رفع أعمال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ دون تحديد موعد عودة الانعقاد    جامعة بني سويف الأهلية تنظم المؤتمر الطلابي الأول لبرنامج الطب والجراحة    "اقتصادية النواب" توافق على اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وصربيا    محافظ الشرقية يُكلف بتقديم مساعدات فورية للأسر الأولى بالرعاية وفرص عمل بالقطاع الخاص    الرئيس اللبناني يزور مشيخة الأزهر ويلتقي الإمام الأكبر    السياحة تستقبل وفدا من ممثلي وزارة الحج السعودية    المقاولون يعلن عن اختبارات لتكوين فرق الكرة النسائية    ميمي عبدالرزاق يقود مرانه الأول كمدرب للمصري    السيطرة على حريق اندلع داخل جراج بعقار سكني في القليوبية    مصرع عامل سقط من أعلى سقالة على ارتفاع 3 أمتار في التجمع    "عبد الصادق" يكرم الفائزين في مهرجان جامعة القاهرة للعروض المسرحية الطويلة و"إبداع 13"    الجامعة البريطانية في مصر تنظم قوافل طبية بسيوة والحوامدية والمنيا    تبدأ الخميس 22 مايو.. جداول امتحانات الترم الثاني 2025 لجميع الصفوف في القاهرة والجيزة    وزير الإسكان: حريصون على خلق فرص استثمارية للمطورين والمستثمرين العقاريين    أول تصريح لجو بايدن بعد إعلان إصابته بسرطان البروستاتا    بينهم أم ونجلها.. إصابة 3 أشخاص في تصادم ملاكي وتوك توك بطوخ    تجديد حبس 3 متهمين بقتل شاب فى مشاجرة داخل مصنع    السجن 10 سنوات لعامل بتهمة إحداث عاهة مستديمة لشخص فى سوهاج    روسيا تحظر منظمة العفو الدولية وتصنفها" منظمة غير مرغوب فيها"    نجوم فيلم The Phoenician Scheme في جلسة تصوير بمهرجان كان    وقفة عيد الأضحى.. فضائلها وأعمالها المحببة وحكمة صيامها    تراجع معدل البطالة في مصر إلى 6.4% خلال الربع الأخير من 2024 بدعم نمو القطاعات الحيوية    وزير الشؤون النيابية: نحتاج إلى محكمة قضائية لتنفيذ أحكام التحكيم    عاجل- الداخلية السعودية تحذر من مخالفي تعليمات الحج وتفرض غرامات تصل إلى 100 ألف ريال    وزير التعليم العالي: 30% من حجم النشر الدولي في مصر تأخذه «ناس تانية» وتحوله لصناعة    توسعات استيطانية بالضفة والقدس.. الاحتلال يواصل الاعتقالات وهدم المنازل وإجبار الفلسطينيين على النزوح    إيلي كوهين..الجاسوس الذي زرعته إسرائيل في سوريا.. روايات عديدة لكيفية افتضاح سره والقبض عليه .. ساحة المرجة شهدت إعدامه وجثته ظلت معلقة ساعات.. وإسرائيل حاولت استعادة رفاته طوال 60 عاما    رئيس الوزراء الهندي يشن هجوما لاذعا ضد باكستان    وزيرة البيئة تشارك في فعاليات المعرض العربي للاستدامة    تنطلق يوليو المقبل.. بدء التسجيل في دورة الدراسات السينمائية الحرة بقصر السينما    إلهام شاهين عن المشروع X: فيلم أكشن عالمي بجد    رئيس الوزراء الإسباني يطالب باستبعاد إسرائيل من مسابقة الأغنية الأوروبية يوروفيجن    رئيس الطائفة الإنجيلية: الاحتفال بمرور 17 قرنًا على مجمع نيقية يعكس روح الوحدة والتقارب بين الكنائس الشرقية    محافظ الدقهلية يكرم عبداللطيف منيع بطل إفريقيا في المصارعة الرومانية    مجلس الوزراء: لا وجود لأي متحورات أو فيروسات وبائية بين الدواجن.. والتحصينات متوفرة دون عجز    قوافل طبية متكاملة لخدمة 500 مواطن بكفر الدوار في البحيرة    ضبط 5 أطنان أرز وسكر مجهول المصدر في حملات تفتيشية بالعاشر من رمضان    وزير الثقافة يجتمع بلجنة اختيار الرئيس الجديد لأكاديمية الفنون    "تبادل الاحترام وتغطية الشعار".. كوكا يكشف سر مشاركته في الجولة الأخيرة من الدوري الفرنسي    «الشيوخ» يستعرض تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار    الزمالك يُنفق أكثر من 100 مليون جنيه مصري خلال 3 أيام    تعرف على طقس مطروح اليوم الاثنين 19 مايو 2025    بعد تشخيص بايدن به.. ما هو سرطان البروستاتا «العدواني» وأعراضه    إعلام عبري: نائب ترامب قرر عدم زيادة إسرائيل بسبب توسيع عملية غزة    مسابقة الأئمة.. كيفية التظلم على نتيجة الاختبارات التحريرية    إطلاق مبادرة لخدمة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    أسطورة مانشستر يونايتد: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية 2025    "الإدارة المركزية" ومديرية العمل ينظمان احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    محافظ الإسماعيلية يتابع انطلاق فوج حجاج الجمعيات الأهلية للأراضى المقدسة    متحف الحضارة يحتفل باليوم العالمي للمتاحف 2025    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    نجم بيراميدز يرحب بالانتقال إلى الزمالك.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



