد منسق مشروع تمكين الأسرة بالمجلس القومى للسكان.

وتضيف «الملايين التى انفقت على تدريب الدعاة لم تكن طبعا فى محلها».

«الدين هو الشماعة اللى بنعلق عليها فشلنا فى التعليم وفى نشر الوعى، وبنفتكر الحل فى توعية رجال الدين، لكن دايما ماحدش بيوصل لشيخ الزاوية الصغيرة فى النجوع، لأنه مش تابع للاوقاف»، قالها بضيق وحماس معا رئيس جمعية أطباء النساء والتوليد الدكتور عز الدين عثمان.


وعز الدين يرى أن من العيب أن نظل نتحدث بنفس الرؤية عن مشكلة السكان فى مصر، منذ الستينيات وحتى الآن، وأنه لو كانت الحكومات السابقة نحجت فى القضاء على التسرب من التعليم وعمالة الأطفال، لعرف الآباء أن أى طفل عبء جديد».

يعلق عاطف معادلة «كلما زاد الفقر زاد الإنجاب» معروفة عالميا وليس فى مصر فقط، ومع هذا لم يكن القضاء على الفقر ضمن الخطط او السياسيات السكانية.

«كان يكفى أن يربط المسئولين بين قضية عمل الأطفال والقضية السكانية، ليعرفوا أن العمل على محور تنظيم الأسرة وحده لن يكفى، بدون تكنولوجيا الزراعة، كبديل عن الايدى العاملة الرخيصة للأطفال»، فى رأى فيفيان.

6الطفل الثالث

عزوة ورزق أكثر وسند لأخيه

فى ذلك اليوم من عام 2002 كان على الدكتور عاطف وزوجته أن ياخذا قرارا باستقبال طفل ثالث، بعد 11 عاما من التوقف عن الإنجاب.

«مش معنى إننا أخدنا قرار بالطفل الثالث إننا ممكن نفكر فى الرابع، ده استحالة، لكن كان نفسنا فى بنت..وربنا استجاب دعاءنا»، قالها عاطف بابتسامة رضا.

«ثقافة الطفل الثالث، لازالت تسيطر على الكثير من الاسر المصرية، بحسب الطبيبة مواهب المويلحى عضو جمعية تنظيم الأسرة.

«عشان لو حصل لواحد من الولدين حاجة الثالث يبقى موجود يونس أخوه، وبرضه عزوة، والأولاد رزق بيساعدوا أبوهم اللى شغال على دراعه، ولو عجز ماعندوش معاش نتسند عليه»، لازالت هى الردود التى تأتى للدكتورة مواهب من الحوامل بالطفل الثالث حتى من المتعلمات.

السياسات المتأرجحة بين مشروعات تنظيم الأسرة فى وزارة الصحة، نتيجة تغير السياسات بتغير الوزراء، كانت سببا آخر لعدم نجاح مصر فى السيطرة على الزيادة السكانية، وعدم تلبية احتياجات كل الاسر من خدمات تنظيم الأسرة طوال الوقت، وهو ما تعتبره فيفيان فؤاد فسادا إداريا يفوق فساد سرقة المال العام.

ويعتقد عاطف أنه كان على المسئولين أن يدركوا أن دور الدولة يجب أن يقف عند رسم السياسيات العامة وتوعية المواطن، وتوفير الخدمة الجيدة، وتشجيع تعليم البنات وتشغيل السيدات، «لو زوجتى بتشتغل ماكنتش هاتفكر فى الثالث».


7حالة السكان

300 ألف «غلطة» كل عام

يرشف الدكتور عاطف رشفة من فنجان القهوة المضبوط، ويقول بابتسامة أقرب للضحك «الطفل الثالث غير الطفل اللى بيجى غلطة، عندنا 300 ألف طفل بيجوا كل سنة فى مصر غلطة، من غير الزوجين مايكونوا واخدين قرار بالحمل».

تشير إحصاءات الدراسة السابقة الصادرة عن مجلس الوزراء (حالة السكان) إلى أن من بين كل 100 سيدة استخدمن وسائل تنظيم الأسرة، تتوقف 26 منهن عن الاستخدام فجأة، وهؤلاء يمثلن 10% من سيدات مصر حاليا، بسبب قلة التوعية، وسوء الخدمة.

وأن عدد المواليد فى مصر سنويا مليونان و400 ألف طفل، 14% منهم جاءوا من حمل غير مرغوب فيه.

ويعلق عاطف «وده يأكد لنا ضرورة مشاركة المجتمع فى وضع الرؤية الجديدة للقضية السكانية فى مصر، مش بالتوجيهات».


8طوابير الرجال

المستقبل يحتاج إلى دراسة علمية

طوابير طويلة من الرجال أمام عيادات تنظيم الأسرة، كانت أول ما لفت نظر الدكتور عاطف حين سافر ضمن وفد رسمى للإطلاع على التجربة الإيرانية، التى نجحت فى السيطرة على النمو السكانى إلى المعدل الذى تريده خلال 10 سنوات فقط (1986 1996).

وقتها شجعت الحكومة المواطنين على تحديد النسل، وأعلن المجلس التشريعى أنه لا مانع دينى من استخدام وسائل تنظيم الأسرة، وصدرت فتوى دينية عام 1990 بالسماح بالتعقيم للذكور والإناث كوسيلة مشروعة لتنظيم الأسرة.

تزامن معها توفير لوسائل تنظيم الأسرة بشكل لا محدود، مع شبكة متشعبة من الخدمات الصحية فى الريف، وكلية طب ومعهد صحى فى كل محافظة.

أعجب عاطف بأن رجال الدين هناك كانوا منفتحين للتقارب مع السياسيين، لتجنب كارثة اقتصادية كادت تضرب بلادهم..

لكن تصميم برنامج تنظيم الأسرة فى مصر يعتمد على تقديم الخدمة لصاحبات (تاء التأنيث) أى المنتفعات فقط فى السن من (15 45 سنة)، وليس من معايير تطوير الخدمة التى وضعتها وزارة الصحة فى البرنامج التوجه للرجال.

ويعلق عاطف «مع إن الراجل مشارك فى قرار الانجاب، وممكن يطلب من زوجته تروح للعيادة للمشورة، لكن محدش بيتوجه له بالتوعية، ولو عايز يستخدم وسيلة مايعرفش يتوجه لمين، عشان كده معدل استخدام الواقى الذكرى 7% فقط من اجمالى وسائل تنظيم الأسرة المستخدمة فى مصر».

ويكتب الدكتور عاطف فى مفكرته سطرا جديدا «محتاجين نصمم برنامج يتوجه للاسرة الراجل والست الاتنين، وبحقوق الطفل على الوالدين».

«محتاجين مسوح دقيقة، مش بس لقاءات ميدانية وشخصية، عشان نضع رؤية الناس تكون موافقة عليها، وهانغير تشكيل المجلس عشان كل الاطراف تشارك فيه، برضه معتمدين على دراسة علمية». آخر ما قاله عاطف قبل أن نتركه على وعد بلقاء آخر حين تكتمل الرؤية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.