مساء الثلاثاء الماضى التقى المهندس خيرت الشاطر المرشح الإخوانى لرئاسة الجمهورية مع مشايخ «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» وقال لهم ان «الشريعة كانت وستظل مشروعى وهدفى الأول والأخير». هذا كلام منطقى من مرشح اخوانى، لكن ما ليس منطقيا هو قول الشاطر إنه سيعمل حال فوزه على «تكوين مجموعة من أهل الحل والعقد لمعاونة البرلمان فى تحقيق هذا الهدف».
انشاء مجموعة من أهل الحل والعقد ينسف البرلمان وفكرة التمثيل النيابى من أساسها ويحول مجلسى الشعب والشورى إلى مجرد مكان ديكورى لأنه سيضع كل السلطات عمليا فى يد المجموعة.
تصورت أن كلام الشاطر هو محاولة لاسترضاء مشايخ الهيئة التى تضم مجموعات متنوعة من السلفيين ليحصل على دعمهم للترشح فى ظل وجود أكثر من مرشح إسلامى.
لكن ما أعلمه أن الشاطر منظم ومرتب الأفكار ويعرف ما يقول حسب وصف أحد قادة المجلس العسكرى وبالتالى فعندما يتحدث عن هذه المجموعة فهو لا يلقى الكلام على عواهنه.
الذى انتخب أعضاء البرلمان هم جموع المواطنين وليس كبار علماء الدعوة السلفية. هؤلاء المواطنون هم الذين سينتخبون الشاطر أو غيره للرئاسة وبالتالى فهو مسئول أمامهم فقط وليس أمام علماء الدعوة السلفية.
ولمن لا يعرف خطورة الهيئة المقترحة نشير إلى تجربة شبيهة لها موجودة فى إيران منذ قيام الثورة الإيرانية فى 1979.
هذه الهيئة اسمها «مجلس تشخيص مصلحة النظام»، وهى هيئة يرأسها هاشمى رافسنجانى وتتبع المرشد الأعلى للثورة الذى هو الآن السيد على خامئنى هى ليست منتخبة من الشعب، لكنها تستطيع أن توقف القوانين التى يصدرها البرلمان بحجة أنها مخالفة للشريعة أو أوامر ولى الفقيه. هذا المجلس يملك منع أى شخص من الترشح لأى منصب بحجة أنه ضد الثورة او الشريعة. وعبر هذه المجلس تم عزل وابعاد كل شخص طالب بالحرية والديمقراطية حتى لو كان من أبناء الثورة.
نذكر أن الإخوان عندما بدأوا يكتبون برنامج جماعتهم قبل خمس سنوات وضعوا مادة شبيهة أطلقوا عليها «هيئة كبار العلماء» مهمتها مراجعة القرارات والقوانين من زاوية مطابقتها للشريعة. هذا البرنامج وزعته الجماعة على باحثين كثر، ومعظمهم طالبها بإلغاء هذه المادة لانها تنسف فكرة الديمقراطية.
حدث هذا أيام مبارك.. الآن يفترض أن هناك ثورة عظيمة قامت تدعو للحرية والديمقراطية، ويفترض أن الإخوان لعبوا دورا مهما، والشعب كافأهم وأعطاهم ثقته، ولا أظن أن هذا الشعب تخلص من وصاية مبارك ونظامه القمعى كى يستبدله بوصاية هيئة كبار العلماء أو «مجموعة أهل الحل والعقد».
من حق الشاطر أو غيره أن يعتنق ما شاء من أفكار، ومن حقه أن يتحدث كما يشاء خلال حملته الانتخابية، لكن عليه أن يخبرنا فى وقت قريب عما ينتوى تنفيذه فى حال فوزه، حتى يكون الذين ينوون انتخابه على بينة مما سيحدث. نتمنى أن يراعى الشاطر وغيره من المرشحين أن الفائز سيكون رئيسا لكل المصريين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين علمانيين أو متدينين، وبالتالى ينسى أنه مرشح هيئة أو حزب أو جماعة دعوية.
تصريحات الشاطر عن جماعة أهل الحل والعقد تدعونا للاصرار على وجود لجنة تأسيسية تمثل كل المصريين فعلا كى تكتب دستورا ديمقراطيا متنورا، حتى لا نفاجأ بمادة صغيرة فى الدستور تقود إلى حفرة داخلها مثل هذه المجموعة أو الهيئة الإيرانية بنسختها المصرية. لا أعرف لماذا يسارع الإخوان بخسارة بقية المصريين بأسرع مما تصور أسوأ المتشائمين؟!