29 مارس أطول انقلاب على الديمقراطية فى التاريخ المصرى
الاتفاق على تحويل الإضراب من تأييد «نجيب» إلى المطالبة بإلغاء قرارات 5 و25 مارس
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 04 - 2012

كان يوما 28 و29 مارس 1954 يومين حاسمين فى تاريخ مصر، ففيهما تم القضاء على الحياة الديمقراطية ووضعت أسس الدولة الاستبدادية التى ما زالت قائمة إلى الآن.

كانت القوى المدافعة عن الديمقراطية تشعر أنها أصبحت على مقربة من تحقيق الانتصار، وأن فجرا جديدا للديمقراطية فى مصر يوشك أن يولد، ديمقراطية بلا ملك، ديمقراطية تقود إلى تحقيق الاستقلال الكامل وتنهى سبعين عاما من الوجود البريطانى فى مصر، كان من المقرر أن يكون يوم 28 مارس 1954 يوما للإضراب العام، كما قررته نقابة المحامين وتجمعات أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المصرية والجبهة الطلابية، وكان من المعلن أن تنضم إلى الإضراب النقابات العمالية بما فيها نقابة النقل المشترك، كان الهدف واضحا إنهاء الحكم العسكرى فورا وعدم الانتظار حتى 24 يوليو 1954، وتشكيل حكومة مدنية انتقالية تجرى الانتخابات، ومحاسبة المسئولين عن الانتهاكات التى تعرض لها المعتقلون فى السجن الحربى.



كانت نقابة النقل المشترك هى الطريق لتحقيق كل فريق لهدفه، فريق أنصار الديمقراطية، وفريق أنصار الدولة الاستبدادية، كانت هناك اتصالات بين القوى الديمقراطية وقادة نقابة النقل المشترك التى تضم عمال شركات الأتوبيس الكبرى لإقناعهم بالانضمام لحركة الإضرابات العمالية التى ستشترك فيها معظم النقابات العمالية التى كان الاتجاه الغالب فيها تأييد الديمقراطية، وأهمية هذه النقابة أن إضراب عمالها سيشل حركة المواصلات فى العاصمة تماما، لكن رئيس اتحاد نقابات النقل المشترك الصاوى أحمد الصاوى توجه إلى مقر هيئة التحرير والتقى اثنين من ضباط الصف الثانى المسئولين عن النقابات العمالية، وهما الصاغ أحمد طعيمة والصاغ إبراهيم الطحاوى وأبلغهما بمحاولات جذب النقابة إلى الإضراب المؤيد لعودة الديمقراطية، وكانت هناك بعض القيادات النقابية الأخرى التى تؤيد ما كان يسمى «استمرار الثورة»، فتم الاتفاق على تحويل الإضراب والاعتصام من تأييد الديمقراطية إلى المطالبة بإلغاء قرارات 5 و25 مارس، وتم اختيار الصاوى محمد الصاوى زعيما للحركة، ودار اتحاد النقل المشترك مقرا لها.

وبالفعل بدأ الاعتصام فى السابعة والنصف مساء، وتم استدعاء مجالس إدارات النقابات العمالية لاتخاذ موقف جماعى، إلى هنا والأمر يندرج تحت الصراع السياسى المعتاد الذى تتعدد فيه المواقف وفقا لمصالح الأطراف المختلفة، لكن المؤامرة بدأت هنا عندما بدأت الإذاعة المصرية تذيع بيانات صادرة عن النقابات العمالية تعلن فيها الاعتصام والإضراب عن الطعام وعن العمل حتى تتحقق مجموعة من المطالب؛ أولها عدم السماح بقيام الأحزاب، واستمرار مجلس قيادة الثورة فى مباشرة سلطاته حتى يتم جلاء المستعمر، وتشكيل هيئة تمثل النقابات والروابط والاتحادات والجمعيات والمنظمات تساند مجلس قيادة الثورة، وتعرض عليها قرارته قبل إصدارها، وأخيرا عدم الدخول فى معارك انتخابية.

المشكلة هنا ليست فى محتوى المطالب التى تعنى تصفية الحياة الديمقراطية فى مصر تماما، لكن المشكلة الحقيقية أن النقابات العمالية لم تصدر هذه البيانات، ولم توافق عليها بل لم تعرض عليها أصلا، وإن الإذاعة المصرية شاركت فى مؤامرة ضد الديمقراطية بتزوير بيانات باسم النقابات العمالية وإذاعتها فى محاولة لإظهار أن الحركة العمالية ضد عودة الديمقراطية، بخلاف الحقيقة.

