ربما من حق الدكتور جابر عصفور، قانونا، أن يرفع دعوى قضائية على الشاعر حسن طلب، عندما يستشعر أن كلام الأخير عنه في الصحف يحمل سبا وقذفا. لكن الأمر يدعو لأسى حقيقي أن يصل حال المثقفين إلى هذه المرحلة، وبعد أن كانوا مطاردين بدعوات السب والتكفير، باتوا يلاحقون بعضهم البعض. وربما، كانت إحدى أكثر الحالات تجسيدا في الدعوات التي لاحقت المثقفين، موقف الشيخ يوسف البدري مع جابر عصفور نفسه. ولكن هذه قصة أخرى.
المدهش هذه المرة أن الدعوى "الثانية" التي رفعها عصفور تشمل حسن طلب، ومعه الكاتبة عبلة الرويني رئيسة تحرير أخبار الأدب، والتي تحمل علاقتها بعصفور صداقة وارتباط معنوي لسنوات طويلة.
والحقيقة أن الكلام الذي صرح به عصفور، للزميلة اليوم السابع، حول إنه "لا يعرف إن كان محاميه اختصم الكاتبة عبلة الروينى أم لا، وأنه إذا شمل الاتهام اسم الرويني فإن ذلك سيكون بصفتها المهنية وليس بصفتها الشخصية ككاتبة وصديقة"، هو كلام يدعو أيضا للدهشة؛ لأنه ليس من المعقول أن يذهب المحامي لرفع دعوى على شخص دون الرجوع لموكله، وإن كانت هذه الدعوى تشمل عبلة الرويني بصفتها "المهنية"، فإنها سوف تسجن، إذا كسب المدعي هذه القضية، ومعها بالتالي شخصيتها ك"كاتبة وصديقة".
وفي هذا السياق، كان من الممكن أن يكتفي عصفور بالدعوى الأولى التي رفعها على حسن طلب، لرفع الحرج بينه وبين صديقة عمره، خاصة أن الدعوتين تحملان الشكوى نفسها.
المفارقة، أن ردود أفعال عصفور تأتي بينما يهمس بعض المثقفين لبعضهم البعض، حول عدم جدوى الهجوم الشديد الذي تعرض له الوزير الأسبق في ظل المشاكل الكبرى التي تعاني منها مؤسسات الدولة، وبينها وزارة الثقافة التي تشهد انحدارا كبيرا، فيما يرى البعض الآخر أن وقوف عصفور عند كل ما يقال أمر يستدعي الرد والاحتكاك به، وتذكيره طوال الوقت بأنه قبل الوزارة في الوقت الخطأ.