«طموحه فى الحياة أن ينافس باسم يوسف.. هذا المذيع الساخر الذى شق طريقه إلى التليفزيون عبر شاشة الانترنت عندما تخلى قليلا عن (البالطو الأبيض) حيث يعمل بالأصل طبيبا، قبل أن يقدم برنامج (باسم يوسف شو) على موقع (يوتيوب) ليقوده النجاح الكبير إلى تقديم (البرنامج) على قناة أون تى فى». أحمد يوسف، هو أحد شباب الكوميكس «القصص المصورة».. هذا الفن الذى ارتبط لسنوات بأعمال الأطفال إلى أن تم استخدامه كوسيلة تعبير عن الرأى وازدهر بشكل واسع النطاق بعد الثورة المصرية على صفحات «فيس بوك»، ورغم اختلاف أنواع الكوميكس الا أنه يتصدر المشهد هذا النوع الذى يستخدم فيه أصحابه مشاهد الأفلام والمسلسلات والمسرحيات للسخرية مما يحدث بالشارع المصرى. يحكى أحمد، الطالب بجامعة عين شمس، تجربته مع عالم الكوميكس قائلا: منذ اندلاع الثورة ونحن نشاهد أحداثا غريبة وصعبة تحدث بالشارع المصرى، وفى غياب الوسيلة التى تساعدنا للتعبير عن آرائنا فى هذه الأحداث لجأت إلى هذا اللون من السخرية على ما يحدث وإعلان رأيى فيه بصراحة، وأستعين فى ذلك بمكتبة الفن المصرى الثرية جدا من مسلسلات وأفلام ومسرحيات باحثا عن أشهر الافيهات التى طالما تربينا عليها وتأثرنا بها واعبر من خلالها على رأى فيما يحدث .
وأضاف: بصراحة «اليوتيوب» ساعدنى كثيرا.. فمعظم أفلامنا ومسرحياتنا موجودة على هذا الموقع والموضوع سهل جدا ولا يحتاج إلى دراسة متخصصة.. فحينما أختار المشهد أبدأ عملى فى ربط الكلام الذى يقوله النجم بالأحداث الجارية.. وللعلم فكلما كان المشهد حزينا حقق نجاحا مدويا بين أعضاء «فيس بوك»، وهناك برامج على الانترنت تساعد أى شخص يحب المشاركة فى هذا المجال على تعليمه كيف ينفذ فكرته.
أحمد أكد أنه تعرض لسرقات عديدة حيث تم سرقة أفكارة دون الاشارة اليه، ولذلك قرر الاستعانة ب«water mark» أى عمل علامة مائية حتى لا يتعرض للسرقة مرة أخرى.
وفى الوقت الذى أبدى فيه أحمد جرأة فى كتابة اسمه ونشر صورته، فضل محمود، أحد شباب الكوميكس أن يشير إلى اسمه الأول فقط، ورفض نشر صورته وقال: لا يخفى على أحد أننا كنا نستهدف أشخاصا بعينها كأعضاء فى المجلس العسكرى أو مرشحين للرئاسة لكى نسخر من كلامهم ومواقفهم وأخشى أن اتعرض للمساءلة القانونية .
وقال: لم أكن أعرف أننى سأستفيد بهذا الشكل من الأفلام والمسرحيات التى شاهدتها منذ طفولتى وأن أستعين بأشهر الافيهات التى قالها توفيق الدقن أو عبدالفتاح القصرى لأصنع فنا جديدا وانضم لجيل «الكوميكس» على «فيس بوك»، ولكن ما يحدث بالشارع أصابنى وغيرى بحالة اكتئاب شديدة بعد فشل وراء فشل منذ اندلاع الثورة حتى الآن .
وأضاف: كان أمامنا خياران .. إما أن نصاب بجنون يدفعنا للانتحار وإما أن نواصل التعبير عن آرائنا والدفاع عن حريتنا حتى لو بهذا الشكل الجديد من النقد، وكما يقولون الفن مرآة المجتمع.. فقد اكتشفنا أن أفلامنا مهما كانت قديمة من حيث الانتاج الا أنها تعكس ما يحدث لنا حاليا.
وحول الظاهرة قال الناقد طارق الشناوى: أنا متابع جيد لهذا الفن الجديد ، وكلما شاهدته أتيقن أن الزمن لدية قدرة غريبة فى صنع توافق بين الوسائط الاعلامية التى تأخذ من بعضها البعض دون أن تقضى واحدة على الأخرى بمعنى أن الوسيلة الأحدث تستوعب الوسيلة الأقدم.. هكذا فعلت الاذاعة مع الصحف والتليفزيون مع الاذاعة والآن تفعل شاشة الكمبيوتر مع شاشة السينما.. فاذا كان لقب الأخيرة هى الفن السابع فالكمبيوتر بلا شك هو الفن الثامن.
وأضاف: هذا الجيل أعاد الروح إلى فنانين واراهم الثرى منذ سنوات طويلة أمثال مارى منيب واستيفان روستى وغيرهما بعد أن وجدنا صورهم وافيهاتهم التى طالما استمتعنا بها فى أفلامهم تتصدر أعمال هؤلاء الشباب وتحقق صدى وتجاوبا رائعا، وهذه الأعمال التى ربما سقطت من ذاكرة البعض أو أن هناك من لم يشاهدها من الأساس فرصة جيدة لمشاهدتها من جديد وللحق استطاع هذا الجيل أن يخرج عمالقة الفن المصرى من تحت التراب ليشتعلوا وهجا ويكونوا شركاء مؤثرين فى الثورة المصرية.
وأضاف: بقدر ما كانت هذه الوسيلة تقدم لنا سخرية كبيرة لما يحدث لكنها سخرية موجعة ومؤلمة خاصة لمن فى يدهم القرار بدليل تلك المحاولات التى يبذلها البعض تحت قبة البرلمان لتحجيم هذه الأعمال بل وتجريمها، ولن أفاجأ إذا خرجت قوانين تسعى لتحجيم الحرية بدعوى أنها تسىء للبعض ولكن أقول لهؤلاء إذا فعلتم هذا فأنتم فى غفلة من الزمن فهذا الجيل لن يستطيع أحد تحجيمه.