الأمر الثانى أن نقابة عمال الترام التى رفضت المشاركة فى إضراب لتصفية الديمقراطية بفضل دور العامل النقابى اليسارى محمود فرغلى تعرض العاملين فيها وبعض قادتها للاعتداءات، ويروى الدكتور عبدالعظيم رمضان تفاصيل ما حدث فيقول: «أمكن إيقاف مركبات الترام بالقوة بواسطة عناصر وقفت فى مجموعات فى شارع عبدالعزيز أمام مبنى دار الاتحاد لقذف المركبات بالطوب وتكسيرها، وفى العباسية وغيرها، وضرب محمود فرغلى ضربا مبرحا بواسطة عناصر عمالية وبوليسية، وفى الساعة الثامنة صباحا كان الشلل قد شمل جميع وسائل المواصلات».

وبدأت النقابات العمالية تتنبه للمؤامرة التى تحاك باسمها فأصدرت مجالس إدارات عدد من نقابات العمال التى أذيعت بيانات كاذبة باسمها فى الإذاعة المصرية بيانا تعلن فيه حقيقة موقفها وتنفى ما نسب إليها كذبا.

كما اجتمعت الجمعيات العمومية لجميع نقابات عمال الإسكندرية وأصدرت قرارات بإلغاء الأحكام العرفية فورا، وحل مجلس قيادة الثورة، وإطلاق الحريات العامة، والإفراج عن المعتقلين، واستنكار المحاولات المكشوفة لتسخير بعض النقابات، والإفراج عن جميع العمال المعتقلين، وإقامة الاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية، وقد وقعت البيان عشر نقابات عمالية بالإسكندرية منها نقابة النقل المشترك.

وفى نفس الوقت أصدرت نقابات عمال مصر بيانا رفعته إلى رئيس الجمهورية بتأييد قرارات 25 مارس، والمطالبة بإلغاء الأحكام العرفية، ووقعت على البيان ثلاث عشرة نقابة عمالية وحرفية.

وأصدرت اللجنة التأسيسية السياسية العمالية بمصر بيانا دعت فيه لتشكيل حكومة مدنية تقود البلاد نحو حياة ديمقراطية سليمة.

إذن كان موقف القطاع الأساسى من الحركة العمالية منحازا إلى جانب الديمقراطية، لكن المجموعة الصغيرة من القيادات النقابية التى قررت أن تتحالف مع جبهة أعداء الديمقراطية نجحت بمساندة مجموعات من ضباط الصف الثانى فى تنظيم الضباط الأحرار من القضاء على إمكانات تحقيق الديمقراطية فى مصر، فقد قام الصاغ مجدى حسنين الذى كان مشرفا على مشروع مديرية التحرير فى تحريك العاملين فى المشروع إلى القاهرة للانضمام إلى القوى المعادية للديمقراطية، كذلك تحرك البكباشى أحمد أنور قائد الشرطة العسكرية بثقله كما يذكر عبدالعظيم رمضان فى كتابه «عبدالناصر وأزمة مارس 1954» ليساعد الحركة بعد أن تردد اسمه فى اجتماع الجمعية العمومية للمحامين كمسئول عن الاعتداءات على المعتقلين فى السجن الحربى ليحول بأى ثمن دون عودة الحياة الديمقراطية.

وبالفعل تم فى يوم 29 مارس توجيه مظاهرة حاشدة إلى مجلس الدولة قامت بالاعتداء بالضرب على رئيسه الدكتور السنهورى الذى كان يرأس اجتماعا للجمعية العمومية لمجلس الدولة.

فى هذا الوقت اقترح أنصار نجيب فى الجيش عليه أن يتدخلوا لحسم الموقف بالقوة لصالحه ولصالح عودة الديمقراطية، اقترح عليه ذلك قائد حرسه محمد رياض، كما توافد على منزل الرئيس نجيب أعداد من الضباط المؤيدين له، منهم قائد حامية القاهرة أحمد شوقى، وأبدوا استعدادهم للتحرك ضد مجلس الثورة، لكن نجيب رفض، فقد كان يخشى من صراع داخل الجيش، وفى نفس الوقت لا يرى إعادة الديمقراطية بانقلاب عسكرى، كان يراهن على قدرة الشعب وقواه الديمقراطية على حسم المعركة.

وهنا كانت الكفة قد رجحت لمعسكر أعداء الديمقراطية فاجتمع مجلس قيادة الثورة يوم 29 مارس 1954، وقرر تحمل المسئولية كاملة مع احتفاظ الرئيس نجيب بمنصبه رئيسا للجمهورية ورئيسا لمجلس الوزراء، وجاءت القرارات فى صيغة غائمة، تتضمن تشكيل مجلس وطنى استشارى يراعى فيه تمثيل الطوائف والهيئات والمناطق المختلفة، وإرجاء تنفيذ قرارات 5 و25 مارس 1954 إلى حين نهاية فترة الانتقال التى لم تنتهِ إلى الآن!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.